ثورة الشيخ “زغدود” بجبال الإيدوغ (1839-1843)
بقلم: د. عبد الغني فريحة-
رغم ما كتب عن الثورات الوطنية، فإن هناك ثورات عديدة قد وقعت بعنابة وما جاورها منذ عهد دخول الغزاة الظالمين، إلا أن بعضها ما يزال مجهولا.
والواقع أن رد الفعل ضد الإستدمار الفرنسي الغاشم، قد بدأ منذ اللحظة الأولى لوجوده، و كانت أولى ردود الفعل قد جاءت من العلماء و الصلحاء (المرابطون)، و هم الذين نفروا منه، حيث أن بعض قبائل "الإيدوغ" المهابة [ويشاوة – صنهاجة – بني محمد – زردازة – ولهاصة – فج موسى – غجاتة...] لم تخضع حتى بالقوة، وقد عوملت معاملة قاسية، بعد ما نزل الغزاة الفرنسيون بجيوشهم المدججة بالأسلحة في الدواوير والدور، والمداشر و الدشور، والمشاتي و القرى و البرور، فأحرقوها وهدموها وأهلكوا الحرث والنسل، ونفوا بعض سكانها، ونهبوا أمتعتهم وأموالهم وأرزاقهم، بعدما حاولوا استرضاءهم لكن دون جدوى... فاستولوا على المطامير و المخازن، وكانوا يأخذون عنوة وقهرا العلف والحبوب، وهو المورد الرئيسي للأهالي، وكذلك الضرائب التي فرضت عليهم ظلما و عدوانا، فأثلقت كاهلهم.
وبتقادم العهد، بدأت تظهر مناوشات وتمردات بل وثورات جديدة يدفعها حب الجهاد وعشق الإستشهاد، في سبيل تحرير البلاد و العباد، إذ نشبت عدة معارك وحوادث سجلها لنا تاريخ المقاومة الوطنية بعنابة وضواحيها.
و يمكننا بعد هذه النظرة العامة أن نذكر نموذجا من ثورات العلماء و الصلحاء المباركة في بداية دخول الإستدمار الفرنسي إلى عنابة، ونركز على فظاعة المعاملة القاسية التي عامل بها الفرنسيون الثوار الأشاوس، فكانت التشريد والنفي والتقتيل، والحرق والتمثيل، والنهب والتنكيل...
وسنكتفي هنا في هذا المقام بالإشارة إلى ثورة "الشيخ زغدود" بجبال "الإيدوغ" الأشم معقل الأبطال [إيدوغ الفاجل* كل شجرة براجل]، وسنذكر أهم المعارك التي دارت هناك، بعدما استنجد الشيخ بآهاليه، واعتماده عليهم بعينهم في مقاومة الإستدمار، إذ نجح في قيادتهم ضده، حيث ظل الشيخ ناقما وغاضبا وثائرا إلى أن حاربهم بعدما قاد جموع ثوار "الإيدوغ" ضده، وأعلن الجهاد وهاجمهم وجاء بنفسه لمحاربة المعتدين، فأقام بـ"سيدي عكاشة" بأرض "مناده"، إلى أن أدى به إلى استشهاده في ساحة الشرف، و دفن جسده الطاهر، [ماعدا يده اليسرى المباركة و رأسه الشريف المفصولين]، في منحدر بجبال "الإيدوغ"، بموضع غير بعيد عن "راس الحديد"، و ضريحه الطيب (طيب الله ثراه) موجود إلى يومنا هذا في نفس المكان الذي وقعت فيه الواقعة بـ"معمرة"، وذلك خارج "المرسى"، ويعد مقامه الأغر مزارا للإيدوغيين للتبرك والإتعاظ والإعتبار... تاركا خلفه أرملة وولدا في خيمة معزولة غير بعيدة عند "بني محمد".
"زغدود" قد بكت الأعراش على رحيلك و المُقَلِ
كنت الغيور على بونة الكلل و إيدوغ الحُلَلْ
قد زال شخصك فجأة لكن روحك لم تزلْ
كالطير تهتف في الإيدوغ بالخلود و الأملْ
سخرتَ نفسك للجهاد رغم أنف بني الدٌجلْ
فانعم ما الشهادة إلا نقلة للجنة بلا جَدَلْ
يأبي الإيدوغ أن يكون لغيرك يا بَطَلْ
تأبي بونة فيك أن تهوى الليونةَ و الكَسَلْ
وحسب هذه الرواية، فإن الثورة لم تنته عندئذ، وإنما هي البداية فقط، لاتساع ميدانها بعد ذلك واستمرارها... ولعلها أكبر ثورة حدثت في أقصى الشرق الجزائري بعد دخول الإستدمار الفرنسي إلى عنابة... فقد هزت هذه الثورة البدرية أركان النظام الفرنسي و كادت أن تطيح به، لأنها شملت المنطقة الواقعة بين عنابة وضواحيها، وستوره، سكيكدة، الحروش، القل، الميلية، إلى حدود قسنطينة وڨالمة وسوق أهراس، ليصبح كل الشمال القسنطيني تحت نفوذ "الشيخ زغدود".
