صفحات مجهولة من تاريخ الحركة الإصلاحية بتبسة: جهاد متميّز ونضال مضنٍ في سبيل القضية الوطنية
بقلم: فوزي مصمودي –
خلال عام 1929 زار العلاّمة الشيخ عبد الحميد بن باديس مدينة تبسة، ضمن زيارة له شملت عدّة مدن بالشرق الجزائري، على غرار: الميلية، عين مليلة، أم البواقي، عين البيضاء، مسكيانة، مداوروش، سوق أهراس.. إلى جانب مدينة تبسة، وقد شَرَع في هذه الرحلة الإصلاحية بداية من فاتح محرّم الحرام 1348 هـ الموافق 9 جوان 1929، ونَشَر الحلقة الأولى منها بمجلته (الشهاب) في عدد شهر جويلية 1929.
والتقى حينها بعدد من أعلام وفضلاء وصُلحاء تبسة؛ كان منهم الشيخ العربي التبسي بعد عودته من الدّراسة بالقاهرة عام 1927، والمكي بن شعبان والأستاذ العربي الجَلاّلي المتطوّع بجامع الزيتونة بتونس، كما التقى بالفقيه الشيخ سليمان الطيّار تلميذ الشيخ حمدان لونيسي، وبالعالم الفقيه الشيخ محمد بن أحمد النفطي، والأستاذ عمر بن نابي خوجة، وعلي بن عباس بن حَمّانة النائب البلدي والعمالي لتبسة ونجل المصلح الكبير الشهيد عباس بن حَمَّانة؛ أحد روّاد الحركة الوطنية والإصلاحية ومؤسّس الصِّدِّيقية بتبسة عام 1913 كأول مدرسة عربية عصرية بالجزائر، والذي اغتالته سلطات الاحتلال الفرنسي، حيث أَغْرَتْ أحد المجرمين فترصّد له فشجّ رأسه بضربة فأس ــ استنادا إلى المؤرّخ اللبناني عادل نويهض في كتابه (معجم أعلام الجزائر، ص 123) ــ بتاريخ 16 جويلية 1914 حيث باغته وهو يقرأ الجريدة ببستان بيته بحي الزهور (حي المرجة) بمدينة تبسة ــ بحسب ما رواه لي ابن حفيده عدنان هامل الإطار بالولاية ــ بسبب عدم غلقه المدرسة ولمواقفه الثابتة، لاسيما فيما يتعلق برفضه التجنيد الإجباري، وكانت فرنسا حينذاك ــ رفقة دول الحلفاء لمواجهة دول المحور بقيادة ألمانيا ــ مقبلة على الحرب العالمية الأولى، وقد دُفن بمقبرة تاغدة بمدينة تبسة.
كما التقى بعبد الحميد شاوش النائب البلدي، وبالصادق العقيد التاجر الكبير، الذي وصفه الشيخ ابن باديس بـ “الدّاعي إلى الوفاق دائما والاتحاد” وبغيرهم من أعلام ووجهاء المدينة.
لكن الشيخ ابن باديس ــ وحسب ما كَتَب في مجلته الشهاب (ج 10، نوفمبر 1929) التي وثّقت رحلته التبسّيّة ــ تأسف لغياب مدارس وجمعيات تعمل وتسعى إلى رقي المجتمع المحلي وتعليم لغته العربية ومبادئ دينه الإسلامي، بقوله: “لكن تبسة ــ بالرغم مما فيها من ذكاء وتقدّم ومحبّة في العلم ــ ما قدرتها قدرها، وإلا فكيف لا يؤسّسون لهذا الأستاذ ــ وكان يعني الشيخ العربي التبسي ــ مدرسة لتعليم أبنائهم لغتهم ودينهم كما يتعلّمون اللّغة الفرنسية وعلومها فيكلمون فيها. هنالك أفراد يدركون هذا النقص والتقصير فعساهم أن يتداركوه ولو بتحمّل المشاق والأتعاب”. وفي سياقِ حثّه لهم للنّهوض التربوي وليبعث فيهم العزيمة للقيام بهذا الواجب، نجده يتدارك الأمر حتى لا يبثّ فيهم اليأس والرّكون إلى الدّعة، فيذكر رجال تبسة بالخير العميم ويثني عليهم، داعيا الله أن يوفّق بينهم بقوله: “.. ورجال كثيرون في تبسة ذوو حياة وعمل وغيرة دينية وقومية نسأل الله أن يتمّم عليهم بنعمة الوفاق الذي هو إكسير التقدّم والرّقي”.
