الذكرى الرابعة لثورة الجزائر التحريرية
بقلم: الشيخ محمد البشير الإبراهيمي-
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.. أيها الإخوة: إن المعنى الذي أذن فيكم مؤذنه بالاجتماع فاجتمعتم، وحدا بكم حاديه إلى الإسراع فأهطعتم، هو "ثورة الجزائر". هذا المركب الإضافي غير محدود ولا مقيّد، فالأعمال العظيمة كالأشجار، لها موسم واحد يحتفل به الناس وهو موسم إيتاء الثمرات، فيوم الثورة الجزائرية هو يوم النصر الأخير، يوم يفرح المؤمنون بنصر الله.
أما هذه القيود التي نضيفها ونجعل منها بواعث للاجتماعات فهي من مواضعاتنا نحن معشر القعدة الخالفين لا تخطر ببال إخوانكم أبطال الجهاد وأحلاف الجلاد الذين انمحت الفوارق عندهم بين الأيام والليالي والشهور والأعوام فكلها عندهم مرحلة واحدة، إلى غاية واحدة، فلنتشبّه بهم إن لم نكن مثلهم، ولنذكرهم في كل يوم وفي كل ليلة، ويا بؤس الثورة الجزائرية إن كنا لا نذكرها إلّا في ليلة من سنة.
وعلى ما فينا من نقيصة وافتتان بالعوائد والمصطلحات فإن المعنى الذي حفزكم لهذا الاجتماع هو من أسمى المعاني التي يجتمع لها العقلاء، وتسمو إليها هممهم، وتتطلع إليها نفوسهم، لأنه- على بعد الدار- تكثير روحي لسواد إخوانكم المجاهدين الذين باعوا أنفسهم لله، وأخلصوا النية في الجهاد في سبيله وإعلاء كلمته وتحرير طائفة من عباده أرهقها الاستعمار من أمرها عسرًا وأثقلها حمل القيود عشرات السنين وتقطعت بها الأسباب المعنوية إلّا السبب الواصل بالله وبدينه، والأسباب الحسية إلّا نسبتها للعرب واعتزازها بالعروبة وارتباطها بالشرق، ووفاءها بعهود الثلاثة.
فاجتماعكم هذا في أسمى معانيه، وأعلى خصائصه هو صلة برحم الإسلام والعروبة، اللذين هما أعز ما يعتز به إخوانكم الجزائريون، ويرفعون به رؤوسهم التي أبت أن تنحني للظالم العاتي، كلما أرادهم على التنكر للإسلام، وتحريف الضاد عن مخرجها في لهواتهم، واجتماعكم هذا مدَد من الأمداد المدخرة لكم في حين حاجتكم إليه- لتذكروا إخوانكم المجاهدين، وتذكروا ما طوّقوكم به من منن- والتفاف منكم حول قضية من قضاياكم، بل هي أصل قضاياكم مع الاستعمار، بل هي أعقد قضاياكم معه.
أيها الإخوة: إن لإخوانكم الجزائريين عليكم حقوقًا أدناها أنهم يشركونكم في الدم والجنس وخصائصهما الموروثة، وأعلاها أنهم قائمون عنكم- ولا منّة- بواجب عظيم متكفلون لكم بحل عُقْدةِ العقد مع ألأم استعمار عرفه التاريخ، وبتصفية الحساب عنكم مع أعدى عدو للشرق عامة وللعرب خاصة، فإذا صرعوه- وهو ما نعتقده كرأي العين- فالشرف لكم جميعًا، والراحة الأبدية من دائه العضال تشملكم جميعًا، وإذا جرى القدر بضد ذلك فحسبهم شرفًا أنهم ماتوا في سبيل الشرف، واستبرأوا لدينهم وأمانتهم، وأتوا بها غراء مشهّرة في تاريخ العروبة، ونشروا عليكم صحائف من سيرة السلف تجدد لكم بهم العهود، وخطوها صحائف نادرة من الشجاعة العربية، وضربوها أمثالًا شوارد من البطولة العربية، وشرحوا لكم معنى الحفاظ والذياد وحماية الحقوق، بعد أن كانت تلك الألفاظ، التي تغنى بها شعراء العرب، لا تحمل إلّا صورًا ذهنية لا تثير ولا تخز، ولا تحرك ولا تهز، وسيرى التاريخ هؤلاء البررة ويسجل مواقفهم المشرفة، ولا يَتِرُهُم منها شيئًا، وسيعرض حججه واضحة فإما لكم وإما عليكم.