واستغرقت هذه الثورة مدة 05 سنوات تقريبا من 1839-1843، فأزعجت فرنسا وتسببت في سقوط عدد كبير من الجنود الفرنسيين، ومات فيها خلق كثير، وقد دخلت المنطقة بسببها في فوضى عارمة لم تبرأ منها طويلا، بعدما امتدت إلى المناطق المجاورة واستمرت، وقد جند لها الإستدمار قوته وكل الوسائل للقضاء عليها، مثل مكاتبة الأهالي ووجهائهم، وطلب المساعدة من أعيانهم وأكابرهم، وتهديد المنشقين بالويل والثبور، لا سيما بعدما أن أدرك غايتها البعيدة. وقد تمنى آنذاك الجنرال Guingret إختطاف الشيخ "زغدود" وبلهف و عجل، لكن دون جدوى !
وقد خلفت ثورة "الشيخ زغدود" كثيرا من الإنتاج التاريخي و الأدبي و الشعر الشعبي، حيث جاء في قصيدة مشهورة عندنا سجلت مآثره:
زغدود يا ولد مناده حرمت الطريق على المسواڨه
زغدود يا زين الصٌدٌه زغدود ڨاعد يتوضٌا
وباعُه خديمُه بالفضٌه
ومهما يكن من أمر، فإن ثورة الشيخ "زغدود" الشهير بجبال "الإيدوغ" الأشم، كانت من أقسى الثورات التي واجهها الفرنسيون في عنابة من 1839-1843، وهددت وجودهم فيها بقوة على نحو ما هددته ثورات: الشيخ بوعمامة، الأمير عبد القادر، الشيخ المقراني، الشيخ بوبغلة، الشيخ بومعزة، الشيخ الحداد، لالة فاطمة نسومر،... وغيرهم من الشرفاء الأحرار و الوطنيين الأخيار والغيورين على هذا الوطن المفدى، وما أكثرهم... !
فقد دارت معارك كثيرة، و حدثت على سعتها و قوتها و صداها و مدتها، و قد سجٌل أخبارها الملازمان:
Les 2 capitaines : M.P.ROZET et CARETTE Antoine
مع الضابط المترجم : Avec l’officier interprète Thomas Ismaël Urbain
في كتاب طبع في 1846 المعنون : « Algérie »
والذين لقبوا الشيخ "زغدود" بــ « Le nouveau Pierre L’Ermite.. »
وهو المبشر و الواعظ الفرنسي، الذي ولد بـ آميانس خلال 1050-1115، وعد أول محرض لأولى حرب صليبية شعبية، و التي قضى عليها العثمانيون في 21 أكتوبر 1096م.
فقد أدت هذه الثورة إلى إنهزام و قتل، و الهزيمة أحيانا تؤدي إلى الهزيمة، كما أن الغلبة تزيد في الحماس والسمعة.
وهكذا كان الأمر بالنسبة للشيخ "زغدود" و أتباعه، فقد تقدموا واستمروا في حروبهم ومناوشاتهم للسلطات الإستدمارية، وكثر مؤيدوه وأتباعه وأدوا بالمنطقة إلى حافة الثورة العامة و العارمة، لأنها كانت ثورة قوية كادت أن تقلب الأوضاع في الشرق الجزائري ضد المحتل.
فقد خاض الشيخ "زغدود" معارك طاحنة بين عنابة و قسنطينة، و الحروش و القبائل الصغرى، قبل أن ينتقل إلى أقصى الشرق ليتصل بشيوخ و علماء المنطقة، و ليتعاون مع الشيخ "الحسناوي" بنواحي "سوق أهراس"، بعد انضمام هذا الأخير، و الذي كان هو أيضا ثائرا و ناقما و ساخطا على الإستدمار... ويهمنا هنا وكما سنرى ذلك التحالف الذي وقع بينهما، مما أدى إلى عواقب و خيمة على الفرنسيين في المنطقة، ذلك أن سمعة الثوار قد كبرت في أعين الأهالي... فلأول مرة وقع تحد قوي لسلطتهم.
ونظرا إلى أن القائمين بالثورة آنذاك كانوا من رجال الدين ومن مرابطي الزوايا... فإن الفرنسيين قد أخذوا منذ ذلك الحين يتوجٌسون من "زغدود" خيفة، ويتتبعون أخباره و تحركاته، وضيقوا الخناق عليه، وأخذوا يستعدون للقضاء على ثورته لحماية أنفسهم... وقد جرت حروب كثيرة بينه وبينهم، انتهت بفشلهم من إلقاء القبض عليه، ولكن الموت جاءه غدرا، بعدما وشى به خادمه الخائن الذي تقدم يوما قبل المعركة الأخيرة باكرا، إلى القائد الفرنسي الأعلى لسكيكدة، الجنرال Baraguay d’Hilliers المكنى عند الأهالي بــ"بوذراع" [لأنه فقد أحد ذراعيه خلال معركة من المعارك]، وطلب منه أن يكلمه على حدى وسرا ليسلم له شيخه و يفشي سر مكان وجوده، مقابل دراهم بخس... !
