أحمد توفيق المدني.. رائد الدراسات التاريخية الجزائرية الحديثة
تغطية: فاطمة طاهي-
نظم مركز الأصالة للدراسات والبحوث، ندوة وطنية وتاريخية حول شخصية الأستاذ أحمد توفيق المدني، وذلك يوم السبت 01 ربيع الثاني 1443هـ الموافق لـ 06 نوفمبر 2021م بنادي الترقي، هذا وقد تطرق الأساتذة المتدخلون إلى نشاطه السياسي والعلمي في كل من تونس والجزائر والقاهرة، قبل وأثناء وبعد الثورة الجزائرية، وقد حضر الندوة، السيد عبد المجيد شيخي المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني وملف الذاكرة، والدكتور عمار طالبي، نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الدكتور بوزيد بومدين، الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى، إلى جانب مجموعة من الأساتذة والباحثين في التاريخ.
الدكتور محمد دراج: أحمد توفيق المدني مؤرخ وسياسي محنّك وكاتب صحفي ومحقق تراثي
وهذا واعتبر الأستاذ الدكتور محمد دراج أستاذ بجامعة الجزائر2، في مداخلة قدمها بعنوان: الأستاذ أحمد توفيق المدني وجهوده في الدراسات التاريخية، أن الأستاذ أحمد توفيق المدني يعد أحد الشخصيات الجزائرية التي اجتمعت فيها عدة مواهب قلّما اجتمعت في غيره قائلا: “بأنه شخصية مناضل سياسي محنّك، وكاتب صحفي، ومؤرخ غزير الإنتاج ومحقق تراثي، وناشط جمعوي”، كما أشار إلى دوره في الكتابة التاريخية المتعلقة بالمرحلة العثمانية من تاريخ الجزائر، مشيراً إلى دور شخصيته النّضالية والعلمية التي ساهمت في وضع الأسس الأولى للنشاط الجمعوي، وللكتابة التاريخية الخاصة الجزائرية المستقلة عن تأثير الكتابات الغربية عموما والفرنسية خصوصا.
الباحث محمد الصغير بلعلام: الأستاذ أحمد توفيق المدني.. الناطق الرسمي للوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني
في نفس السياق أشار الباحث محمد الصغير بلعلام في مداخلته التي عُنونت: “محطات من تاريخه النضالي”، مشيرا إلى لقاءاته مع شخصية أحمد توفيق المدني قائلا: “لقد عرفت الأستاذ أحمد توفيق المدني خلال فترة الدراسة حينما كان مسؤولاً عن البعثات الطلابية في الخارج، كما عرفته أثناء الكفاح المسلح خلال حرب التحرير وبعد الاستقلال”، حيث ذكر الباحث أن الأستاذ أحمد توفيق المدني هو الناطق الرسمي للوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني، مضيف في هذا الصدد أنّ مقالاته قبل أن تنشر في جريدة البصائر تتطلع عليها وتراقب من قبل جبهة التحرير الوطني، كما أنه قبل أسبوع من اندلاع الثورة التحريرية قام بتأسيس مدرسة تابعة لجمعية العلماء المسلمين وحسب الباحث محمد الصغير بلعلام، اتصل به أحد زعماء الثورة التحريرية حيث كان “مكتب بريد لبيانات جبهة التحرير الوطني”، فكان يرسلها له المجاهد عبان رمضان رفقة “قدور ساطور”، حتى يرسلها هو بدوره إلى مختلف المناطق.
الدكتور مولود عويمر: أحمد توفيق المدني: واعٍ بدور الصحافة ونضال الكلمة
كما تطرق المؤرخ مولود عويمر في مداخلة قدمها بعنوان: “كتابات الأستاذ أحمد توفيق المدني في الصحافة الإصلاحية 1956-1925″، حيث أشار إلى المقالات التي حررها الأستاذ أحمد توفيق المدني في عدة جرائد تونسية، حيث أنّ أول مقال نُشر له كان في شهر نوفمبر سنة 1914 بجريدة الفاروق، وآخرها نُشر شهر جوان 1925 بجريدة إفريقيا، كما تحدث الدكتور مولود عويمر عن دوره من خلال اسهاماته وكتاباته في تنوير العقول ونشر الوعي وتعميم المعرفة، ويضيف قائلا: “ولما نفته إدارة الحماية الفرنسية في عام 1925 م إلى الجزائر واصل الكتابة في الصحف الاصلاحية الجزائرية”، هذا وتطرق المتحدث في مداخلته إلى نظرة شخصية أحمد توفيق المدني للصحافة من خلال قوله: “الرسالة التي تخدم مشروع المجتمع تساند الشعب في مطالبه وتقود خطواته”، مشيرا إلى أبرز الجرائد الجزائرية التي كتب فيها ما بين فترة 1956-1925، كما تحدث عن أهم القضايا التي عالجها من خلال هذه الكتابات، ومدى تأثيرها في حركة التغيير الاجتماعي والتطور السياسي في الجزائر، والعالم الإسلامي.
