تفسير أبي بكر الجزائري من خلال كتابه أيسر التفاسير وحاشيته نهر الخير

بقلم: محمد بن رزق الطرهوني-

مؤلف هذا التفسير هو الشيخ أبو بكر جابر بن موسى بن عبد القادر الجزائري وهو واعظ بالمسجد النبوي الشريف ومن المعاصرين وقد التقيت به مرارا وهو من أهل المنطقة ولد بالجزائر سنة 1340 هـ ولا زال على قيد الحياة نفع الله به (1).

التعريف بالتفسير

وتفسيره المسمى "أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير" من التفاسير المطبوعة وقد وضع عليه حاشية مكملة اسمها " نهر الخير على أيسر التفاسير "، والطبعة التي وقفت عليها تقع في خمس مجلدات كبار وهي الطبعة الثالثة للكتاب.

وقد ذكرت في ترجمة الشيخ الباعث على تأليفه هذا التفسير وأضيف هنا قوله: وشاء الله تعالى أن أجلس في أواخر محرم عام 1406 هـ، إلى فضيلة الدكتور عبد الله بن صالح بن العبيد رئيس الجامعة الإسلامية ويلهم أن يقول لي: لو أنك وضعت تفسيرا على الجلالين يحل محله في المعاهد ودور الحديث تلتزم فيه العقيدة السلفية التي خلا منها تفسير الجلالين فضرّ كثيرا بقدر ما نفع، وصادف في النفس رغبتها فأجبته بأن سأفعل إن شاء الله تعالى وبهذا الوعد تعنيت واستعنت الله تعالى وشرعت. (2)

المنهج العام للتفسير

أما عن المنهج العام في هذا التفسير فقد كفانا الشيخ حفظه الله استنباطه بذكره له في المقدمة وهو تفسير وعظي شامل.

قال الجزائري: هذا وإن مميزات هذا التفسير التي بها رجوت أن يكون تفسير كل مسلم ومسلمة لا يخلو منه بيت من بيوت المسلمين فهي:

1 - الوسطية بين الاختصار المخل، والتطويل الممل.

2 - اتباع منهج السلف في العقائد والأسماء والصفات.

3 - الالتزام بعدم الخروج عن المذاهب الأربعة في الأحكام الفقهية.

4 - إخلاؤه من الإسرائيليات صحيحها وسقيمها إلا ما لابد منه لفهم الآية الكريمة وكان مما تجوز روايته لحديث " وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " (3).

5 - إغفال الخلافات التفسيرية.

6 - الالتزام بما رجحه ابن جرير الطبري في تفسيره عند اختلاف المفسرين في معنى الآية، وقد لا آخذ برأيه في بعض التوجيهات للآية.

7 - إخلاء الكتاب من المسائل النحوية والبلاغية والشواهد العربية

8 - عدم التعرض للقراءات إلا نادرا جدا للضرورة حيث يتوقف معنى الآية على ذلك وبالنسبة للأحاديث فقد اقتصرت على الصحيح والحسن منها دون غيرهما، ولذا لم أعزها إلى مصادرها إلا نادرا.

9 - خلو هذا التفسير من ذكر الأقوال وإن كثرت والالتزام بالمعنى الراجح والذي عليه جمهور المفسرين من السلف الصالح حتى إن القارئ لا يفهم أن هناك معنى غير الذي فهم من كلام ربه تعالى، وهذه ميزة جليلة وذلك لحاجة جمع المسلمين على فكر إسلامي موحد صائب سليم.

10 - التزمت في هذا التفسير بالخطة التي مثلتها هذه المميزات رجاء أن يسهل على المسلمين تناول كتاب الله دراسة وتطبيقا وعملا، لا هم لهم إلا مرضاة الله بفهم كلامه والعمل به، والحياة عليه عقيدة وعبادة وخلفا وأدبا وقضاء وحكما، فلذا أخليته من كل ما من شأنه أن يشتت الذهن، أو يصرف عن العمل إلى القول والجدل

ولذا فقد جعلت الكتاب دروسا منظمة منسقة فقد أجعل الآية الواحدة درسا فأشرح كلماتها، ثم أبين معناها، ثم أذكر هدايتها المقصودة منها للاعتقاد والعمل وقد أجعل الآيتين درسا، والثلاث آيات والأربع والخمس ولا أزيد على الخمس إلا نادرا، وذلك طلبا لوحدة الموضوع وارتباط المعنى به.

وقد جعلت الآيات مشكولة على قراءة حفص وبخط المصحف وإني أطالب المسلم أن يقرأ أولا الآيات حتى يحفظها، فإذا حفظها درس كلماتها حتى يفهمها، ثم يدرس معناها حتى يعيه، ثم يقرأ هداياتها للعمل بها فيجمع بين حفظ كتاب الله تعالى وفهمه والعمل به، وبذلك يسود ويكمل ويسعد إن شاء الله تعالى. (4)

وقد ذكر الشيخ أن كتابه هذا قد اعتمد فيه على مراجع أربعة وهي:

جامع البيان في تفسير القرآن لابن جرير الطبري

تفسير الجلالين المحلي والسيوطي

تفسير المراغي

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي

أما حاشية نهر الخير؛ فقد ذكرت الغرض منها في ترجمة المؤلف وسوف نوقع هذه الدراسة على الكتاب وحاشيته إن شاء الله تعالى.