وفعلا وقع ما لم يكن في الحسبان، فجندوا له قوات كبيرة...
باسم "إيدوغ" تؤدي "بونة" أسمى تحية و تحي باعتزاز، روح "زغدود" زكيٌه.
وقد حظيت ثورة الشيخ "زغدود" بانتباه بعض الباحثين الذين حاولوا أن سلطوا عليها الأضواء من جديد، ولدينا المعلومات الهامة التي أوردوها في عدة كتب منها :
- « Les Ordres Religieux chez les Musulmans »-1846 : Le capitaine Neveu
-« La Chasse à l’homme »-1843 : Le Comte d’Hérisson .
- « Histoire d’un Parjure » : - Michel Habart + Quotidien « El Moudjahid »
N°2530 du 22/08/1973.
وللعلم، يعود أصل "الشيخ زغدود" إلى "أولاد جمعون"، إذ ينحدر من عائلة اشتهرت بعلمائها وصلحائها بـ "عين أم الرخاء" أو "أم القرى" أو "سوق الحد" (برحال حاليا)، حيث ولد على مقربة من ضفاف "ڤرعة فزاره"، في وسط محافظ، متشبع بالقيم الإسلامية، فشب على الفتوة والأنفة والكرامة والعزة والشرف والمروءة وعلو الهمة، وحب الجهاد وعشق الشهادة...
فتعلم بادئ ذي بدء بالكتاتيب في مسقط رأسه، ثم انتقل إلى قسنطينة للتزود من العلوم و الفنون، وبعدها انتقل إلى الجزائر العاصمة للتعمق والإستزادة والتحصيل العلمي والمعرفي، فأجيز من علماءها و تلقى عدة إجازات ونال عدة درجات، ثم عاد إلى مسقط رأسه، فكان رجلا عالما ومدرسا، وهذا ما جعل الخاصة و العامة وأهالي الإيدوغ و المنطقة كلها يكنون له كل الإحترام والتقدير والتبجيل والإجلال و الطاعة و الإذعان ويعتقدون فيه الصلاح لشهرته ومكانته و تصوفه... مما كان يحضر لخوض معارك الشرف والعزة للذود عن حياض الأمة وحمى الدار... فكان له ذلك بكل جدارة واستحقاق!
والحادثة لم تكن معزولة والتي رواها الملازم Capitaine Maîtrot في كتابه : « Bône Militaire »
44 siècles de luttes Du XXIVe avant Au XXe siècle après notre ère
- Imp.Centrale A-M.MARIANI, rue du Dr Purseigle-Bône 1934 (p :375-359)
عبر الصفحات من 359 إلى 375، فهذه الحادثة لم تكن معزولة، فالمؤرخون يتحدثون عن ثورة "الشيخ زغدود"، وهي ثورة قبائل و أعراش "الإيدوغ" المعروفة المهابة و المخشية الجانب والتي رفضت الخضوع والخنوع والإستسلام والإذعان و الدخول إلى بيت الطاعة، وكانت قاعدة هذه الثورة في "سيدي عكاشة" بـ"راس الحديد"، والتي كانت بذلك تعبيرا عن بداية "روح وطنية" ضد الإستدمار الفرنسي، مما يؤكد ظهور هذه الشخصية في "الإيدوغ" الصامد و ضواحي "بونة" وما جاورها، والتي لعبت دورا رياديا في حوادثها أثناء الغزو الفرنسي عليها... فقل الأمن و الأمان، وانعدم السلم والسلام، حتى أطلق الضباط الفرنسيون على "سيدي عكاشة": "مسرح الدم"[ le théâtre sanguinolent ] .. !
فقبيل دخول الغزو الفرنسي على بونة، كان "الشيخ زغدود" قائد قبائل الإيدوغ [ويشاوة – صنهاجة – فج موسى ...] حيث قادها دون تردد فيما بعد إلى المعارك بجانب قوى الشيخين : "بن يعقوب" و"بن عيسى" خلال السنوات القاسية الأولى عند الإستيلاء على بونة.
