الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس (فكر سياسي ثوري)
بقلم: د.عبد العزيز فيلالي-
سنوضح في هذا المقال جانبا من الجوانب العديدة لحياة الشيخ الإمام، وجهوده الكبيرة في المجال التربوي والديني والإصلاحي وإحياء اللغة العربية، ونشر الوعي الوطني، والدفاع عن حقوق الأمة السياسية والوطنية. وهو الموروث الثقافي والسياسي، الذي أكتسبه الإمام من محيطه الضيق وهو الأسرة، استمده منها عبر الأجيال، ومن المجتمع والأمـة، التي كانت تعيش حياة الاستغلال والعدوان الفرنسي، مفقودة الكرامة مسلوبة من أبسط حقوق الإنسان.
وسأركز في نهاية المقال، على مشروعه السياسي المستمد من خطاب هام ألقاه أمام ثلة من العلماء الرواد سنـة 1928م، بمكتبه المجاور لمسجد الأربعين شريفًا ([1]) والخطاب في حد ذاته، يتجلى وطنية، ويتميز بالروح الثورية والبعد التحرري، ويتضمن حقائق تاريخية، مما يدل على أن الإمام كان ملما بقضايا الأمـة، وبالعصر الذي يعيش فيه، ويدعو في نفس الوقت إلى الكفاح والجهاد في سبيل الله والوطن.([2])
أسـرة ابن باديـس :
ينحدر الشيخ الإمام، رائد النهضة الحديثة في الجزائر، من أسرة عريقة أصيلة في العلم والجاه والوظيف لها باع طويل في العلوم الشرعية بمدينة قسنطينة منذ العصور الوسطى، تعود أصولها إلى الأمير المعز لدين الله بن باديس الزيري الصنهاجي (406-452هـ/1010–1061م)، الذي ثار على الدولة الفاطمية في مصر، وقطع الصلة السياسية والمذهبية معها، وألغى المذهب الشيعي، وأعاد الاعتبار إلى المذهب المالكي، مذهب الأغلبية في ربوع افريقية والمغرب الأوسط (الجزائر)([3])
وتقلد بعض أفراد الأسرة الباديسية خلال القرنين السابع والثامن الهجريين، الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين، العديد من الوظائف السامية بمدينة قسنطينـة، بحيث تميز حسن بن بلقاسم بن باديس بالعلم وأصول الدين والخطابة والقضاء، ويعد أحد أعمدة الفقه المالكي، في مدينة قسنطينة خلال القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي([4])
وعيّن الشيخ أبو علي حسن بن خلف بن باديس (ت 784/1382) قاضيا وخطيبا بمدينة قسنطينة إلى وفاته، كان مشهورا بغزارة علمه وبراعته في الفقه المالكي والأصول.([5])
أما أبو علي حسن بن أبي القاسم بن باديس (ت787هـ/1385) فقد أشتهر هو الآخر، بغزارة العلم وبكثرة تصانيفه ونظمه وشروحه شغل هو الآخر، منصب الخطابة والقضاء بمسقط رأسه، ثم قاضي الجماعة بالحاضرة التونسية، واحتل نفس الوظيفـة بعد عودته إلى مدينة قسنطينة، كان متشبعا بالتصوف، نظم قصيدة شعرية مشهورة بالسينية والمسماة "بالنفحات القدسية" تتحدث عن المشيخة، وتتضمن الثناء على الشيخ الصوفي عبد القادر الكيلاني (560هـ/م1165) ومناقبه وسلوكه وزهده وبركاته.([6])
ثار علماء الأسرة الباديسية، كسابق عهدهم، ضد الغزو المريني، بمدينـة قسنطينـة سنة (758هـ/1358)، وقاوموه بشدة، وتصدوا له مع أهل الحاضرة، وهو ما سبب لهم السجن والنفي والتشريد.([7])
وبرز من هذا البيت كوكبة من العلماء و الفقهاء و الخطباء والقضاة في العهد العثماني نذكر منهم على سبيل المثال: أبو العباس أحمد المدعو حميدة بن باديس (ت 969هـ/1561م) الذي كان يشغل منصب المشيخة والقضاء والإمامة بجامع قصبة مدينة قسنطينة.([8])
ومنهم يحي بن باديس إبن المدعو حميدة، كان كثير المداعبة والتواضع كثير القراءة، ذا تلاوة حسنةللقرآن الكريم، شغل هو الآخر منصب نائب عن قضاة العجم، وخطيب جامع قصبتها، يستخلف في كثير من الأحيان إبن لفقون الجد في الصلاة والخطابة.([9])
وظهر منهم في القرن 11هـ/17م أبو عبد الله محمد بن باديس الذي تتلمذ على عبد الكريم لفقون صاحب منشور الهداية، وكان يكاتبه كثيرا في مسائل فقهية وقضايا نحوية وعند سفره إلى البقاع المقدسة إلتقى في مصر بأبي العباس أحمد المقري صاحب كتاب "نفح الطيب"، حيث تباحث معه في قضايا فكرية و لغوية و أخذ عنه الكثير.([10])
ومنهم أيضا حميدة بن باديس الذي تبوأ منصب كاتب البلاط العثماني بمدينة قسنطينة وكذلك بالجزائر يعد من كبار الأدباء والكتاب يحبه الناس لأنه لا يدخر وسعا في سبيل قضاء حوائجهم،تولى الخطابة في جامع قصبة المدينة ثم ترقى إلى خطة الإفتاء.([11])
واشتهر منهم المفتي بركات بن باديس دفين مسجد سيدي قموش،يتميز بغزارة التأليف والتصنيف في الفقه والألغازوالتصوف،عاش في القرن12هـ/18م.([12])
وأشتهر من هذا البيت أيضا في القرنين 19 و 20 الميلاديين في ميدان العلم والقضاء والنضال السياسي، والده : محمد مصطفى بن المكي (1951) الذي تبوأ مناصب عديدة، منها عضو المجلس الجزائري الأعلى وعضو المجلس العمالي قسنطينـة، كما تقلد عمه حميدة بن باديس منصب نائب عمالي عن عمالة قسنطينـة، في أواخر القرن (19) الميلادي واشترك مع بعض زملائه من النواب في تحرير عريضة سياسية طويلة، شرحوا فيها حالة المجتمع الجزائري المزرية وأوضاعه المتردية وقدموها إلى أحد أعضـاء مجلس الشيوخ الفرنسي سنـة 1891م.
