المرأة في فكر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
بقلم: آمنة فداني-
جادت هذه البلاد المباركة بعدد كبير من الشخصيات الفكرية والعلمية والـمُصْلِحة التي أسهمت في تطوير الفكر الإنساني وإثرائه، ومن بينها رجالات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي يحمل فكرها رؤية شاملة غذتها قيم الإسلام السمح وتعاليمه السامية، فهي بذلك أبرزت البعد الإنساني العالمي لفكرها وبطون التواريخ تشهد على ذلك، كما تكفل الزمن بتبيان صحتها فهي تدرك أن كل خلل يصيب المجتمع فإن مصدره يعود إلى خلل في الأشخاص أو خلل في الأفكار أو خلل في كليهما معا.
<!--more-->
إن تاريخ الماضي والحاضر سيبقى يذكر بكل وفاء جهود كل المخلصين في توجيه المرأة الجزائرية ودعمها، فهي بذلك محط اهتمام وعناية من لدنهم سواء السابقين منهم أو الحاليين وهي تدرك أن حاجة الأمة للمرأة الواعية ضرورة ملحة، فكم من طاقات ومواهب لم تستخدم فانطوت وكم من طاقات عطلت ولم يستفد منها ولم تعط لها الفرصة لتحقيق أهدافها السامية وذلك بتجهيل البعض المتعمد لها حتى كاد أن يصبح الداء عضالا. لهذا أسهمت رجالاتها في وضع التوازنات الضرورية حتى لا يبقى هناك فراغ فقاموا بتأليف الأجزاء لتحريك الذراع والعجلة، فهم بذلك شقان متحدان وإن كانا منفصلين في وظيفة محددة يتفق وسمو الغاية التي تنشدها. حيث فتحت مدارسها ومعاهدها وكل ما تملك من وسائل في خدمة المرأة الجزائرية فهو بذلك علاج شريف وسليم، وهذا هو المنطق الذي يعتمد بناء المستقبل على الحاضر.
ولعل القول المأثور لرائد النهضة الفكرية والإصلاحية بالجزائر عبد الحميد بن باديس رحمه الله يؤكد ذلك حين قال:” إذا أنت علمت ولدا فقد علمت فردا، وإذا أنت علمت بنتا فقد علمت أمة”.
كما خاطب الحسن الدامي في إحدى مقالاته بإحدى جرائد البصائر وهو يمدح فيه إحدى الفتيات بطريقة حضارية راقية لاهتمامها بإحدى مقالاته مرشدا إياها ومن ورائها كل فتيات الجزائر قائلا لها: أديت واجب العلم حيث لم تكتميه، وأديت واجب الأدب حيث صدعت بالنصيحة، وأديت واجب المرأة حيث تكلمت بلسانها لتُفهمي الرجال أن للنساء قديما وحديثا شأنا ومكانة وقدرا، فإن يكن في الرجال علماء ففيهن العالمات، وإن يكن من الرجال أدباء فمنهن الأديبات، وإن يكن منهم المصلحون المرشدون فمنهن المصلحات المرشدات… ولو أنه جاء من غيرك لما كان له الوقع والأثر الذي كان لكلمتك في النفوس ولو أن غيرك يتصدى لهذا الموضوع ما استطاع إتقانه لأنك أعرف بالمرأة من الرجل…”.
هذه هي الشخصيات الفكرية والعلمية التي أسهمت في تطوير الفكر التكاملي الجمالي فهي بذلك قوة في الأساس، توافق في السير، وحدة في الهدف.
كما نستخلص ذلك من خلال حاضر الجمعية والجسر الرابط بين ماضيها وحاضرها وذلك من خلال الجامعة الصيفية الخامسة والتي كانت على مدار ثلاثة أيام، والاهتمام الذي أولته للمرأة الجزائرية بصفة عامة والأسرة بصفة خاصة، حيث كان شعارها “إذا صح بناء الأسرة صَحَّ بناء الأمة” محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله.
حيث احتوت على عدة محاور تداول عليها مجموعة دكاترة وأساتذة أفاضل (رجال ونساء) منها:
المرأة والأسرة في الإسلام، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين واهتماماتها بتربية البنات، الإسهامات النسوية في الثورة التحريرية، الأسرة والتحديات المعاصرة، التربية الجمالية وأثرها على شخصية الطفل…إلخ
كما خرجت بتوصيات وبيان ختامي لفائدة المرأة الجزائرية، هذا هو النمط من نوعية الرجال الذين حسنت مفاهيمهم واستقامت أفكارهم، فهم بذلك ورثة لهذه الرحمة ومدرسة للحكمة مدركين أن مستقبل الأمة يترعرع في أحضان الأمهات.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.