وعندما طرد "زغدود" بعيدا عن "ڨرعة فزاره"، استقر شيئاً فشيئاً بـ"سيدي عكاشة" ثم إلى "الحروش"، حيث وخلال أفريل 1839 دفع بأتباعه لمواجهة قوى الجنرال Gallois. و بعد هزيمة هذا الأخير، أصبح "الشيخ زغدود" متابعا و مطاردا، فالتجأ إلى قبيلة "بني صالح" عند الشيخ "أحمد بن شايب"... ونظراً لما يتمتع به الشيخ "زغدود" من فصاحة اللسان و قوة الإقناع و شدة التأثير والأخذ بالعقول بحججه الدامغة، فقد أصبح لديه كثير من الأتباع، ورجع بعد ذلك إلى الإيدوغ، قلعة الأبطال الأشاوس.
وقد صور بعض المؤرخين ثورة "الشيخ زغدود" بشيء من العاطفة و التأثير، فوافق ذلك نفوذ وعد الله بطائفة من قبائل "الإيدوغ" الذين خرجوا و ثاروا على الڨايد "باحمد كرميش" ڨايد "الإيدوغ"، الذي ارتكب من الظلم و التجاوزات والغلواء والفضاعة والجور والتعدي ضد الأهالي ما لا يطاق، ففشل في مهمته القذرة، إضافة إلى عمله الشنيع الذي قام به باغتياله لـ"سيدي حرب" من قبل في 10 أوت 1836.
ولعل محاولة ولوج الفرنسيين للتوغل في جبال الإيدوغ المحمية و الممتنعة، و ذلك من أجل فرض ضرائب مجحفة في حق الأهالي، هو عامل من العوامل الرئيسية الأخرى التي أشعلت فتيل هذه الثورة المباركة.
فعزل الڨايد "كرميش" و سجن و استخلف من طرف الدركي "بن بركوكشي" الذي طلب من الجنرال Lafontaine، حاكم بونة، بتعزيز قوته بحرس يرافقه من أجل جمع الضرائب، فكان له ذلك، وأمده بضابط الصبايحية (Spahis)، الملازم Alleaume على رأس فرقة من نحو 25 صبايحي (فرسان).
وفي يوم 19 جوان 1841، أمضى الجميع تلك الليلة في أخذ ورد، لكن دون جدوى، إلى أن خرج إليهم أسد "الإيدوغ" "الشيخ زغدود" قائلا: "...إن الأهالي غير ملزمين بدفع الضرائب لغاصب محتل...".
وفي صبيحة الغد، أي يوم 20 جوان 1841، اقترب الشيخ "زغدود" شاهرا مكحلته من الملازم Alleaume ووضع يده على كتفه، ثم فجر له دماغه رميا عن كشب، و فجأة خرج "الإيدوغيون" من الغابة وتمكنوا من قتل الضابط المرافق Lieutenant Rounevol واثنين من فرسانه الصبايحية، أما البقية مع الڨايد "بن بركوكشي" فقد فروا هاربين على الأقدام تاركين أحصنتهم دون سروج.
وعندما علم الجنرال Lafontaine بهذا الإخفاق و الهزيمة، انكسر ثم قام بإرسال العقيد De Senihles من اللفيف الأجنبي على رأس طابور من صبايحية و أتراك في يوم 21 جوان 1841، من أجل البحث عن الشيخ "زغدود" وأتباعه... فلم يعثروا عليه، فقاموا بحرق عدد كبير من المشاتي، إنتقاما من أهالي الإيدوغ، وعند رجوعهم في طريقهم إلى بونة عبر الجبال، مروا على "الرڨوڨ" (حاليا سرايدي)، وأقاموا بـ"عين بوحدٌاده" للقيلولة، ففوجؤوا و هوجموا بوابل من الرمي وأسقطوا منهم 60 قتيلا مع عدد كبير من الجرحى، تاركين وراءهم أسلحة كثيرة.
وفي هذه الأثناء، هرب الڨايد "باحمد كرميش" من السجن والتجأ إلى عرش "الكرامشة" على مقربة من ڨالمة للإحتماء، فتعرفوا عليه وقاموا بقتله رميا بالرصاص جزاء خيانته عن اغتيال "سيدي حرب".
أما الڨايد "بن بركوكشي" فقد عزل بدوره وسجن بعدما حاول أخذ قمح قبيلة "صنهاجة" ظلما وعدواناً، إذ فلت من الإختطاف من طرف الشيخ "زغدود" في طريقه إلى بونة هارباً، و استخلفه "بن عايش" ڨايد "الدريد".
ونظراً لهذه الوضعية المتعبة والمرهقة و لخطورة الظروف، ولعجز الجنرال Lafontaine ولنقائصه المسجلة، فقد قرر الحاكم العام الجنرال Bugeaud بعزله واستخلافه مؤقتا بالعقيد De Senihles... في حين أصبح الشيخ "زغدود" يقوم بحملات مراراً و تكراراً، مفبلا بالكر و الهجوم على أسوار "بونة" ويغزو و يغار على القلعة الحفصية (سبعة رقود) المحتلة من طرف الجيش الفرنسي...