واشتغل جده الشيخ المكي بن باديس (1899م) المعروف بسعة اطلاعه على العلوم الشرعية، منصب القضاء أيضا بمدينة قسنطينة.([13])، وتقلد العضوية في المجلس العام وفي اللجنة البلدية لمدينة قسنطينة وكان شخصية مرموقة إستشارية للحكومة الفرنسية، قدم خدمات جليلة لأبناء وطنه ولا سيما منها تلك التي قدمها أثناء المجاعة الكبيرة التي حلت بالبلاد ما بين سنتي 1862-1868.
وتنتمي أمه السيدة زهيرة بنت محمد بن عبد الجليل بن جلول إلى بيت من البيوتات العريقة المشهورة في مدينة قسنطينة، تمتد عراقتها و أصولها إلى اربعة قرون من الزمن، تنحدر من قبيلة بني معافى الأوراسية، إنتقل أحد أفرادها إلى مدينة قسنطينة، واستقر بها في العهد العثماني، وتزوج من أميرة تركية هي جدة أسرة بن جلول.([14])
تميزت هذه الأسرة أيضا بالجاه والعلم والسياسة (المخزن)، فكان لها باع طويل في تمثيل المجتمع القسنطيني في النيابة والمجالس المحلية، فكان لهذا الرافد موروث أيضا أثره في تكوين شخصية الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس ومواهبه العلمية والفقهية والسياسية.
تزوج محمد بن مصطفى بن باديس زهيرة بن جلول وأنجب منها خمسة ذكور وبنتان فكان عبد الحميد أكبرهم و عبد الحق أصغرهم.([15])
نشأتــه:
ولـد الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس سنـة 1889م وترعرع في أحضان أسرة عريقة في الجاه والمال والعلم والوظيف والنضال كما أسلفنا وليس غريبا أن يكون سليل أجداده العلماء، ولعل التقاليد العلمية التي تعودت عليها هذه الأسرة، جعلت والده، يختار له منذ البداية، دراسة العلوم الدينيـة والتخصص فيها، فحفظ القرآن الكريم، وهو إبن الثالث عشرة من عمره، وتعلم اللغة العربية، على علماء المدينة وشيوخها، ولم يقدمه إلى المدارس الفرنسية الكولونيالية، كغيره من أبناء البيوتات الارستقراطية آنذاك، وكبار الموظفين في المدينة، لأنه كان يريد له أن يسلك سلوك أجداده في دراسـة العلوم الإسلامية.([16])
وقد وجهه والده وجهة صالحة في الحياة فاختار له طريق العلم وانتقى له معلمين يتميزون بالكفاءة والعلم والتقوى والإستقامة، ورعاه وهو صغير، وكفاه مؤونة الحياة وهو كبير وأعاشه وبراه كالسهم وحماه من كيد الكائدين، ووقاه من ظلم الاستعمار وبطشه، ووفر له كل أسباب الحياة، حتى يتفرغ للعلم والمعارف والنضال من أجل الأمة، وفي ذلك يقول الشيخ الإمام: « إن الفضل يرجع أولا إلى والدي الذي رباني تربية صالحة ووجهني وجهة صالحة ورضي لي العلم طريقة أتبعها، ومشربا أرده، وقاتني وأعاشني وبراني كالسهم وراشني وحماني من المكاره صغيرا وكبيرا وكفاني كلف الحياة ».([17])
انتقل إلى جامعـة الزيتونة، للاستزادة من طلب العلم على يد كبار علمائها وشيوخها، فتفتح ذهنه، وعقله على مختلف العلوم النقلية والعقلية والأدبية، ونبغ فيها حتى نال إعجاب أساتذته وشيوخه، وتحصل على شهادته المرجوة، ثم ارتحل إلى الديار المصرية والحجازية، لأداء فريضة الحج والرحلة في طلب العلم، حيث التقى بكبار رجاله ورجال الإصلاح والنهضة، فأحازوه إجازات خاصة وعامة.([18])
ولما عاد إلى أرض الوطن وهو شاب، مفعم بالحيوية والنشاط لا يزيد عمره عن 23 سنة، يحمل في عقله ووجدانه، ما أخذه وسمعه من شيوخه وأساتذته من علوم ومعرفة، وبما وجهوه إليه، وأوصوه بالعمل على نهضة الجزائر وشعبها وتحريره من هموم الاستعمار، الذي ظل يعاني من وطأته منذ سنـة 1830م.
