فاجعة قسنطينة
كتبنا في الجزء الماضي كلمة مختصرة جامعة في هذه الفاجعة وأردنا الاكتفاء بها، لكن كثيرا من قراء الشهاب بقسنطينة وغيرها طلبوا منا أن نكتب الحقائق التي نعلمها بالصدق والصراحة التي تعودوها من مجلتهم فرأينا الصواب فيما طلبوا فعدنا للكتابة في هذا الجزء معتمدين في تصوير الواقع على ما شاهدناه بأنفسنا وما شهده من يكون محل ثقة عندنا.
ابتداء الاعتداء :
ليلة السبت :
بينما كان الناس في ميضأة الجامع الأخضر أثر صلاة العشاء ليلة السبت وعددهم نحو الاثني عشر إذا باليهودي (الياهو خليفي) يفاجئهم مطلا عليهم من نافذة الميضأة مدعيا عليها كشف العورة عند الوضوء ومبادرا لهم بقوله : « نعل دينكم وصلاتكم وجامعكم والكبرا انتاعكم » فأجابه بعض الحاضرين : « نحن لا نكشف عورتنا عند الوضوء وديننا ينهانا عن كشف العورة دائما ولا نلومك لأنك سكران » فأجاب : « لا راني بعقلي وراني عسكري نعـ.. النبي نتاعكم ».
خرج الناس في غاية الاستياء فأشار عليهم قيم المسجد – لأجل تهدئتهم – بتقديم شكاية للكوميسارية وهي برحبة الصوف أمامهم، فامتثلوا وذهب شرطيان، الزواوي وابن عريوة، ودعا عليه الباب بأنهما من أعـوان الشرطة وأن عليه أن يجيب الكوميسارية وأنه لا خوف عليه من شـيء، فأبـى أن يجيبهم بكلمة، ومرت فرقة الجند المتجولة فأعلمها الشرطيان بالواقعة وطلبا منها إخراج الجاني، فأبى من الامتثال لها، كما أبى من الامتثال للشرطة، ففرق الشرطيان الناس وقالا لهم هذا شغلنا فتفرقوا ولم يبق إلا القدر المعتاد في رحبة الصوف وذهبا.
بعد ذهابهما وقف اليهـودي وزوجته في نـافـذة محلهما وأخـذا في السـب مثل السب الأول فأرسل الناس القيم إلى المفـتي ليقوم بكف عادية هذا المعتدي بواسطة الحكـومة وانتظر الناس المفتى على أحر من الجمر وهم يسمعون في السب من المعتدي.
رجع الشرطيان فوجدا الناس متجمهرين، فلما سألاهم لماذا رجعتم قالوا لهما : إنه عاد إلى السب كما تسمعان، وكان هو وزوجته إذ ذاك مازالا في النافذة على حالهما وكان غيرهما قد شاركهما في السب، وسمع الشرطيان بعض الناس يقول نهجم على داره فذهبا ووقفا عند بابها يحرسانها.
في هذه الساعة ابتدأ اليهود المجاورون برمي الكوانين والبيادين (الدلاء) فأجابهم المسلمون برمي الحجارة فشرع اليهود في الرمي بالرصاص.
أثناء هذا جاء المفتي بعدما أرسل الناس إليه مرة ثانية من أتوا به أو وجدوه آتيا فوقف يهدي الناس باذلا غاية جهده في ذلك فلم ينفع شيئا وقال له بعض الناس من برودتكم لحقتنا هذه الإهانات كلها حتى وصلنا لهذه الحالة.
إثر هذا جاء الدكتور جلول وقد كان خارج البلد في معالجة بعض مرضاه فوقف يهدئ الناس والرصاص ما زال ينصب من نوافـذ اليهود، واستطاع بعد الجهد الجهيد أن يسكن الناس ويفرقهم وانتهت المصيبة نحـو الساعة الثالثة.
استنتاجات من حوادث هذه الليلة :
رغم ما سمعه المسلمون من سب الياهو الأول لدينهم وصلاتهم وجامعهم وكبرائهم لم يهتاجوا وأجابوه بكل تعقل وعذروه بأنه سكران وهذا دليل قطعي على تسامحهم وعدم حملهم لحقد ديني على اليهود وعدم استعدادهم لفرصة الانتقام.
أما هو فإنه نفى عن نفسه السكر واعتز بأنه عسكري وأعاد بأقبح من الأول. وهذا دليل على أنه كان شاعرا بما يقول ويفعل، وعلى اغتراره بالحرمة العسكرية وعلى قصده إلى المبالغة في الاذاية، والاعتزاز بالحرمة والقصد إلى المبالغة في الاذاية هما الأمران المشاهدان من عامة اليهود دائما في معاملتهم للمسلمين.
امتثل الناس لقيم المسجد وقدموا شكايتهم للكوميسارية وهذا دليل على أنهم لم يكونوا يريدون أن ينتقموا لأنفسهم وإنما يريدون أن يتوصلوا لحقهم على يد العدالة.