أبناء تبسة يدعّمون مجلة الشّهاب:
وتدعيما لمسار مجلة (الشّهاب) الإصلاحية لمنشئها وصاحبها العلاّمة الشيخ ابن باديس، ليتمكن من مواصلة إصدارها شهريا وبصفة منتظمة ومستمرة، فقد بادرت مجموعة من مواطني وأعيان تبسة أثناء هذه الرحلة الميمونة بتسديد اشتراكاتهم المسبقة بالفرنك، حيث كانت مثلا (50 فرنك) تعادل مبلغ (10 دُورو)، ومبلغ (20 فرنك) يمثل (4 دُورو)، وقد تكفّل بمهمة جمع الأموال السادة: علي عباس، العربي التبسي، الصادق العقيد، وشملت قائمة هؤلاء الخيّرين ــ الذين أورد صاحب المجلة أسماءهم وقيمة الاشتراكات ــ كلاًّ من:
ــ الشيخ سليمان الإمام (50 فرنك)
ــ جلالي بوبكر (150 فرنك)
ــ ابن نابي عمر (200 فرنك)
ــ الصادق العقيد (50 فرنك)
ــ علي عباس (50 فرنك)
ــ عمار خليفة (50 فرنك)
ــ صالحي أحمد الفيلالي (50 فرنك)
ــ فارح الجودي (50 فرنك)
ــ حمنة بن صالح (20 فرنك)
ــ الحاج مسعود (20 فرنك)
ــ كنّوش عمار (50 فرنك)
ــ محسن (20 فرنك).
مدرسة تهذيب البنين والبنات 1932:
بعد هذه الزيارة الميمونة وما تخلّلها من عِتَاب أخوي وجّهه الشيخ ابن باديس إلى إخوانه من المصلحين بتبسة، ومع مطلع ثلاثينيات القرن الماضي شمّر أبناؤها وصلحاؤها عن ساعد الجدّ لمباشرة النشاط الإصلاحي والعمل الدؤوب والنّضال المثمر، حيث بدأت ملامح نهضة ثقافية وتربوية وجمعوية وكشفية بهذه المدينة وبإقليمها، وكان أول الغيث إنشاء مدرسة تهذيب البنين والبنات التي تأسست عام 1932 بمبادرة من أعيان تبسة، لتصبح في ذاكرة المدينة كعلامة تربوية مبرّزة وكإحدى مظاهر النهضة التعليمية والثقافية المشرقة في مسيرة الحركة الإصلاحية بتبسة.
ومما تجدر الإشارة إليه أن كثيرا من الباحثين والأساتذة يعتقدون أن مدرسة التهذيب بمدينة تبسة قد تم تأسيسها عام 1934، مستندين على ما نُقش على اللوحة التذكارية المثبّتة عند مدخل المدرسة حاليا، وهذا بعيد عن الحقيقة، حيث أن التأسيس الفعلي كان عام 1932 الموافق 1351 هـ، بحسب ما ورد في مقال: (جمعية التهذيب ودورتها الثالثة) لصاحبه الذي رمز لاسمه بـ (ش. ص. م) المنشور بجريدة البصائر (ع 130/ 09 سبتمبر 1938)، إلى جانب قصيدة معنونة بـ (في حفلة مدرسة تهذيب البنين بتبسة) للشاعر الذي وقّع قصيدته بـ (ابن تبسّة) المنشورة بمجلة الشهاب، والتي بالتأكيد تكون قد ألقيت في بداية الموسم الدراسي في خريف السنة الدراسية: 1932 – 1933، ثم أُرسلت في ذات الوقت لتجد طريقها للنشر بعد ذلك في مجلة (الشّهاب) الشهرية في عدد 12 مارس 1933، ومطلع القصيدة:
أما آن للأقوام أن يكثروا الحمدا ** ويبتهجوا فالله أحيى لنا مجدا
وصبح الرجا قد أسفر اليوم بعدما ** جزمنا بليل اليأس قد طال مسودا
تساورني الأحزان في كل لحظة ** وقد كنت قبلا أستطيع لها عدا
وما مصدر الآلام إلا نفوسنا *** وهل عذّب الإنسان غير الذي أبدى
وقد جعلوا على رأسها العلاّمة الشهيد العربي التبسي مديرا لها، بعدما شدّوا الرِّحال إليه وهو يومئذ بمدينة سيق (بولاية معسكر حاليا) حيث كان يدير مدرستها العربية الحرّة منذ عام 1929 إلى عام 1932، وترجّوه للعودة إلى مدينة تبسة والاستقرار بها لإدارة مدرستها الجديدة، وذكّروه بقول رفيق دربه العلاّمة ابن باديس الذي قال عنه: “هذا الأستاذُ نعمةٌ من نِعَم الله على تبسة”. فلبّى رغبتهم وعاد معهم، ليحلّ محلّه في إدارة مدرسة سِيق الكاتب المصلح الشيخ فرحات بن الدّرّاجي الليشاني.