لقد بلغ الاحتلال أوج قوته وجبروته، على الشعب والأرض، بعد أن قضى على معظم الثورات والانتفاضات، التي كانت تقوم هنا وهناك من التراب الوطني خلال القرن 19 ومطلع القرن العشرين.([19]) فكان أمله شديد على شعبه الغارق في الجهل والأمية والفقر والبدع، فضلا عما يعانيه من الظلم والاضطهاد والطغيان.
التزم الشيخ الإمام منذ البداية، بالتعليم وتربيـة النشأ لأنه أساس تقدم الشعوب والأمم ونهوضها وازدهارها، فكرس حياته لهذه المهمة النبيلة ونذر نفسه للإسلام والوطن، وصار جنديا في سبيلهما، كما عبر عن ذلك في عدة مناسبات.([20])
وعيـه بقضايا الأمـة :
كان للشيخ الإمام وعي مبكر، بقضايا بلاده وأمته، فقام بتشخيص العصر الذي يعيش فيه في الجزائر، بنظرة الخبير المطلع فكان يقول:« أجتمعت في الجزائر كل أنواع الاستعمار، من استعمار اقتصادي وثقافي وسياسي، فقد وضعت فرنسا يدها على اقتصاديات البلاد كلها وحاصلاتها، وسنت لحمايتها القوانين السياسية الجائرة استثنائية، وطبقتها كلما دعت مصلحتها إلى تطبيقها، وزادت فمكنت للغتها في البلاد، فلا لغة إلا لغتها ولا ثقافة إلا ثقافتها، حتى الدين امتدت إليه يدها، فبسطت نفوذها عليـه لتستغلـه عند الحاجـة، كما تستغل المناجم، أما الإدارة وأجهزتها، فكلها في قبضتها، وإذا وجد فيها جزائري ليكون من أعوانها، على إخوانه، وأي احتلال واستعمار أبشع من هذا الذي نعيشـه في الجزائر ».([21])
ويتضح من خلال هذا النص أن الشيخ الإمام كان مطلعا على كل كبيرة وصغيرة، عن الأوضاع السياسيـة والدينية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي يعاني منها المجتمع الجزائري، من جراء الاحتلال.
وكان يحس بمعانات الأمـة ويعيشها بكل جوارحه، فكانت هذه الظروف هي التي شحنت صدره، وحركت هممه، وبعثت النخوة والحمية في نفسـه ووجدانه وعقله، فصارت الحافز القوي الذي دفعه، إلى تحمل مسؤوليـة الكفاح والنضال، على عدة جبهات، بوضع خطة عمل طويلة المدى للنهوض بالمجتمع في جميع المجالات يرتكز على عدة محاور هامة منها: إصلاح العقل– وإصلاح العقيدة– وإصلاح التربيـة، وتحرير الأرض والإنسان الجزائري من ربقة الاستعمار وإضطهاده.([22])
وقد بدأ في تطبيقها منذ عودته إلى بلاده سنـة 1913م، بالعمل الدؤوب وهو شاب لا يتجاوز سنه 23 سنـة حيث خصص وقته للتعليم ونشر المعرفة والوعي السياسي بإلقاء الدروس والمحاضرات العامـة في المساجد والمدارس والنوادي و الكتابة في المجلات و الجرائد، ولا سيما منها المنتقد والشهاب.([23])
وكان يعمل على جمع شمل علماء الجزائر آنذاك، وتوحيد جهودهم وخططهم وأسلوبهم، والتقريب بين وجهات نظرهم، وخاصة الذين رأى فيهم الصدق والأمانة والقدرة العلمية، والتجاوب مع مرحلـة الإصلاح والنضال السياسي.
وكان الشيخ الإمام يقول : « لو اتحد العلماء على حقهم، كما اتحد غيرهم على باطلهم، لسعدت الأمة، ونجت من بلاء كبير ».([24]) واستطاع أن يجمع إلى صفه ثلة من خيرة العلماء فاجتمع بهم سنـة 1928م فكان اجتماع الرواد.([25])
دعـوته للكفاح والجهاد :
ألقى الإمام خطابا سياسيا أمام العلماء الرواد بمقر مجلـة الشهاب، حلل فيه وضعية الأمة وما تعانيه من جرم الاستعمار الصليبي، الذي أغتصب الأرض ويريد أن يضعف الشخصية الجزائريـة، للقضاء عليها بسهولـة ويسر، حتى لا يستطيع أن يقاوم، ودعا الشيخ الإمام صراحة إلى الكفاح والجهاد في سبيل الله والوطن.26]) في فترة زمنية، يستحيل فيها على أي جزائري، مهما كان مركزه السياسي والاجتماعي أن يتفوه بمثل هذه المفردات فقال للعلماء الذين كانت مشاعرهم تفيض حماسا وعزيمة صادقة واستعدادا للتضحية: « أيها العلماء حياكم الله وأمدكم بعونه ونصره وبعد: فلا شك أنه أصبح من المعلوم لدى كل واحد منكم، أن العدو الاستعماري الصليبي، قد أغتصب أرضنا ودفع شعبنا إلى السكن في الكهوف، ومغاور الجبال، وأصبح شغله الشاغل أضعاف الشخصية الجزائريـة، سياسيا في طريق القضاء على وجودها، لتحل محلها الشخصية الفرنسية، من أجل هذا أسرع الاستعمار الخطى، إلى حشد عشرات الآلاف من الرجال