الشيخ بلقاسم شرفي رائد النهضة الإصلاحية في مدينة خنشلة
علي حمادوش

الشيخ بلقاسم شرفي رائد النهضة الإصلاحية في مدينة خنشلة

بقلم: علي حمادوش-

عالم مجهول من علماء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كان له تأثير إصلاحي كبير.

ولد سنة 1300هـ ـ 1883م في مدينة خنشلة، نشأ عائلة معروفة بالعلم والعلماء من علماء العائلة الشيخ علي شرفي والشيخ أحمد شرفي الرفاعي.

وهي من العائلات المعروفة بجهاد فرنسا، استشهد العديد من أبنائها خلال الثورة التحريرية، كان يقال لها فلاقة، وهي من العائلات المغضوب عليها عند فرنسا، لأنهم يبغضون فرنسا ولا يتحملونها ولا يسيرون في فلكها، كانت تملك أراضي واسعة في مدينة خنشلة.

أصلها من البصرة من العراق من خلال الشجرة العائلية التي كان يحتفظ الشيخ أحمد شرفي الرفاعي.

تلقى تعليمه في مدينة خنشلة، ثم انتقل إلى تونس ودرس في جامع الزيتونة، ولم يكن طالبا نظاميا، كان يدرس خارج نظام الدفتر.

تعرض للتضييق والاضطهاد من الاستخراب الفرنسي ففكر في الهجرة إلى المشرق فسافر إلى الشام في العشرينيات للاستكشاف واستقصاء الحالة من أجل الهجرة مع أهله ثم رجع إلى الجزائر.

كان متأثرا بالفكر الإصلاحي قبل تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وبعد تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عين رئيسا لشعبة مدينة خنشلة في الثلاثينيات، فكان له نشاط إصلاحي كبير .

عين مديرا لنادي الإصلاح في مدينة خنشلة فكان له دور فعال في تعليم القرآن الكريم وتدريس العلوم الشرعية واللغوية، من تلاميذه ابن أخيه الشيخ علي شرفي والشيخ عيسى يحياوي والد الشيخ محمد الصالح يحياوي.

زاره الشيخ عبد الحميد ابن باديس في مدينة خنشلة عدة مرات، وكان يجتمع معه في بعض المجالس في مدينة قسنطية للبحث في الشؤون الإدارية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

وجاء في بعض التقارير أنه تم انتخابه في المجلس البلدي سنة 1340هـ ـ 1922م ولكنه قدم استقالته، لأنه لا يتماشى مع أعمال الوالي التي كانت مشبوهة

ويذكر التقرير أن تشدده بدأ مبكرا حتى قبل ظهور الحركة الإصلاحية خلال الحرب العالمية الأولى، وهذا يدل على تأثره بالفكر الإصلاحي قبل تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كان قد وُضع تحت المراقبة الخاصة لأنه حرض زملائه على عدم المشاركة في عمليات التجنيد الإجباري.

وكانت له مراسلات أثناء حرب الريف سنة 1344هـ ـ 1926م مع الشيخ عبد الكريم الخطابي.

تحدثت عنه بعض التقارير السرية الفرنسية وذكرت بأنه كان من الأشخاص الذين لهم سمعة دينية في مدينة خنشلة وذكرت بأن الأنشطة الدينية لم تكتسب أهمية إلا بعدما ارتبطت بأسماء لها سمعة دينية مثل الشيخ بلقاسم شرفي في خنشلة، والشيخ الطاهر مسعودان الحركاتي والشيخ أحمد العوفي في باتنة، والشيخ محمد خيرالدين في بسكرة. والشيخ عبد اللطيف سلطاني في القنطرة، والشيخ عمر دردور في أريس، والشيخ محمد بن عامر باعلي الشريف في عين ياقوت.

وجاء في تقرير فرنسي أنه في شعبان 1355ه ـ نوفمبر 1936م، أثناء الحملة الانتخابية الفرنسية لانتخاب عضو المجلس البلدي دعا ليحل محل رئيس البلدية السابق المتوفى دكتور مورا رئيس بلدية خنشلة، وهو معمر فرنسي طبيب، كان الشيخ بلقاسم شرفي حتى لا يصوتوا عليه.

ويذكر التقرير أن الشيخ بلقاسم شرفي استخدم نفوذه ليحل محل الإمام الراحل: صالح جبيلي الذي كان ملازما له.