وقد قامت هذه المدرسة بدور طلائعي متميّز في مسيرة الحركة الوطنية والإصلاحية بتبسة، وأسّست لها جمعية تسيّرها هي جمعية تهذيب البنين والبنات، إلى جانب النشاط الدّعوي والاجتماعي الذي كان يضطلع به المسجد المحاذي لها، والشهير إلى اليوم باسم (مسجد الشيخ العربي) كما عُرفت هذه المدرسة العريقة كذلك باسم ذات الشيخ.
وقد استمر عطاؤها التربوي والتهذيبي إلى غاية السنوات الأولى من زمن ثورة غُرة نوفمبر 1954، حيث تم إغلاقها من قبل إدارة الاحتلال الفرنسي. وبعد الاستقلال تمّت إعادة فتحها أمام النشء الجديد، وما زالت إلى اليوم تؤدي دورها التربوي.
كما قام مصلحو المنطقة بتأسيس مدارس أخرى، على غرار مدرسة الهداية التابعة لحزب الشعب الجزائري بتبسة، مدرسة بئر العاتر بإشراف الشيخ الحبيب فارس، مدرسة الحياة بمدينة الشريعة، ومدرسة التربية والتعليم بالعوينات، ومدرسة مرسط..
وقد تطرّقنا بشيء من التفصيل إلى الدور الرّيادي؛ التربوي والتعليمي والنضالي والإصلاحي لمدرسة تهذيب البنين والبنات منذ إنشائها عام 1932، إلى جانب أخواتها المدارس الأخرى في كتابنا المخطوط (صفحات من تاريخ الحركة الإصلاحية بتبسة).
إلى جانب الجهود الدعوية والتربوية والإصلاحية لبعض علماء تبسة وإقليمها على غرار صاحب التّصانيف الجَمّة والفتاوى الجريئة العلاّمة الحافظ الشيخ محمد الطّيب بن مبروك باشا الزّيتوني التّبسي الجزائري (1873 ـ 1952) الذي كان يحفظ موطأ الإمام مالك، وصحيحي البخاري ومسلم، بحسب ما يذكر الدكتور أحمد عيساوي في كتابه (الحياة العلمية والدعوية للشيخ سيدي محمد الطيب بن مبروك باشا الزّيتوني التّبسي الجزائري).
شُعَب جمعية العلماء المسلمين بتبسة:
بعد تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في 5 ماي 1931 بادر مصلحو ومعلّمو تبسة وإقليمها إلى تأسيس شُعَب (فروع) لها في عديد المدن، ومن هذه الشُّعب ــ الموثّقة لدينا بأسماء مؤسّسيها وأعضائها وتاريخ تأسيسها من خلال جريدة (البصائر) وغيرها:
شُعبة مُرْسُط 1939:
يبدو لي من خلال ما وصل إلى أيدينا من وثائق وجرائد وثّقت لشُعب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وتأسيسها بمدينة تبسة وإقليمها، أن شُعبة مدينة مُرْسُط تعدّ أول شعبة يؤرَّخ لها، وبالتأكيد أن هناك شُعَبًا أخرى تأسست قبل هذا التاريخ لكنها غير موثقة، ولذلك لم نتمكن من الوصول إليها ولا إلى أعضائها ولم نهتد إلى تاريخ تأسيسها.
وكان تأسيس شعبة مدينة مرسط خلال عام 1939، حيث تمّ عقد جمعية عامة حضرها جمعٌ من محبّي الفكر الإصلاحي، واتفقوا أن يتشكّل مكتب الشُّعبة من نخبة مصلحيها، وهم:
ــ هَوَّام أحمد بن الحفناوي (رئيسا)
ــ هوام علي بن الشريف (نائبا له)
ــ هوام الأخضر بن الهَوَّام (كاتبا عاما)
ــ هوام الحفناوي بن أحمد (نائبا للكاتب العام)
ــ عبايدية محمد بن عمارة (أمينا للمال)
ــ الأعور التهامي بن الأخضر (نائبا لأمين المال)
ــ شقروش الأخضر (مراقبا عاما)
ولتوسيع دائرة أعضاء الشعبة، قامت الجمعية العامة الانتخابية بإضافة مجموعة من المصلحين كمستشارين للمكتب، كان من بينهم؛ بلقاسم الوهراني، هَوّام محمود بن مصباح، بوخاتم سعد، هوام علي بن الحسين، فارس أحمد بن عمار، هوام عبد الحفيظ، هَوّام الخذيري بن مصطفى، أبو هراوة الحفصي بن محمد، زروقي ناصر بن عمر، بحسب ما كَتب المصلح علي اليحياوي بجريدة البصائر (ع 175/ 21 جويلية 1939).