ففي شهر جويلية 1841 أضحى العقيد De Senihles غير جريء على المغامرة بقواه خارج المدينة، ولم يتردد عن الإعلان والتصريح رسمياً، بأن "الإيدوغ" منطقة خطيرة ومحرمة...
وفجأة أصبحت منطقة نفوذ الشيخ "زغدود" تمتد بسرعة فائقة من حدود "بونة" إلى "راس الحديد"، وأين عدد المقاومين تضاعف مذهلا، كما أمدته قبائل و أعراش الإيدوغ و السهول بخيرة فرسانها، مع عدد كثير من المتطوعين الحضر والمستعدين للتضحية والإيثار من أجل نصرة الحق، فتدفق السلاح والأحصنة من كل صوب وحدب وفج عميق...
بشراك يا "زغدود" بالألف مذ رميت خصمك لعنة الغسق
نلت الشهادة مؤمناً بطلاً قد فزت بالدارين في السبق
أَرْضيْتَ "الإيدوغ" أولاً و فديت "بونة" بالرمق
ورفعت هامات لنا ظنها أعداؤنا أمست بلا عنق
"إيدوغ" يا "زغدود" قلعتك كل "الإيدوغ" محرم الطرق
لا لن تمروا في شعابه موتوا كما الفئران في نفق
طوفان "زغدود" "الإيدوغ" طمى و مصيركم حتماً إلى الغرق
هل من شبيه بعدكم ينبري في درب ما أتيت في حدق
وفي شهر أوت 1841، وأمام هذه القوة المكتسبة، قرر الشيخ "زغدود" تنظيم جيش قوي و مسلح للقيام بغارات موسعة ومتفرقة على معسكر العدو و محاصرته وإبادته...
وأثناء هذا الوقت بالذات، حدث شيء جديد جاء لزيادة رقعة و توسيع جهاد "زغدود"، حيث رفضت كل قبائل سهول بونة الإنصياع للعدو و قبول "الأمان"، ولم تترد كل الأعراش في الإعلان عن المبايعة والولاء للشيخ "زغدود"، والنداء والتسليم بكونه قائداً لجميع كتل القبائل البواسل : غجاته – عرب سكيكدة – صنهاجة (بڨرباز وبن عزوز) – أولاد رواشد – عيدون بالميلية وغيرهم، كلهم التحقوا بحركته بعدما قاموا بطرد مشائخهم أو إجبارهم على العصيان.
وإلى غرب بونة، ضف إليهم "أولاد اعطية" الذين تصففوا وتراصفوا وتراصوا في المقاومة، مما دفع بهم إلى الجرأة و الإقدام على محاصرة "القل"، وعزلوا "سطورة" عن بقية الشمال القسنطيني، وأعلنوا الحصار على "بونة".
أما إلى شرق "بونة"، فكان كل ساحل المرجان "لزغدود"، وأظهروا له إرتباطهم به، واعتبروه حامل راية الجهاد و رافعاً مشعل الثورة إلى حدود "الشيابنة" و"أولاد يوب"، مدعومين بوصول متطوعين من تونس، فقاموا بمحاصرة "القالة".
إذن، ففي هذا الإقليم المهيمن و الممتد من "الكاف إلى الكاف"، أي من "القالة" إلى "القل"، ماعدا السيطرة على المدن، هرع شيوخ القبائل في التسارع، هاربين من أذى الفرنسيين، للمجيء من أجل الولاء والعهد، وإقامة علاقات وثيقة... وكانا الشيخان "زغدود" و "الحسناوي" يتبادلان المشورة فيما يخص العمليات العسكرية المشتركة...
وبما أن معركة الشيخ "زغدود" لم تكن لفرد طموح يكافح من أجل الشهرة الشخصية والمجد، وإنما لمجاهد حقيقي مستعد للإيثار والفداء والتضحية بحياته لتحرير بلاده.
وللعلم، فقد راسل الشيخ "زغدود" "الأمير عبد القادر" للمبايعة و الولاء و الإخلاص و الوفاء، وللأسف، فقد وقعت جميع المراسلات في أيدي الجيوش الفرنسية بقسنطينة، كما حاول الإتصال بممثل الأمير ببسكرة المدعو "سي محمد الصغير بن عبد الرحمان"، من أجل التنسيق... لكن الإستدمار حال دون ذلك...
وفي 02 سبتمبر 1841، عين نهائيا الجنرال Randon حاكما على بونة، و نزل بها في 04 أكتوبر 1841.
وخلال يوم 17 سبتمبر 1841، خرج العقيد De Senihles على رأس سرايا، إلى غابات الإيدوغ حيث كان نصف الكتيبة مكون من أتراك، من أجل دحر الشيخ "زغدود" وأتباعه.
و في 06 أكتوبر 1841، أخبر الڨياد الجدد الجنرال Randon، بأن الشيخ "زغدود" وأتباعه يحضٌرون لهجوم كبير و واسع النطاق على بونة.
