من أعلام الجزائر.. وأعلام جمعية العلماء: عباس بن الشيخ الحسين
بقلم: نور الدين بوعروج-
الشيخ عباس (مــيــلة 1912م - باريس 1989م) بن إسماعيل بن دَحمان بن علاّوة بن الشيخ الحسين، عالم وأديب ومناضل جزائري من كبار رجالات الإصلاح الديني والاجتماعي والسياسي في القرن العشرين الميلادي. تقلب في العديد من المناصب السامية واستقال من معظمها وفاء لمبادئه إلى أن وافته المنية وهو في قلب معمعة الذود عن الإسلام والمسلمين في فرنسا ضدّ الجهل والتعصب والعنصرية.
المنشأ
ولد الشيخ عباس سنة 1912م في الزّاوية التي تحمل اسم جدّه، مؤسّسها الشّيخ الحسين القشّي في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، قرب ميلة في ناحية قسنطينة بالشرق الجزائري. ولم تُلزم هذه الزاوية نفسها بطريقة صوفية بعينها، مكتفية بالعمل الاجتماعي والتربوي الإسلامي. فكانت، جيلا بعد جيل، تبعث بأبنائها وتلاميذها إلى جامعتي الزيتونة بتونس والقرويين بفاس بالمغرب، مكونة بذلك العشرات من العلماء الأكفاء للمحافظة على الهُوية العربية الإسلامية للجزائر في أزمنة الاستعمار القاتمة.
التكوين العلمي
بعد حفظ القرآن وتلقيه التكوين الأول في الفقه المالكي واللغة العربية على يدي مشايخ الزاوية العائلية، سافر مع أخيه الشيخ مرزوق(الذي أصبح فيما بعد إماما للمسجد الكبير بقسنطينة) إلى تونس للدراسة العليا في جامعة الزيتونة. وما لبث أن قرر الذهاب إلى المغرب حيث درس بجامعة القرويين بفاس وتخرّج منها محصلا على درجة العالمية.
النضال في الحركة الإصلاحية
• انخرط إثر عودته من المغرب في صفوف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وسريعا ما أصبح عضوا لمكتبها الدائم. ولخطاباته وتفوقه وقوة إقناعه، انتخبه رفقاؤه من أعضاء الجمعية متجولا عاما لمؤسستهم.
• صاحب الشيخ عباس الإمام عبد الحميد بن باديس وتأثر بنهجه الإصلاحي وأفكاره التجديدية ومحاربته للخرافة والدجل والتواكل لكونها ركائز لبقاء الهيمنة الفرنسية.
• ورافق الشيخ البشير الإبراهيمي في نضاله وتجديده وتآخيا إلى أن فرّق الموت بينهما.
• وغند اندلاغ الثورة الجزائرية والحكم عليه ورفاقه بالإعدام من طرف السلطات الاستعمارية سافر متخفيا مع الأستاذ أحمد توفيق المدني (وزير الأوقاف لاحقا) الي فرنسا ومنها إلى سويسرا ومن ثّم إلى القاهرة حيث شاركا في تأسيس الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة فرحات عباس. ثم ذهب الشيخ عباس ممثلا لهذه الحكومة وللثورة الجزائرية في المملكة العربية السعودية.
بعد استقلال الجزائر
• ثُبّت الشيخ عباس رسميا كأول سفير للجزائر المستقلة في المملكة العربية السعودية، لكنه ما لبث أن استقال. فعندما بادر الرئس الجزائري أحمد بلة بمهاجمة العائلة السعودية الحاكمة لا لشيء إلا لمسايرة سياسة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، تحرّج الشيخ عباس من هذا الموقف العدائي المجّاني، وهو قد كان أول شاهد على مساندة السعوديين المطلقة للثورة الجزائرية وقضيتها، فعاد إلى بلده مقدما استقالته إلى الرئيس أحمد بن بلة قائلا له: «غيرتم سياستكم فغيروا إذن رجالكم«.
عُين بعد ذلك أول رئيس لمكتب مقاطعة إسرائيل في الجامعة العربية.