وما ميّز هذه الشُّعبة عن أخواتها بقية الشُّعَب الأخرى أنها حافظت على تشكيلة مكتبها لمدة عشر سنوات تقريبا، فلم تجدّد مكتب شعبتها إلى غاية 1948، حيث تم عقد جمعية انتخابية انبثق عنها مكتب جديد ضم كلاًّ من:
ــ الرئيس: محمد الهوّام هَوَّام
ــ نائبه: أحمد بن الحفناوي هوام
ــ الكاتب: عبد الرحمن بن أحمد هوام
ــ نائبه: السيد بلقاسم بن محمد بن الأطرش
ــ أمين المال: الحفصي بن محمد بوهراوة
ــ نائبه: الشافعي بن البشير هَوَّام
فيما اختارت الجمعية العامة أعضاء آخرين كانوا سندا للمكتب في مختلف أنشطته، باعتبارهم مستشارين، وهم: عبد الحفيظ عشِّي، الطيب خرشي، الطاهر بشاغة، أحمد بن عمار فارس، البشير بن علي هوام، الحفصي بن محمد فاسخ، صالح خرشي، استنادا لما جاء في البصائر (ع 51/ 27 سبتمبر 1948).
شعبة العوينات 1949:
بعدها بسنة تقريبا تم تأسيس شعبة جديدة بمدينة العوينات، لتضطلع بمهام تربوية وإصلاحية وثقافية، انطلاقا من الأهداف القريبة والبعيدة التي وضعتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عند تأسيسها.
وقد أرّخت جريدة البصائر (ع 81/ 30 ماي 1949) لهذا التأسيس بتغطية صحفية مقتضبة، جاء فيها: “تأسست بقرية العوينات شعبة لجمعية العلماء تتركب من الآتية أسماؤهم:
ــ الرئيس: عمار كنوش.
ــ نائبه: عبد الله مؤمني.
ــ الكاتب: علي بن الشريف هَوّام.
ــ أمين المال: محمد الصغير دبّز.
ــ المراقب: حشّاني محمد.
فيما ضمّت قائمة المستشارين: بن ناصر قبايلي، الحاج نصر بن جاب الله، عوادي الربيعي، علي بن العربي كنّوش، مسعود زرمط (في عدد آخر من البصائر: بن رمط مسعود) علي بن الحسين هوام.
وبعد سنتين قام أعضاء مكتب هذه الشعبة بعقد جمعية عامة لتجديد مكتبها لأسباب لم تتطرق إليها أسبوعية (البصائر)، باستثناء نشرها الطاقم الجديد المنتخب للشعبة وهم:
ــ الرئيس: الشيخ علي هَوّام.
ــ نائبه: عمار كـنّوش.
ــ الكاتب: مومني عبد الله.
ــ نائبه: كنوش علي.
ــ أمين المال: محمد الصغير دبّز.
ــ نائبه: محمد حشاني.
ــ المراقب: ابن رحّال عبد الله.
فيما تدعّم المكتب الجديد القديم ــ بحسب البصائر (ع 153/ 30 أفريل 1951) ببعض الأعضاء كمستشارين، كان من بينهم،: كحاحلية العربي، ابن سعود محمد، قبايلي بن ناصر، مشاكرة معمر، نبيلي بوعزيز، عبد اللطيف محمد، عبد اللطيف عيسى، بن رمط مسعود، عيسى حسين، بوراس يحيى، علي بن الحسين هَوّام، علواني محل العين، عثمان بوساحة.
تجديد شعبة الشريعة 1950:
من خلال هذا العنوان يتّضح جليا أن شعبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمدينة الشريعة كانت قد تأسست قبل هذا التاريخ بكثير، انطلاقا من لفظ “تجديد”. حيث في هذه السنة 1950 شهدت تجديد مكتب الشعبة بهذه المدينة الجنوبية بإقليم تبسة، وقد وثّقت فعاليات حفل التجديد جريدة البصائر (ع 108/ 20 فيفري 1950) التي أوردت أسماء مكتب الشعبة المُشكّل على النحو التالي:
ــ الرئيس الشرفي: الشيخ محمد قابة.
ــ الرئيس: إبراهيم درباسي.
ــ نائبه: المداني زرفاوي.
ــ الكاتب: محمد الصالح بن المكي.
ــ نائبه: الشافعي قواسمية.
ــ أمين المال: محمود قابة.
ــ نائبه: صالح العبيدي.
ــ المراقب: محمد قواسمية.
ــ نائبه: محمد عثماني.
وكعادة الجمعية العامة الانتخابية لشُعَب جمعية العلماء المسلمين فقد تمّت إضافة أعضاء مستشارين للشُّعبة، منهم: عبد القادر قواسمية، الوردي مطرف، محمد عابر، محمود شريف، العيد ماضوي، الطيب سليماني، الأزهري قابة، محمد زروال، علي ربيعي، الأكحل نصر الله، مسعود تونسي، عبد الرحمن معيوف، عمار كركود، صالح جلالي، عبد الحفيظ مقراني، الأخضر خالدي.