امتناع الياهو المعتدي من إجابة الشرطة ومن إجابة فرقة الجند المتجولة دليل على تمرده حتى على رجال الحكومة المدنية والعسكرية وما تجرأ على هذا إلا لعلمه بأن نازلته مع المسلمين وقد تعود هو وأمثاله أن نوازل تعديهم على المسلمين في الغالب – تكلاصا – تطرح وتهمل. لما فرق الشرطيان الناس تفرقوا وهذا دليل آخر على انقياد الناس لأوامر دائرة حفظ الأمن واعتمادهم عليها دليل آخر على أنهم لم يكونوا يفكرون أن يجعلوا ما وقع من المعتدي سببا للانتقام.
وبعد عودة اليهودي للسب هو وزوجته من نافذة دارهما لم يفعل المسلمون شيئا غير إرسالهم للمفتي وهذا دليل آخر على ضبطهم لعواطفهم وعدم قصدهم للانتقام وتصميمهم على انتظار الإنصاف من طرف الحكومة ودائرة الأمن العام.
شارك المعتدي غيره من يهود الحومة في السب بدل أن يكفوه عنه وهذه دليل على الروح المتفشية عوام طائفته من الاستهانة بالمسلمين والتمالؤ على أذيتهم وعدم احترام الحكومة في ناحيتهم. ووقف الشرطيان المسلمان عند باب اليهودي يحرسان داره، وهذا دليل على ما يتحلى به المسلم من احترام واجبه وقيامه به وعلى شدة محافظة أعوان الشرطة المسلمين على الأمن والنظام.
رغم ما رأى المسلمون وما سمعوا فقد استمروا ما سكين لأيديهم حتى ابتدأهم اليهود برمي البيادن والكوانين وهذا دليل واضح على تحمل اليهود لمسؤولية الشر بالقول والفعل.
استطاع الدكتور جلول بعد ما بذل جهد الأبطال أن يسكّن ثائرة الناس وهذا أول مواقفه العظيمة في إطفاء هذه الفتنة وهو دليل على مكانته عند الأمة وعلى حسن استعماله لهذه المكانة في الخير.
صبيحة السبت 4 أوت :
جئت إلى إدارة الشهاب الساعة الثامنة فعلمت بالواقعة، وأعلمت باستدعائي من طرف مدير الشرطة م. فيزرو مثلما استدعى غيري.
اجتمعنا عنده فكان مما قال لنا إنني دعوتكم لتعينوني على تنزيل العافية فابتدأته أنا فقلت له : « وترجم عني السيد يحيي أحمد » إن فطرتنا الإسلامية وعقائدنا الدينية واحترامنا لرجال الحكومة كل هذه تحملنا على معاونتكم فيما ذكرتم ولكن بمزيد الأسف أن الذي نهذب به الناس ونربيهم وننزل في قلوبهم الرحمة وصلت الإهانة والتعدي إليه ومع ذلك فإننا سنبذل غاية المجهود. ورأى الجماعة أن يقابلوا القائم مقام البريفي فطلب لهم الكوميسار مقابلته وذهبنا كلنا إلى دار العمالة.
خرج علينا م. لنديل القائم مقام "البريفي" فألقى خطابا طويلا ترجمه السيد عمر بن الموفق، كله تأسف على ما وقع وتوصية بلزوم العافية وتهوين لما كان من اليهودي السكران ووعد بأن العدالة ستقتص منه وبعدما فرغ من خطابه سال هل من يريد الكلام فابتدأته أنا فكان مما قلت : أن هذا الاعتداء ليس هو الاعتداء الأول وإننا معشر المسلمين نحب السلم بطبعنا وقد بات مفتينا ونائبنا يهدئان الناس وأن المسلمين لا يستطيعون الصبر دائما على التعدي على أمر دينهم وإننا نستطيع أن نمسك بغضب المسلمين إلا إذا أهينوا في دينهم فإن الأمر حينئذ يصعب علينا وأن اليهودي المعتدي على الجامع إذا كان هو سكران فإن زوجته وجيرانه الذين شاركوه في السب وابتدأوا بالضرب ليسوا بسكارى وبينت له أن الشيء الذي جرّأ اليهودي على هذه التعديات المتكررة هو ما يحملون من السلاح، مع علمهم بأن المسلمين لا سلاح لهم وأنهم ماداموا يحملون السلاح ويطلقون الرصاص لأدنى شيء فإن الشر لا ينتهي منه، طلبت منه لذلك نزع السلاح منهم فاعتذر بأن هذا لا يمكنه معهم لأنهم « سيطويان » وطلبت منه أن يقوم بتوصيتهم والتأكيد عليهم في كف عامتهم عن الشر فأجاب بأنه يفعل ذلك أو قد فعله.
ثم استدعى جماعتهم فيهم أعيانهم ونوابهم وحبرهم وخطب على الجميع بلزوم التسامح والنسيان لما مضى فابتدأته أنا بالكلام فمما قلت له : إن المسامحة الحقيقية لا تكون إلا بعد العتاب الودي المبني على الحقائق الواقعة وتوجهت لمخاطبة الجماعة الإسرائيليين فذكّرتهم باعتداءاتهم المتكررة التي من أقربها اعتداء أولادهم على ولد ابن البجاوي من تلامذة « الليسي » حتى كسروا ساقه، وقبيلها اعتداؤهم عليّ وعلى مدير مجلة الشهاب السيد أحمد بوشمال وذكّرتهم بمسامحتنا وسترنا للواقعة حتى لا يقع بسببها شر. كل ذلك لِمَا نحن مصممون عليه من منع كل فتنة بين السكان وذكرتُ لهم أنهم غير ما مرة اجتمعوا مع جماعة المسلمين أمام رجال دار « البريفي » وفي كل مرة تعدون بكفّ سُفهائكم ولكن الاعتداء يتجدد، فهذا إمَّا لأن عامتكم لا تحترمكم ولا تنقاد إليكم وإمَّا لأنكم أنتم لم تصدقوا في تهدئتهم وكفهم عن الشر وإذا كانت عامتكم لا تنقاد إليكم والحكومة لا تنزع منها السلاح فمن الذي يكفّها ويرد عنا شرها ؟
انتهى المجلس باعتذارهم عمّا وقع ووعدهم – كالعادة – بكفّ سفهائهم، وتصافح الجميع وتصافت الخواطر وخرج المجتمعون كلّهم متواعدين على العمل على تنزيل العافية وتوطيد الأمن.
مساء السبت :
اجتمعتُ بالدكتور جلّول فاتفقنا على أن نخطب في الناس لتهدئتهم، ورأينا وجوب المبادرة قبل دخول الليل وكان هذا في آخر النهار نحو الخامسة والنصف فأمرنا من نادى في الناس بالاجتماع في الجامع الكبير على الساعة السابعة فما جاءت الساعة السابعة حتى امتلأ الجامع الكبير بالناس من جميع طبقاتهم رغم ضيق ما بين وقت المناداة ووقت الاجتماع وكان الناس في تهيج شديد وتأثر بالغ فقد ضرب اليهود بعض أفراد في ذلك المساء وقبل أن أصعد على كرسي الخطابة نادى جماعة بأن اليهود مازالوا يحملون السلاح لقتلنا وقد ضربوا وجرحوا في المساء منّا فبادرتُ بالصّعود على الكرسي وافتتحت الخطاب واستطعت – بإذن الله – التغلب على تلك العواطف الثائرة، وأظهروا الطاعة والقبول فنزلت عن الكرسي وصعد الدكتور جلول فألقى خطابا مؤثّرا فازداد الناسُ قبولا وخرج ذلك الجمع الذي يقدر بالآلاف هادئا مهدئا بعدما كان متأثّرًا هائجا ووقفنا في الطريق العام نفرق الجموع ونطلب منهم أن يذهب كل واحد إلى محله وأن يعلم غيره بما دعوناهم إليه من لزوم الهدوء، وما تفرق الناس حتى أقسمت لهم أنني لا أذهب حتى يذهبوا. وكنا عند الخروج من الجامع قد جاءنا خبر صحيح بجرح ولد صغير مكفول لأحد الناس فاستطعنا – بإذن الله – أن نقف الخبر عن الانتشار وأن نهدئ من بلغه الخبر وكافل ذلك الصغير.
تفرّق الناس وخلت منهم الطرقات ونزل الهدوء التام وباتت البلدة في أمن وأمان وسهرت أنا والدكتور جلول وبعض النواب إلى منتصف الليل نتجول في بعض الشوارع فشاهدنا بأنفسنا هُدُوءً شاملا للبلدة كلها.
استنتاجات من حوادث يوم السبت وليلة الأحد :
في قول من قال قبل الشروع في الخطبة « إن اليهود مازالوا يحملون السلاح لقتلنا، وقد ضربوا وجرحوا في هذا المساء منا «، دليل على ما كان لبقاء السلاح عند اليهود من الأثر السيء في إدخال الروع في القلوب مما يقويّ في النّفس غريزة الدفاع عن الحياة، وعلى الحياة، وعلى ما كان من عودة اليهود إلى الضرب الذي فرغ ما عند المسلمين من الصبر عليه.
وفي هدوء المسلمين بعدما سمعوا مني ومن الدكتور جلول دليل على انقيادهم لمن يكون محل ثقتهم وتمسكهم بأسباب العافية حتى في أحرج الأوقات. وكانت ليلة الأحد بتمامها أصدق دليل وأقواه على ذلك.
يوم الأحد 5 أوت :
أصبح الناس يوم الأحد على أحسن حال لا فرق بينه وبين سائر الأيام وأصبحت المعاملات التجارية بين المسلمين واليهود في سوق الخضر وغيره كعادتها.