والنساء من مختلف الجنسيات الأوروبية، ومنحهم الجنسية الفرنسية، ثم أسكنهم العمالات الثلاث ( الجزائر – قسنطينة – وهران ) من التراب الجزائري، وأقطنهم الأراضي الخصبة، التي انتزعها من ملاكها، ثم عبد لهم الطريق، وأعانهم بالأموال من أجل بناء المساكن وتفجير المياه، وواصل سيره هذا في مخططه، فاصدر القوانين المتعاقبة للقضاء على الشعب الجزائري، بسهولـة ويسر، حتى لا تقوم مقاومة من داخل البلاد، ولا تذاع جرائم الاستعمار خارجها، وقد رأيت من المفيد، أن أقدم إلى جمعكم المحترم بعضا من هذه القوانين الخطيرة، لتدرسوها وتمعنوا النظر فيها وفي نتائجها، ولتعرفوا ما يبيته لكم عدوكم ».([27])
ثم قدم لهم الشيخ الإمام بعض القوانين المجحفة في حق الجزائريين صدرت عن مجلس النواب الفرنسي، ومن بينها، قانون سنـة 1845، الذي يقضي بتقسيم الجزائر إلى ثلاث عمالات، وجعلها ملحقة بالعملات الفرنسية، وصدر قانون في سنـة 1848 الذي يؤكد على أن الجزائر جزء لا يتجزأ من التراب الفرنسي، وصدر أيضا في سنة 1854 قانون عن المجلس الفرنسي، يجعل الجزائر أرضا فرنسيـة، ووصف لهم الشيخ الإمام ما حدث سنـة 1879 من جفاف عظيم أدى إلى مجاعـة كبيرة في الجزائر حيث نقصت المحاصيل الزراعية ومختلف الغلال، وأصبح المواطنون الجزائريون يعانون من الجوع، فتفشت فيهم الأمراض والوباءات فمات الكثير منهم، فاستغل " الكاردينال لا فيجري " هذه الظروف البائسة، فأخذ يطوف في البوادي والقرى من شمال البلاد إلى جنوبها، حاملا بيده اليمنى الصليب، وبيده اليسرى الخبز والدواء واستطاع بهذه الطريقة أن يحول جموع كبيرة من مرضى المسلمين وأيتامهم عن دينهم الإسلامي، وإدخالهم إلى الديانة المسيحية.([28])
وصدر في سنة 1900 قانون استولت بموجبه الإدارة الفرنسية على دور العبادة، وعلى الممتلكات الموقوفة على الشؤون الدينية الإسلامية وضمتها إلى أملاك الدولـة الفرنسية، مما جعل التعليم العربي تحت رحمتها ولا يمارس إلا برخصة تمنحها السلطات الفرنسية عادة إلى الجهال والعملاء.([29]) وصدر قانون عام 1901 يتضمن فصل الدين عن الدولـة، ولكنه طبق في فرنسا وعلى اليهود والمسيحيين في الجزائر، بينما بقي المسلمون تحت قبضة الإدارة الفرنسية ولا يمارس إلا برخصة منها.([30])
ثم طلب الشيخ الإمام من العلماء أن يتحملوا مسؤولياتهم بكل شجاعـة وتضحية في سبيل أمتهم ووطنهم قائلا : « والآن أيها العلماء، قد شاء الله أن يهيئكم ويدخركم لهذا الظرف، لتتحملوا مسؤوليتكم بكل شجاعـة وتضحية، وأن يومكم هذا لشبيه بذلك اليوم الذي وقف فيه البطل المجاهد، طارق بن زياد خطيبا في جيش المجاهدين على ربوة جبل طارق، بعد أن أحرق سفنهم، التي حملتهم إلى الجهاد في الأندلس، وقال قولته المشهورة : « أيها الناس أين المفر؟ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم وليس لكم غير الموت أو النصر » ويضيف الشيخ الإمام قائلا :« وأنا أقول لكم في هذا اليوم، لم يبق لنا إلاّ أحد الأمرين، لا ثالث لهما: إما الموت أو الشهادة في سبيل الله، منتظرين النصر الذي وعد الله به عباده المؤمنين، أو الاستسلام ومد أيدينا إلى الإغلال، وإحناء رؤوسنا، أمام الأعداء، فتكون النتيجـة لا قدر الله أن تجري علينا، ما جرى ببلاد الأندلس ».([31]) ويقصد الشيخ الإمام بذلك التنصير بالقوة أو التهجير ومصادرة الأملاك، كما فعلت محاكم التفتيش في الدولـة الإسبانيـة مع بقايا المسلمين في الأندلس خلال القرن 10هـ/16م، «فنصّرت من تبقى منهم قصرًا، وهجرت من لم يخضع لذلك».
ويتبين من هذا الخطاب السياسي التاريخي الهام، أن الشيخ الإمام يملك العديد من المعطيات والحقائق بظاهرة الاستعمار ومخططاته اللانسانية ضد الشعب الجزائري، فقد قام بإقصاء أبناء الوطن من أراضيهم وديارهم إلى أعالي الجبال وكهوفه، وإلى أطراف الصحراء القاحلة، حيث شظف العيش وقسوة الطبيعة، بينما كان المعمرون ينعمون مع أبنائهم وذويهم بمختلف جنسياتهم،بخيرات البلاد وثرواته، وبالرفاهية ورغد العيش، في المدن والقرى والمناطق الزراعية السهلية الخصبة.