الدكتور حنيفي هلايلي: أحمد توفيق المدني مؤرخ القطرين: تونس والجزائر
في نفس السياق تحدث الدكتور حنيفي هلايلي، أستاذ بجامعة جيلالي اليابس بسيدي بلعباس، عن ملامح وآليات الصراع الجزائري الإسباني من خلال كتاب: “حرب الثلاثمئة سنة لأحمد توفيق المدني”، مشيرا إلى جهود أحمد توفيق المدني في رصد آليات الصراع الإسباني في الجزائر منذ سقوط غرناطة 1492، وبداية موجة الجلاء الكبير للأندلسيين نحو السواحل الجزائرية، كما أشار إلى دور الكتاب في إبراز الصراع العسكري الذي شهدته المنطقة منذ أن أصبحت الجزائر إيالة عثمانية وسقوط الحواضر الجزائرية نير الاحتلال الإسباني خاصة المرسى الكبير ووهران خلال الاحتلال الإسباني الأول 1708-1505 والاحتلال الثاني 1792-1732، مضيفاً أنّ هذا الكتاب يعد الأول من نوعه الذي أرّخ للصراع الثنائي خلال الفترة الحديثة باللغة العربية، كما أضاف قائلا: “الأستاذ أحمد توفيق المدني مؤرخ القطرين تونس والجزائر وأول جزائري كتب حول الجزائر والاحتلال الإسباني باللغة العربية”.
الدكتور حمدادو بن عمر: كل اصداراته توحي إلى الوطنية والمواطنة
وذكر الدكتور حمدادو بن عمر، أستاذ بجامعة الشلف، في مداخلته إسهامات الأستاذ أحمد توفيق المدني في تحقيق التراث المخطوط من خلال اهتمامه بتاريخ الجزائر في الفترة العثمانية، وتعامله مع المادة المصدرية المحلية المخطوطة، عوض المادة الأرشيفية الأجنبية التي بالنسبة له شوهت الكثير من الحقائق التاريخية المهمة، ويضيف الدكتور حمدادو بن عمر في حديثه أن اهتمام الأستاذ أحمد توفيق المدني بتحقيق الجزائر وتصدّيه لتلك الحملات من الأوهام والخرافات الزائفة التي روّج لها الكثير من الكتاب والمؤرخين الأجانب “لصفعة موجعة على وجوه من تسول له نفسه خدش تاريخنا المجيد على مر الدهور والعصور”، مشيرا إلى دور كتاباته واصداراته في بث قيم الوطنية والمواطنة.
عبد المجيد شيخي: لو لم تكن جمعية العلماء المسلمين التي مهدت وربت وعلمت لما وكان جندي واحدا
كشف المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني وملف الذاكرة، عبد المجيد شيخي بالندوة، بالمبادرة التي نُظمت بولاية البيض، تجمع المؤرخين والباحثين في التاريخ من أجل وضع منهجية خاصة لكتابة تاريخ الجزائر، مشيرا إلى أنّ الأستاذ أحمد توفيق المدني يعد من رواد هذه الكتابة باعتباره الشخصية التي جمعت كلّ الجوانب التاريخية، داعيا في هذا الصدد إلى ضرورة الخروج وبسرعة من الكتابة الفرنسية، ويضيف قائلا: “وضعنا ستارا أخفى عنا الجوانب المؤثرة في تاريخ الجزائر”، كما دعا إلى تغيير مصطلح “الفترة العثمانية” واستبداله بفترة الدولة الجزائرية الحديثة.
كما أشار في حديثه إلى دور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الثورة التحريرية، قائلا: لو لم تكن جمعية العلماء المسلمين التي مهدت وربت وعلمت لما وجدت جنديا واحدا”، كما دعا إلى الاهتمام بالترجمة وأهمية طباعة ونشر رسائل واطروحات الدكتوراه.