مرَرْتُ نحو الثامنة ونصف أمام دار « المير » نازلا إلى باب الوادي، فالتقيت بسي سليم البوليس السري فسألني هل عندكم اجتماع هذه الصبيحة في الصنوبر فأجابتُه بالنفي وذكرتُ له أنَّ الاجتماع الذي أردناه قد وقع أمس عشية بالجامع الكبير وأننا اخترنا بالأمس الجامع الكبير ليكون أعون لنا على ضبط الناس وقد حصل مقصودنا من تهدئة الناس باجتماع أمس، فلماذا نعقد اجتماعا آخر ؟ وكيف يكون في الصنوبر.
وصلت إلى إدارة الشهاب نحو الساعة التاسعة فجاء من أخبرني أن بعض الناس اجتمعوا ولم يعلموا بوقوعه أمس ظنوا أنه يقع اليوم يقع اليوم وبعد نحو ربع ساعة جاء من أعلمني بأنهم افترقوا.
نحو الساعة العاشرة ذهبت إلى جمعية التربية والتعليم لألقي محاضرتي على أعضائها فما كدنا نشرع في المحاضرة حتى جاءنا من أخبرنا أن اليهود أطلقوا الرصاص في جهة رحبة الصوف وأن الفتنة قد وقعت وأخذنا أثر ذلك نسمع في طلق الرصاص المرات الكثيرة فمكثنا كلنا بالجمعية إلى الساعة الثانية عشرة، فسرَّحتُ التلاميذ مثنى وثلاث وأمرتهم بأن لا يصعدوا إلى رحبة الصوف التي كنا نحسب إذ ذاك أن الفتنة قاصرة عليها. ونحو الساعة الواحدة بعد الزوال صعدت إلى دارنا بنهج القصبة محروسا بفرقة من الجند.
كيف ابتدأت وكيف انتهت :
من الشائع المتواتر الذي عرفته حتى الجرائد الباريسية فنشرته جريدة « لاكسيون فرانسيس » إنّ الفتنة ابتدأت بسبب طلق أبناء الزاوي اليهود الرصاص ثم كان اهتياج الناس بقدر ما يتزايد إطلاق الرصاص من اليهود الحاملين السلاح.
حضر الدكتور جلول لرحبة الصوف والفتنة على أشدها فدخل المعمعة يهدئ الناس من ناحية ويضمّد الجراح من ناحية أخرى وكانت حالة الناس – وهم يسمعون دوي الرصاص ويشاهدون الجرحى يتساقطون منهم أعظم من أن تهدأ – ومع ذلك فقد استطاع الدكتور جلّول أن يردَّ الناسَ عن الهجوم على الشارع حومة اليهود ولولاه لكان ذلك الجمع مصبحا اليهود في شارعهم شر صباح.
انتشر الخبر في البلد وماجت الانهج بالناس وكثر ضرب اليهود بالرصاص من النوافذ فانكب الناس على دكاكين اليهود التي كانت مقفلة يوم الأحد يكسرون أبوابها ويمزقون ما فيها من قماش ويهشمون ما فيها من أثاث ويمزقون الأوراق المالية وأطلقوا النار في بعضها وقتلوا نيفا وعشرين نفسا وفرغوا من عملهم نحو الساعة الثانية.
استنتاج وتعليل :
فتح أسواق الخصر الإسلامية كعادتها، وتعاطى المسلمون البيع والشراء مع اليهود واليهوديات دليل قاطع على أن المسلمين كانوا قد اطمأنوا وأمنوا وعلى أنهم ما كانوا عازمين على شيء من الشر لليهود.
ابتدأ أبناء الصائغي بضرب الرصاص ورؤية الناس المسلمين السلاح بيد اليهود والرصاص يتهاطل من نوافذهم وهم لا سلاح لهم بعث فيهم الرعب والحنق فاندفعوا ذلك الاندفاع القوي السريع المحطم.
غريزة الدفاع عن النفس فطرية في الإنسان بل في جميع الحيوانات فإذا أحس بالخطر فإنه يعمل أعمالا عن غير وعي لا يستطيع أن يعملها لو لا ما أحس به من الخطر وما تحرك فيه من غريزة الدفاع عن النفس فقد يجري الإنسان فارا أمام حيوان يريد افتراسه بمقدار من السرعة لا يستطيعه أبدا في غير تلك الحال فالإنسان الأعزل الذي لا سلاح معه عندما يرى خصمه مسلحا ويشاهد الرصاص منطلقا من سلاحه يحس بخطر محقق داهم فتتحرك فيه غريزة الدفاع عن النفس فينبعث عن غير وعي فينقض على خصمه انقضاض المستميت فربما قضى عليه رغم سلاحه. هذا في الفرد من الناس أما في الجموع منهم فإن المسألة تكون أروع لأن الجماعة لا تعمل عن عاطفة فإذا خافت على أنفسها واندفعت بغريزة الدفاع عنها فإنها تأتي في تلك الحالة بما لا تتصوره العقول.
