من أسُس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
بقلم: المختار بوناب -
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين هذا العنوان الشامل المُثقل بالمفاهيم الإنسانية، الغني بالمعاني الحضارية،والمفعم بالروح الوطنية، وضعت أسسه و أرست قواعد بنيانه ثلة من العلماء،وقلة ونخبة من المفكرين.
أيّ ظروف ملوثة غلب عليها التحريف والتزييف والتدليس، وفي مخيط سياسي عقيم طغت عليه لغة الاستبداد و الاستدمار، ومع هذا فإن التاريخ الحديث يشير الى ان الجزائر بمبادئ الوفاء والصفاء. واجتهاداتها وإنجازاتها وتاريخها في المعالجة والمتابعة لكثير من الملفات الحساسة والمصيرية، خاصة تلك المتعلقة بصيانة مقومات الهوية الوطنية والدفاع عن المرجعية العقدية و الفكرية التي تجسدت في الثلاثية المقدسة: الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا، ليقع التزاوج بين هذه المقدسات الثلاث التي ترجمتها رسائل الشيخ ابي اليقظان ومحمد بيوض وشعر مفدي زكريا وواضع اللسان العربي ابن معطي الزواوي وبعض الفقهاء والعلماء من أمثال الثعالبي وأبي يعلي الزواوي ومولود قاسم وعبد الرحمان شيبان وما سطره المجاهدون في ساحات المعركة من أمثال المقراني وبوعمامة والأمير عبد القادر ولالة فاطمة نسومر والعقيد عميروش وسي الحواس وغيرهم ممن خلدوا ونظَروا و شقّوا ببصيرة ثاقبة ورؤية استشرافية في المفاهيم التي عجز الساسة عن تحديدها وضبطها وهذا ليس بالماضي البسيط passé simple بل هو الماضي المعقد المركب passé composé الذي امتزجت فيه كل معاني الحرية والتحرر والانعتاق بالقيم والمُثل العليا، تلك هي جملة من الدروس التي يستخلصها المتتبع لهذه التجربة الجمعوية الرائدة والواعدة في هدوء ووعي كلٌّ من موقع مسؤولياته للارتقاء بها الى ذلك المستوى المنشود والرفيع للحد من تبذير الجهود وهدر الطاقات للوصول الي النتائج باقل التكاليف والاثمان خاصة في هذه المرحلة التي تعرف المد والجزر وطرح بعض البحوث الافتراضية والمواضيع التي كنا نعتقد أنها ضرب من الخيال أو من الترف الفكري هي من الأطروحات التي يشوبها الدّخَل والدَّخَن باسم الدين تارة ، وباسم الحداثة وما بعدها تارة اخرى، ان هي إلا نتاج تراكمات تاريخية أفرزتها مناهج تربوية تمخضت عنها عصور الظلام والانحطاط والقابلية للاستسلام أثمرت دون تردد الببغائية النصية والنقلية والنمطية دون تحمل عناء البحث عن استراتيجيات علمية مبنية علي مقاربة جديدة تتوفر على مؤهلات الكفاءة والفعالية والجدارة والإخلاص، فالتاريخ كما يقول مالك بن نبي يبدأ من الانسان الذي يطابق بين الجهد العقلي وبين القيم والمثل العليا، ولا شك فإن الجمعية قعّدت منظوماتها التربوية والإعلامية والاجتماعية وفق هذا المنظور فنجحت الى حد ما، فبقيت تكابد وتصارع رغم الرياح العاتية والامواج المتلاطمة إلى هذه الساعة لأنها تميزت بالثبات مع الثوابت وتكيفت مع الاستراتيجيات والمتغيرات.
الأستاذ بوناب المختار: عضو المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين