تطور الفكر العقدي بين السنوسي وابن باديس
بقلم: أنيسة زغدود-
في إطار المحور الرابع الوحي والتجديد المعاصر في المرجعية الفقهية والعقدية، ارتأيت أن أقدم دراسة مقارنة من الناحية العقدية بين عالمين من علماء الجزائر الأفذاذ في مرحلتين مختلفتين من تاريخ الجزائر هما الإمام محمد بن يوسف السنوسي والإمام عبد الحميد بن باديس .وذلك من خلال الرجوع إلى كتاب )شرح أم البراهين) للسنوسي، وكتاب (العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية (لابن باديس، واخترت أن يكون عنوان المداخلة (تطور الفكر العقدي بين السنوسي وابن باديس)، مساهمة في بيان جهود هاذين العالمين في مجال خدمة العقيدة .وقد أنجزت هذه الدراسة في العناصر الآتية: 1- عصر السنوسي وعصر ابن باديس. 2- أهمية الكتابين. 3- وصف الكتابين 4- محتوى الكتابين. 5- أهم الملاحظات ونتائج الدراسة .
1- عصر السنوسي وعصر ابن باديس :
أ-عصر السنوسي :وجد السنوسي في القرن التاسع الهجري حيث توفي في (885 هـ-1491 م)، وذلك في عهد الدولة الزيانية بتلمسان، وتميز عصره من الناحية السياسية: بالزحف المسيحي على دار الإسلام الأندلس حيث تواصل سقوط المدن والمعاقل تباعا في أيدي الأعداء ، وأصبح خطر العدوان المسيحي يهدد موانئ الشواطئ المغربية (1).
أما الحياة الدينية في هذا العصر فقد امتازت بانتصار المذهب المالكي في الفقه بصفة نهائية، إذ استعاد فقهاء المالكية الذين كان ابن تومرت قد ثار على مفهومهم للدين مكانتهم، كما رسخ مذهب الأشعري في نفوس الناس من العامة والخاصة، كما استرجع علم الحديث وعلم الأصول مكانتها بعد أن ابتعد عنها فقهاء المالكية في عصر المرابطين كما تغلب الفكر الصوفي على أكثر مظاهر الحياة(2).
وأصبحت الثقافة تحمل عناصر التدهور والانحطاط، لكن الحركة العلمية بقيت نشطة فقد أنجب هذا العصر العديد من العلماء، ترك بعضهم مصنفات احتفظت بقيمتها إلى الآن. غير أن استمرار النشاط العلمي لا يعني ازدهارا علميا، إذ اقتصرت مساهمة أكثرهم على وضع الشروح والتعاليق على المصنفات المتداولة في القرن التاسع، وعلى جمع ما أنتجته قرائح الشعراء والكتاب القدامى(3). و لعل من أهم العوامل في تصدر تلمسان حركة النشاط الثقافي أنها كانت ملجأ لعلماء الأندلس وللأسر الأندلسية المهاجرة بدينها من الزحف الصليبي المسعور(4).
ب- عصر ابن باديس: عاش عبد الحميد بن باديس (1889-1941 م) في عصر تمكّنت فيه فرنسا من بسط هيمنتها على كامل القطر الجزائري، بعد سنوات طويلة من الصّراع مع المقاومة الشعبيّة المستميتة للجزائريين.
ومع بداية القرن العشرين، كانت الحياة الدينيّة والفكريّة في الجزائر، قد وصلت إلى الحضيض من حيث الفساد والجمود والانحطاط العام، نتيجة لتخريب الاستعمار المتعمد لمراكز الثقافة الإسلامية ولسيطرة الطرق الصوفية على الشعب روحيا وفكريا(5) بسبب نفوذها الواسع.
والحياة العامّة في الجزائر في عصر ابن باديس كانت تتّسم بظلم الاستعمار الفرنسي وتسلّطه على جميع مجالات الحياة، بعل وغطرسته التي تجاوز فيها حدود الاستعمار المادّي، حينٌ عمل-جاهدا وبخبث- على محو الشخصيّة الجزائريةّ من الوجود، بكلّ أبعادها الدّينية والرّوحية واللغويةّ والاجتماعيّة ليصنع منها "الجزائر الفرنسية" وليوقف نموّها الطبيعي كأمّة ومجتمع وتاريخ وحضارة. ولكن بعد الحرب العالمية الأولى ظهر نوع من الانفراج والوعي السياسيّ، وبدأت بوادر صحوة وطنية، ما لبثت أن نمت وتطوّرت حتّى صارت حركة وطنيّة ونهضة اجتماعيّة.
-2 أهمية الكتابين :
أ-كتاب شرح أم البراهين للسنوسي :على الرغم من أن طور السنوسي هو الطور الثالث من أطوار الأشعرية في المغرب العربي وهو يمثل مرحلة تدهور وتراجع، إلا أنو يوجد تطور كمي وتراكم لمؤلفات عقدية مما حافظ على تكريس المذهب الأشعري، وكان دور السنوسي إعادة بناء المذهب حيث أن" كتابه أم البراهين" لا يشد انتباه الباحث برأي طريف أو فكرة جديدة أو طرح جديد لقضية من قضايا الأصول وإنما بالمنهج المدرسي الذي اتبعه السنوسي باقتدار وأصبح علامة من علامات الفترة التاريخية التي عاشها السنوسي أو سبقته بقليل، وما لحقها من فترات(6).
لقد أصبح للسنوسي حضور كبير في درس العقيدة الاسلامية في القرن التاسع وما بعده لأن مؤلفاته صارت عمدة رئيسة في الاحتجاج والتدريس وبقي لها أثر إلى يومنا هذا(7).
ب –كتاب العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لابن باديس: هو تطبيق علمي للمنهج الذي اقتنع به ابن باديس في تدريس العقيدة والدعوة إليها وهو منهج القرآن الكريم، متجاوزا عيوب علم الكلام التيّ سجلها في نقده لعلماء الكلام وأيضا لطريقة تدريس علم العقيدة. وهذا الكتاب الذي يخلو من أقوال العلماء ومذاهب المتكلمين هو على قدر كبير من الدقة والعمق والنفع، إذ طريقة تأليفه تصل المسلم مباشرة بمصادر عقيدته الثابتة الصحيحة والسهلة الواضحة .