ويعد هذا الخطاب دعوة صريحة إلى الجهاد، لا خراج الاستعمار وتطهير أرض الجزائر منه، ويعدًّ أيضا تحليلا سياسيا عميقا لأوضاع الأمـة الجزائريـة في عهده، والتي كانت تعيش عيشة بؤس وظلم واضطهاد والحرمان بكل أشكاله وأنواعه.
وكان الشيخ الإمام يعي كل الوعي ببعد نظره السياسي وبثقافته القانونيـة، وبما يحيط من أحداث ومخططات الإدارة الفرنسية ومتابعتها عن كثب وهي أمور تدل على الفكر السياسي لدى الشيخ الإمام، كما كان يؤمن بالعمل الجماعي القائم على التنظيم والتخطيط والبرمجة والدراسة وهي سمة من سمات التفكير السياسي، الذي يتميز به الشيخ الإمام ابن باديس.([32]) بحيث كان يدرك أهمية الفكر السياسي و العمل الجماعي و دوره في حياة الأمة الإسلامية عموما، والجزائرية على وجه الخصوص، وفي ذلك يقول: « إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله، إذا كانت لهم قوة، وإذا كانت لهم جماعة منظمة، تفكر وتدبر، وتتشاور وتتآزر، وتنهض لجلب المصلحة، و لدفع المضرة، مساندة في العمل عن فكر و عزيمة ».([33])
فقد كان يقول لإخوانه العلماء الرواد: « أكفوني الأمور الإداريـة أما الاستعمار، فأنا أتكفل به وحدي ».([34])
وكان يصرح لإخوانه في بعض جلساته عن الاستعمار، ويؤكد لهم بأن الشعب الجزائري قوي بتاريخه وحضارته وأصالته وشجاعته وحقه أكيد في الحياة والحرية فوق أرضه، أما الاستعمار فهو دخيل على هذه الأرض وأيامه محدودة مهما مدَّ في أجله وأمهل في الحكم عليه. و أما الأصيل (أي الشعب الجزائري)، فقد تحيط به ظروف قاسية، كما تحدق به أخطار أقسى، ومع ذلك فإنه لن يبرح أصلا، فيظل صامدا يتحين الفرص للانقضاض على الدخيل المستعمر والتاريخ شاهد على ذلك.([35])
فقد كان الإمام ابن باديس، يعرف تاريخ أمته وتاريخ الشعوب الأخرى ويعلم علم اليقين، بأن الاستعمار والظلم مهما طال أمده وكثر عدده وزادت قوته، فسيكون مصيره الزوال.
وبعد الانتهاء من الخطاب أجاب العلماء الرواد الشيخ الإمام: «نحن مستعدون للتضحية في سبيل ديننا ووطننا والله معنا»، فقال لهم الشيخ الإمام: «حياكم الله وأيدكم بنصره».
وقام بإملاء خطة عمل طويلـة المدى للنهوض بالجزائر وشعبها دينيا و ثقافيا واجتماعيا وسياسيا وتخليصها من الاستعمار الأجنبي الذي طال في البلاد وهي كالتالي:
الشروع في إنشاء المدارس الحرة لتعليم اللغة العربية و التربية الإسلامية.
الالتزام بإلقاء الدروس والوعظ في المساجد الحرة في أنحاء الوطن لعامة المسلمين لتبليغ الدعوة الإصلاحية لجميع الناس.
الكتابة في الصحف والمجلات لتوعية طبقات المجتمع.
إنشاء النوادي العربيـة للاجتماعات و إلقاء الخطب و المحاضرات.
إنشاء الفرق الكشفيـة للشباب في كافـة البلاد.
العمل على اذكاء روح النضال في أوساط الشعب لتحرير البلاد من العبودية والحكم الأجنبي.([36]) لأن مبدأ الشيخ الإمام هو اتباع سيرة الرسول (ص) الذي علم أصحابه أولا العقيدة والإسلام ثم سلحهم بالسيف وأدوات القتال، فكلا السلاحين لا يغني أحدهما عن الأخر.([37])
إن القرآن الكريم والسنة النبوية بالنسبة للشيخ الإمام، كفيلان بتحقيق هذه الغاية السياسية، فبدراستهما والتمعن فيهما،تمكن الشيخ الامام من اكتشاف منهج علمي، ومنهج حياة، استعان به في أعماله ومشاريعه ووظفه في المجال الفكري والعقدي، ولاسيما في معالجة القضية الوطنية، التي تعاني من الاحتلال و الظلم الأجنبي.([38])
وكان الشيخ الإمام يتميز بالفكر الواقعي، ويراعي الظروف المعاشة المحيطة به، في اتخاذ قراراته وخططه، لأنه يتسم بالنزعة العقلية العملية والعلمية، بعيدة عن المثالية والخيال. فكان يعي كل الوعي بأن السيادة والاستقلال مرهونان بتقدم الأمة وتوعيتها وتطورها في المجال العلمي والمعرفي، والنهضة المدنية والعمران. وكان يرى بان لا يتحقق لها ذلك إلا إذا تخلصت من سباتها وجهلها وأميتها وضعفها، فكانت هذه فلسفته في الإصلاح والسياسة. نابعة من واقع المجتمع الجزائري ومعاناته الطويلة، فوضع منهجا لخطة شاملة، يستهدف من خلالها، إعادة تشكيل الشخصية الوطنية وإحياء مقوماتها وأبعادها الحضارية، التي أصابها الضعف والهوان، من جراء الدخيل الأجنبي.([39])