وبعد نحو سنة تقريبا وفي حدود عام 1951 عمد أعضاء شُعْبة الشريعة إلى تجديد مكتبها المسيّر، الذي أضحى يضمّ كلاًّ من:
ــ الرئيس الشرفي: السيد محمد قابة.
ــ الرئيس: إبراهيم درباسي.
ــ نائبه: المداني زرفاوي.
ــ الكاتب: محمود قابة.
ــ نائبه: عبد الرحمن معيوف.
ــ أمين المال: عبد الحفيظ مقراني.
ــ نائبه: العايش مصار.
ــ المراقب: مسعود تونسي.
إلى جانب أسماء جديدة ــ في العموم ــ تزيّنت بها قائمة الأعضاء المستشارين، وهم: صالح العبيدي، محمد بن عباس، عبد القادر قواسمية، محمود شريف، العيد ماضوي، الأزهري قابة، محمد زروال، علي الربيعي، الأكحل نصر الله، الوردي بهلول، السبتي بوصيدة، الميداني بخوش، صالح جدّي، عثماني محمد بن رمضان، كما جاء في البصائر (ع 167/ 13 أوت 1951).
ولاشك أن هذا التجديد المستمر والتغيير المتواصل في تشكيلة هذه الشعبة وغيرها من شُعب جمعية العلماء المسلمين قد أثّر سلبا على نشاط أعضائها وعلى أداء المحبّين لها والمتعاطفين معها.
تجديد شعبة مدينة تبسة 1952:
بالتأكيد أن أول شعبة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين إبّان فترة الاحتلال الفرنسي بإقليم تبسة (ولاية تبسة حاليا) كانت بعاصمة الولاية، وذلك راجع لعدة عوامل، منها مرابطة الشيخ العربي التبسي عضو المجلس الإداري لجمعية العلماء ومدير مدرسة تهذيب البنين والبنات بها، وكذا ازدهار الحركة الجمعوية والكشفية بهذه المدينة، وتركّز نشاط الحركة الإصلاحية والوطنية عموما بها..
وعند تفحّصنا الدّقيق لجريدة (البصائر) لم نعثر على توثيق لتشكيلات مكتب شعبة مدينة تبسة التي سبقت هذا التاريخ، إلى غاية عام 1952 حيث وجدنا خبرا خاصا بتجديد مكتب شعبة المدينة، أرّخت له هذه الأسبوعية بتاريخ الخميس 16 ذي القعدة 1371 هـ الذي يوافق تاريخ 07 أوت 1952 م.
وقد كتبت جريدة البصائر (ع 201/ 15 سبتمبر 1952) حول هذا التأسيس: “في يوم الخميس 16 ذي القعدة 1371 هـ اجتمعت شعبة تبسة بنادي الشّبّان المسلمين لتجديد أعضائها والنّظر في ما يخص أعمال الشُّعبة في الماضي والمستقبل”.
وبعد البحث في هذه المسائل كلها وتقرير ما يناسبها من القرارات لتقوم الشّعبة الجديدة بتنفيذها، انتخب الحاضرون الأعضاء الآتية أسماؤهم:
ــ الرئيس: الشيخ العيد مطروح.
ــ نائبه: الشيخ عيسى سلطاني.
ــ الكاتب: الشيخ مصطفى الزمرلي.
ــ نائبه: الشيخ مسعود صخري.
ــ أمين المال: عبد الله حمودي.
ــ نائبه: محمد هوّام
فيما تمّت الموافقة على مجموعة من الأعضاء ليكونوا ضمن قائمة مستشاري مكتب الشُّعبة، وهم: الصادق بوذراع، لكسي شريط، يونس رسول، محمود مزهودي، صالح إدريس، مبروك شريط.
شعبة الشبان بتبسة 1954:
ونتيجة لفارق السّن بين المصلحين الذين يسيّرون شُعَب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بتبسة، وكذا لوجود اختلاف في الرؤى والطرح في إطار التباين في مستوى التفكير بين الشيوخ وبين الشباب، فقد عمد بعض شباب جمعية العلماء المسلمين إلى تأسيس شعبة خاصة بهم بمدينة تبسة، تطرّقت جريدة (البصائر) لهؤلاء الشُّبّان في عددها الصادر يوم 16 جويلية 1954 أي قبل اندلاع ثورة نوفمبر 1954 بما يقرب من أربعة أشهر، وقد توزّعت مهام هؤلاء الشباب في شعبتهم لتشمل:
ــ الرئيس: مصطفى الزمرلي.
ــ نائباه : مسعود معلم، محمد الطيب مشري.
ــ الكَتَبَة: إبراهيم روابحية، رشيد بوذراع، الطيب ملاح.
ــ أمين المال: محمود حواس.
ــ نائباه: علاوة العقيد، الزبير اليزيدي.