وقد وصف الإبراهيمي العقيدة التي جاءت في هذا الكتاب بقوله: "فجاءت عقيدة مثلى يتعلمها الطالب فيأتي منه مسلم سلفي، موحّد لربه بدلائل القرآن كأحسن ما يكون المسلم السّلفي، ويستدل على ما يعتقد في ربه بآية من كلام ربه لا بقول السّنوسي في عقيدته الصّغرى: أما برهان وجوده تعالى فحدوث العالم"(8).
-3 وصف الكتابين :
أ- كتاب شرح أم البراهين للسنوسي: ذكر السنوسي في مقدمة كتابه أن أهم ما يشتغل به اللبيب العاقل في هذا الزمان الصعب- بسبب كثرة البدع وقلة من يتصدى للرد عليها- هو السعي لإنقاذ مهجته من الخلود في النار، ولا يكون ذلك إلا بإتقان عقائد التوحيد على الوجه الذي قرره علماء أهل السنة. وتحت تأثير هذا الدافع، وضع بفضل الله تعالى عقيدة صغيرة الجرم كثيرة العلم محتوية على جميع عقائد التوحيد ثم أيدها بالبراهين القاطعة القريبة إلى كل نظر سديد، ثم ختم هذه العقيدة بشرح كلمتي الشهادة التي لا غنى المكلف عن معرفتها، ثم ها هو ذا في هذا الكتاب يمد القارئ بشرح مختصر لهذه العقيدة يكمل المقصود بتوضيح ما خفي منها(9).
ب- كتاب العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية: عبارة عن دروس في العقيدة الإسلامّية ألقاها ابن باديس على تلامذته في الجامع الأخضر بقسنطينة ونشرها من إملائه تلميذه محمد الصالح رمضان وعلّق عليها، وقدّمها بقلم الشيخ محمّد البشير الإبراهيمي. قال محمّد الصالح رمضان "تلقيت هذه الدّروس إملاء عن أستاذنا مباشرة في حلق دراسيّة مسجدية بالجامع الأخضر بقسنطينة في الفترة ما بين 16 رجب1353 هـ و 25صفر 1354 هـ الموافقة لأكتوبر 34 وماي 35 من السنة الميلادّية أي في ثمانية أشهر بنسبة حصّة واحدة في الأسبوع، لا تتجاوز الثلاثين دقيقة وسط جمع من الطلاب يقارب أحيانا المائة "(10).
4- محتوى الكتابين :
أ- محتاوى كتاب شارح أم البراهين : مدخل ، مقدمة المؤلف، الحكم العقلي ، أقسام الحكم العقلي، التقليد، الواجب في حقه تعالى، المستحيل في حقه تعالى، الجائز في حقه تعالى .البراهين: برهان وجوب الوجود، برهان وجوب القدم، برهان وجوب المخالفة للحوادث، برهان وجوب قيامه تعالى بنفسه، برهان وجوب الوحدانية، برهان وجوب صفات المعاني لله تعالى، برهان وجوب السمع، برهان الجائز في حقه تعالى الرسالة والرسل :برهان وجوب صدق الرسل، برهان وجوب كمالهم، دليل جواز الأعراض البشرية في حقهم.
شرح كلمة التوحيد، الخاتمة .
ب- محتوى كتاب العقائد الإسلامية: وقعد تضمن فهرس الموضوعات بعد حذف التقديم: قواعد الإسلام، بيان معنى الإسلام، بيان معنى الإيمان، تحصيل ممّا تقدّم، بيان معنى الإحسان، عقائد الإيمان، الإيمان بالقدر، الإيمان بالملائكة عليهم السلام، الإيمان بكتب الله تعالى، عقائد الإيمان بالرّسل عليهم الصّلاة والسلام، ختم الرّسالة وعمومها، عقائد الإيمان باليوم الآخر.
نظعرا لأهيمة ما جاء في الكتابين فضلت بيان أوجه التشعابه والاختلاف من خلال ثلاث مباحث أساسية وهي: أولا: النظر والتقليد. ثانيا: الصفات . ثالثا: القدرة والاختيار.
أولا: النظر والتقليد :
أ- كتاب شرح أم البراهين : بعد ذكر أقسام الحكم العقلي، أفرد السنوسي مبحثا للتقليد جاء فيه :
ويجب على كل مكلف شرعا أن يعرف ما يجب في حق مولانا جل وعز وما يستحيل وما يجوز، وكذا يجب عليه أن يعرف مثل ذاك في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام .وقال في الشرح: والمقصود أو المطلوب في عقائد الايمان المعرفة وهي الجزم المطابق عن دليل، ولا يكفي فيه التقليد وهو الجزم المطابق في عقائد الإيمان بلا دليل (11).
ثم انتقل إلى ذكر حكم المقلد عند العلماء فقال: وإلى وجوب المعرفة وعدم الاكتفاء بالتقليد، ذهب جمهور أهل العلم كالشيخ الأشعري والقاضي أبي بكر الباقلاني وإمام الحرمين وحكاه ابن القصار عن مالك أيضا، ثم اختلف الجمهور القائلون بوجوب المعرفة، فقال بعضهم: المقلد مؤمن إلا أنه عاص بترك المعرفة التي ينتجها النظر الصحيح، وقال بعضهم، أنه مؤمن ولا يعصي إلا اذا كانت فيه أهليعة لفهم النظر الصحيح، وقال بعضهم : المقلد ليس بمؤمن أصلا وقد أنكره بعضهم (12).
ثم ذكر رأيه في المسألة: والحق الذي يدل عليه الكتاب والسنة وجوب النظر الصحيح مع التردد في كونه شرطا في صحة الإيمان أم لا (13) .وجاء في حاشية الدسوقي: أي فيكون واجبا وجوب الأصول أو لا فيكون واجبا وجوب الفروع،) والراجح أنه شرط)(14) يعني في صحة الإيمان أنه نّعنى أنه لا يوجد إيمان ولا يتحقق إلا اذا نشأ عن نظر وأما إذا نشأ عن تقليد فلا يحصل الإيمان ويحصل الخلود في النار، قال الدسوقي :أن هذا خلاف الراجح، وأن الراجح أن النظر واجب وجوب الفروع في حق من فيه أهلية النظر وحينأعذ المقلد الذي فيه أهلية النظر مؤمن عاص فقط وإن٬ أنه منج له من الخلود في النار .وأما أن كان ليس فيه أهلية للنظر فهو مؤمن غير عاص. (15)
ثم سرد السنوسي رأي ابن العربي في مسألة التقليد وهي أن المعرفة واجبة وأن النظر الموصل إليها واجب وجوب المعرفة حسب قاعدة الأصوليين: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، واستفيد منه عدم إيمان المقلد(16). وبعد أن أورد جواب ابن عربي على هذه المسألة قال: هذا كلام ابن العربي وهو حسن وقد استشكل القول بأن المقلد ليس مؤمن لأنه يلزم عليه تكفير أكثر عوام المؤمنين وهم معظم هذه الأمة وذلك مما يقدح فيما علم أن سيدنا ونبينا ومولانا محمدا صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء اتباعا وورد أن أمته المشرفة هي ثلثا أهل الجنة (17).
وبعد هذا التعليق ذكر رأيه في المسألة بكل وضوح فقال: وأجيب: بأن المراد بالدليل الذي تجب معرفته على جميع المكلفين هو الدليل الجملي الذي يحصل في الجملة للمكلف العلم والطمأنينة بعقائد الإيمان بحيث لا يقولى قلبه فيها: لا أدري سمعت الناس يقولون شيأ فقلته، ولا يشترط معرفة النظر على طريق المتكلمين من تحرير الأدلة، وترتيبها ودفع الشبه الواردة عليها، ولا القدرة على التعببير عما حصل في القلب من الدليل الجملي الذي حصلت به الطمأنينة ولا شك أن النظر على هذا الوجه غير بعيد حصوله لمعظم الأمة..(18) وهذا يعني أن معرفة العقائد واجبة وأن التقليد لا يكفي، وأن المطلوب في النظر لعامة المسلمين هو الدليل الإجمالي ولا يشترط النظر على طريقة المتكلمين من تحرير البراهين.
ب- كتاب العقائد الإسلامية: جعل ابن باديس أوّل واجب على المكلّف هو النّطق بكلمتي الشهادة وفهم معنانها مع التّصديق التّام والاعتقاد الجازم. ولم يشترط النظر والاستدلال العقلي لصحّة الإيمان حيث أوضحت المسألة العاشرة من قواعد الإسلام أن حصول اليقين بإخبار الرّسول كاف في الإيمان(19).
وفي حكم النظر وطريقته يقول ابن باديس: "يجب على المؤمن مع تصديقه وجزمه أن ينظر في آيات الله ويستعمل عقله للفهم، كما يجب عليه جميع الواجبات في الإسلام"(20). واستدل بقوله تعالى: «قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ» يونس: 101 ، وقوله تعالى:«فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ» عبس: 24، وقوله تعالى: «فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ» الطارق: 5، وقوله تعالى: « أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ، وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ» الغاشية 17-20، فالملاحظ كما جاء في هذه الآيات أنّ النظر المطلوب هو النظر في مخلوقعات الله تعالى من عالم الحس والشهادة، وهذا النّظر في إمكان كلّ إنسان صحيح العقل والحواس، يوصله إلى تعميق الفهم لكلمي التوحيد والإيمان، ومنطلق هذا النظر كما هو ملاحظ هي آيات القرآن التي دعت إليه، وهذا ما نجده في المسألة الثانية عشر فقد حدّدت أنّ النظر الواجب على المكلّف هو النظر على الطريقة التي جاء بها القرآن كما في الآيات المتقدمة(21). وليس على طريقة المتكلمين حيث التركيز على البراهين العقلية.
وقد استدل ابن باديس على هذا الرأي بقوله تعالى: «وإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ» التوبة 6، ووجه الدّلالة من هذه الآية، أنّ الله أمر رسوله أن يجير من طلب جواره من المشركين حتى يسمع كلام الله منه صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم هو بالخيار إن شاء أسلم(22). والذي يستفاد من هذه المسألة أنّ المطلوب هو النّظر في آيات الله الكونيّة والسّمعيّة بطريقة القرآن الكريم، ولا يشترطه ابن باديس لصّحة الإيمان وإنما لكماله.
كما أرشد إلى كيفية إزالة الشبهة فقال: "من عرضت له شبهة وجب أن يبادر إلى إزالتها بالنظر بنفسه، أو بسؤال غيره من أهل العلم"(23). وهذا أمر من شأنه أن نحافظ على سلامة الإيمان وصحة العقيدة بأحسن السبل التي تنير القلب وتبصره بالحق والصّواب وهو العلم. وكانت الأدلة التي استدل بها ابن باديس هي قوله تعالى: « وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» النحل 43.