بهذا التقرير العلمي النفسي نعلل ما كان من الجماعة المسلمة العزلاء من السلاح أمام اليهود المسلحين في اندفاعها وما أتت من أعمال مروعة.
ولعلنا بهذه العملية النفسية كنا حرصين أمام القائم مقام « البريفي » على نزع السلاح من اليهود، وقد أمرت السلطة أعوانها بنزع السلاح من المارة في الأزقة ولكن بعد فوات الوقت. فالذين قاموا بتلك الأعمال من المسلمين لم يكونوا مندفعين إليها بحقد على اليهود ولا بعامل ديني ولا ببغض جنسي وإنما كانوا مندفعين بغريزة الدفاع عن النفس أمام الخطر المسلح.
نعم كان المسلمون يسمعون دائما سب دينهم ونبيهم من اليهود وخصوصا من النساء وكانوا يلقون منهم سوء معاملة خصوصا من النساء في سوق الخضر وكانوا يشعرون بتسلطهم في دوائر الحكومة وعلى رجال بارزين من الساسة الفرنسيين ويعلمون تغلّبهم في الوظائف حتّى على الفرنسيين أنفسهم وحسبك أنَّ موزعي البريد ببلدة قسنطينة منهم ثلاثون ونيف ومن الفرنسيين خمسة ومن المسلمين واحد ولكن هذا كله ما كان ليبعثهم على ما انبعثوا إليه لو لم تتحرك فيهم غريزة الدفاع عن النفس أمام الخطر المسلح. بل كان ذلك كله مما أسكن في قلوبهم الخوف والاستسلام للواقع.
قتل من اليهود نيف وعشرون كان منهم خمس نسوة وستة من الصبيان وكان المعتدون لما يشتد الرمي بالرصاص من النوافذ ومن أيدي بعض النساء في بعض الجهات يصعدون للمنازل فيبطشون بمن فيها عن غير تمييز. وكان قتل النساء والصبيان دليلا على أن المعتدين لم يكن اندفاعهم عن عقيدة الإسلام الذي معلوم مشهـور عند أهله أنه يحرّم قتل النساء والصبيان حتى في الحرب المشروعة وعلى أن تلك الفضاعة هي من آثار الجهل وتلك الحالة النفسية الخاصة الطارئة، لا من آثار الإسلام.
المصائب على الجانبين :
إذا كانت دكاكين اليهود قد أصيبت لما أصيبت، فإن دكاكين المسلمين التي في حومة اليهود قد أصيبت كذلك، وإذا كانت خسائرها قليلة فذلك لأنها قليلة ولأنها ضعيفة كأصحابها الضعفاء، بخلاف دكاكين اليهود فقد كانت خسائرها كثيرة لأنها هي كثيرة ولأنها قوية كأصحابها الأقوياء.
وإذا كان القتلى من اليهود نيفا وعشرين ومن المسلمين اثنين فالفضل لمسدسات اليهود التي خانتهم عند الضرب فالمطر الوابل من الرصاص الذي نزل من مسدساتهم ما قصدوا به إلا القتل وإزهاق الأرواح بلا فرق بين من في الأنهج من رجال ونساء وشيوخ وصبيان وجنود، وقد جرحوا بالفعل نحو الأربع من الصبيان، وجرحوا جنديين أو ثلاثة فلو صحت من اليهود في الرمي زنودهم، كما صحت في القتل قصودهم لكان القتلى من المسلمين – كبارا وصغارا – يعدون بالمئات وليس من قصد القتل وارتكب سببه ولم يتم له ما قصد لمانع دون من قتل بالفعل في الجرم.
أما عدد الجرحى فقد تساوي أو تقارب من المسلمين ومنهم فكان من الجانبين نيفا وعشرين وكان كثير من جرحى المسلمين بسلاح الجند مما يدل على أن الجنود وإن لم يطلقوا الرصاص لعدم الإذن لهم بذلك فقد دفعوا الناس بالسلاح الأبيض.
ليلة الاثنين ويومها :
أعلنت حالة الحصار ومنع المرور بالأنهج إلا بورقة المرور وفي مساء الاثنين رغبت مني دار « البريفي » بواسطة إنسان له مقام عندي، أن أذهب إلى عين البيضاء لتهدئة الناس ولما كان هذا من أعمال الخير التي وقفت لها نفسي، أجبت الطلب وصحبني السيد عمر بن الموفق ليباشر هو الناحية الإدارية ورجالها وأباشر أنا ناحية الأمة. ولما وصلنا إلى عين البيضاء في منتصف الليل بقيتُ في السيارة ونزل السيد عمر إلى دار « المير » وبعد نحو ساعة رجع إلي يقول أن بعض النواب يرون أنهم قد قاموا بتهدئة الناس وأن دخول غيرهم ربما يشعر بتقصيرهم هم في واجبهم، فقفلنا راجعين.
