نبذة تاريخية عن تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
بقلم: علي حمادوش-
ترجع الفكرة الأولى لتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الى اللقاء الذي جمع بين الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله مع رفيق دربه وجهاده الشيخ محمد البشير الابراهيمي رحمه الله سنة 1331 للهجرة - 1913م بالمدينة النبوية حيث تحدثا عن الدعوة الاصلاحية في الجزائر.
وقد زار الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله الشيخ محمد البشير الابراهيمي رحمه الله في مدينة سطيف سنة 1342 للهجرة - 1924م وذكر له بأنه عقد العزم على تأسيس جمعية باسم الاخاء العلمي، تجمع شمل العلماء والمصلحين في الجزائر يكون مركزها في مدينة قسنطينة، وطلب منه أن يكتب قانونها الأساسي فكتبه الشيخ محمد البشير الابراهيمي رحمه الله في ليلة واحدة وقرأه على الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله فوافق عليه، وقد عرض الفكرة على علماء مدينة قسنطينة فأيدوها، وقاموا بتعديل قليل في القانون الاساسي للجمعية، ثم حدثت حوادث عطلت المشىروع.
وقد كتب الشيخ محمد البشير الابراهيمي رحمه الله مقالا بعنوان جمعية العلماء فكرة نشر في سجل مؤتمر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قال فيه: (زارني الأخ الأستاذ عبد الحميد بن باديس وأنا بمدينة سطيف أقوم بعمل علمي زيارة مستعجلة في سنة أربع وعشرين فيما أذكر، وأخبرني بموجب الزيارة في أول جلسة وهو أنه عقد العزم على تأسيس جمعية باسم الاخاء العلمي يكون مركزها العام بمدينة قسنطينة العلمية...).
وقد وجه الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله في جريدة الشهاب دعوة الى العلماء والمصلحين لتأسيس جمعية دعوية نشرت في جريدة الشهاب عدد 3 في ربيع الثاني 1344 للهجرة - نوفمبر 1925م قال فيها:(اننا نرغب من كل من يستحسن هذا الاقتراح ويلبي الدعوة من أهل العلم أو محبي الاصلاح أن يكاتبنا مببنا رأيه به الينا على عنوان الجريدة حتى اذا ما رأينا استحسانا وقبولا كافيا شرعنا في التأسيس والله ولي التوفيق).
وقد كتب الشيخ المولود الحافظي رحمه الله مقالا بعنوان اقتراح تأسيس حزب ديني اصلاحي نشر في جريدة الشهاب ،وهو ممن لبوا دعوة الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله.
وقد تم تأسيس نادي الترقي بالعاصمة سنة 1345 للهجرة - 1927م.
وقد دعا الشيخ عبد الحميد بن باديس الطلبة العائدين من جامع الزبتونة الى تأسيس جمعية تجمع شمل العلماء والمصلحين في الجزائر سنة 1346 للهجرة - 1928م،فعقد اجتماع في مكتبه، قرر المجتمعون تحديد خطة عمل للجمعية.
وقد أقامت فرنسا احتفالا بمناسبة مرور مائة سنة على احتلال الجزائر سنة 1348 للهجرة - 1930م أرادت من خلاله أن تعلن جنازة الاسلام في الجزائر وأن تثبت للعالم أنها استطاعت أن تقضي على مقومات الشعب الجزائري المسلم ،فتأسست بعد ذلك جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ردا على السياسات الاستخرابية لفرنسا.
وقد دعا الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله الشيخ محمد عبابسة صاحب جريدتي المرصاد والثبات الى أن يقوم بالدعوة الى تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في نادي الترقي بالعاصمة، وكلفه بأن يختار جماعة من الشيوخ الذين لا تثير أسماءهم شكوك الحكومة الفرنسية أو مخاوف شيوخ الزوايا، وقد نفذ طلب الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله.
وقد أسر الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله الى الشيخ محمد خير الدين والشيخ المبارك الميلي رحمهما الله الى أنه لن يلبي الدعوة للاجتماع في يومه الاول حتى يقرر المجتمعون استدعاءه فيكون مدعوا لا داعيا.