ثانيا: الصفات :
أ- في شرح أم الباراهين :مبحث الصفات عند السنوسي هو الأوسع فقد أوجب لله تعالى عشرين صفة:
صفة الوجود وهي نفسية راجعة للذات، وخمس صفات سلبية مدلول كل واحدة منها عدم أمر لا يليق مولانا جل وعز وهي :القدم والبقاء ومخالفته تعالى للحوادث وقيامه تعالى بنفسه والوحدانية أي لا ثاني له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله .وهي في حقه تعالى على ثلاثة أوجه :أحدها نفي الكثرة في ذاته تعال وتسمى الكم المتصل .الثاني: نفي النظير لو تعالى في ذاته أو صفة من صعفاته ويسعى الكم المنفصل .الثالث انفراده تعالى بالايجاد والتدبير العام بلا واسطة ولا معالجة، فلا مؤثر سواه تعالى في أثر ما عموما قال جل من قائل: «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» القمر 49، وقال تبارك وتعالى: »وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ« الصافات 96"(24)
وسبع صفات تسمى صفات المعاني وهي كل صفة موجودة في نفسها وهي القدرة والإرادة المتعلقتان بجميع الممكنات، والعلم المتعلق بجميع الواجبات والجائزات والمستحيلات، والحياة وهي لا تتعلق بشيء، والسمع والبصر المتعلقان جميع الموجودات، والكلام الذي ليس بحرف ولا صوت ويتعلق بما يتعلق به العلم من المتعلقات وكلام الله تعالى القائم بذاته هو صفة أزلية...وكنه هذه الصعفة وسائر صفاته محجوب عن العقل كذاته جل وعز(25).
ثم سبع صفات معنوية ملازمة للسبع الأولى، لأن الاتصاف بها فرع الاتصاف بالسبع الأولى وهي صفات ثابتة قائمة بذاته تعالى: وهي كونه قادرا ومريدا وعالما وحيا وسميعا وبصيرا ومتكلما(26).
أما المستحيل على الله تعالى فهي أيضا عشرون صفة وهي أضداد العشرين الأولى مثل العدم والحدث وطروء العدم والعجز وعدم الإرادة والجهل والموت والصمم والعماء والبكم وغيرها(27)..
أما الجائز في حقه تعالى من الصفات ففعل كل ممكن أو تركه فيدخل في ذلك الثواب والعقاب وبعث الأنبياء والصلاح والأصلح للخلق لا يجب عليه شيء من ذلك تبارك وتعالى ولا يستحيل، إذ لو وجب عليه تعالى فعل الصلاح والأصلح كما تقولو المعتزلة لما وقعت محنة دنيا وأخرى، ولما وقع تكليف بأمر ولا نهي، وذلك باطل بالمشاهدة ...(28)
ثم انتقل بعد ذلك إلى تأييد هذه العقائد بالبراهين العقلية أو الأقيسة البرهانية المعروفة في المنطق .مثل برهان وجوب الوجود فقال: "وأما برهان وجوده تعالى فحدوث العالم لأنه لو لم يكن له حدث بل حدث بنفسه لزم أن يكون أحد الأمرين المتساويين مساويا لصاحبه راجحا عليه بلا سبب وهو محال"(29). ومثل برهان الوحدانية فقال: "وأما برهان وجوب الوحدانية لو تعالى فلأنه لو لم يكن واحدا لزم ألا يوجد شيء من العالم للزوم عجزه حينئذ"(30). وأما برهان وجوب السمع له تعالى والبصر والكلام فالكتاب والسنة و الإجماع وأيضا لو لم يتصف بها لزم أن يتصف بأضدادها وهي نقائص والنقص عليه محال(31).
والملاحظ أن السنوسي لم يتحدث عن صفات الفعل أو الصفات الخبرية وإنما ذكر في شرحه لكلمة التوحيد أن التمسك في أصول العقائد بمجرد ظواىر الكتاب والسنة من غير بصيرة في العقل هو أصل ضلالة الحشوية فقالوا بالتشبيه والتجسيم والجهة عملا بظاهر قوله تعالى: «أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ» الملك 16، ونحو ذلك قال تعالى: « هُوَ الَّذِي اَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ اُمُّ الْكِتَابِ وَاُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَاَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَهِ وَابْتِغَاءَ تَاْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَاْوِيلَهُ اِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ امَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ اِلَّا اُولُو الْاَلْبَابِ» آل عمران 7"(32).
ب-في كتاب العقائد الإسلامية: وردت الصفات في عقائد الإيمان في عشرين مسألة. وتضمنت وجود الله تعالى فـ: "هو الموجود الحق لذاته، الذي لا يقبل وجوده العدم، فهو القديم الذي لا بداية لوجوده وهو الباقي الذي لا نهاية لوجوده"(33). وسبق وجود الله تعالى لكلّ وجود فهو " الموجود الذي سبق وجوده كلّ وجود فكان تعالى وحده ولا شيء معه، ثم خلق ما شاء من مخلوقاته"(34). واستدل ابن باديس بقوله تعالى: « هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » الحديد 3، و« الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا» الفرقان 2، و« إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ» يونس 3، و« قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» فصلت 9-12.
ثم غنى الله تعالى وحاجة المخلوقات إليه: "فهو الغني بذاته عن جميع الموجودات وهي المفتقرة كلّها ابتداء ودواما إليه"(35). وذلك لقوله تعالى: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ» فاطر 15-17، «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» المائدة 17، « قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ» يونس 31-32، « قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» الأنعام 14، والصّفات التي ذكرها ابن باديس هي الصّفات السلبية .
أما المسألة الرابعة: فهي تظهر عقيدة ابن باديس في الصّفات الإلهية وهي عقيدة الإثبات والتنزيه إذ قال: "نثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه على لسان رسوله من ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله، وننتهي عند ذلك ولا نزيد عليه وننزهه في ذلك عن مماثلة أو مشابهة شيء من مخلوقاته، ونثبت الاستواء والنّزول ونحوهما ونؤمن بحقيقتهما على ما يليق به تعالى بلا كيف، وبأنّ ظاهرىا المتعارف في حقّنا غير مراد"(36). وأنشد :
فنحن معشر فريق السنّة * السّالكنٌ في طريق الجنة
نقـــول بالإثبــات والتنزيــه * من غير تعطيل ولا تشبيه
وزاد عليهما معلّقا فقال: المعطّلون هم الذين ينفون الصّفات والمشبهون الذين يشبهونها بصفات المخلوقات وكلاهما على ضلال، أمّا السنيون: فهم الذين يثبتونها له تعالى وينزهونها عن التشبيه بالمخلوقات، والتعطيل تعطيل اللفظ عن دلالة معناه الحقيقي أو الخروج به إلى معنى آخر، والتشبيه تشبيه الله بمخلوقاته، فنحن نثبت لله ما أثبته لنفسه من أقوال أو أفعال أو صفات، ولا نشبه في شيء من ذلك بالمخلوقات، ولا غرابة في إثبات شيء مع عدم تكييفه في الإنسان، يثبت أنّ بين جنبيه نفسا ولكن لا يستطيع تكييفها كذلك نثبت صفات الله بلا كيف.