فالعلم في نظره سلاح ونور في كل زمان ومكان، واكتسابه ينهض بالمجتمع والأمة وينميها وبالتالي يمهد لطرد الاستعمار من البلاد.([40])
وكان يشير إلى ذلك بقوله: «نحن بناة نهضة ودعاة إسلام وجهاد ونضال، والوقوف بالمرصاد للإستعمار، الذي يقوم بمحاربة مقوماتنا الشخصية والروحية والثقافية حتى يسهل عليه بلعنا ».([41])
فالإسلام إذن يدعو إلى إكتساب العلم والمعرفة، والتزود بهما وإعداد القوة والتسلح بهما، لأن المسلم القوي كما يشير الشيخ الإمام أحسن من المسلم الضعيف، يستطيع أن يدافع عن نفسه وعن مجتمعه وعن وطنه، فقد ترك المسلمون قبله وفي عهده الأخذ باسباب القوة والعلم فسقطوا في يد الأقوى منهم، فتعرضوا للغزو والاستعباد وأصبحوا آلة لخدمة مصالح الإستعمار. ([42])
وقد تأكد الشيخ الإمام من عنث الإدارة الفرنسية وتجاهلها لحقوق الشعب الجزائري، بعد المحاولات العديدة للحركة الوطنية، لاسترداد هذه الحقوق بالوسائل السلمية والنضالية، بأن سياسة الحكومة الفرنسية في الجزائر، لن تتغير ولن تتبدل بهذه الوسائل، إلاّ باستعمال القوة وأن الأمة الجزائرية، لا تنقصها هذه القوة كما يرى الشيخ الإمام، بل إنها تملك من المقومات، ومن الماضي التليد ومن التاريخ العريق ما يؤهلها من مجابهة الاستعمار بقوة أشد. وأن فرنسا ذاتها تدرك ذلك، فالجزائر المسلمة قادرة على الكفاح و النضال والدفاع عن كيانها و ذاتيتها.([43])
وكان بعض الجزائريين ولاسيما منهم الدارسين في المدارس الفرنسية يتحججون، بوجود ما يسمونه " فرنسا الكبرى " و " فرنسا الصغرى " فكانوا يعتقدون، بأنهم إذا لم يتمكنوا من التفاهم مع حكام الجزائر " فرنسا الصغرى " فسيلجؤون إلى " فرنسا الكبرى " ( باريس )، للتفاهم معهم، غير أن الشيخ الإمام تأكد أثناء زيارته لفرنسا سنة 1936م مع وفد المؤتمر الإسلامي، من لا وجود لفرنسا الكبرى و لا لفرنسا الصغرى، فالدولة الفرنسية وإدارتها وجيشها دولة واحدة، رأسها في باريس ورِجْلاها في الجزائر.([44])
وكان الشيخ الإمام، قد تمكن من إقناع الوفد الجزائري، خاصة منهم من يحملون الثقافة الفرنسية، بأن الجزائر ليست قطعة من فرنسا ولا جزء منها كما تدعي، وإنها للجزائريين وحدهم، وليست لغيرهم من الغزاة، الذين سيغادرونها "مذمومين مدحورين كما غادرها أسلافهم الغزاة، وكانوا أشد قوة منهم، فذهبوا جميعاو بيقت بعدهم الجزائر خالدة" حسب تعبير الشيخ الإمام.([45]) فالحرية عنده جزء لا يتجزأ وحق لكل إنسان كحقه في الحياة، فبمقدار ما عنده من الحياة هو مقدار ما عنده من الحرية.([46])
وكان للشيخ الإمام رأيه السياسي المستقل في كل موقف تتعرض له الجزائر يعلنه بصراحة وبجرأة، في محاضراته وندواته وفي كتابته في جرائده.([47]) وفي عرائضه العديدة واحتجاجاته الكثيرة ضد سياسة الحكومة الفرنسية.
فقد شغلت السياسة عقله و فكره منذ شبابه فاضطر إلى الخوض فيها باسمه الخاص، فكان على الذين ينكرون العمل السياسي على الشيوخ و العلماء، بأن العلم والدين، لا ينهضان إلا بنهوض السياسة، ولهذا طالب قادة المجتمع سواء منهم السياسيون أو العلماء، بالجمع بين العلم والسياسة لأنهما متلازمان ومتداخلان ومكملان، و يفيدان بعضهما بعضا.([48])
فقام الإمام بإبراز دور العلم والعقل في حياة الأمة ومعالجة قضاياها، واقام الأدلة والبراهين، لمعرفة مفهوم مقاصد النضال السياسي والإصلاح الإجتماعي والديني والثقافي والاقتصادي، وإحياء لغة القرآن وتطويرها، وهي أمور أستمدها من الأصول الإسلامية، ومن ثقافته السلفية المتطورة، التي تواكب العصر، في كل ما يهم حياة الفرد و المجتمع.([49])
وإن المعاصرة بالنسبة إليه ضرورية، لا تتناقض مع الأصالة التي تربط الفرد بدينه وأصوله وتقاليده وتاريخه وقومه، بل كانت دعوته عصرية جمعت بين القديم والحديث، وأفادت كا منهما الأخرى.