وهو لم يقتصر على المراجع المذكورة في المقدمة عندما صنف" نهر الخير" ولكن رجع إلى مصادر أخرى مثل:

تفسير ابن كثير: ومن ذلك قوله: ذهب ابن كثير إلى أن استوى هنا مضمن معنى قصد لتعديته بإلى إذ يقال: " استوى على كذا" إذا كان بمعنى العلو والارتفاع، "واستوى إلى كذا " قصده، ويكون المعنى ثم قصد إلى السماء أي السموات فخلقهن سبع سموات، ولفظ السماء اسم جنس تحته أفراد لذا قال: {فسواهن} (5) بالجمع. (6)

تفسير القرطبي: ومن ذلك قوله: ذكر القرطبي في تفسيره أن السجود الذي أمرت به الملائكة هو أن يسجدوا لله تعالى مستقبلين وجه آدم وعليه فهو كصلاتنا خلف المقام، الصلاة لله والاستقبال للمقام. (7)

وسيأتي غير ذلك من المراجع مثل التحرير والتنوير.

المنهج التفصيلي للمؤلف

أولا: أسماء السور وعدد الآيات والوقوف وبيان المناسبات

يذكرالجزائري أسماء السور ومكية أم مدنية وعدد آياتها

كقوله: سورة الفاتحة وهي مكية وآياتها سبع ثم قال: ولها أسماء كثيرة منها أم القرآن والسبع المثاني وأم الكتاب ثم شرح تلك الأسماء في حاشيته نهر الخير. (8)

وهو يتعرض لذكر المناسبات بين الآيات ومن ذلك قوله عن تفسير {يا أيها الناس اعبدوا ربكم} (9) وجه المناسبة أنه تعالى لما ذكر المؤمنين المفلحين، والكافرين الخاسرين ذكر المنافقين وهم بين المؤمنين الصادقين والكافرين الخاسرين، ثم على طريقة الالتفات نادى الجمع بعنوان الناس، ليكون نداء عاما للبشرية جمعاء في كل مكان وزمان، وأمرهم بعبادته ليقوا أنفسهم من الخسران، معرفا لهم نفسه ليعرفوه بصفات الجلال والكمال فيكون ذلك أدعى لاستجابتهم له، فيعبدونه عبادة تنجيهم من عذاب وتكسبهم رضاه وجنته. (10)

ثانيا: موقفه من العقيدة

وهو يقرر عقيدة السلف في القدر عند قوله {سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم} (11) فقال في نهر الخير: قد يقال: ما دام قد علم الله تعالى أن بعضا لا يؤمنون فلم ينذرون؟ إذ إنذارهم مع العلم بأنه لا ينفعهم، تكليف بالمحال والجواب: أن دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لكل أحد وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم من كتب الله تعالى عليه الشقاء ممن كتب له السعادة؛ فلذا هو يدعو وينذر، ومن كان من أهل السعادة أجاب الدعوة، ومن لم يكن من أهلها رفضها ولم يجب. (12)

ويقول: ذهب المعتزلة - أذهب الله ريحهم - إلى أن الجنة التي هبط منها آدم وحواء كانت بستانا في الأرض في مرتفع منها، وهو قول باطل لا يسمع له ولا يلتفت إليه، إذ كل سياق القرآن دال على أنها الجنة دار النعيم لأولياء الله في الآخرة.

ويقول في الشفاعة: الشفاعة ضم جاه إلى جاه ليحصل النفع للمشفوع له، والشفعة ضم ملك إلى ملك، والشفع الزوج مقابل الوتر، ولا تقبل شفاعة أحد يوم القيامة إلا بشرطين اثنين الأول: أن يكون الشافع قد أذن الله تعالى له في الشفاعة، والثاني: أن يكون المشفوع له ممن رضي الله قوله وعمله وهو المؤمن الموحد. (13)

ويقول في السحر: اختلف هل للسحر حقيقة أو هو مجرد خداع لا أصل له؟ أهل السنة والجماعة على أن له حقيقة. وهو أنواع عديدة، وحكمه: أن من تعاطاه إذا أضر به فأفسد عقلا أو قتل فإنه يقتل بذلك وإلا فإنه يعزر حتى يتوب منه، ويشهد لمذهب الجمهور أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحره لبيد بن الأعصم وأنزل الله تعالى سورة الفلق فرقاه بها جبريل فشفي وقال: إن الله شفاني. والحديث في البخاري وغيره. (14)

ويقول في خلق القرآن: روي أن أحمد استدل على كفر من قال بخلق القرآن بهذه الآية: {من بعد ما جاءك من العلم} (15) وهو القرآن، فمن قال بخلق القرآن قال بخلق علم الله تعالى وهو كفر صريح. (16)

ويقول في معية الله لخلقه في صلب الكتاب:

{فثم وجه الله} (17): هناك الله تعالى، إذ الله عز وجل محيط بخلقه فحيثما اتجه العبد شرقا أو غربا شمالا أو جنوبا وجد الله تعالى، إذ الكائنات كلها بين يديه وكيف لا يكون ذلك وقد أخبر عن نفسه أن الأرض قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، فليس هناك جهة تخلو من علم الله تعالى وإحاطته بها وقدرته عليها ويقرر هذا قوله إن الله {واسع عليم}، إنه واسع الذات والعلم والفضل والجود والكرم عليم بكل شيء لأنه محيط بكل شيء. (18)