المسألة الخامسة: في بيان عجز العقل عن إدراك حقيقة الذات الإلهية وصفاتها وتعتبر من قواعد العلماء في الصّفات وجاء فيها: "ولا تحيط العقول بذاته ولا بصفاته ولا بأسمائه"(37). واسعتدل بقوله تعالى: «اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ » البقرة 255، وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "اللّهم إنيّ عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني وذهاب همّي وغمّي"(38).
ثم ذكر صفة الحياة لله تعالى(39) واستدل بقوله تعالى: « » طه 11، و« » الفرقان 57.
ثم ذكر صفة قدرة الله تعالى على إيجاد كلّ ممكن وإعدامه(40). واستدل بقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » البقرة 20، و« وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا» الكهف 45، و«إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا» فاطر 44، ثم ذكر صفة الإرادة والمشيئة المطلقة في جميع الممكنات فيخصص تعالى ما شاء بما شاء(41). وذكر صفة العلم الذي تنكشف له تعالى جميع المعلومات من الواجبات والجائرات والمستحيلات، فيعلمها على ما هي عليه من الحالات، وتستوي عنده الجليات والحفيات(42).
ثم أثبت صفي السّمع والبصر، السّمع الذي تنكشف به جميع المسموعات والبصر الذي تنكشف به جميع المبصرات(43). وأثبت أنّ من صفاته تعالى الكلام الذي يدل على جميع المعلومات(44). واستدل بقوله تعالى: «وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا» النساء 164، وذكر بعد صفة الكلام "ونثبت الاستواء والنّزول ونحوها ونؤمن بحقيقتهما على ما يليق به تعالى بلا كيف وبأنّ ظاهرها المتعارف في حقّنا غير مراد"(45).
ثم ذكر صفة الوحدانية الله تعالى: "هو الواحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فلا ثاني له ولا نظير له ولا شريك له في ذاته، ولا ثاني له ولا نظير له ولا شريك لو في أسمائه ولا ثاني له ولا نظير له ولا شريك له في صفاته، ولا ثاني له ولا نظير له ولا شريك له في أفعاله"(46)، واستدل بقوله تعالى: «لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ» الأنبياء 22، و«مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ» المؤمنون 91، و«هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» فاطر 3، و« رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا» مريم 65، و« فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» الشورى 11، و« قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ» الإخلاص 1-4.
وما نلاحظو أنّ ابن باديس ذكر صفات المعاني السّبع ولم يذكر الصّفات المعنوية التي تقول بها الأشاعرة ، وإنما ذكر الصّفات الخبريّة وأثبتها على مذهب السّلف خلافا للأشاعرة، كما أنه لم يذكر شيأ من براهين المتكلمين العقلية .
ثالثا: القدرة والاختيار :
أ- في شرح أم البراهين: في شرح برهان وجوب الوحدانية لله تعالى في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله يذهب السنوسي إلى ما ذهب إليه الأشعري من أن القدرة الحادثة لا توجد شيئا ويؤكد أنه: "لا أثر لقدرتنا في شيء من أفعالنا الاختيارية كحركاتنا وسكناتنا وقيامنا وقعودنا ومشينا ونحوها، لأن جميع ذلك مخلوق لمولانا جل وعلا بلا واسطة. وقدرتنا أيضا مثل ذلك عرض مخلوق لمولانا جل وعز، تقارن تلك الأفعال وتتعلق بها، من غير تأثير لها في شيء من ذلك أصلا"(47). ويرى بأنه لا تأثير للأسباب في مسبباتها مطلقا وإنما هو مجرد اقتران عادي ولا خالق إلا الله تعالى ويقول: "و إنما أجرى الله تعالى العادة أن يخلق عند تلك القدرة لا بها ما شاء من الأفعال، وجعل سبحانه بمحض اختياره وجود تلك القدرة فينا مقترنة بتلك الأفعال شرطا في التكليف"(48).
وعلى أساس هذا المفهوم يعرض نظرية الكسب الأشعرية "وهي أن أفعال العباد مخلوقة لله وليس للإنسان فيها غير اكتسابها أي... الكسب هو تعلق قدرة العبد وإرادته بالفعل المقدور المحدث من الله على الحقيقة"(49).
فيقول: " وهذا الاقتران والتعلق لهذه القدرة بتلك الأفعال من غير تأثير لها أصلا، هو المسمى في الاصطلاح وفي الشرع بالكسب والاكتساب وبحسبه تضاف الأفعال إلى العبد، كقوله تعالى: «لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ» البقرة 286، أما الاختراع و الإيجاد فهو من خواص مولانا جل وعز، لا يشاركه فيها شيء سواه، تبارك وتعالى، ويسمى العبد عند خلق الله تعالى فيه القدرة المقارنة للفعل مختارا، وعندما يخلق الله تعالى فيه الفعل مجردا عن مقارنة تلك القدرة الحادثة مجبورا، ومضطرا كالمرتعش مثلا"(50).
ثم أخذ في بيان الفرق بين الاختيار والجبر وهو التيسير وعدم التيسير فعلامة مقارنة القدرة الحادثة لما يوجد في محلها، تيسره فعلا وتركا، وعلامة الجبر وعدم تلك القدرة عدم اليسر، وإدراك الفرق بين هاتين الحالتين ضروري لكل عاقل، كما أن الشرع جاء بإثبات الحالتين وتفضل بإسقاط التكليف في الحالة الثانية وهي حالة الجبر دون الأولى، قال تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» البقرة 286، أي إلا ما في وسعها بحسب العادة وأما بحيث العقل وما في نفس الأمر فليس في وسعها أي طاقتها اختراع شيء ما.(51)
ثم أخذ يرد على المذاهب المخالفة وهي الجبرية والمعتزلة فقال: "وبهذا تعرف بطلان مذهب الجبرية القائلين باستواء الأفعال كلها وأنه لا قدرة تقارن شيئا منها عموما، ولا شك أنهم في هذه الحالة مبتدعة بله، يكذبهم الشرع والعقل، وبطلان مذهب القدرية ..القائلين بتأثير تلك القدرة الحادثة في الأفعال على حسب إرادة العبد ولا شك أنهم مبتدعة، أشركوا مع الله تعالى غيره"(52).