وكان يحث على استعمال العقل في كل شيء بشعار "لا تعتقد حتى تنتقد"، والابتعاد عن ذلك فسيؤدي بصاحبه لا محالة إلى الجمود والخمول والتقليد الأعمى.([50])
وكذلك استلهم خطته ومشاريعه واستمدها من أفكاره وتجاربه المتفاعلة مع واقع المجتمع الجزائري، ومن حقائق العصر الذي يعيش فيه ومن سنن الكون والإنسانية، ومن التاريخ والحضارات الأخرى التي اطلع عليها.
فهذه المعطيات كلها جعلته يخوض نضاله وجهاده وإصلاحه ونهضته في المجالات المختلفة، بكل جدارة واستحقاق ببرنامج مجتمع متكامل طبقه في الميدان مع إخوانه و تلاميذه بعزيمة قوية وإرادة فولاذية، وبفكر عملي، وبفلسفة واقعية مزجها بالحكمة و القيم الإسلامية والإنسانية، وهي تجربة فريدة، ورائدة وجريئة في وقتها، انفرد بها الشيخ الإمام، ولم يقع فيما كان يقع فيه غالبا بعض المفكرين والإصلاحيين والسياسيين.([51])
فقد اهتم بالاستعمار كظاهرة سياسية، غير منفصلة، عما يحيط به من ظروف إجتماعية ومعطيات اقتصادية، ومناخ فكري، وربطه بالمعركة ضد التخلف والجهل والفقر والأمية، و العبودية لأنه كان ينظر إلى الاستعمار بنظرة العالم الفقيه، والمفكر العقلاني والفيلسوف العملي، وليس بنظرة السياسي والمناضل المحترف، حسب ما يشير إلى ذلك أحد الباحثين.([52])
فكان الشيخ الإمام، العصب المحرك والقلب النابض للحركة الوطنية بشخصه وقلمه ولسانه وبتلاميذه، حتى شبهه أح الدارسين ببسمارك الجزائر خلال الثلاثينيات فكان يدير لعبة الدين والإصلاح والنهضة والنضال السياسي كما يدير بسمارك العملية السياسية ولعبتها.([53])
ويضيف أحدهم أيضا في هذا الشأن بانه لا وجود لشخصية في العصر الحديث أثرت تأثيرا كاملا في المجتمع الجزائري كشخصية الشيخ الإمام.([54])
ويدعم هذه الآراء الشيخ محمد البشير الإبراهيمي قائلا: « أخي ورفيقي في الجهاد الشيخ عبد الحميد بن باديس، أعلم علماء الشمال الإفريقي – ولا أغالي – وباني النهضات العلمية والأدبية والاجتماعية والسياسية للجزائر».([55])
ومجمل القول، لقد بعث الله للأمة الجزائرية، من يعمل على توعيتها و تعليمها وإحياء دينها ولغتها والدفاع عنها وعن مقوماتها الوطنية والحضارية، من كيد الاستعمار ومخططاته فكان الشيخ الإمام هو رجل تلك المرحلة، بحيث هيئته العناية الإلهية، أن يكون سلفيا مجددا متفتحا، ومفكرا عقلانيا متطورا، وعالما قديرا ومعلما بارعا، ومربيا صالحا وداعيا نهضويا مصلحا، وخطيبا بليغا، وكاتبا مبدعا ورجلا مقاوما ومناضلا عنيدا، وسياسيا ثوريا، أصلح و رمم في مدة لم تزد عن سبعة وعشرين سنة (27) ما أفسدته يد الاستعمار وآلاته وعقله في الجزائر خلال مائة وعشر سنوات (10) أي حتى وفاته سنة 1940م.
الهـــوامش :
([1])مكتب الإمام: يقع في إدارة مجلة الشهاب بالقرب من مدرسة التربية والتعليم.
([2]) مذكرات الشيخ محمد خير الدين، مطبعة حلب، الجزائر1985، ص 83.
([3]) ابن خلدون: العبر ج6، ص 325. ( طبعة بولاق )
([4]) محمد المهدي: أم الحواضر، ص 85 – عبد العزيز فيلالي: مدينة قسنطينة، ص 133.
([5]) ابن قنفد:شرف الطالب، ص 187-انس الفقير، ص47-ابن الحاج النميري:فيض العباب، ص 112.
([6]) ابن قنفد: شرف الطالب، ص 187.شرحها ابو العباس احمد بن الحاج البيدي التلمساني المتوفى سنة 930هـ/1523م تحت عنوان انيس الجليس ، في جلو الحناديس عن سينيةابن باديس تحقيق و تقديم الاستاذ الميسوم الفضة ، دار الخليل القاسمي 2006 .
([7]) ابن الحاج النميري: فيض العباب، ص 112.
([8]) وصف عبد الكريم بن لفقون البيت الباديسي بانه حاز السبق في الولاية والرئاسة والمعرفة إجتمع فيهم أربعون كلهم أصحاب مناصب شرعية ومناصب سياسية مخزنية لمدينة قسنطينة والجزائر في العهد العثماني، أنظر منشور الهداية، ص 210.
([9]) نفسه، ص ص 68-69.
[10]) ) نفسه، 209.
([11]) نفسه، ص ص 210-213.
([12]) ألف المفتي بركات في الألغاز الشعرية وصنف رسالة سماها " مفتاح البشارة في فضائل الزيارة "، وله في التصوف قصيدة بعنوان " شفاء الاسقام والتوسل ببذر التمام " و " بضاعة الفقير في البسملة والصلاة على البشير النذير "، أنظر ابو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر 1981، ج 2، ص ص 171-172-278-279-299.