ــ الإرشاد: محمد الربعي يونس.
ــ الرقابة: الأخضر رمضاني، أبوبكر زيد، الزين بوزغاية.
ومن المستشارين الشباب الذين وقع الاختيار عليهم كما نقلت أسبوعية البصائر: بوشليقة يوسف، عبد العزيز أحمد شاوش، الأزهر منصوري، مبروك شريط، أحمد بن عمار.
نادي الشُّبّان المسلمين بتبسة 1937:
في مطلع عام 1937 أسّس مصلحو ومثقّفو وشباب تبسة نادٍ إسلامي ليكون بمثابة مركز ثقافي يجتمع فيه شباب المدينة وليغدو ملاذا لهم؛ لمناقشة مختلف القضايا الثقافية والدينية والفنية والرياضية وحتى السياسية، ويكون رافدا رئيسا من روافد الحركة الوطنية والإصلاحية ويغذِّيهما بدماء جديدة من المناضلين والإطارات، وكان مقرّه قريبا من الثكنة العسكرية الفرنسية.
وفي اجتماع عام حضره نخبة من أبناء تبسة ومثقّفيها اتفقوا أن يطلقوا عليه بالإجماع اسم (نادي الشّبّان المسلمين)، كما تم انتخاب مكتب مسيّر لهذا النادي، ضم:
ــ جويني محمد الأخضر (رئيس)
ــ مكي امحمّد (نائب الرئيس)
ــ رويقي مبروك (كاتب عام)
ــ بوصبيعة محمد الشريف (نائب الكاتب العام)
ــ لزغلي عبد الحميد (أمين المال)
ــ زمرلي مصطفى (نائب أمين المال)
ــ مسقالجي عبد الحفيظ (المفقد)
أما الأعضاء المستشارون فكانوا: سلطاني عيسى، بوقصّة زين العابدين، كُش يونس، طقوق محمود، فاتح أحمد، فيما مُنِحت الرئاسة الشرفية إلى العلاّمة الشيح العربي التبسي، وإلى: دعاس حسين، بوذراع الصادق، حوّاس حوّاس، ميدة مصطفى، حسب البصائر (ع 67/ 14 ماي 1937) التي وثّقت مجريات هذه الجمعية العامة.
وبعدها بسنة تقريبا وتحديدا بتاريخ 20 ماي 1938 انعقد اجتماع عام آخر لتجديد الهيئة القيادية للنادي، والتي تشكّلت ــ بعد الانتخاب ــ من:
ــ امحمّد المكي (رئيسا)
ــ مبروك رويقي (نائبه)
ــ عبد الحميد لزغلي (أمين المال)
ــ مصطفى زمرلي (نائبه)
ــ خالد إبراهيم (كاتب عام)
ــ يونس كُش (نائبه)
ــ مصطفاي عبد الباقي (مراقب)
أعضاء مستشارون: أحمد نقريشي، عيسى سلطاني، الصديق قزوم، شريط التليلي، زين العابدين بوقصة، بوصبيعة محمد الشريف، كما نقل ذلك المراسل مصطفى زمرلي في جريدة البصائر (ع 117/ 10 جوان 1938).
وبالرغم من النّشاط التربوي والثقافي والأدبي والديني والفني المتميز الذي قام به النادي في تلك الفترة، إلى جانب مساهمته الفعّالة في نشر الوعي السياسي والفكر التحرري، حتى أضحى من الفضاءات الرئيسة للشّبّان المصلحين والمثقفين، إلا أننا نجد القائمين على شؤونه وإدارته كثيري تجديد مكتبه، ممّا أثّر سلبا على نشاطه النضالي وأدائه الوطني، حيث عمدت مرة أخرى هيئته المسيرة وبعد حوالي عام من تجديد المكتب إلى عقد جمعية عامة لانتخاب مكتب جديد أرّخت له جريدة (البصائر) في عددها 176 الصادر 28 جويلية 1939، حيث انتخبوا مكتبا جديدا لتسيير النادي، احتوى على:
ــ امحمد المكي (رئيسا)
ــ لزغلي عبد الحميد (نائبه)
ــ مقراني الوردي (كاتب عام)
ــ السيد سنّي محمد (نائبه)
ــ بوقصه زين العابدين (أمين المال)
ــ حركات محمد (نائبه)
ــ نقريشي أحمد (مراقب عام)
فيما شملت قائمة الأعضاء المستشارين نقلا عن البصائر (ع 176/ 28 جويلية 1939): مصطفاي عبد الباقي، عبد الملك الصغير، شريط التليلي، صخري مسعودي، علي معمر، شامخ إبراهيم.
ويذكر الأستاذ الدكتور أحمد عيساوي في كتابه (أعلام الإصلاح الإسلامي في الجزائر، ج 2،. ص 221 ــ 222) أن نادي الشبان المسلمين بتبسة كان يضم نخبة من المثقفين والأدباء والشعراء والكُتّاب بتبسة، أمثال: الشيخ إبراهيم مزهودي، ومصطفى الزمرلي، ومحمد الشبوكي، والعيد مطروح، وعلي الساسي، وعيسى سلطاني وإبراهيم روابحية، ومحمد محفوظي، والشاذلي المكي، وحامد روابحية، والطيب قواسمية، ومحمد السّحيري.
دون أن ننسى رئيس النادي الوطني الصميم امحمد الشاذلي أخ المناضل الرمز الشاذلي المكي، وقد تواصل نشاط النادي إلى غاية اندلاع ثورة نوفمبر 1954، حيث التحق الكثير من أعضاء النادي بها.
وعاصر المفكر الكبير مالك بن نبي نادي الشُبّان المسلمين بتبسة وأثنى على نشاطه المتميز وعمله الدّؤوب في بثّ الأفكار الثورية والقيم النضالية، فوصفه في كتابه (مذكرات شاهد القرن، ص 185) بما يلي: “ في المدينة أضحى النادي القلب الذي تنظم نبضاته جريان الأفكار وانتشارها. فالتبسّيون كانوا يجتمعون فيه في الظروف التي تهم الناس جميعا. وكان رجال القبائل اليحياوية واللموشية يتردّدون عليه أيضا حين يؤمّون سوق المدينة، وكانوا يحملون معهم الأفكار التي ينشرونها، ليبذروها في الدواوير خلال السهرات تحت الخيمة كما تنقل أسراب النّحل رحيق الأزهار حين تمتصها..”
جمعيات إصلاحية أخرى بتبسة:
كما تأسّست في تلك الفترة خلال ثلاثينيات القرن الماضي ــ بتبسة عدّة جمعيات شبّانية ثقافية وتربوية ودينية ورياضية فاعلة، التي كانت إحدى روافد الحركة الوطنية والإصلاحية. وقد أرّخت للكثير منها جريدة (البصائر) لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.. وغيرها من الجرائد التي كانت تصدر في تلك الفترة، ووثّقت لبعض أنشطتها وفعّالياتها، ومن تلك الجمعيات:
- الجمعية الدينية الإسلامية لمدينة الشريعة: التي تأسّست خلال عام 1937، وكان صاحب التغطية الصحفية لها بالبصائر (ع 77/ 30 جويلية 1937) المصلح الوردي بن عمارة.
- الجمعية الدينية بالعوينات: التي تأسست في أواخر عام 1937، وقد انتخَب أعضاؤها مكتبا ضم:
ــ كنوش عمار (رئيسا).
ــ عوادي مسعود (نائبا له).
ــ دبّز محمد الصغير (كاتب عاماً).
ــ دزيري أحمد بن النّوري (نائبا له).
ــ حشاني محمد (أمينا للمال).
ــ عبد اللطيف محمد (نائبا له).
ــ عبد اللطيف عيسى (مراقبا أولا).
ــ قدادرة عبد الله (مراقبا ثانيا).
ومن الأعضاء المستشارين: قيديش الخميسي، مومني عبد الله، يوسفي الربيعي، هَوّام علي بن الحسين، بودهانة عمار، آيت يوسف رابح، بن رحال رابح.
وقد برع في التغطية الصحفية لحفل التأسيس عبر أسبوعية البصائر (ع 94/ 7 جانفي 1938) المصلح علي رحومة المعلم بالعوينات أنذاك، وقد كان لهذه الجمعية نشاط ديني وثقافي واجتماعي مشهود، معتمدة على ما تجود به جيوب المحسنين، فيما كان اجتماعها الأول بعد التأسيس الرسمي في الفاتح من جانفي 1938، بناء على ما ورد بجريدة البصائر (ع 99/ 11 فيفري 1938).
جمعية الوتر الجزائري:
من أوائل الجمعيات الفنّيّة والموسيقية التي تأسّست على المستوى الوطني جمعية الوتر الجزائري بمدينة تبسة، وهذا في نهاية عام 1937 بهدف إحياء الموسيقى الأصيلة وخدمة اللغة العربية والفن الإسلامي والتكوين في مجال المسرح والأناشيد والأغاني الوطنية، لا سيما التلاميذ والطلبة والكشّافين، وكان مقرّها بنادي الشبان المسلمين بمدينة تبسة.