وقد علمنا بعد ذلك من حوادث عين البيضاء أن شرطيا يهوديا أطلق الرصاص على ولد صغير مسلم أرسله أبوه لشراء الغاز وهذا الولد جيئ به إلى المستشفى قسنطينة وتوفي به. وأن النائب العمالي س.بومالي قدم استعفاءه للبريفي احتجاجا على تكليف غيره بتهدئة الناس.
في ليلة الاثنين جدد اليهود اعتداءهم على بيوت الله :
يقع مسجد سيدي الكتاني في رحبة سوق العصر في وسط حومة اليهود ففي ليلة الاثنين هاجمه اليهود فكسروا أربعة أو خمسة نوافذه وهشموا التخاريب التي على أحد أبوابه وقد حققت ذلك إدارة الأمن وأثبتت فيه تقريرا رسميا.
استنتاجات وملاحظات :
أجبنا رغبة الحكومة لما دعتنا إلى فعل الخير ومددنا يدنا للتعاون معها على ذلك فهل علمت من ذلك أننا دعاة خير وسعاة إحسان، وهل هي بعد ذلك تستطيع أن تخلى بيننا وبين ما نقوم به مما هو أصل كل خير إلا وهو نشر العلم والدين ؟
أما النواب الذين زعموا ذلك الزعم فأحسب أن الأنانية حالت بينهم وبين فهم معنى التعاون وإلا فإن القائم بواجبه مهما كان مقدار قيامه فإنه لا يألف من إعانته فيه محبة في تحقيق ذلك الواجب على أكمل وجهه لكن هذا إذا كان قيامه بالواجب لأجل الواجب نفسه، لا لشائبه من حظه وغرضه.
وأما النائب الذي قدم استعفاءه وتحمس فإننا كنا نود أن لو كان عنده هذا الحماس وهذه الغيرة والحمية في مواطن أخرى كان فيها حضرته باردًا ومبردا. ولا حاجة لنا إلى تعريفه بهذه المواطن فالناس كلهم على علم بها وعلى ذكر منها. ونحن وإن كنا نرى حماسته هذه في غير محلها فإنا نتفاءل لحضرته بها خيرا ونرجو أن تدوم له في مواقفه القادمة في حياته العامة إن قدر له العود إليها.
قتل اليهودي الشرطي ولدا صغيرا رميا بالرصاص... وهل نحتاج بعد هذا إلى دليل على روح العداء والتعدي ؟ ومن الثابت أيضا أن بعض الشرطة اليهود بقسنطينة أطلقوا الرصاص وأن شرطيا اسمه علوش سكر قال سأضرب وأفعل فعزل من الشرطة المثبوت ذلك عليه، فأذكر هنا ما تقدم عن ليلة السبت بقسنطينة وكيف وقف الشرطيان المسلمان أمام دار اليهودي (الياهو) أصل الشر والبلاء يحرسانها وقس بين الروح والروح والتربية والتربية.
صبيحة الثلاثاء :
استدعى الوالي العام وفدا من المسلمين وألقى عليهم خطابا دل على وقوفه موقف الحاكم العادل الذي يريد أن يعرف الحقيقة لذاتها. وأذن للجماعة بالكلام فقدموا الدكتور جلول فألقى خطابا جامعا صور فيه الواقعة تصويرا فوتوغرافيا نظن أنه أبلغ وأصدق ما سمعه الوالي العام عن صورة الحالة. سأل الوالي الدكتور عن سبب اجتماع الناس في الصنوبر صبيحة الأحد فأجابه الدكتور بأن الذين اجتمعوا بالصنوبر هم الذين سمعوا مساء السبت بالاجتماع على الساعة السابعة فحسبوها صباحا وأوقعهم في هذا الغلط ضيق ما بين وقت الإعلام بالاجتماع الذي وقع بالجامع الكبير ووقوعه. ثم قدموا الأستاذ مختار ابن الحاج سعيد المحامي فألقى خطابا بليغا دافع فيه عن الحقيقة بصدق وإنصاف، ثم تكلم النائب المالي السيد محمد المصطفى ابن باديس وقال إنه موافق على كل ما قاله الدكتور جلول والأستاذ مختار. ثم أعاد الوالي الحديث وسأل الوفد هل يستطيعون أن يعدوه بكف المسلمين فأجابه السيد ابن باديس أن المسلمين منكفون بالفعل وأننا نستطيع ذلك بشرط أن ينكف اليهود الذين قد تكرر منهم الاعتداء فأجاب الوالي العام بأنه يعتمد عليهم وأنه سيكلم اليهود مثل ما كلمهم.