و محاولة من الجنرال Randon للتخلص من الحصار المضروب و إنهاءه، نتيجة شبه مجاعة أحدثها في المدينة من جراءه، وللقضاء على هذه الثورة المباركة التي قبضت على الموقع بيد من حديد، ومنعته عن التحرك و أوقفته عن التنفس طيلة 06 أشهر، فقد قرر الجنرال Randon الخروج على رأس طابور باتجاه جبال الإيدوغ في شهر نوفمبر 1841، في تحد للشيخ، لكنه لم يعثر على "زغدود" الذي رفض الطاعة و الأمان، و الذي إلتجأ إلى "بني محمد"، فأشع نور الجهاد، و أخذ يؤسس بكل موضع مراكز للمقاومة.
لقد رفع الجنرال تحديا للشيخ، ملتزما الخروج نحو "القل" و "القالة"، و وصل إلى وضع يده على بعض قبائل السهول واستولى عليها و وعدها "بالمسامحة" و العفو، من أجل إعادة شيوخها إلى بيت الطاعة والذين غرر بهم فقط و أصبحوا تائهين ضالين فتشردوا... بينما لم يستطع إدراك "زغدود" وأتباعه... فقد صرح الجنرال Randon بالحرف الواحد مايلي : "... لقد جئت إلى بونة من أجل إخماد ثورة، ووجدت نفسي بحضور عدو غير قابل للقبض، والذي يلزم القبائل بالمكوث على الحذر والحراسة.. لا أعتقد أنه يخطأ – دون تفكير ناضج – أن يقدم في الشروع على غزو الجهات البعيدة... ولذلك من الأحسن إنشاء طريق مع مواقع محصنة في غابة الإيدوغ أين لا يخاطر صعاليك "زغدود"... أما من جهة السهل، فمازال كثير من التهيج في العقول، وكثير من الأهالي المشبوهة و الملتزمة بإتيان نتائج منتظرة...".
وفي شهر ديسمبر 1841، استغل الجنرال Randon شهر رمضان المبارك للخروج من بونة زاحفا على الشيخ "زغدود" و أتباعه و نهبهم كلية... حيث انتزع من "بني محمد" سوقهم ونقله إلى "الخوالد"، كما طارد الشيخ "زغدود"، فانسحب هذا الأخير إلى غابات الإيدوغ للإحتماء والتقوية.
وبعد 05 أشهر، أي في أفريل 1842، انتهت أشغال فتح طريق بِغَالِي على بعد مسافة بـ22كلم، المؤدي إلى "عين بوحدادة"، "فج المعادن" و "بوزيزي"، تحت ظلال أشجار البلوط و الفلين، كما أقيمت متارس من خشب مما سمح لطابور Randon دوما بمراقبة أعالي الإيدوغ عبر تحرك مستمر على طول الطريق الذي لا يسلم من التحرشات و الإصطدام "بزغدود"، بدءا من حي "الزعفرانية".
و هناك تفاصيل أخرى جد مهمة قد أعطيت من طرف الملازم De Neveu في كتابه، الذي طبع في 1846، بعنوان : « Les Ordres Religieux chez les Musulmans d’Algérie » "...حيث عزم العقيد Lebreton، قائد الخط 22، على رأس طابور لتمشيط منطقة "الحروش"، إضافة إلى قبائل "راس الحديد"، "سكيكدة"، "القل"، "أم النمل"، و "تناڨروت"...
وفي 9 ماي 1842، قام الشيخ "زغدود" مدعما بألف (1000) من خيرة فرسان "زردازة" بهجوم مفاجئ على هذا الطابور المدجج بالمدافع، ففر منه الكثير تاركين خلفهم غنائم كثيرة من أسلحة و ذخائر، كما هدم معسكرهم و خربه تماما... و هذا مما سمح "لزغدود" بتحقيق مشروعه و ساعده على توسيع نفوذه إلى أعالي "الكنتور" و الإستلاء على معسكر "الديس" حيث دامت المعركة يومين كاملين من 09 إلى 10 ماي 1842، انتهت بانتصاره على جيوش العدو وحصوله على أنفال كثيرة لا تحصى ولا تعد…
ويستمر الشيخ سيره باتجاه قسنطينة، وإبقاء منطقة "سمندو" ( زيغوت يوسف حاليا) في حالة طوارئ.
في خلال شهر ماي 1842، أصبح كل الشمال القسنطيني تحت سيطرة وسلطة ونفوذ وحماية الشيخ "زغدود" تماما…
وعندما أقدم العقيد Frémyمن ڨالمة على رأس 3000 جندي من صبايحية وخيالة وفيالقة، مدججين بشدة، ومثقلين بقوة المدافع، من أجل القيام بعملية هجوم كبيرة ضد قبائل السهول "لڨالمة" و"بونة"، هاجمهم الشيخ "زغدود" علي رأس 1200 مجاهدا واندلعت المعركة التي دامت 04 أيام، أي من11 إلى 14 ماي 1842، ووقعت على ضفاف "ڨرعة فزارة"، وانتهت بانتصار الشيخ وجنوده، ولم ينجو من الجيش الفرنسي سوى 140 عسكريا من ضمن 3000 جندي مع العقيد Frémy الذين فروا هاربين إلى بونة.