أيها الإخوة: إن ثورة أربع سنوات لا ندري ماذا خبأ لها القدر المحجوب من نهاية، من شعب لا يملك شيئًا من أسباب القوّة وسلاح العصر، مفصول من بني أبيه بفواصل وضعها عدوه عن قصد في غفلة منكم جميعًا، معزول عن معاقل أوليائه وأنصاره، إن ثورة مثل هذه لحقيقة- إن امتد بها الزمن- بأن تثقل ظهور إخوانكم، وقد ترمي حركتهم بالكلال إلّا أن يرحم الله، وتصدقوه في الإمداد بكل ما تستطيعون أفرادًا وجماعات.
إن أسوأ ما نسمعه في هذا الشرق بقسميه الإسلامي والعربي الإطراء بإطناب، والمبالغة في الإعجاب، والدعاء غير المستجاب: الإطراء للمجاهدين الجزائريين، والإطراء لا ينكي عدوًا، ولا يضمن رواحًا للنصر ولا غدوًا، والإعجاب بموقف الجزائريين الثابتين في الزعازع، والإعجاب لا يردّ غارة، ولا يحطم طيارة ولا يولد عقيمًا، ولا يبرىء سقيمًا، والدعاء من غير تعاون على الأسباب، كالتوكل كلاهما سخرية بالله وبعباد الله، فلتعلموا أن الدعاء المشروع والتوكل المشروع إنما يأتي في عالم الأسباب بعد عقل الناقة، وبذل الطاقة.
أعيذكم بالله- وأنتم مسلمون، والإسلام عهد وذمة، وعرب، والعروبة وفاء وهمة- أن تركنوا إلى المستفيض عن إخوانكم أنهم شجعان وأنهم صامدون لعدوّهم، وأنهم على قلّتهم ما انفكوا يذيقونه الموت ويجرعونه سكراته، فهذا كله وإن كان حقًا بل دون الحقيقة، لا ينبغي لحازم جاد ممارس لدهره، محنك في معاملات دهره عرف الاستعمار وصلى جحيمه واكتوى بناره، لا ينبغي أن يغتر به أو يدعوه إلى الدعة والتواكل.
أيها الإخوة: لا تنتزعوا من استمرار الثورة أربع سنوات وهي في عنفوان شبابها، وقوّة أسبابها، وتصميم رجالها، وانتظام أعمالها، لا تنتزعوا من هذه الحالة التي يبتهج لها كل مسلم وكل عربي، الدليل من جهة واحدة على شجاعة الشعب الجزائري وقوّة إيمانه واتصاله بربه، وصبره في الزعازع، واستهانته بالشدائد، وإقدامه على الموت في سبيل تحرير وطنه، ولكن انتزعوا- مع ذلك- دليلًا آخر ومن جهة أخرى على أن ثورة أربع سنوات قد تحيفت أمواله التي غذى بها الثورة في سنواتها الأربع، وتحيفت أقواته الضرورية، وعطلت مكاسبه الطبيعية، فالفلاحة- وهي عماد حياته- معطلة، والتجارة معطلة، والموارد الحيوية معطلة، ووسائل الارتزاق كلها معطلة، وما كان يقدمه الجزائريون العاملون بفرنسا للثورة عن طوع واختيار تعطل بتضييق فرنسا على أولئك العمال، وبسجن عشرات الألوف منهم وبمنعهم من الاتصال بالجزائر، حتى يمنع إيصال النفقات إلى أهليهم لتضطر الثورة إلى الإنفاق عليهم، فتثقل التبعية ويدبّ الفشل، وهذه كلها وسائل يركبها الاستعمار لِلْفَتّ في أعضاد المجاهدين، وكلها- ومثلها- واقعة بالفعل وكلها ذات أثر فعّال كلما امتد الزمن في قوّة الثورة.
أيها الإخوة: العاقل من يفكر في العواقب والمصائر ويُعِدُّ لكل حادثة سلاحها، ولكل مفسدة قبل الوقوع صلاحها، والحازم الأريب من يعتبر ما ليس بواقع واقعًا، وبهيئ أسباب دفعه قبل المفاجأة.
أيها الإخوة: إن اخوانكم الجزائريين لو أرادوا وسمحت لهم هممهم وشرفهم ودينهم أن يركبوا مركبًا آخر لا يطوع لساني بذكره؛ ولو سمحت أخلاقهم أن ينكثوا العهد الإلهي الرابط بينكم وبينهم لوجدوا الطريق سهلًا معبدًا ولكانوا أعز الناس في الدنيا، ولحصلوا على الحقوق التي يتمتع بها مرضى الضمائر كاملة غير منقوصة، بل بصورة أكمل، لأنهم أشجع من جميع العناصر التي يتألف منها الهيكل الفرنسي وأقوى عزيمة، وأصلب إرادة، وأمتن طباعًا وأكرم نفسًا ويدًا، ولكن أبى عليهم ذلك ويأبى عليهم أبدًا دينهم وعروبتهم وأبوتهم الذين اعتز بهم الإسلام والعروبة، وكانوا قرّة عين للإسلام والعروبة، فأبت على خلفه الأخلاق الإسلامية والعزة العربية أن يكونوا سخنة عين للإسلام والعروبة، أبت عليهم ذلك أخلاق كريمة وأعراق أصيلة، وصلات بالإسلام وثيقة، فرضوا بالدون، وعيشة الهون، وبما يرضى به كل مغلوب على أمره، كل هذه الحقبة المديدة، ولم يهجس لهم خاطر بقطيعة أصل فضائلهم، ومشرق
دينهم، وإنها ذمة قل من يرعاها وواجبات كثر منتهكوها. وإن الجزائر لتتيه فخرًا واعتزازًا بأن التاريخ سيكتبها من رعاة العهود الأوفياء، على كثرة أسباب القطيعة.