ويقول {وسع كرسيه السموات والأرض} (19) لكمال ذاته ثم ذكر في نهر الخير قوله: أورد ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنها قوله: الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. (20)

وفي بعض الآيات المشكلة مثل قوله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} (21) اكتفى فيها بقوله: ما ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وعند ذلك يؤمنون، ومثل هذا الإيمان الاضطراري لا ينفع حيث يكون العذاب لزاما بقضاء الله العادل. (22) ولم يذكر شيئا في الحاشية.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

وهو غير مكثر في ذلك ويتعرض له في الحاشية مثل قوله {الذين أنعمت عليهم} (23) هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون. ثم قال في الحاشية: ورد هذا البيان في قوله تعالى من سورة النساء {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} (24)

ومثل قوله: {ثم يقول للملائكة} وهم أمامهم تقريرا للمشركين وتأنيبا {أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون} (25) فتتبرأ الملائكة من ذلك. ثم قال في الحاشية: هذا كقوله تعالى {وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} (26) ... الخ. (27)

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة

لا يذكر الأحاديث كثيرا في صلب الكتاب وربما يذكرها في الحاشية ومن ذلك قوله في صلب الكتاب: وفي الحديث" الدعاء هو العبادة " ثم ذكر في الحاشية قوله: رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه -. (28)

وفي موضع آخر يقول عند قوله تعالى {بل أحياء ولكن لاتشعرون} (29) أما الآية فقد تضمنت نهيه تعالى لهم أن يقولوا معتقدين: إن من قتل في سبيل الله ميت إذ هو حي في البرزخ وليس بميت بل هو حي يرزق في الجنة كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش" رواه مسلم. (30)

وقوله في في هداية الآيات: فضيلة الاسترجاع عند المصيبة وهو قول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وفي الصحيح يقول - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له منها". رواه مسلم (31)

ويقول تحت قوله تعالى {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية} (32)

يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا وصية لوارث" (33). ونسخ الوجوب وبقي الاستحباب ولكن لغير الوالدين والأقربين الوارثين إلا أن يجيز ذلك الورثة وأن تكون الوصية ثلثا فأقل فإن زادت وأجازها الورثة جازت لحديث ابن عباس عند الدارقطني: "لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة" (34) ودليل استحباب الوصية حديث سعد في الصحيح حيث أذن له الرسول في الوصية بالثلث، وقد تكون الوصية واجبة على المسلم وذلك إن ترك ديونا لازمة، وحقوقا واجبة في ذمته فيجب أن يوصي بقضائها واقتضائها بعد موته لحديث ابن عمر في الصحيح: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" (35)

أسباب النزول:

يكثر المصنف من ذكرها في الأصل والحاشية (36)، ومن ذلك قوله في نهر الخير: ذكر ابن كثير في سبب نزول قوله تعالى {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة} (37) أن عكرمة قال: خاصمت اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: لن ندخل النار إلا أربعين ليلة وسيخلفنا فيها آخرون يعنون محمدا وأصحابه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده على رؤوسهم: "بل أنتم خالدون لا يخلفنكم فيها أحد" فأنزل الله عز وجل {وقالوا لن تمسنا النار الآية}. (38)

وقوله: روى الترمذي في سبب نزول {قل من كان عدوا لجبريل} (39) الآية أن اليهود قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنه ليس نبي من الأنبياء إلا يأتيه ملك من الملائكة من عند ربه بالرسالة وبالوحي فمن صاحبك حتى نتبعك؟ قال جبريل قالوا: ذلك الذي ينزل بالحرب وبالقتال ذلك عدونا لو قلت: ميكائيل الذي ينزل بالقطر والرحمة تابعناك فأنزل الله الآية إلى قوله {للكافرين}. (40)

ويقول في الأصل: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} (41) هذه الآية نزلت في حيين من العرب كان أحد الحيين يرى أنه

أشرف من الآخر فلذا يقتل الحر بالعبد، والرجل بالمرأة تطاولا وكبرياء فحدث بين الحيين قتل وهم في الإسلام فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية تبطل ذحل (42) الجاهلية، وتقر مبدأ العدل والمساواة في الإسلام فقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} فلا يقتل بالرجل رجلان، ولا بالمرأة رجل ولا امرأتان، ولا بالعبد حر ولا عبدان. (43)

ويقول: روي أن بعض الصحابة رضوان الله عليهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائلين: ما بال الهلال يبدو دقيقا، ثم يزيد حتى يعظم ويصبح بدرا، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما كان أول بدئه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية {يسألونك عن الأهلة} (44) وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهم: {هي مواقيت للناس}. (45)

فضائل السور والآيات:

يتعرض لها في نهر الخير مثل قوله:

الحمد لله أعظم سورة في القرآن لحديث البخاري عن أبي سعيد بن المعلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "لأعلمنك أعظم سورة في القرآن، وقوله له ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها". (46)

وقوله: ورد وصح في فضل سورة البقرة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة" (47)

ويقول: صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يا أبا المنذر - أبي بن كعب - أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ " قال: قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم

فضرب في صدري وقال: " ليهنك العلم يا أبا المنذر ". (48)

وروى أحمد أن آية الكرسي تعدل ربع القرآن وأن الزلزلة والكافرون والنصر كل

واحدة تعدل ربع القرآن وأن الصمد تعدل ثلث القرآن. (49)

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

والمصنف لا ينسب شيئا من الأقوال للمفسرين من السلف في صلب الكتاب أما في الحاشية فربما نسب بعض ذلك مثل قوله:

قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: إنا نصيب في العمد من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة ونقول ليس علينا في ذلك بأس فقال له: هذا كما قال أهل الكتاب {ليس علينا في الأميين سبيل} (50) إنهم إذا أدوا الجزية لا تحل لكم أموالهم إلا عن طيب أنفسهم. (51)

وقد مر وسوف يأتي في النقول الآتية روايات منسوبة لبعض الصحابة والتابعين.

سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات

وهو يتعرض للسيرة أثناء الآيات المتعلقة بالغزوات مثل غزوة بدر وأحد وتبوك والأحزاب وغيرها.

ومن مواضع ذلك عند قوله تعالى {وآخرون اعترفوا بذنوبهم} (52) ذكر قصة أبي لبابة ومن معه. (53)

وعند قوله تعالى {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا} (54) ذكر قصة مسجد الضرار وما كان من أبي عامر الفاسق. (55)

وعند قوله تعالى {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار} (56) ذكر قصة توبة كعب بن مالك ومن معه باختصار. (57)

ومن تحريره لبعض المسائل التاريخية قوله: ذهب الشيخ محمد الطاهر بن عاشور صاحب تفسير التحرير والتنوير إلى أن القائل لبني إسرائيل: {ادخلوا هذه القرية} (58)

الآية هو موسى عليه السلام وأنه أرسل جواسيس يكتشفون أمر العدو ويقدرون قوته قبل إعلان الحرب عليهم فرجعوا وهم يهولون من شأن العدو وقوته وينشرون الفزع والرعب في بني إسرائيل ما عدا اثنين منهم وهما: يوشع بن نون قريب موسى، وطالب بن قته الذين ذكرا في سورة المائدة {قال رجلان} (59) الآية وخالف في هذا جمهور المفسرين وادعى الغلط لهم، وما حمله على ذلك سوى أن السياق ما زال مع موسى وقومه مع أن الله تعالى لم يذكر موسى بل قال: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية} (60) والرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث البخاري قال: قيل لبني إسرائيل. ولم يقل: قال موسى لبني إسرائيل ونص الحديث: " قيل لبنى إسرائيل: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة يغفر لكم خطاياكم فبدلوا وقالوا: حنطة حبة في شعرة " (61). والآمر لهم حقيقة هو الله تعالى على لسان يوشع، إذ هو الذي قاد الحملة ونصره الله، ودخل بيت المقدس، وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - شاهدة. (62)

سابعا: موقفه من الإسرائيليات

تقدم ما ذكره المصنف في المقدمة عن موقفه من الإسرائيليات لكنه لم يلتزم به وذكر منها طرفا في الحاشية ومن ذلك:

قوله: اشتهر بين علماء السلف أن ما تتلوه الشياطين على عهد سليمان كان سببه أن مردة من الشياطين كتبوا كتابا ضمنوه الكثير من ضروب السحر والشعوذة والأباطيل ونسبوه إلى كاتب سليمان - وهو آصف - ودفنوه تحت كرسي سليمان حين ابتلي بنزع ملكه، ولما مات سليمان أخرج الكتاب شياطين الجن بالتعاون مع شياطين الإنس، وأعلنوا في الناس أن سليمان كان ساحرا، وما غلب الجن والإنس إلا بالسحر فصدقهم أناس وكذب آخرون، ولما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - وكفر به اليهود وتنكروا للتوراة لاتفاقها مع القرآن أنزل الله تعالى قوله {واتبعوا ما تتلوا الشياطين} (63) فبرأ سليمان وكفر اليهود.

وكذا قوله: الملكان - وهما هاروت وماروت - ذكر قصتهما علماء السلف ورواها مثل أحمد وعبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن جرير وخلق كثير ولم يصح فيها حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكنها مروية عن ابن عمر، وابن عباس وعلي رضي الله عنهم ولعلها مروية عن كعب الأحبار، وفي الآيات عبارة وإشارة ولا مانع شرعا ولا عقلا من هذه القصة، ومفادها أن الملائكة أنكروا على بني آدم ما يرتكبون من الذنوب والمعاصي ويعجبون من ذلك فأمرهم تعالى أن يختاروا ملكين منهم ويركب فيهم غرائز بني آدم ويكافئهم وينزلهم إلى الأرض يعبدون الله كبني آدم ثم ينظرون هل يعصون الله أولا يعصونه فلما نزلا إلى الأرض ارتكبا كبائر الذنوب فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا فجعلا في بابل يعلمان الناس السحر فإذا أتاهما من يريد ذلك نصحا له بأن تعلم السحر كفر فإذا أصر وجهاه إلى شيطان فأتاه فعلمه كيفية السحر وما يصل إليه إلا بعد أن يكفر أفظع أنواع الكفر.

وقوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} (64) قال: الشجرة شجرة من أشجار الجنة وجائز أن تكون كرما أو تينا أو غيرهما وما دام الله تعالى لم يعين نوعا فلا ينبغي السؤال عنها. (65)

وقوله في الحاشية {ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم ...} (66) قال: ذكر القرطبي

أن اسم هذه القرية دارودان وهي من نواحي شرق واسط بينهما فرسخ. (67)

وقوله في الحاشية أيضا {إذ قالوا لنبي لهم} (68) قال: هو شمويل بن بال بن علقمة هكذا ذكره القرطبي في تفسيره ويقال فيه: شمعون أيضا ويعرف بابن العجوز لأن أمه كانت عجوزا فسألت الله الولد فوهبها إياه بعد عقم كبر سن. (69)

{وقال لهم نبيهم} (70) شمويل (71)

وقال: وأما كيفية حمل الملائكة للتابوت فإن الأخبار تقول إن العمالقة تشاءموا بالتابوت عندهم إذ

ابتلوا بمرض البواسير وبآفات زراعية وغيرها، ففكروا في أن يردوا هذا التابوت لبني إسرائيل، وساق الله أقدارا لأقدار، فجعلوه في عربة يجرها بقرتان أو فرسان ووجهوها إلى جهة منازل بني إسرائيل فمشت العربة فساقتها الملائكة حتى وصلت بها إلى منازل بني إسرائيل فكانت آية وأعظم آية وقبل بنو إسرائيل بقيادة طالوت، وبسم الله تعالى قادهم. (72)

وقال: لم يقص الله تعالى علينا شيئا عن كيفية قتل داود لجالوت لعدم الفائدة الكبيرة منها وخلاصتها كما يلي:

كان والد داود في جيش طالوت وله ستة أبناء معه واسمه إيشا، وكان داود أصغرهم وكان يرعى الغنم، وكان لنبيهم درع وأوحى الله أن من استوت عليه درعك هو الذي يقتل جالوت، فاستوت على داود. وقبل البراز قال طالوت: من قتل جالوت أشاطره ملكي وأزوجه ابنتي، وكان داود قد مر بحجر فناداه أن خذني ياداود وقاتل بي، فجعله في مخلاته واحتفظ به، فلما برز لجالوت جعل الحجر في مقلاعه وكان راميا فرمى جالوت فقتله. وهذه بداية أمره عليه السلام. (73)

ثامنا: موقفه من اللغة

يهتم الجزائري بشرح المفردات في كل مجموعة من الآيات من غير تعرض لشواهد شعرية ثم يبين في حاشيته اشتقاق الكلمة ويسوق بعض الشواهد الشعرية ومثال ذلك قوله: السورة: قطعة من كتاب الله تشتمل على ثلاث آيات فأكثر.

ثم يقول في حاشيته: لفظ السورة مشتق إما من سور البلد لارتفاعها الخ ثم قال: ويشهد لذلك قول الشاعر:

ألم تر أن الله أعطاك سورة ... ترى كل ملك دونها يتذبذب (74)

وكقوله: الرب السيد المالك المصلح المعبود بحق جل جلاله

ثم قال في نهر الخير: مما شهد لإطلاق لفظ الرب على المعبود قول الشاعر:

أرب يبول الثعلبان برأسه ... لقد هان من بالت عليه الثعالب (75)

ويتعرض في الحاشية إلى كثير من القضايا النحوية والبلاغية ومن ذلك قوله:

{ومن الناس} (76) خبر، والمبتدأ: {من يقول}، والسر في تقديم الخبر هنا هو إخفاء المخبر عنه لأنه ذو صفات ذميمة. (77)

وقوله في {أنؤمن كما آمن السفهاء} (78) الاستفهام هنا إنكاري. (79)

وقوله: أصل لقوا: لقيوا نقلت الضمة إلى القاف وحذفت الياء لالتقاء الساكنين.

وقوله: عدي فعل خلوا بـ إلى ولم يعد بالباء إذ يقال خلا بكذا لأن خلوا هنا بمعنى ذهبوا وانصرفوا. (80)

ومن مواضع تعرضه للمتشابه اللفظي:

قال في قوله {ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة} (81) يلاحظ: تقديم الشفاعة في النداء الثاني على أخذ العدل وتأخير الشفاعة في هذا النداء وتقديم العدل وما هو إلا

تفنن في الأسلوب إذهابا للسآمة. وهذا شأن الكلام البليغ. (82)

وقال في الإعجاز القرآن البياني:

بلاغة القرآن الكريم إذ كان حكماء العرب في الجاهلية يقولون: القتل أنفىللقتل، فقال القرآن: {ولكم في القصاص حياة} (83) فلم يذكر لفظ القتل بالمرة فنفاه لفظا وواقعا. (84)

وقد يرجح الشيخ خلاف قول الجمهور في بعض الآيات ومن ذلك قوله: الجمهور على تفسير الضمير في {وإنها لكبيرة} (85) بالصلاة وخالفتهم في ذلك لوجود من قال: إنها ما أمروا به ونهوا عنه وهو أعم من الصلاة. (86)