فمن الآن وصاعدا، و نظراً لإتساع نفوذ الشيخ "زغدود" من الحدود التونسية إلى أطراف قسنطينة، وعلى طول هذا الإقليم الموجود تحت سيطرته، فقد أضاف الشيخ بعض الخطوط والملامح الشخصية عليه، واضعا في الحسبان ضرورة محاصرة المدن مع تحصين دفاع الأعراش والقبائل و تقوية كذالك علاقاته المتواصلة مع حليفه المتعاهد الشيخ "الحسناوي" الملتزم بمعارك أخرى.
ففي الوقت الذي كان فيه الجنرال Randon يواصل حملاته الكاسحة، مخضعا تقريبا كل أعراش السهول، وواضعا إياها تحت سيطرته، كانت عناية الشيخ "زغدود" واهتمامه نحو قبائل أخرى، مثل
"أولاد لكحل" الموجودة علي مقربة من "الڨحمصية" ( الحجار حاليا) ومابين"عين الباردة" و"سيدي بونشماية"، أين توجه الشيخ مرسلا إليهم قواه المستراحة من نواحي قسنطينة... وبعد معارك طاحنة مع قوى العقيد De Senihles من صبايحية وقناصة... حيث كان يتابعهم حتى إلى أسوار بونة...
خوفا على الأهالي من حصار جديد نظرا لتفوق قوى الحامية الفرنسية عدة وعددا و بمختلف الوسائل، ولم يستطع كذلك الشيخ تذليل الصعاب و قهر الصعوبات، فقد قرر الشيخ الإستقرار نهائيا في ناحية "الكنتور" و"وادي الصفصاف".
فبين شهري أكتوبر 1842 إلى فيفري 1843، لم تقع هناك معارك، فقد عين الجنرال Baraguay d’Hilliers قائدا جديدا للإقليم الشرقي بقسنطينة، ونظرا لإنزعاجه من إنفلات كل الإقليم من تحت سيطرته، وضياع نفوذ جيشه، فقد التزم بفتح عهد جديد لهجومات كاسحة ذات نطاق واسع... وقد توصلت احتكاكاته بالجنرال Bugeaud إلى إرسال مدد نجدة عبر دورية سفن حربية بين الجزائر العاصمة، سكيكدة و عنابة، يكون الهدف منها إشعال فتيل النيران على كل الإقليم الشرقي...
ولهذا قرر في 10 فيفري 1843، وبعد تحضيرات طويلة، شن حملة عسكرية ضد "زردازة" التي وفرت ملجأ للشيخ "زغدود" وكان على رأس هذه الحملة الشرسة جنرالان (02) وهما: Baraguay d’Hilliers et Randon ، برفقة أربعة (04) عقداء وهم : Buttafaco, De Montagnac, De Senihles et Lebreton
فقاموا بإٍرسال 04 طوابير قوية مكونة من 12000 جندي، غادروا معا وجاءت النجدات من قسنطينة، سكيكدة، عنابة، وڨالمة... وتوجهوا جميعا نحو"زردازة" أين أخبروا على وجود القوى الأساسية للشيخ "زغدود"... فباشروا حملة لا إنسانية دامت أيام، و وضعت الجيوش الفرنسية بسهولة في حيرة من أمرهم بعد تشتت شملهم وتفرق صفوفهم بسبب الإختلاف وعدم الإتفاق، ولم يوقفوا المعركة إلا من أجل شن النهب والسلب و ذبح السكان والتمثيل بجثتهم.
وبعد هذه المجزرة الرهيبة، رجع العقيد De Senihles إلى بونة في 25 فيفري 1843، بينما أعاد الكرة مرة أخرى الجنرال Baraguay d’Hilliers على رأس كتيبة من الصبايحية وذلك يوم 26 فيفري 1843.
وفي 27 فيفري 1843، بعد هذه المذبحة المرعبة، وهذا الخراب والتدمير، أصبحت قبائل الإيدوغ معطلة وخاوية على عروشها، نجح الشيخ "زغدود" مع قلة من الفئة الناجية في التخلص والتحرر والإحتماء، بعد متابعتهم ومضايقتهم، فبلغوا في الإتجاء إلى "راس الحديد" بعد عناء طويل ومشقة شديدة، إلى منطقته المألوفة التي يعرفها الشيخ جيدا.