أيها الإخوة: إن من حسنات الثورة الجزائرية أنها كانت سببًا في تقريب العرب بعضهم من بعض وجمع قلوبهم حولها ونسخ التجافي بينهم بالتصافي، وانها كشفت الغطاء عن مخازي الاستعمار الفرنسي، وكشفت بالتبع عن حقيقة هذه الدولة التي تملأ ماضغيها فخرًا بأنها أصل المدنيات ومحررة الشعوب ومهذبة العالم، وإن ما تدعيه من الديمقراطية هي دعوى كاذبة خاطئة فاجرة، وقد أضلت بهذه الدعاوى إخوانًا لنا في هذا الشرق يعزّ علينا أن يضلوا ويزلوا، وسحرت أعينهم ببريق حضارتها فأعشتهم عن رؤية حضارتهم وما ترك أسلافهم من أثرها، فبينت الثورة الجزائرية لهم بالبرهان أن الفضائل التي تنتحلها فرنسا فضائل زائفة، لأن مرد الفضائل في شعب هو سمو أخلاقه، وترامي هذه الأخلاق فيه إلى الكمال، بما يكفله استعداده للخير والرحمة وتقوية النوازع الإنسانية الكامنة في طبعه وجبلته، وفرنسا أفسد الاستعمار جبلتها، وطمس الطمع والأنانية- وهما من لوازم الاستعمار- على كل حسنات من أخلاقها، وإنّا لننقض عليها دعاواها الطويلة العريضة في ما تنتحله من الفضائل، ويروجه لها دعاتها وسماسرتها المأجورون وتلامذتها المفتونون في هذا الشرق، ننقض عليها وعليهم تلك الدعاوى كلها بمثال واحد، وهو أن فرنسا احتلت الجزائر منذ مائة وثلاثين سنة تقريبًا، ولم تستطع تحطيم المقاومة الصادقة من أهلها إلّا بارتكاب ما لا تفعله الوحوش الضارية الموكولة إلى غرائزها الحيوانية الدنيا، وفعلت من المنديات ما يسوّد تاريخها الإنساني مما سجله قادتها في ذلك الغزو، لا إنصافًا للتاريخ، ولكن افتخارًا بتلك الأفعال الوحشية، وها هي ذي بعد هذا العصر الطويل الذي يحول الأحوال، وينسخ الطباع، تفعل مع الشعب الجزائري في هذه الثورة ما لم يفعله سلفها في حروب الغزو، وتأتي من الموبقات والتفنن في ضروب التقتيل والتعذيب ما ترتفع عنه طباع الوحوش من قتل الصبيان والنساء والشيوخ والعزل والمرضى زيادة عن اتلاف الأقوات وانتهاك الحرمات، حتى كأن التهذيب الأخلاقي في فرنسا سائر إلى الوراء، وكأن تعاقب أجيال أربعة لم يكف لتحويل الأخلاق من شراسة إلى لين ومن وحشية إلى أنسية.
وكأنما أنف أصحاب تلك الطباع الجافية أن تشهر الجزائر المستعبدة في وجههم السلاح وأن تثور بعد هدأة ظنوا أنها القاضية، ولم يستطع أصحاب تلك الطباع أن يقاتلوا المجاهدين في ميادين الحرب فعمدوا إلى ما يعمد إليه كل جبان من الانتقام من الأطفال والنساء والعجزة، ويا ليت القتل كان كافيًا، بل نراهم يتفننون في التعذيب قبل القتل كما يتفنن المترف الشهواني في شهواته حتى جاوزوا الحدود التي يأمر بها الشيطان من الشرور وكبائر الإثم والفواحش.