ولقد لبى الدعوة 72 عالما وطالب علم من شتى الاتجاهات الفكرية والمذهبية ،وقدم خمسون عالما وطالب علم اعتذارا كتابيا ،فاجتمع الحاضرون يوم الثلاثاء 17 من ذي الحجة 1349 للهجرة - 5 ماي 1931م على الساعة الثامنة صباحا بنادي الترقي بالعاصمة بصفة جمعية عمومية لوضع القانون الاساسي للجمعية، وعينوا للرئاسة المؤقتة الشيخ أبا يعلى الزواوي رحمه الله وللكتابة الشيخ محمد الأمين العمودي رحمه الله، ووضع القانون الأساسي فأقره المجتمعون بالاجماع ،وانفضت الجلسة على الساعة الحادية عشرة.
وقد اجتمعوا مرة أخرى على الساعة الثانية من زوال ذلك اليوم لانتخاب الهيئة الادارية فتم اختيار الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ محمد البشير الابراهيمي والشيخ الطيب العقبي والشيخ محمد الأمين العمودي والشيخ المبارك الميلي والشيخ ابراهيم بيوض والشيخ المولود الحافظي والشيخ مولاي بن الشريف والشيخ الطيب المهاجي والشيخ السعيد اليجري والشيخ حسن الطرابلسي والشيخ عبد القادر القاسمي والشيخ محمد الفضيل اليراتني رحمهم الله ،وانفضت الجلسة على الساعة الخامسة مساء.
ثم اجتمعت الهيئة الاداربة على الساعة الثامنة من ذلك اليوم ما عدا الشيخين عبد الحميد بن باديس وحسن الطرابلسي رحمهما الله فانتخب الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله رئيسا للجمعية والشيخ محمد البشير الابراهيمي نائبا له والشيخ محمد الامين العمودي كاتبا عاما والشيخ الطيب العقبي نائبا له والشيخ المبارك الميلي أمين المال والشيخ ابراهيم بيوض نائبا له، والبقية أعضاء مستشارين ،وانفضت الجلسة على الساعة التاسعة والنصف ليلا.
وفي يوم الأربعاء على الساعة الرابعة مساء عقدت الهيئة الادارية اجتماعا في نادي الترقي برئاسة الشيخ محمد البشير الابراهيمي رحمه الله، غاب عنه الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ حسن الطرابلسي رحمهما الله، وانفضت الجلسة على الساعة السادسة مساء.
وفي يوم الخميس على الساعة الثامنة والنصف عقدت الهيئة الادارية اجتماعا برئاسة الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله وعرضت عليه الأعمال السابقة فوافق عليها وانفضت الجلسة على الساعة التاسعة صباحا.
وقد أقامت اللجنة التحضيرية حفلة شاي في نادي الترقي على الساعة الثالثة من ذلك اليوم دعت اليها كل الذين حضروا ،وارتجل فيه الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله خطابا شكر فيه اللجنة التحضيرية ومن لبى الدعوة من العلماء وطلبة العلم ورجال نادي الترقي ثم اعتذر عن عدم حضوره في اليومين الأوليين، ثم تكلم عن الجمعية ومقاصدها ثم دعا العلماء الى مؤازرة الجمعية وتحبيبها للعامة.
وفي 13 محرم 1350 للهجرة - 31 ماي 1931م أعلن الترخيص للجمعية في الجريدة الرسمية الفرنسية.
وقد كان معظم أعضاء الجمعية يسكنون خارج العاصمة لذلك قام الشيخ عبد الحميد بن باديس بتعيين لجنة دائمة مقرها العاصمة تتكون من خمسة أعضاء،ومهمتها التنسيق بين جميع الأعضاء وحفظ الوثائق والميزانية والتحضير لاجتماعات المجلس الاداري.
المراجع:
1- مذكرات الشيخ محمد خير الدين 1/ 87 - 92.
2-اثار الامام محمد البشير الابراهيمي 2/ 71 - 73.
3- سجل مؤتمر جمعية العلماء المسلمين الجزائريبن المنعقد بمركزها العام نادي الترقي بالجزائر صفحة 53 - 54.
4- جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والثورة التحريرية الجزائرية 1954 - 1962 للأستاذ محمد بن ساعو صفحة 19 – 22