وفاء الوفد بوعده :
خرج ذلك الوفد الإسلامي الحافل المتركب من النواب والأعيان وبعض أهل العلم فارتأوا أن يبادروا بوفاء وعدهم للوالي العام بأن يتجولوا في الأنهج الإسلامية ويعرفوا الناس بمقابلتهم للوالي العام وما طلب منهم وما التزموا به عن إخوانهم المسلمين واتفقوا على أن أقوم خطيبا في كل نهج من الأنهج الكبرى الإسلامية لأخطب في الناس بذلك فوقفنا بضعة عشر موقفا ألقيت فيها بضع عشرة خطبة أخاطب فيها الناس باسم الوفد وأدعوهم إلى الهدوء والسكينة وأذكرهم بآداب الإسلام وأعرفهم بما كان من طلب الوالي العام وما كان من التزام نوابهم وكان الله – وله الحمد – يفتح في كل موقف بفن من فنون التذكير، وكان إخواني المسلمون – جعلني الله فداءهم – يلتفون بنا في كل موقف، ويبدون من الاستماع للوعظ والانقياد للخير ما عرفني بما تنطوي عليه تلك الصدور المحمدية الطيبة من الروح الإسلامية الشريفة، الآداب الدينية العالية الكامنة فيهم، التي لا يحتاج في إظهارها إلا لكلمة صادقة عن نية خالصة. وكان كل موقف يختم بإعطاء كلمتهم بأن لا يكون منهم سوء وبالدعاء للجميع.
عملت تلك الخطب – بإذن الله – عملها في قلوب كانت متفرقة فاتحدت وأرواح كانت متناكرة فتعارفت وما انتهينا إلى آخر مواقفنا – وكان أمام مكتب وعيادة الدكتور ابن جلول – حتى تصافح هو والسيد محمد المصطفى بن باديس وصعد النواب كلهم إلى مكتب الدكتور، فأعدتهم إلى النهج ليحضروا آخر موقف وليسمعوا آخر خطاب، ولم أكتف بوقوفهم بنوافذ المكتب المطلة على النهج فلما نزلوا خطبت في الجمع خطابا يشتمل على أصل ما ألقيت الخطب لأجله وعلى ما ناسب ذلك الموقف الذي تجلت فيه روح الإخاء والصفاء، وكان ذلك الموقف لموقفنا – والفضل لله – خير ختام.
يوم السبت 11 أوت :
صبيحة السبت قابل المسلمون عامل العمالة ودار الحديث في الحوادث التي وقعت ورأينا من عاملنا الجديد رجلا يحمل روحا فرنسية لطيفة ويتحلى بآداب الموظف العالي. أبدى تأسفه أن وجد قسنطينة أول قدومه في هذه الفاجعة وأظهر رغبته في رجوع الأمور إلى مجاريها. وبعدما تكلم الدكتور جلول والطيب زرقين وغيرهما تكلم النائب المالي ابن باديس فذكر للسيد العامل أن الأمن من ناحية المسلمين قد استتب وأن جماعة المسلمين قد استطاعوا بما قاموا به أن يهدئوا إخوانهم على كثرة عدد المسلمين وانتشارهم، وأن جماعة اليهود من ناحيتهم لم يقوموا بشيء مما قام به جماعة المسلمين على قلة عدد اليهود وسهولة إبلاغ الصوت إليهم ولذا فإن المسلمين لم يتجدد منهم شيء من يوم الحادثة وأما اليهود فقد تجدد منهم الاعتداء مرارا وذكر له الولد بياع الجرائد الذي جرحوه برحبة الصوف وولدا آخر صب عليه المادة الملتهبة الفيترويول والرجل الذي أطلقوا عليه الرصاص بنهج فرانس كل هذا ما بين يوم الأربعاء والسبت فوعد العامل بأمرهم بالكف والتأكيد عليهم به.
تنظير بين المسلمين واليهود :
نريد أن نعرض الطبقات من المسلمين واليهود لنعرف موقفهم من هذه الفتنة اعتمادا على المعلومات المتقدمة.
النواب :
وقف الدكتور جلول النائب العمالي ليلة السبت برحبة الصوف وقفة المهدئ للجميع المسكن للثائرة ومعه السيد محمد أمزيان النائب البلدي يعينه على ذلك ويبذل جهده مثله.
وحضر النائب العمالي اليهودي لولوش فبدلا من أن يهدئ قومه ويأتي باليهودي المعتدى ويدخله حبس الكوميسارية وكان في استطاعته ذلك ولو فعله لأطفأ تأثر المسلمين في الحين، لأنهم ما كانوا يريدون الإعقاب ذلك المعتدي على دينهم ونبيهم وجماعتهم ومسجدهم، بدلا من أن يفعل هذا كان تارة يستبعد وقوع ما وقع من الاعتداء وتـارة يستكبر على المسلمين تأثرهم من ذلك الاعتداء إن وقع. ولم يظهر منه أدنى شيء في التهدئة والتسكين.