وعاد إلى بيان المذهب الأشعري في هذه المسألة بذكر الأمثلة فقال: "وكما أن هذه القدرة الحادثة لا أثر لها أصلا في شيء من الأفعال، كذلك لا أثر للنار في شيء من الاحتراق أو الطبخ أو التسخنٌ أو غير ذلك لا بطبعها ولا بقوة وضعت فيها، بل الله تعالى أجرى العادة في اختيار منه جل وعز بإيجاد تلك الأمور عندها لا بها، وقس على هذا ما يوجد من القطع عند السكين والألم عند الجرح والشبع عند الطعام... وبالجملة فلتعلم أن الكائنات كلها يستحيل منها الاختراع لأثر ما بل جميعها مخلوق لمولانا جل وعز ابتداء ودواما بلا واسطة أصلا بهذا شهد البرهان العقلي ودل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح قبل ظهور البدع(53).
وأما البرهان العقلي على عدم تأثير القدرة الحادثة فهو: "ألا تأثير لشيء من الكائنات في أثر ما وإلا لزم أن يستغني ذلك الأثر عن مولانا جل وعز، كيف وهو الذي يفتقر إليه كل ما سواه، هذا إن قدرت أن شيئا من الكائنات يؤثر بطبعه وأما إن قدرت أن شيئا من الكائنات يؤثر بقوة جلها الله تعالى فيه كما يزعمه كثير من الجهلة فذلك محال أيضا لأنه يصير حينئذ مولانا جل وعز مفتقرا في إيجاد بعض الأفعال إلى واسطة وذلك باطل لما عرفت قبل من وجوب استغنائه جل وعز عن كل ما سواه"(54).
وكانت النتيجة التي وصل إليها السنوسي هي انٜكم ببطلان مذهب القدرية القائلين بتأثير القدرة الحادثة في الأفعال مباشرة أو تولدا، وببطلان مذهب الفلاسفة القائلين بتأثير الأفلاك والعلل وببطلان مذهب الطبائعيين القائلين بتأثير الطبائع والأمزجة ونحوها...(55)
وقد ذكر الدسوقي على شرح السنوسي أن العقلاء على أربعة أقسام :فيهم من اعتقد أن الأسباب العادية تؤثر في مسبباتها بطبعها وذاتها والتلازم بينها عقلي وهذا كافر إجماعا، ومنهم من اعتقد أن الأسباب العادية تؤثر في مسبباتها بقوة أودعها الله فيها والتلازم بينهما عادي وهذا في كفره قولان، والصحيح عدم كفره، ومن هذا يعلم عدم كفر المعتزلة لأنهم يقولون إن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية بقوة أودعها الله فيه وهي القدرة الحادثة التي خلقها الله فيه، ومنهم من يعتقد أن المؤثر في المسببات العادية كالإحراق والعري والشبع هو الله وحده إلا أنه يعتقد أن الملازمة بين الأسباب والمسببات عقلية لا يمكن تخلفها فمتى وجدت النار وجد الإحراق ومتى وجد الأكل وجد الشبع وهذا غير كافر إجماعا إلا أن هذا الاعتقاد جهل ..ومنهم من يعتقد أن المؤثر في المسببات العادية هو الله وحده وأن الملازمة والمقارنة بين الأسباب والمسببات عادي يمكن تخلفه بأن يوجد السبب دون المسبب وهذا الاعتقاد هو المنجي عند الله وهو اعتقاد أهل السنة(56).
ب- في كتاب العقائد الإسلامية: في إبطال الاحتجاج بالقدر أثبت ابن باديس القدرة وحرّية الاختيار وهي قدرة حقيقية يشعر بها الإنسان بالبداىة أثناء قيامه بأفعال أو تركه لها فقال: "لا يحتج بالقدر في الذّنوب، لأنّ حجّة الله قائمة على الخلق بالتمكّن والاختيار والدّلالة الفطريّة والدلالة الشرعيّة"(57). واستدل بقوله تعالى: «وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَٰنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ» الزخرف 20، فبهذه القدرة على الفعل والترك والاختيار بين الممكنات، كان الإنسان عند الله تعالى مكلّفا وعلى أساسها يتحمل المسؤولية ويجازى على أفعاله.
وبهذا نجد ابن باديس يوافق أهل السنّة والجماعة في إثبات قدرتنين للعبد، قدرة الأهلية تكون قبل الفعل وهي مناط التكليف وقدرة التنفيذ وهي التي تكون مع الفعل. ويخالف الخبرية الذين ينفون القدرة، ويخالف الأشاعرة الذين لا يثبتون للعبد إلا قدرة مع الفعل أو عند القيام به أمّا قبل الفعل (الطاعة والمعصية) فهم يقولون إنّ العبد غير قادر عليها(58). ومن ذلك قولهم بعجز الكافر عن الإيمان وقد صرّح بذلك الأشعري في مجادلاته إذ قال: "يقال لهم: فإذا كان الكافرون قادرين على الإيمان، فما أنكرتم من أن يكونوا موفّقين للإيمان، ولو كانوا موفّقين مسدّدين لكانوا ممددوحين، وإذ لم يجز ذلك لم يجز أن يكونوا على الإيمان بقادرين، ووجب أن يكون الله تعالى اختص بالقدرة على الإيمان للمؤمنين"(59).
وفي بيان مقتضيات توحيد الربوبية أثبت ابن باديس أنّ العبد لا يخلق أفعاله فقال: "ومن توحيده تعالى في ربوبيته، اعتقاد أنّ العبد لا يخلق أفعال نفسه، فهو ما لم يخلق ذاته ولم يخلق صفات ذاته كذلك لم يخلق أفعاله، غير أنّ له مباشرة لأفعاله باختياره، فبذلك كانت أعمالا له وكان مسئولا عنها ومجازى عليها وتلك المباشرة هي كسبه واكتسابه، فيسمّى العبد كاسبا ومكتسبا ولا يسمّى خالقا"(60).
و في هذا الكلام مخالفة صريحة للمعتزلة وموافقة لأهل السنّة واعتقاد السّلف في أفعال العباد في قوله: "فيسمّى العبد عاملا وكاسبا ومكتسبا ولا يسمّى خالقا " فهل يوافق ابن باديس الأشعري في قوله بالكسب؟
إن الأشعري في الإبانة يؤكد أنّ "أعمال العباد مخلوقة لله مقدورة كما قال سبحانه: «وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ» الصافات 96، وأن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئا وهم يخلقون، كما قال: «هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» فاطر 3، والأشعري يرى أنّ القدرة الحادثة لا توجد شيئا وينفي تأثيرها "بل الله تعالى يخلق الفعل بقدرته ويخلق للعبد قدرة متعلّقة بفعله ومقارنة في حدوثها لحدوثه، غير متقدمة عليه ولا مؤثرة فيه البتة"(62). فالكسب الذي يقول به الأشعري هو اختيار مجازي لا تأثير له بينما أثبت ابن باديس للعبد اختيارا حقيقيا يؤثر ولا يخرج به عن مشيئة الله تعالى(63).
وإثبات هذا الاختيار الحقيقي نجده في قوله: "ومن توحيده تعالى في ربوبيته : اعتقاد أنّ العبد لا يخرج في جميع تصّرفاته عن مشيئة الله، غير أنّ له اختيارا له يجده بالضّرورة من نفسه، ومشيئة يجدها كذلك فيما يمكنه من أفعاله كان بها مكلّفا، ثم هو لا يخرج بها عن مشيئة الله"(64).
وعلى هذا يتبين أنّ الأشعري وافق أهل السنة والجماعة في القول بأنّ الله خالق أفعال العباد، وخالفهم في القول بعدم تأثير قدرة العبد الحادثة في الفعل إذ لا يوجد عنده تأثير للأسباب في مسبباتها مطلقا، في حين يعتقد أهل السنة والجماعة بأنّ المسببات تحدث بالأسباب مع القول بأنّ الأسباب والمسببات مخلوقة لله تعالى وربطها بمشيئة الله وقدرته(65).
5- أهم الملاحظات ونتائج الدراسة:
بعد هذه الدراسة، يمكن تسجيل هذه الاستنتاجات:
كتاب السنوسي وكتاب ابن باديس كلاهما كتاب مدرسي تعليمي. لقد شعر السنوسي بالحاجة إلى تبسيط المعلومات العقائدية على طلبة العلم بعد أن كلت العزائم، فوضع المتن لسهولة حفظه ثم الشرح لتقريبه إلى الأذهان. وكان هدف السنوسي خدمة العقيدة من خلال نصرة المذهب الأشعري. بينما كان هدف ابن باديس تجديد العقيدة في إطار مشروع إصلاحي واسع وكان التجديد عنده يقتضي الرجوع إلى مصادر العقيدة الإسلامية وهي القرآن والسنة.
منهج الاستدلال على العقائد عند ابن باديس يقوم على الرجوع إلى القرآن والسنة،بينما يستدل السنوسي بالبراهين العقلية على طريقة المتكلمين، لهذا ظهرت مرجعية السنوسي أشعرية واضحة ومرجعية ابن باديس سلفية واضحة .
خلو كتاب ابن باديس من أقوال العلماء والفلاسفة وأصحاب الفرق وتجنب الرد عليهم .بينما اهتم السنوسي بالرد على الفلاسفة و المعتزلة والحٜشوية والجبرية والطبائعيين وعبدة الأوثان وغيرهم مع ذكر بعض الإسرائليات .
من حيث الأسلوب: أسلوب ابن باديس سهل ومحبب وواضح من بداية الكتاب إلى نهايته وقد وجدنا ابن باديس يحدّد المعنى اللّغوي للموضوع العقدي ثم يضبط المعنى الشّرعي مستدلا بالآيات والأحاديث الصّحيحة، وهو يلمّ بجميع أطراف الموضوع بطريقة هي أشبه بطريقة التّفسير الموضوعي. وهو يجيد الاستشهاد بالآيات من حيث اختيار الآيات المناسبة ومن حيث إحاطتها بالموضوع الذي يتحدث عنه ومن حيث الاستدلال بها على كل ما يقوله في العقائد بشكل مختصر ودقيق.
بينما أسلوب السنوسي كلامي جاف. والملاحظ أنه في شرح كلمة التوحيد كرر ما سبق ذكره من الصفات الواجبة والصفات التي تنزه الخالق عن النقائص، ولكنه عندما وصل إلى حكمها وفضلها وفوائدها تغير منهجه إذ أصبح يستشهد بالأحاديث والروايات، وتغير أسلوبه إلى السهولة وأصبحت لغته بليغة في مواضع مخصوصة هي ذكر الله بالمحامد والحديث عن الآخرة ونعيمها والحديث عن الإيمان حديث واعظ لا حديث متكلم .
ويمكن أن نخلص إلى القول بأن ابن باديس قد أحيى بمنهجه في كتابه العقائد الطريقة السّلفية التي تعتمد على الكتاب والسنة، مراعيا أحوال المخاطبين وحاجة المسلمين، ومتجنبا طرق المتكلمين، محررا مسائل الاعتقاد بأسلوب متين يخلو من التعقيد، وبلغة واضحة سليمة بينما ساهم السنوسي في تكريس المذهب الأشعري في التدريس.