جاء في تقرير والي قسنطينة إلى الحاكم العام سنة 1356هـ ـ 1937م أن الشيخ عمر دردور قد ألقى خطابا في 12 رجب 1356هـ ـ 18 سبتمبر 1937 م، بحضور 300 شخص، وكان الخطاب شديد العنف يقول فيه: أكبر كلب هو مدير أريس، ويذكر التقرير أن هذه الجملة الأخيرة جاءت تهمة في تقرير المدعي العام مع تهم أخرى منها: الدعوة إلى العصيان المدني، وعدم دفع الغرامات، وكان يقول في خطابه: كونوا مسلمين قبل كل شيء، ولا تطيعوا الحاكم الفرنسي أو معاونيه.

كان اعتقال الشيخ عمر دردور، بعد هذا الخطاب بشهر، وكانت السلطات ترى أن أفضل طريقة لوقف نشاطه الذي بدأه منذ أكثر من عام هو سجنه.

وجاء في التقرير أن الشيخ بلقاسم شرفي كان عنيفا ضد فرنسا، كان مصنفا على أنه مثقف بالثقافة العربية، وقد درس في جامع الزيتونة في تونس، ولم تكن له شهادة، كان يملك بعض الأراضي في دوار تامزة ، ويسكن في مدينة خنشلة

ذكر الأستاذ عبد القادر شرفي بأنه كانت له مع جده لوالدته حافلتين لنقل المسافرين في العشرينيات اسمها الشركة الأهلية للنقل.

جاء في تقرير فرنسي سنة 1356هـ ـ 1937م أن نادي الإصلاح تأسس في جمادى الأولى 1354ه ـ أوت 1935م كان يلقي فيه الشيخ بلقاسم شرفي محاضرات خاصة يومي الثلاثاء والأربعاء، أيام السوق الأسبوعي في مدينة خنشلة ، استمع إليها عدد كبير من الناس، وكانت تتعلق بمسائل دينية وثقافية، موجهة ضد السيادة الفرنسية في الجزائر مثل الشيخ عمر دردور الذي كان قادرًا على استقطاب سكان جامع قريته وإقناعهم بالأفكار الإصلاحية ، استطاع الشيخ بلقاسم شرفي أن يجذب إليه أعضاء المجلس البلدي المسلمين من أجل توجيه البلدية في الاتجاه الذي يخدم قضيته. .

كان هناك اجتماع الذي تم تنظيمه لمجموعة من العلماء الذين كانوا يمرون بمدينة خنشلة في جمادى الأولى 1356هـ ـ جويلية 1937م، خطب الشيخ بلقاسم شرفي خطابا يقول فيه: نريد أن تكون الجزائر عربية، ونرفض الفرنسية، ماذا فعل الفرنسيون بالعرب؟ انظر ماذا فعل موسوليني وما يفعله للعرب؟

كان من المشاركين في الثورة التحريرية ألقي عليه القبض مع انفجار الثورة يوم 6 ربيع الأول 1374ه ـ 1 نوفمبر 1954م.

ضاعت منه العديد وثائق والمخطوطات، كانت فرنسا عندما تفتش البيوت تحرق الكتب العربية.

كان مسموع الكلمة في مدينة خنشلة، إذا قرر شيئا يأخذ به أهل خنشلة، له هيبة ووقار

ذكر الأستاذ محي الدين شرفي بأنه حضر له حادثة في وقت الثورة التحريرية في شهر رمضان قبل وفاته سنة 1375هـ ـ 1956م أو سنة سنة 1376هـ ـ 1957م العجلة التي تدور فيها الغناء فيها الأرقام تشتري تذكرة وتنظر في الرقم من جاء رقمه يأخذ شيئا من الأواني، فطلب منهم أن أن يوقفوا هذا الأمر فاستجابوا له.

كان يفصل في النزاعات والخصومات التي تقع بين أبناء المنطقة، وكان يجمع الكلمة بن العروش في المنطقة.

كان يعالج بعض الأمراض وكان له نشاط فلاحي ونشاط تجاري في مدينة خنشلة.

كانت له مناظرات مع اليهود وكان يدافع عن فلسطين في مدينة خنشلة.

كان متمسكا بمبادئه شجاعا صارما لا يحب الاعوجاج.

توفي سنة 1377هـ ـ 1958م، رحمه الله رحمة واسعة.


المراجع:

1 ـ الأوراس خلال الحقبة الاستعمارية ، التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية 1837ـ 1939 للأستاذ عبد الحميد زوزو.

2 ـ لقاء مع الأستاذ محي الدين شرفي في القبة يوم الإثنين 13 رجب 1443ه الموافق ليوم 14 فيفري 2022م.

3ـ شهادة الأستاذ عبد القادر شرفي.

4ـ لقاء مع عائلة الشيخ علي شرفي في البليدة يوم الثلاثاء 18 ربيع الثاني 1443ه الموافق ليوم: 23 نوفمبر 2021م

5ـ صور ووثائق خاصة .

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.