تاسعا: موقفه من القراءات

اعتمد قراءة حفص كما في ذكر في المقدمة وربما ذكر شيئا من القراءات في نهر الخير مثل قوله قرأ حفص {مالك} (87) باسم الفاعل وقرأ نافع {ملك} بدون ألف وهما قراءتان سبعيتان. والله حقا هو الملك المالك. (88)

قرأ نافع {يومنون} بتخفيف الهمزة جمعا وإفرادا في كامل القرآن وقرأها حفص مهموزة في كل القرآن. (89)

قرأ نافع والجمهور {وما يخادعون} (90) بألف بعد الخاء وقرأ حفص يخدعون بسكون الخاء (91)

ومن تعرضه للقراءات في أصل الكتاب قوله: {ولا تسأل عن أصحاب الجحيم} (92) ولا تسأل قرئ بالتاء للجمهور ولا نافية والفعل مرفوع، وقرئ بالبناء للمعلوم ولا ناهية والفعل مجزوم (93). ثم علق عليها في النهر بأن القراءة الثانية لنافع وحده.

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

كما أنه يتعرض لبعض الأحكام الفقهية كقوله:

حكم الاستعاذة: يسن لكل من يريد قراءة شيء من القرآن سورة فأكثر أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم يقرأ. ثم بين في نهر الخير الدليل فقال: لقوله تعالى {فإذا قرأت القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} (94) (95)

كما تكلم عن حكم البسملة فقال: مشروع للعبد ومطلوب منه أن يبسمل عند قراءة كل سورة من كتاب الله تعالى إلا عند قراءة سورة التوبة. (96)

وفي نهر الخير يستطرد أكثر فيقول مثلا عند قوله تعالى {قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر} (97) الآيات

استدل الجمهور بهذه الصفات المذكورة للبقرة على جواز بيع السلم في الحيوان كما استدلوا بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح: " لا تنعت المرأة المرأة لزوجها، كأنه ينظر إليها " (98) وخالف أبو حنيفة وقال بعدم صحة السلم في الحيوان (99) وعند قوله: {فقلنا اضربوه ببعضها} (100) وفي هذه الآية شاهد لمالك في أن الجريح إذا أخبر عن جرحه ومات أن إخباره يعد لوثا وتجري في الحادث القسامة وخالف

الجمهور وقالوا: إخبار القتيل لا يكفي في وجود اللوث المقتضي للقسامة ولرأي مالك شاهد من السنة وهي الجارية التي رض اليهودي رأسها كما في البخاري. (101)

وكقوله أجمع العلماء على أن للمرأة ثلاثة أحكام في رؤيتها الدم السائل من فرجها، فإن كان أسود خاثرا تعلوه حمرة فذلك الحيض ويحرم عليها الصوم والصلاة ويحرم وطؤها، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة للأحاديث الصحيحة في ذلك، وأكثر الحيض خمسة عشر يوما وأقله لا حد له على الصحيح وأقل الطهر أيضا خمسة عشر يوما ليكمل الشهر حيضا وطهرا، وإن كان الدم زائدا على مدة الحيض فهو الاستحاضة وتصلي معه وتصوم وتوطأ أيضا والحكم الثالث دم النفاس وأكثره أربعون يوما وأقله يوم وليلة وحكمه حكم الحيض (102)

وقد يخالف قول الجمهور ومن ذلك:

قوله: {وعلى الوارث} (103): الوارث هو الرضيع نفسه إن كان له مال وإلا فعلى من يكفله من عصبته. ثم قال في النهر: الجمهور على أن المراد بالوارث، ورثة الرضيع إذا هلك من نساء ورجال ذكره القرطبي في تفسيره وقال غيره: إن الوارث هو الرضيع إذا مات والده وترك مالا أجرة المرضع من ماله فإن كان لا مال له فمن مال وارثه هو ولا تضار هي في واجب نفقتها ولا الوالد أو وارثه في أدائها وما فسرنا به الآية واضح ومستقيم والحمد لله رب العالمين. (104)

وهو يتميز باختيار القول الراجح في مواضع عدة مع الإضراب عن القول المرجوح مثل قوله في هداية الآية: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} (105) حرمة نكاح المشركات أما الكتابيات فقد أباحهن الله تعالى بآية المائدة إذ قال {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} (106)

وفي هداية آية {فأتوهن من حيث أمركم الله} (107)

قال: حرمة نكاح المرأة في دبرها لقوله تعالى {فأتوهن من حيث أمركم الله} وهو القبل. (108)

وفي هداية آية {الشهر الحرام بالشهر الحرام} (109) يقول: نسخ القتال في الشهر الحرام بدليل قتال الرسول - صلى الله عليه وسلم - هوازن وثقيف في شوال وأول القعدة وهما من الأشهر الحرم (110)