• عيّن أول رئيس للمجلس الإسلامي الأعلى الحديث التكوين بالجزائر. وبعد محاولات للإصلاح لم توافقه عليها الحكومة الجزائرية، قدّم استقالة مكتوبة من منصبه، وجه خطابه فيها إلى الرئيس هواري بومدين قائلا : «إنني بين شعب يريدني أن أشبه عمر الفاروق وحكومة لا تؤمن بعمر الفاروق».
• عيّن سفيرا في إندونيسيا ولكنّه رفض الذهاب إليها لاعتقاده أنه لا يستطيع خدمة بلده إذ هو لا يحسن اللغة الإندونسية ولا الإنجليزية، وفضل البقاء في وطنه مبتعدا عن كل عمل رسمي مدّة ثلاث عشرة سنة، مكتفيا بالتطوع كخطيب للجمعة بالجامع الكبير بالجزائر العاصمة.
في فرنسا
في سنة 1982م وافق على تنصيبه عميدا للمعهد الإسلامي وإماما لمسجد باريس الكبير، خلفا لحمزة أبو بكر وبقي هناك باذلا جهده في لم شمل المسلمين والدفاع عن حقوقهم إلي أن وافته المنية في 3 ماي سنة 1989م.
مسجد باريس الكبير
من أكبر مساجد فرنسا وأقدمها اسّس لبنائه الجزائري قدور بن غبريت و شيّد من قبل سواعد الجزائريين المهاجرين الاوائل في فرنسا تكريما للجنود المسلمين الذين دافعوا عن فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى. ودشِّن في يوم 15 يوليو 1926 من طرف الرئيس الفرنسي آنذاك دومارغ والسلطان المغربي مولاي يوسف بن الحسن الأوّل.
لحضور تدشين مسجد باريس في صيف عام 1344هـ - 1926م تم دعوة العديد من الأعلام المغاربة، يتقدمهم السلطان يوسف بن الحسن، وأحمد سكيرج، الذي خطب وصلى بالناس في أول جمعة بالجامع، وباشا مدينة الجديدة علال القاسمي، والقائد حمو العزيزي، والقائد محمد بن الشريف السايسي الأمغاري، والأديب سيدي الفاطمي بن سليمان وغيرهم.
ما كتب وسط الباب :
إن هذا مسجد للمسلمينا = فتحت أبوابه للعابدينا
مسجد أسس في باريز ما = مثله من مسجد للناظرين
مسجد أنحاؤه زادت سنى(1) = وسناء(2) يزدهي طول السنينا
فبه الأفكار تزهو(3) دائما = وبه البشرى لكل المومنينا
مسجد قد حاز شكلا جامعا = لجميع الحسن بين العالمينا
فلسان الحال منه قائل = إن هذي روضة للزائرينا
روضة من جنة قد برزت = ادخلوها بسلام آمنينا
فلكم في ظله نيل المنى = ولكم فيه الهنا دنيا ودينا
قد سمت أركانه واتسقت(4) = وازدهت من حسن صنع الصانعينا
أبدعوا في الصنع ما شاءوا وقد = أظهروه فتنة للعاشقينا
فاشهدوا الحسن الذي فيه بدا = وانظروا في صنعه النصح المبينا
قد غدا في الحسن لا مثل له = مرغما فيه أنوف الحاسدينا
فبه الأنفس تحيا وبه = يشرح الأنس صدور الواردينا(5)
فهنيئا للذي شيده(6) = وهنيئا لكم يا مسلمينا
كان العلامة سكيرج رحمه الله ورضي عنه من أوائل الأعلام المغاربة المدعوين لحضور تدشين مسجد باريس في صيف عام 1344هـ-1926م، وهو الذي خطب وصلى بالناس في أول جمعة بالجامع المذكور، حيث اجتمعت لمعاينة تدشينه شخصيات بارزة من مختلف بقاع المعمور، يتقدمهم السلطان السابق مولانا يوسف رحمه الله، ولا بأس أن أذكر في هذا المحل نص الخطبة التي ألقاها العلامة سكيرج بالمناسبة على أسماع الحاضرين(7):
نص الخطبةالأولى :
الحمد لله ذي النعم الوافرة، والرحمة الساترة، والعقوبات القاهرة يفعل ما يشاء بالاختيار، نحمده حمدا نسعد به في هذه الدنيا والآخرة، ونقهر به الهوى والشيطان والنفس الأمارة الساحرة، حتى نكون إن شاء الله من الأبرار، وأقر له بالتوحيد على عقيدة طاهرة ظاهرة، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد المؤيد بالمعجزات الباهرة، المحبوب السيد الملجأ المختار، وعلى آله وأصحابه ذوي الأيادي المتكاثرة، والآخذين بالعدل لشريعته السامية الآمرة، فنعم المهاجرون ونعم الأنصار.