وفي 04 مارس 1843، أقام الطابور"بعين عبد الله" تم توجه نحو "سيدي عكاشة" على مقربة من "راس الحديد" وعند قدوم صبايحية العقيد De Montagnac الذي كان يتحكم في معسكره في العراء بعسسه ومخيمه.. وهنا وخلال مدة 06 أيام، أي من 27 فيفري إلى 04 مارس 1843 فقد تمكن الشيخ مع عشرة من أتباعه من المقاومة بكل بسالة وشجاعة وتفاني، وكانوا يتنافسون الملاجئ، رغم أنه كان مجروحا وخارت قواه.
وبعد أن فقد الشيخ آخر رجاله الأفذاذ، وجد نفسه فجأة محاصرا من طرف رهط "مبرنسين" ( صبايحية سكيكدة)، فحاول تخليص نفسه وفكها، فزحف إلى قبة "سيدي عكاشة"... وبغتة وغدرا نهشته اليد الآثمة القاسية الجافية تماما للصبايحي العميل المدعو: "ساعد بن صالح" الذي أطلق رصاصة في صميم بطنه بكل رباطة جأش، وبدم بارد، دون أن يراعي إلآ ولا ذمة، رغم أنه كان يحتضر وجسمه الطاهر مخضبا بدمه الطهور، فربط إلى جذع الشجرة ثم رمي بوابل من الرصاص، ومع رفض الصبايحية من قطع رأسه الشريف، فقام العقيد De Montagnac بتعيين التركي "عمار بن عبد الله" الذي سارع وتكفل بالعملية النكراء، ثم أمر هذا الضابط الدنيء وبدون شفقة ولا رحمة، برجم جسمه الطاهر وبقطع رأسه الشريف وكوعه الأيسر الكريم .. وحملهما العقيد كشعار غلبة بكل إفتخار واعتزاز وتباهيا إلى معسكره "بفج موسى" وكان رأسه الشريف مغروزا في رأس الحربة، وكوعه الكريم معلقا بسيخ بندقية، كتذكار للنصر إلى المعسكر أين كانوا يبيدون المساجين.
ورجع طابور سكيكدة يوم 05 مارس 1843، بينما طابورعنابة في 06 مارس 1843. وأرسل رأسه الشريف إلى قسنطينة، وبقي معلقا مدة 03 أيام معروضا على ساحة السوق، ليكون درسا لكل من تسول له نفسه محاولة تقليده أو حذوه إقتداءا به، فيكون له العقاب الرادع.
وهكذا في حمام ومسرح من الدم انتهت ثورة الشهيد، أسد الإيدوغ : الشيخ الفاضل "سيدي سي زغدود" طيب الله ثراه وقدس سره- هذه الثورة المباركة التي حفظت لنا و لمنطقتنا مآثر ملحمة، وذكرى شهيرة لصفحة مشرقة من تاريخ مقاومتنا الوطنية تجاه الغزو الأجنبي.
أما فيما يخص قاطع الرؤوس، العقيد De Montagnac، فلم يعمر طويلا، فبضعة أسابيع بعد ذلك وخلال معركة "جامع الغزوات" بالغرب الجزائري ضد قوات "الأمير عبد القادر" فقد هلك بنفس الطريقة والكيفية كضحيته الشيخ "زغدود"، مع رأس مقطوع معلق على سيف، كما أبيد طابوره كلية تماما..
ويبقي الشهيد الشيخ "زغدود" شخصية بارزة، شهيرة، خالصة، ذي مجد وعز وشهامة وشرف ووطنية عميقة عمق الإيدوغ وشموخه، وسيظل غبطة الصالحين المجاهدين نعتز به أيما اعتزاز، ونفتخر به أيما إفتخار، بل نفاخر به الأمم، كيف لا وهو رمز من رموز المقاومة الوطنية... وسيخلد خلود الزمن، وسيبقي شامخا شموخ الإيدوغ الأشم معقل الأسود الأبطال، وقلعة المجاهدين الأشاوس ورباطهم، بل ودوح يدوح بالأولياء الصالحين والمرابطين، وحصن الشهداء الأخيار.
فهو فرع عالي وغالي من شجرة مباركة طيبة لا شرقية ولا غربية، أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين، فاحت عطورها، ولا زالت تفوح على مر الزمان، فقد سجل أروع صور المجد والشجاعة والبطولة، وضحى بالروح الزكية، والجاه في سبيل الله و الوطن و الشرف، و أبى أن يعيش بذل وهوان، وتصدى للغزاة الظالمين بالسيف وبالموقف الشجاع، ونال بذلك رضا الله والناس. فكان وفيا لأجداده الأماجد، صفع وجوه المحتلين وأذنابهم بلا هوادة، رغم أن الأعداء خيٌروه بين "القيادة"، فرفض الطلب، وحبذا العبادة ونال الشهادة، بنفس راضية مرضية مطمئنة ومؤمنة بالله والوطن والمبادئ.