الهوامش:
1- محمود بوعياد، جوانب من الحياة في المغرب الأوسط في القرن التاسع الهجري (15 م)، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، الجزائر ، 1912 م ، دط ، ص 48.
2- محمود بوعياد، جوانب من الحياة في المغرب الأوسط ، ص48.
3- محمود بوعياد، المرجع نفسه، ص 49
4- أبو عبد الله السنوسي ، شرح ام البراهين في علم الكلام ، تحقيق وتعليق مصطفى محمد الغماري ،المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر ، 1989 م ، ص 6
5- تركي رابح، الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد الإصلاح الإسلامي والتربيّة في الجزائر، ص 126-127.
6- محمود بوعياد ، جوانب من الحياة في المغرب الأوسط ، ص7-8.
7- عمار جيدل، التأليف في درس العقيدة في الجزائر خلال الفترة الممتدة من القرن السابع الى القرن التاسع الهجري -المدرسة السنية نموذجا- مجلة الدراسات العقدية ومقارنة الأديان، عدد خاص بأعمال الملتقى الدولي الأول حول الفكر العقدي عند علماء الجزائر، أيام 19-. 21 أفريل 2005 م،ع2، ربيع الأول 1426 هـ/أفريل 2005 م، ص244.
8- عبد الحميد بن باديس، العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، رواية وتعليق محمد الصالح رمضان، مكتبة الشركة الجزائريّة مرازقة بوداود وشركاؤهما، الجزائر، ط2، دون تاريخ، ص 19- 18.
9- محمد الدسوقي، حاشية محمد الدسوقي على شرح أم البراهين مؤلفها محمد السنوسي، وبهامشها الشرح المذكور، دار الطباعة بمصر ، 1290 هـ ، ص17.26-23 -22-
10- عبد الحميد بن باديس، العقائد الإسلاميّة من الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة، ص 13
11- أبو عبد الله السنوسي، شرح أم البراهين في علم الكلام ، ص25.
12- أبو عبد الله السنوسي، شرح أم البراهين في علم الكلام ، ص25.
13- أبو عبد الله السنوسي، المصدر نفسه، ص25.
14- محمد الدسوقي، حاشية محمد الدسوقي على شرح أم البراهين، ص66. هذه العبارة سقطت في شرح أم البراهين ومثبتة في حاشية الدسوقي.
15- محمد الدسوقي، المرجع نفسه، ص67.
16- أبو عبد الله السنوسي، شرح أم البراهين في علم الكلام ، ص25.
17- المصدر نفسه، ص26.
18- المصدر نفسه، ص27.
19- عبد الحميد بن باديس، العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ص38.
20- المصدر نفسه، ص38.
21- المصدر نفسه، ص39.
22- أبو بكر جابر الجزائري، أيسر التفاسير لكلام العليّ الكبير، مج 1، دار الفكر للطباعة والنشر، ط3، 1419 هـ-1998 م، ص 536-537.
23- عبد الحميد بن باديس، العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ص40.
24- أبو عبد الله السنوسي، شرح أم البراهين في علم الكلام ، ص33.
25- المصدر نفسه، ص34-37-38.
26- المصدر نفسه، ص39.
27- المصدر نفسه، ص40-48.
28- أبو عبد الله السنوسي، شرح أم البراهين في علم الكلام ، ص49.
29- المصدر نفسه، ص49.
30- المصدر نفسه، ص53.
31- المصدر نفسه، ص56.
32- المصدر نفسه، ص78.
33- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص68.
34- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص70.
35- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص72.
36- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص74.
37- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص76.
38- أحمد بن حنبل، مسند أحمد بن حنبل، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط1، 1416 هـ-1996 م، مج6، ص246-247.
39- عبد الحميد بن باديس، العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ص77.
40- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص77.
41- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص77.
42- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص78.
43- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص78.
44- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص79.
45- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص79.
46- عبد الحميد بن باديس، المصدر نفسه، ص79.
47- أبو عبد الله السنوسي، شرح أم البراهين في علم الكلام ، ص53.
48- أبو عبد الله السنوسي، شرح أم البراهين في علم الكلام ، ص53.
49- عبد الرحمن بدوي، مذاهب الإسلاميين، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، 1997 م، ص555.
50- أبو عبد الله السنوسي، شرح أم البراهين في علم الكلام ، ص53-54.
51- أبو عبد الله السنوسي، المصدر نفسه، ص54.
52- أبو عبد الله السنوسي، المصدر نفسه، ص54.
53- أبو عبد الله السنوسي، المصدر نفسه، ص54.
54- أبو عبد الله السنوسي، المصدر نفسه، ص76.
55- أبو عبد الله السنوسي، المصدر نفسه، ص76.
56- محمد الدسوقي، حاشية محمد الدسوقي على شرح أم البراهين، ص47.
57- عبد الحميد بن باديس، العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ص95-96.
58- أبو عبد الله محمد حاج عيسى الجزائري، عقيدة ابن باديس السلفية وبيان موقفه من الأشعرية، ص51.
59- الأشعري، الإبانة عن أصول الديانة، دار القادري للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط1، 1414هـ-1991 م، ص138.
60- عبد الحميد بن باديس، العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ص86-87.
61- الأشعري، الإبانة عن أصول الديانة، ص26.
62- رزق الحجر، ابن الوزير اليمني ومهناجه الكلامي، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر، د ط، د ت، ص354.
63- أبو عبد الله محمد حاج عيسى الجزائري، عقيدة الإمام عبد الحميد بن باديس (1359 هـ) السلفية وبيان موقفه من الأشعرية، عبد المعز محمد علي فركوس، ط1، دار الغمام مالك، الجزائر، ط1، 1424 هـ-2003 م، ص51.
64- عبد الحميد بن باديس، العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ص87.
65- أبو إبراهيم الرئيس، شبكة أنا المسلم للحوار الإسلامي، نظرية الكسب عند الاشاعرة ونقضها، 2002 م.
أنيسة زغدود/ جامعة الحاج لخضر باتنة