كما أنه يتعرض للقضايا الأصولية تارة في الكتاب مثل تفصيله في قضية النسخ تحت قوله تعالى {ما ننسخ من آية} (111) فقال: يخبرنا تعالى رادا على الطاعنين في تشريعه الحكيم الذين قالوا: إن محمدا يأمر أصحابه اليوم بأمر وينهى عنه غدا، أنه تعالى ما ينسخ من آية تحمل حكما شاقا على المسلمين إلى حكم أخف كنسخ الثبوت لعشرة في قتال الكافرين إلى اثنين، أو حكما خفيفا إلى شاق زيادة في الأجر كنسخ يوم عاشوراء بصيام رمضان، أو حكما خفيفا إلى حكم خفيف مثله كنسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، أو حكما إلى غير حكم آخر كنسخ صدقة من أراد أن يناجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن الحكم رفع ولم يشرع حكم آخر بدلا عنه، أو نسخ الآية بإزالتها من التلاوة ويبقى حكمها كآية الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله فقد نسخ اللفظ من التلاوة وبقي الحكم، أو بنسخ الآية وحكمها وهذا معنى قوله: أو ننسها وهي قراءة نافع، فقد ثبت أن قرآنا نزل وقرأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعض أصحابه ثم نسخه الله تعالى لفظا ومعنى فمحاه من القلوب بالمرة فلم يقدر على قراءته أحد، وهذا مظهر من مظاهر القدرة الإلهية (112).

وتارة في الحاشية مثل قوله عن تفسير {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} (113) في الآية دليل على بطلان التقليد وهو قبول قول الغير بلا دليل وفي الآية أن من ادعى شيئا نفيا أو إثباتا يطالب بالدليل وإلا بطلت دعواه (114)

وقوله {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (115) في هذه الآية دليل على صحة الإجماع ووجوب الحكم به لعدالة الأمة بشهادة ربها فإذا اجتمعت على أمر وجب الحكم به وفي أي عصر من العصور إلى قيام الساعة. (116)

وفي قوله: {وإذا قيل لهم اتبعوا} (117) استدل بهذه الآية على

حرمة التقليد في العقائد مطلقا، أما في الفروع فهو أهون والتقليد هو قبول الحكم بلا دليل ولا حجة. (118)

حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية

لم يظهر لي اهتمام للشيخ بهذا المجال ولعل السبب في ذلك ما شرطه على نفسه في مقدمة التفسير.

ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب

وقد تفرد كتاب الشيخ بذكر ما سماه هداية الآيات: ويسوق تحتها ما يستفاد من الآية بأسلوب دراسي وعظي وهو الغرض الأصلي من تفسيره كما بين في المقدمة مثل قوله في تفسير {إن الذين كفروا سواء عليهم} (119) من هداية الآيتين:

1 - بيان سنة الله تعالى في أهل العناد والمكبرة والإصرار بأن يحرمهم الله تعالى الهداية وذلك بتعطيل حواسهم حتى لا ينتفعوا بها فلا يؤمنوا ولا يهتدوا.

2 - التحذير من الإصرار على الكفر والظلم والفساد الموجب للعذاب العظيم.

3 - تقديم السمع على البصر في عدة آيات من القرآن يفيد أن حاسة السمع أنفع من حاسة البصر وهو كذلك والعقل أعظم من ذلك. (120)

ويقول: ومما يؤسف ويحزن أن المسلمين لما ابتلاهم الله باستعمار النصارى لهم كانوا كلما استقل شعب أو إقليم طلب قانون الكافرين فحكم به المسلمين، وبنو إسرائيل لما استقلوا على يد موسى ذهب بقانون الرب ليحكم به. (121)

ويقول في نهر الخير: يتساءل البعض هل آدم أرتكب بأكله من الشجرة كبيرة وهل يجوز في حق الأنبياء ارتكاب الكبائر؟ والجواب: أن آدم ما نبئ إلا بعد أن هبط إلى الأرض، إذ هي دار التكليف أما وهو في السماء فما كان قد نبئ بعد وأكله من الشجرة لم يترتب عليه عقاب أكثر من الخروج من الجنة لأنها ليست دار إقامة لمن يخالف فيها أمر الله تعالى، أما الأنبياء فلا يجوز في حقهم ارتكاب الكبائر ولا الصغائر لعصمة الله تعالى لهم لأنهم محل أسوة لغيرهم (122)

وبقول: مواطن الصبر ثلاثة: صبر على الطاعة فلا تفارق، وصبر عن المعصية فلا ترتكب، وصبر على المصائب فلا يجزع منها ولا يتسخط، ولكن يصبر، ويسترجع أي: يقول: إنا إليه راجعون.

ويقول: من الأوقات التي يرحى فيها استجابة الدعاء: ما بين الأذان والإقامة، والسحر، ووقت الفطر، وحال السفر، والمرض، وفي السجود، ودبر الصلوات، وعند اشتداد الكرب من ظلم وغيره، فقد ورد من الأحاديث والآثار ما يصدق هذا ويؤكده. (123)


الهوامش:

(1) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 53.

(2) 1/ 5.

(3) أخرجه البخاري - كتاب أحاديث الأنبياء - باب ما ذكر عن بني إسرائيل 6/ 496 من حديث عبد الله بن عمرو.

(4) 1/ 617.
(5) البقرة: 29.
(6) 1/ 39.

(7) 1/ 43.
(8) 1/ 910.
(9) البقرة: 21.
(10) 1/ 33.
(11) البقرة: 6.
(12) 1/ 23.

(13) 1/ 52.
(14) 1/ 92. وانظر: صحيح البخاري - كتاب الطب - باب السحر 10/ 221 عن عائشة. وليس فيه الرقية بسورة الفلق إنما جاءت الرقية بها وبسورة الناس في رواية سفيان بن عيينة للحديث في تفسيره وقال ابن حجر: صحيح (انظر تلخيص الحبير 4/ 40).
(15) آل عمران: 61.
(16) 1/ 106. وانظر في ذلك كتاب: "الرد على من يقول القرآن مخلوق" للنجاد.
(17) البقرة: 115.