كان الدكتور جلول صبيحة الأحد ينتقل من مكان إلى مكان مهدئا للناس مداويا للجرحى معرضا نفسه للخطر، وممن شاهد له بمواقفه في ذلك اليوم التقرير الرسمي للجندرمة. أما النائب العمالي لولوش فقد اختار السلامة التي ذاق حلاوتها أيام أبقته الأعذار بقسنطينة عن ميادين الحرب الكبرى.
أبدى النواب المسلمون في كل ما كتبوا ونشروا وتكلموا أمام الحكام غاية التعقل والرصانة والحكمة، وأعلنوا ثقتهم بالحكومة وبالعدالة، وكرروا دعوتهم إلى تناسي الماضي والعمل لخير المستقبل وجددوا تأسفهم بعبارات دالة على كمال في الإنسانية وسمو في الدين.
أما النائب لولوش وغيره فقد كانت تقـاريرهم وخطبهم ومنشـوراتهم – وخصوصا رابور لولوش – تهجمات حتى على الحكومة وتقولات بالباطل والكذب على النـواب المسلمين مما ينم عن أمراض قلبية – والعيـاذ بالله – ويدل على قلة أدب وإفـلاس سياسة. طاف النواب الأنهج الإسلامية وخطبوا في الناس بلسان من قدموا لذلك ووفوا بوعدهم للوالي العام. ولم يفعل شيئا من ذلك النواب اليهود.
مفتي المسلمين وحبر اليهود :
جاء المفتي ليلة السبت وبذل جهده أما حبر اليهود فلم يأت لا هو ولا واحد من طرفه.
الشرطة :
قام الشرطة المسلمون بواجبهم ولم تغلب عواطفهم على أمانتهم حتى تقدم منهم من حرس باب المعتدي الأثيم الياهو خليفي. أما الشرطة اليهود فقد كان منهم من أطلق النار ومنهم من قتل وهو شرطي عين البيضاء.
الأمة :
وَفَى المسلمون بوعدهم لجماعتهم فلم يكن أي اعتداء، أما اليهود فما زال الاعتداء، يتكرر منهم على من ينفردون به وحده كما فعلوه ببعلي سليمان بن لخضر. ومن أقرب ذلك رمي صبيانهم نوافذ من جامع سيدي الكتاني فكسروها. نقول هذا ونحن على ثقة من تعقل إخواننا المسلمين وعدم التفاتهم إلى هذه الأفعال الطائشة التي تتولى أمرها العدالة وأنهم يبلغون كل ما يلحقهم إلى العدالة لتقوم بواجبها نحو المعتدين كما طلبنا منهم في خطبنا ووعدوا به وهم الموفون بما وعدوا.
القتلى :
دفن اليهود قتلاهم في مشهد حافل، أما قتلانا – وهم الرجل الذي قتل يوم الأحد والصبي الذي قتله الشرطي بعين البيضاء والذي مات من جراحه بعد ذلك – فإنهم دفنوا دون أن يشيعهم أحد، ودون أن تقال عليهم كلمة ودون أن تراق عليهم دمعة.
علمنا أنهم يدفنون هكذا وسكتنا – لا لهون المصاب علينا ولا لقلة ألمنا وحزننا – ولكن موافقة للإدارة على تجنب كل ما قد يثير العواطف ويكون مخيف العاقبة، وعلمت الأمة بهذا ورضيت به انقيادا لرجالها لما لها بهم من الثقة وإظهار لما عندها من الرغبة في الهدوء والسكينة والتغلب على العاطفة أمام ما فيه مصلحة عامة.
الخاتمة :
كتبنا هذا التقرير عن الحالة كما شاهدنا فيها شاهدنا، وكما تحققنا فيما بلغنا من الثقاب عندنا، وأننا بعد ذلك نأسف ونألم على ما يصيب الإنسان من أخيه الإنسان وعلى أن تجري هذه الحوادث بين عنصرين ساميين إبراهيميين عاشا قرونا في وطن واحد دون أن يشهدا مثلها ونسأل الله تعالى أن يبطل كيد الظالمين ويرد شر المعتدين عن الخلق أجمعين، وأن يرحم المستضعفين وينصر المظلومين من جميع العالمين.
وصدقاللهالعظيم في كتابه الكريم : " وَمَاأَصَاَبكُمْمِنْ مُصِيبةٍ فَبِمَاكَسَبَتْأَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْكَثيرٍ"، "مَاأَصَابَ مِنْمُصيبَةٍفي الأرضِ وَلاَ فِي أَنفُسكُمإلاّفي كِتَابِ مِنْ قَبْلُ أَنْنَبْرَأهَاإنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهيَسير،لِكَيلاَ تأسُوا عَلَى مَافَاتَكُمْوَلاَ تَفْرَحُوا بِمَاآتاكُمْواللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّمُخْتَالٍفَخورٍ ".
< p class="MsoNormalCxSpMiddle" style="margin-bottom: 0.0001pt; text-align: justify; line-height: 24px;">