[13]) ) رابح تركي:الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد الإصلاح والتربية، الجزائر2002،ص154–155.
([14]) نفسـه، ص 08.
([15]) الذكور هم: عبد الحميد، الزوبير، سليم، عبد المليك، محمود، عبد الحق. أما البنات فهما: نفيسة، والباتول، ولم يبق منهم على قيد الحياة إلا أصغرهم "عبد الحق" أطال الله في عمره الذي يحتضن مكتبة الشيخ الإمام وأثاره ومؤسسته. أنظر عبد الكريم بوصفصاف، المرجع السابق، ص 08.
([16]) رابح تركي: المرجع السابق، ص 155.
([17]) مجلة الشهاب: م 14 سنة 14-1938، ص 289.؛ رابح تركي: المرجع السابق، ص 168.
(18)باعزيز بن عمر: من ذكرياتي عن الامامين الرئيسيين ص24 مجلة لمحات عدد3 سنة1969 الجزائر ص13.
(19) أنظر كتاب يحي بوعزيز: ثورات الجزائر في القرنين 19 و 20، ط 1، ص 35 وما بعدها، بدءا بكفاح الأمير عبد القادر وأحمد باي، وثورة بومعزة، وثورة الزعاطشة، والشيخ بوزيان، والشريف بوعواد، ومولاي ابراهيم وثورة الشريف بوبغلة، ولالا فاطمة نسومر، وثورة فرجيوة، وثورة البابور والمسيلة، وثورة أولاد سيدي الشيخ والأوراس، وبوعمامة وغيرها من الثورات، التي جعلت فرنسا لا تنعم بالاستقرار والهدوء منذ احتلالها للجزائر لأن هناك مايزيد عن 25 ثورة خلال القرن 19 ومطلع القرن 20، ففي المتوسط تقوم ثورة كل ثلاث سنوات تقريبا.
[20]) ) مجلة الشهاب: ج 5 م، 13 جويليـة 1933.
([21]) بابا عزيز بن عمر: المرجع السابق، ص ص 26-27.
[22]) ) رابح تركي: المرجع السابق، ص ص 204-206.
([23]) صدر من جريدة المنتقد18 عددا، وأوقفتها السلطات الاستعمارية فعوضها الشيخ الإمام بجريدة الشهاب سنة 1925م.
([24]) بن خليف مالك: الفكر السياسي عند العلامة عبد الحميد بن باديس مذكرة ماجستير جامعـة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينـة 1998، ص 03. أنظر ايضا : عبد القادر فضيل ومحمد الصالح رمضان : إمام الجزائر عبد الحميد بن باديس، الجزائر 1998، ص 40.
([25]) لبى دعوة الشيخ الإمام كل من الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، والشيخ مبارك بن محمد الميلي والشيخ الطيب العقبي، والشيخ العربي التبسي، والشيخ السعيد الزاهري، والشيخ محمد خير الدين أنظر بن خليف: المرجع السابق، ص 03.
([26])مذكرات محمد خير الدين: ج 1، ص 83
([27]) نفســه.
([28]) بن خليف مالك: المرجع السابق، ص 4 – محمد خير الدين : المرجع السابق، ص 84.
([29]) نفسه، ص 4 – محمد خير الدين: المرجع السابق، ص 84-85.
([30]) نفسه، ص 4 – محمد خير الدين: المرجع السابق، ص 85.
([31]) محمد خير الدين: المرجع السابق، ص 84- بن خليف مالك: المرجع السابق، ص 5-6.
([32]) أنظر: بن خليف مالك: المرجع السابق، ص 5-6.
([33]) تفسير إبن باديس: دار الكتاب الجزائري، الجزائر 194، ص 428.
([34]) رابح تركي: المرجع السابق، ص 323.
[35) ) باعزيز بن عمر: المرجع السابق، ص 28.
([36]) أنظر محمد خير الدين: المرجع السابق، ج1، ص 85-86.
([37]) مذكرات محمد خير الدين، ص 86.
([38]) آثار ابن باديس مطبوعة وزارة الشؤون الدينية، الجزائر ج4، ص 46.
([39]) بن خليف مالك: المرجع السابق، ص 81.
([40]) باعزيز بن عمر: المرجع السابق، ص 27.
([41]) نفســه، ص 67.
([42]) نفســه، ص 67.
([43]) باعزيز بن عمر: المرجع السابق، ص 67.
([44]) نفس المرجع السابق، ص 68.
([45]) نفس المرجع السابق، ص ص 87-88.
([46]) مجلة الشهاب، ج1 م 11 يناير 1936، ص 246.
([47]) البصائر: س 2 ع 71 يوليو 1937، ص 168.
([48]) البصائر: - س 2 ع 71، ص 168.
([49]) عمار طالبي: النزعة العقلانية و الأخلاقية عند ابن باديس، محاضرة ألقيت في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بتاريخ 16/04/2004.
([50]) نفسه أنظر بن خليف: المرجع السابق، ص 92.
([51]) بن خليف مالك: المرجع السابق، ص 85.
([52]) محمد الميلي: ابن باديس و عروبة الجزائر، ص 78.
([53]) أبو القاسم سعد الله: الحركة الوطنية، جزء 2، ص 84.
([54]) عبد الله شريط: مع الفكر السياسي و المجهود الإيديولوجي في الجزائر، ص 110.
([55]) مجلة: مجمع اللغة العربية، القاهرة، يناير 1953، ع 21، ص ص 140-141.