أيها الإخوة: إن في أطوار الثورة الجزائرية لعبرًا، فقد بدأت على حين يأس من مطالب معقولة، جهر بها الشعب الجزائري وتصاممت عنها فرنسا وأبت أن تستجيب لدعواتها المتكررة، بدأت بثلاثة الآف مقاتل وطنوا أنفسهم على الموت في سبيل الله، وكان سلاحهم الروحي أقوى ما بأيديهم، كان سلاحهم الذي لا يفل الإيمان بالله ناصر المستضعفين وقامع العتاة المتجبرين، وكان مركز الثورة قمم جبال أوراس منبت الأبطال الذين خلفوا عليه الأسود يوم انقطع منها نسل الأسود، وما أتمت سنة حتى انتشرت كالنار على القطر كله وتزايد عدد المجاهدين حملة السلاح إلى الثلاثين ألفًا ... إلى الخمسين حتى أصبح جيش التحرير مائة ألف أو يزيدون يقارع دولة عرفت في العالم بأنها في طليعة الدول الحربية العسكرية، يقارع جيشًا مسلحًا يقارب المليون مجهزًا بما يقوم بهذا العدد الضخم من دبابات وطيارات وأساطيل بحرية، وأجهزة ارتباط ومواصلات تموين تبتدئ من فرنسا وتنتهي في دواخل الجزائر، ومع ذلك فإن اللطيفة الالهية ظهرت للعيان مرة أخرى ونصر الله الفئة القليلة على الفئة الكثيرة، وقام إخوانكم المجاهدون بشرط الله وهو الإيمان والصبر وصدق النية وطهارة القصد، فصدقهم الله وعده.
أيها الإخوة: إن الشعب الجزائري سائر في هوى القومية العربية عامل لها لا تثنيه عنها الأعاصير في أي جو عصفت، ولا تردّه عنها التيارات المختلفة ولا الأهواء المتباينة، فالجزائر اليوم مشغولة بهذا الصراع بينها وبين عدوها الذي يمثل الاستعمار في طور النزع والاحتضار. فإذا فرغت منه اتصلت بإخوانها في هذا الشرق اتصال الأخ الذي لم ينس أخاه، ولم تتبدل له عقيدة في أيام الشدة، فالوحدة العربية التي راق الجزائر خيالها، وبرز للوجود في هذه الأيام مثالها، هي نهاية شوط الجزائر في اعتناقها حقيقة بعد أن كانت أمنيتها عقيدة، وستكون الجزائر مزيدًا في قوّة القومية العربية، ولا نغالي إذا قلنا إن الشعب الجزائري سيكون تعديلًا لبعض المتناقضات في الشرق العربي وسيكون تلطيفًا لبعض الشذوذات فيه، وسيكون بما أودع الله فيه من روحانية قوية وجد لا يلم العبث بساحته مثالًا يحتذى في مجموعة إخوانه العرب. إن بعض الأخلاق المنتقدة في إخوانكم الجزائريين مثل الصلابة والخشونة قد تكون ضرورية في مثل هذا الطور من أطوار العرب فينشأ من الصلابة ما يقاوم الارتخاء، ومن الخشونة ما يقاوم ما ابتلتنا به الحضارة الغربية، ومن الجد ما يقاوم الهزل المتفشي في مجموعنا وينشأ من جميع ذلك مزيج عجيب فيه التعديل والتلطيف والعلاج.
أيها الإخوة: هذه الكلمات المضطربة كلها ذكرى، وأنتم قد اجتمعتم للذكرى فهل لكم أن تتوجهوا إلى الله بقلوب متعلقة به عامرة بالإيمان به متقلبة في قبضته فتسألوه الرحمة لأولئك الشهداء المستضعفين الذين سالت مهجهم على الشفار، ولأولئك الأقوياء به الذين تمزقت أشلاؤهم في القفار. ترحموا على كل من مات في الجزائر في زمان هذه الثورة، فمنرحمة الله الغامرة لاخوانكم ان كل من مات منهم فيها بأي سبب من الأسباب فهو شهيد، فإن مات من مرض فسببه الاستعمار الفرنسي، وإن مات من جوع فسببه ذلك الاستعمار، وإن مات من برد فالسبب واحد، وادعوا في الأخير لإخوانكم المقاتلين بالنصر المؤزر والتأييد المسدّد والتوفيق لمراضي الله، والسلام.
ـ[اللهم ارحم عبادك الذين ماتوا في سبيلك وفي سبيل دينك ولَقِّهِم النظرة والسرور بلقائك. اللهم إن ما فاتهم من الراحة في هذه الدنيا ففي رضاك الخلف. اللهم اجعل هذا التشريد المريع الذي أصابهم في الحياة جمعًا وسببًا في اجتماعهم في مقر الرضا عندك. اللهم انصر وأيد وآزر وسدد عبادك المجاهدين في سبيلك وتثبيت دينك. اللهم ان تهلك هذه العصابة المجاهدة فلن تعبد في أرض الجزائر التي اخترتها حصنًا للإسلام وملاعب لجياد المجاهدين الأولين؛ اللهم آمين.]ـ
* الحفل الذي أقيم بالقاهرة في أول نوفمبر 1958، احتفالًا بالذكرى الرابعة لثورة التحرير.