(18) 1/ 102.
(19) البقرة: 255.
(20) 1/ 245. وانظر المستدرك - كتاب التفسير 2/ 282 وسكت الذهبي.
(21) البقرة: 210.
(22) 1/ 188.
(23) الفاتحة: 7.
(24) النساء: 69.
(25) سبأ: 40.
(26) المائدة: 116.
(27) 4/ 328.

(28) 1/ 15. وانظر سنن الترمذي - كتاب الدعاء - باب ماجاء في فضل الدعاء 5/ 456.
(29) البقرة: 154.
(30) 1/ 134 وانظر صحيح مسلم - كتاب الإمارة - باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة 3/ 1502.
(31) 1/ 135، وانظر صحيح مسلم - كتاب الجنائز - باب ما يقال عند المصيبة 2/ 633.
(32) البقرة: 180.
(33) سبق تخريجه انظر ص: 855.
(34) انظر سنن الدارقطني 4/ 97 وأخرجه أيضا البيهقي 6/ 263 من طريق عطاء عن ابن عباس وقال: عطاء هذا هو الخراساني لم يدرك ابن عباس ولم يره. وقال الألباني: منكر (ضعيف الجامع رقم 6211، إرواء الغليل 6/ 96).

(35) 1/ 158. والحديث أخرجه البخاري - كتاب الوصايا - باب الوصايا وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الخ 5/ 355، ومسلم - كتاب الوصية 3/ 1249.
(36) انظر أيضا 1/ 125، 126، 165، 167، 195، 198.
(37) البقرة: 80.
(38) 1/ 75. والأثر أخرجه ابن جرير 1/ 382 وهو ضعيف لإرساله.
(39) البقرة: 97.
(40) 1/ 85. وانظر سنن الترمذي - التفسير - سورة الرعد رقم3117 وقال: حسن غريب وقال الألباني: صحيح (صحيح سنن الترمذي2492).
(41) البقرة: 178.

(42) الذَّحْل: الثأر (لسان العرب 3/ 1490).
(43) 1/ 155، 156. وقد أخرج ابن جرير معناه 2/ 103 من مرسل قتادة.
(44) البقرة: 189.
(45) 1/ 171. أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس بمعناه وقال السيوطي: بسند ضعيف (الدر1/ 203).
(46) 1/ 13. أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب ماجاء في فاتحة الكتاب 8/ 156.
(47) 1/ 18. والحديث سبق تخريجه ص: 728.

(48) 1/ 244. والحديث أخرجه مسلم - كتاب صلاة المسافرين - باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي 1/ 556.
(49) 1/ 244. والحديث في المسند 3/ 221 وفي إسناده سلمة بن وردان قال الحافظ: ضعيف (التقريب رقم2514).
(50) آل عمران: 75.
(51) 1/ 334.
(52) التوبة: 102.
(53) 2/ 420.
(54) التوبة: 107.
(55) 2/ 425.
(56) التوبة: 117.
(57) 2/ 434

(58) البقرة: 58.
(59) المائدة: 23.
(60) البقرة: 58.
(61) سبق تخريجه ص: 726.
(62) 1/ 58.
(63) البقرة: 102.

(64) البقرة: 35.
(65) 1/ 45.
(66) البقرة: 243.
(67) 1/ 231.
(68) البقرة: 243.
(69) 1/ 234.
(70) البقرة: 248.
(71) 1/ 235.

(72) 1/ 236، 237.
(73) 1/ 239.
(74) 1/ 9.

(75) 1/ 12.
(76) البقرة: 8.
(77) 1/ 24.
(78) البقرة: 13.
(79) 1/ 216.
(80) 1/ 27.
(81) البقرة: 123.
(82) 1/ 108.
(83) البقرة: 179.
(84) 1/ 157.
(85) البقرة: 45.
(86) 1/ 51.
(87) الفاتحة: 3.

(88) 1/ 13.
(89) 1/ 18.
(90) البقرة: 9.
(91) 1/ 24.
(92) البقرة: 119.
(93) 1/ 104.
(94) النحل: 98.
(95) 1/ 11.
(96) 1/ 12.
(97) البقرة: 68.
(98) أخرجه البخاري بنحوه - كتاب النكاح - باب لاتباشر المرأة المرأة 9/ 338 عن ابن مسعود.
(99) 1/ 69.
(100) البقرة: 73

(101) 1/ 71.
(102) 1/ 205.
(103) البقرة: 233.
(104) 1/ 221.
(105) البقرة: 221.
(106) المائدة: 5.
(107) البقرة: 222.
(108) 1/ 207.

(109) البقرة: 194.
(110) 1/ 96.
(111) البقرة: 106.
(112) 1/ 96.
(113) البقرة: 111.
(114) 1/ 99.
(115) البقرة: 143.
(116) 1/ 125.
(117) البقرة: 170.

(118) 1/ 145.
(119) البقرة: 6.
(120) 1/ 23.
(121) 1/ 55.

(122) 1/ 45.
(123) 1/ 165.

لا تعليقات

اترك تعليق

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.