أما بعد : فيا عباد الله إن من نعم الله علينا بناء هذا المسجد الذي نحن فيه متوجهون لربنا الكريم لأداء الصلاة المفروضة، فسبحانه من إله رحيم لا يكون إلا ما خصصته إرادته، ولا يبرز للوجود إلا ما أنجزته قدرته، فطوبى لمن وحده وذاق حلاوة تصرفه في الكائنات، وبشرى لمن اهتدى للخير وفر من الموبقات، فتنبهوا يا إخواني لما أنتم فيه اليوم، أنتم في مسجد رب العالمين أنتم في مسجد تقام فيه شعائر الدين، أنتم في محل البركات والخيرات، أنتم في مسجد يضاعف فيه أجر الطاعات، أنتم في مسجد ينتبه به الغافلون للصلاة، أنتم في مسجد لذكر الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنتم في مسجد سيكون سببا في نشر فضائل الدين حتى يعم الائتلاف المسلمين وغيرهم من المجاورين، أنت في مسجد هو مرشد للقادم الغريب وللحاضر الشارد كالطبيب.
فلا تبخلوا رحمكم الله وأعانكم بما له عليكم، فلسان حاله يقول : لا تهملوني حقي، حقي عليكم وإليكم، فهنيئا لمن مات ولم تمت حسناته، وعمل صالحا فماتت سيئاته، فتمتعوا أيها المسلمون بالحرية في دينكم، واسعوا للخير، وافعلوا الخير واجتهدوا فيما ينفعكم، وكونوا إخوانا محاربين للجهل والعادات المذمومة، ولا تفسدوا عقولكم بالخمور، ولا تدنسوا أعراضكم بالفجور، ولا ترتكبوا العار، اجتنبوا الزنا والقمار، ولا تقتلوا أنفسكم بالقنوط والكسل، ولا تتأخروا عن العلم والعمل، سيروا إلى الأمام، ارحموا الفقراء والمساكين والأيتام، لا تسمعوا كلام الدجالين، لا تقبلوا أقوال المفسدين، لا تفرطوا في تربية أولادكم، لا تقتلوا شرف دينكم بالخسائس أمام جيرانكم.
أيها المسلمون هذا دينكم يناديكم فهل من مجيب مع اعتناء منكم، أيها المسلمون إن السعادة التي يتنافس فيها المتنافسون هي العلم والأخلاق الكاملة وقراءة ما سطر الله في الكائنات من الحكم، أيها المسلمون إن المؤمن هو الذي يغرس الود في فؤاد غيره مطلقا ويسقيه دائما بماء الإنسانية ،فاجمعوا رحمكم الله بين الدين والدنيا وسيروا سير أهل الكمال، وشاركوا غيركم فيما يحمد، فقد قتلتم أنفسكم بأيديكم من حيث لا تعلمون، وصرتم في غاية الانحطاط، أما تشعرون أن العلم يتبعه كل خير وكمال، وأن الجهل لا يفارق صاحبه الهم والنكال، ولا ترفع الأمة إلا ببذل المال، في جميع أصعدة هذا المجال، فبرهنوا على أنكم رجال.
وفقني الله وإياكم لما فيه خير الأمة، بجاه المصطفى المبعوث لكشف الغمة، روى البيهقي في السنن الكبرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعمل عمل امرئ يظن أن لن يموت أبدا، واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غدا، صدق رسول الله، صدق حبيب الله، ألا إن أفضل كلام تتعظ به قلوب المومنين كلام مولانا واسع الرحمة والعطاء في كل حين، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
نص الخطبة الثانية :
الحمد لله الواجب الوجود والقدم، الباقي تعالى عن أن يلحقه عدم، المخالف للحوادث بالإطلاق كلها، القائم بنفسه جل عن أن يفتقر كالصفة ومحلها، المنفرد بالوحدانية ذاتا وأفعالا وصفات، القديم بقدرة تعلقت بجميع الممكنات، المريد كما شاء فلا يقع غير مراده، العالم بتفاصيل ما خلق قبل إيجاده، الحي بلا روح كما هو المألوف، السميع البصير المتكلم بلا صوت وحروف، نحمده حمدا يليق بذاته التي لا تشبه الذوات، ونشكره على نعم عمت جميع المخلوقات.
