إجازة الشّيخ مُحَمَّد حمدان الونيسي للشيخ ابن باديس
في السنة التي جاء فيها الشيخ ابن باديس حاجًّا إلى بيت الله الحرام وزيارة قبره عليه الصّلاة والسّلام، مكث عند شيخه حمدان بالمدينة المنوّرة إلى مولده صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولما عزم على السّفر إلى مسقط الرأس (قسنطينة) حيث المستقر، طلب من شيخه أن يسطر له ما كان شفاهًا ليتمَّ له المقصود من الإجازة ويكمل بها بهاها، فأجازه (وكان ذلك في رباط سيّدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه) في كل ما عنده في المعقول، والمنقول، والفروع، والأصول، إجازة عامة مطلقة بشرط أن يعطي من التأمّل والبحث كل مسألة حقها، ومن بيانها وتوضيحها واجبها ومستحقها، وأنّ يفوض العلم لله في كل ما لم يصل إليه علمه، عملا بقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾، ويروى شيخه حمدان التّفسير والحديث، والفقه، والأصول، وسائر العلوم الآلية عن شيخه العلاّمة عبد القادر المجاوي، عن شيخه صالح الشاوي، وخاتمة الـمحققين مُحَمَّد ﭬـنون الفاسيين بسندهما، وعن جميع مشيخة قسنطينة الذين أدركهم، وعن غيرهم من جلة المشايخ بالمغارب والمشارق، وخص منهم العلاّمة حافظ الحجاز الشّيخ فالح بن مُحَمَّد الظاهري الحجازي، الذي أجازه بجميع ما في ثَبْته المحتوي على أسانيد الكتب السّت، وغيرها من كتب الحديث، وعلى أسانيد الفقه إلى الأئمَّة الأربعة رضي الله تعالى عنهم، وعلى سند كتب من الأصول إلى أربابها، وكذلك الكثير من كتب العلوم الآلية، وحررها له في دفتر شهاداته، في 13 ربيع الأنوار عام 1332 ﻫ/8 فيفري 1914 م.