الوحدة الوطنية منهج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
بقلم: آمنة فداني-
نظمت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين جامعتها الصيفية السادسة أيام 12-13 محرم 1441هـ الموافق 12-13-14 سبتمبر 2019 بالمعهد الوطني للفندقة والسياحة ببومرداس موضوعها الوحدة الوطنية تحت شعار ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان(عبد الحميد ابن باديس)، كانت على شكل ندوات متنوعة المواضيع، منها: مدخل تاريخي للوحدة الوطنية، الأبعاد الاجتماعية والسياسية للوحدة الوطنية، الوحدة الوطنية في ظل العولمة، الوحدة الوطنية بالمنظور الاجتماعي التربوي، الوحدة الوطنية بالمنظور الإعلامي التواصلي، الوحدة الوطنية باالمنظور العلمي الثقافي وغيرها، تداول عليها مجموعة دكاترة وأساتذة أفاضل أعطوا للمواضيع حقها.
إن الوحدة الوطنية أساس من الأسس، وأحد أكبر الركائز الوطنية وأهم دعائمها ومقوماتها، فالحفاظ عليها من أوجب الواجبات، فكل مجتمع يجب عليه أن يحمي بناءه وأن يصون أسسه، فهي أدوار ومسؤوليات يتقاسمها الجميع الأسرة، المدرسة، الجامعة، الإعلام، المسجد وسائر المؤسسات الأخرى.
إن العناية بالوحدة الوطنية من صميم ديننا فهي فريضة شرعية وضرورة بشرية، فالوحدة تعني التماسك والترابط بين أبناء البلد الواحد على اختلاف أشكالهم وأنماطهم، أما الوطنية فتمثل الوطني الواحد لجميع أبنائه يعيشون تحت سمائه فكلهم شركاء في خيره وكلهم شركاء تحت مضلته.
فيكفي نداء المولى عز وجل السامي في القرآن الكريم تعبيرا منه تبارك وتعالى للدور الذي تلعبه الوحدة الوطنية في بناء الأفراد والمجتمعات واستقرار المؤسسات وذلك في قوله تعالى:{ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً…}[آل عمران 103].
{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ..}[آل عمران 105].
{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ…}[المائدة 02].
يقول العلماء: البر صلاح الدنيا والتقوى صلاح الآخرة.
كل تلك الآيات تعني أمرا في القرآن الكريم يقتضي الوجوب.
إن الوحدة في نظر الإسلام طريق فلاح وأساس، تمكين في ظلال أحكام الله وعدله، فالدعوة إليها حق وكل دعوة إلى غيرها باطل، فتأمل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة المنورة آخ بين المهاجرين والأنصار ثم بنى مسجدا ليجمع المسلمين فيه، إننا نملك ما لا يملكه غيرنا لذا فإن الاتزان العقلي والاتساع في الفهم والإدراك نصاب لابد من توفره في أي مجتمع فالأوطان أمانات، فلابد أن يستيقظ هذا الأخير لأداء هذا الواجب، مع الشعور بعظم المسؤولية ودقة الأمانة، وكما قال قائل “من رعى غنما في أرض مسبعة ونام عنها تولى رعيها الذئب”.
إننا كأمة مكلفون بالانفتاح على بعضنا البعض، مع ضرورة المحافظة على التقارب والتجاور كي تصدر أفكارنا البناءة وتسري بيننا في المجتمع فهي مسؤولية حضارية كبيرة ترفع من قدرنا وتعلي من شأننا فهي بذلك بناء وجمع فيه من علامات الخير الكثير التسامح، المحبة، التآخي، التعايش مستقبل مشرق.
إن الفكر الرائد لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين من خلال تجربتها التاريخية الفريدة بتوجهها الفكري الإصلاحي التربوي التنويري وبرنامجها السوسيولوجي المجتمعي، حيث كانت تسعى من خلاله نشر بذور التسامح والحرص على الكفاءة في التعايش والانصهار بين أفراد المجتمع، كما كانت تهدف إلى تخطي الاهتمامات الشخصية بهدف تحقيق المصالح العامة، والمجتمعية، كل هذه القيم تصب في تثبيت الوحدة الوطنية وترسيخها. من خلال حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” البخاري ومسلم.