وبعد فمن أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى، فليكثر من الصلاة على النبي المصطفى، اللهم صل على هذا النبي الكريم، صاحب الخلق العظيم، وسلم تسليما، وارض اللهم عن آل بيته الطيبين، وعشيرته الأقربين، الذين قال فيهم نبيك الصادق الأمين : والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني.
اللهم انفعنا بمحبتهم، واحشرنا يا مولانا في زمرتهم، ولا تخالف بنا عن نهجهم وسبيلهم يا أكرم مسؤول، ويا خير مأمول، وارض اللهم عن أصحابه الأعلام، أنصار الملة والإسلام، وخصوصا منهم الخلفاء الكرام، ذوي المجد الشامخ، والفضل الباذخ، سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن التابعين وتابعيهم إلى يوم الدين، وأيد اللهم من أيد الملة الحنيفية، وأحي من أحيا السنة المحمدية، ونجنا من الفتن الدنيوية والأخروية إنك على شيء قدير.
وانصر اللهم راجي عفوك وبرك وخيرك، مجمع الشرف الديني والطيني، بضعة الرسول المطهر الفروع والأصول، السلطان بن السلطان المعظم، الذي شرف بحضوره افتتاح هذا الجامع في أول جمعة، أبي المحاسن سيدنا ومولانا يوسف بن مولانا الحسن، وكن الله له وليا ونصيرا ،وأصلح الله به وعلى يديه، ووفقه للخير وأعنه عليه، واجعله اللهم لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وعلى رعيته من المشفقين، إنك على كل شيء قدير، يا أرحم الراحمين، يا رب قست قلوبنا، وكثرت ذنوبنا، وطالت آمالنا، وفسدت أعمالنا، وعم تكاسلنا، وقوي على العصيان هجومنا، ولا مشتكى لنا إلا إليك، اللهم ارحم تضرعنا، اللهم أمن خوفنا، اللهم تقبل أعمالنا، اللهم اصلح أحوالنا.
ربنا أنت منقذنا لا سواك، وهل سواك يفرج كربتنا، قد واعدت بأن من دعاك يجاب، وحشاك تتركنا، ربنا كل ذنب إلى جنب عفوك ليس شيئا إذا شئت أن ترحمنا، ربنا إن فعلنا قبيحا فأنت الغفور بفضلك تسترنا، ربنا قد قصدنا باب رحمتك وأنت الكريم وما لغيرك فقرنا، ربنا أنت الملاذ إذا ضاقت الأحوال وانقطعت آمالنا، ربنا إن عفوت ففضل، وإن فعدل، وأنت الرؤوف بنا، اللهم ألف بين قلوب العباد، واسلك بالجميع سبيل الرشاد، مولانا إياك سألنا، وما عندك من خير طلبنا، فاقبل اللهم بوجهك الكريم علينا، واعطنا سؤلنا ولا تخيب فيك رجاءنا، واجعل اللهم جمعنا هذا جمعا مباركا مرحوما، وتفرقنا منه تفرقا سالما معصوما، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيا ولا محروما، يا من عجز عن وصف كنهه الواصفون، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. تمت
صهيب بن الشيخ عباس بن الشيخ الحسين
إن منبت الشاب صهيب معلوم الأصول فهو ابن الشيخ العباس بن الشيخ الحسين، العضو في جمعية العلماء المسلمين، ورئيس سابق للمجلس الإسلامي الأعلى، والعميد الأسبق لمسجد باريس. وقد ولد بجدة حيث كان والده سفير الجزائر بالسعودية، ومحيطه الأسري المتدين أو على الأقل المحافظ لا يخفى، حيث سجل بالمعهد العالي لأصول الدين بالجزائر، وهو من الدفعة الأولى أو الثانية التي تخرجت من المعهد الذي لم يؤسس إلا في الثمانينيات!!! ثم رحل إلى الأزهر ليتم دراسته، ومن الأزهر الذي لم يجد فيه رغبته "التجديدية" إلى جامعة السوربون التي نال فيها شرف فهم الإسلام العصري، فحصل على دبلوم في تاريخ الفلسفة ودكتوراه بعنوان التحديات التي تواجه الجاليات المسلمة في الغرب.
ورغم أصالة منبت هذا الشاب في محيطه الأسري ومراحل التعليم التي مر بها، والتي تمثل في العادة الميل والرغبة في تعلم علوم الوحي وفنونه، لا سيما أن أبناء جيله كانوا يجنحون إلى هذا اللون من التعليم كنضال في حياتهم ولم يرغبوا فيه كمورد أو تسلم مناصب، حيث لم يكن يرى أقرانه مكانا لمن يتعلم علوم الشريعة إلا إماما في المسجد أو مفتي أو معلم قرآن.... ومع ذلك فقد اختاروا هذا الخط نضالا ومقاومة لثقافة التغريب، وكان من نتائج ذلك أن إطارات الحركة الإسلامية في الجزائر معظمهم من هذا الجيل والذي قبله.
أعلن، في 2013، مفتي مرسيليا الشاب صهيب بن الشيخ، ابن الشيخ العباس بن الشيخ الحسين، عن تأسيس جمعية أطلق عليها إسم "الحركة الإسلامية للتجديد" أو "حركة التجديد الإسلامي"، وقد ذكر الشاب المفتي في ندوته الصحفية التي عقدها خصيصا لذلك بدار الصحافة في الجزائر، أن حركته "فكرية تربوية دينية غير سياسية تهدف إلى خلق تفكير أكاديمي وبيداغوجي حول الإسلام وقضايا المسلمين لا يدين أحدا ولا يحاكم أحدا".
الهوامش:
(1) سنى : رفعة.
(2) سناء : ضياء.
(3) تزهو : تشرق وزهر.
(4) اتسقت : انتظمت.
(5) الواردينا : الوافدين عليه
(6) شيده : بناه
المصدر/ سفر العلامة سكيرج لفرنسا- الشيخ سيدي أحمد بن الحاج العياشي سكيرج
سفر العلامة سكيرج لفرنسا قصد حضور تدشين مسجد باريس
(7) زامنت هذه الرحلة الفترة التي قضاها العلامة سكيرج رحمه الله على رأس القضاء بمدينة الجديدة، وكان عمره المبارك عندها 49 سنة، ورافقه في هذه الرحلة الميمونة جماعة من الأفاضل منهم : باشا مدينة الجديدة السيد علال القاسمي، والقائد حمو العزيزي، والقائد محمد بن الشريف السايسي الأمغاري، والأديب سيدي الفاطمي بن سليمان وغيرهم.
ولم يكن تكليفه بهذه المهمة الكبيرة وليد الصدفة، بل لما يتمتع به رحمه الله من شخصية فذة قوية، ومكانة مرموقة داخل جميع الأوساط الثقافية بالمغرب، مع غزارة علمه، ومعرفته الدقيقة بالفنون الأدبية المختلفة.
وبهذا الاستحقاق الكبير لفت رحمه الله أنظار معاصريه من العلماء والمفكرين والأستاذة الباحثين، فهو على الأرجح وبدون منازع واحد من العلماء الذين عرفوا بالجمع بين قدرتين قلما تجتمعان إلا للقليل من الأفذاذ، وهما قدرة الخطابة، وقدرة الكتابة، مع التبريز فيهما معا.
وانطلاقا من هذا كان العلامة سكيرج مقدور القدر في جميع الميادين والمجالات، يعجب به سامعوه في مجالسه ومسامراته، ويقدره قارؤه في مؤلفاته ومصنفاته، فقد أوتي التبريز في ميدان الكلمة المقولة والكلمة المكتوبة، وقد عرف نهجه السوي إلى النفس العربية، وكان قادرا كل القدرة على مواجهة الجماهير والباحثين على سواء.