وقد حمل العدد 110 من جريدة (البصائر) الصادر بتاريخ 22 أفريل 1938، بتوقيع المصلح مصطفى زمرلي قائمة أعضاء مكتبها، الذي توزّع على:
ــ كُشْ يونس (رئيسا للجمعية)
ــ علي بن جدي (نائبا له)
ــ الهادي مُغْلي (كاتبا عاما)
ــ مصطفى زمرلي (نائبا له)
ــ أحمد نقريشي (أمينا للمال)
ــ عبد الكريم بن الطاهر (نائبا له)
إلى جانب أعضاء مستشارين، وهم: حسين مخلوفي، عبد القادر بن مصباح، مزون كافي، علي جلول، محمد بن عمر، قدور سلماني. ويعود الفضل للمصلح مصطفى زمرلي في توثيق حفل هذا التأسيس من خلال عدد أسبوعية (البصائر) المشار إليه آنفا.
جمعية دينية بمدينة يوكس الحمامات:
استمر عطاء أبناء تبسة وإقليمها في تأسيس الجمعيات العاملة إلى قُبيل اندلاع ثورة نوفمبر 1954 بسنة واحدة، حيث ازدانت الساحة المحلية عام 1953 بتأسيس جمعية دينية بمدينة يوكس الحمامات أوردت جريدة (البصائر) في عددها (215/ 30 جانفي 1953) أعضاء مكتبها، والذي يتشكل من:
ــ إبراهيم مزهودي (رئيسا).
ــ إبراهيم بوقصّة (نائبا له).
ــ البشير بوقصّة (كاتبا عاما).
ــ العربي مزهودي (كاتبا ثانٍ).
ــ المولدي طاجين (أمينا للمال).
ــ الطاهر عبد الدايم (أمينا ثانٍ للمال).
ــ الأزهر جدواني (مراقبا أول).
ــ محمد بوقصّة (مراقبا ثان).
تأسيس فوج الأمل للكشافة الإسلامية بتبسة 1939:
الكشافة الإسلامية الجزائرية مدرسة تربوية وطنية كان لها الدور الأبرز في تكوين النشء وتأهيلهم، ليكونوا رجالا ضمن الصفوف الأولى في معركة التحرير التي قادها شباب آمنوا بعدالة قضيتهم الوطنية ضد المسخ الثقافي وتشويه الشخصية الوطنية وفرْض الفرْنَسَة والتنصير والتفقير وفي وجه الغطرسة والظلم والقتل والتشريد والتّهجير القسري الذي مارسه الفرنسي في بلادنا لمدة فاقت ألــ 130 سنة.
ومعلوم أن الجمعيات الأولى لأفواج الكشافة الإسلامية الجزائرية ــ بعد انسلاخ بعض أفرادها عن الأفواج الكشفية الفرنسية ــ قد تأسست ما بين 1935 إلى 1940، بما فيها فوج الأمل للكشّافة الإسلامية لتبسة.
فبعد تأسيس الشهيد محمد بوراس لفوج الفَلاَح للكشافة الإسلامية عام 1935 بالجزائر العاصمة، وقبله فوج ابن خلدون لمؤسِّسه الكشّاف الصادق الفول بمدينة مليانة (بولاية عين الدفلى حاليا) سرعان ما أخذت دائرة تأسيس الأفواج الكشفية تتسع ونشاطها يمتدّ عبر الوطن.
وبالنسبة للكشافة الإسلامية بتبسة ومن خلال ما وصل إلى أيدينا من وثائق معتمدة وجرائد أرّخت للحركة الكشفية، على غرار جريدة (البصائر) تحديدا فإنّ أول فوج للكشافة الإسلامية رأى النور على مستوى تبسة هو فوج (الأمل)، الذي شُرع في تأسيسه عمليا في نهاية عام 1938، وقد وثّقت لنا جريدة البصائر ــ ضمن عددها 151 الصادر بتاريخ 4 فيفري 1939 وبتوقيع المصلح مصطفى زمرلي ــ أنه تأسّس رسميا يوم 15 ذي القعدة 1357 هـ الذي وافق 06 جانفي 1939.
وقد تكون هناك محاولات أخرى لتأسيس الكشافة الإسلامية بتبسة وبإقليمها قبل هذا التاريخ، لكنّها غير موثقة، وبالتالي يصعب اعتمادها، إذْ لا مكان للظن في التّأريخ، وحتى بعض الشهادات الحيّة لبعض قدماء الكشافة نجدها متضاربة، فلا تشترك في معلومة واحدة، وبالتالي فهي لا تُغْني شيئا في ميدان البحث التاريخي، رغم أنّه يمكن الاستئناس بها، وبمقابل ذلك يكون اعتماد المؤرّخ والباحث على الوثائق الرسمية التي أُنجزت في تلك الفترة، وكذلك المجلاّت والجرائد الصادرة في ذلك الزمن وواكبت ظهورها، فهي التي تؤرّخ للأحداث وتوثّق للوقائع.
وقد كتبت البصائر في ذات العدد حول هذا التأسيس الرسمي: “لقد كان يوم الجمعة 15 ذي القعدة 1357 هـ أول اجتماع لجمعية الكشافة، بعد أن وافقت الحكومة على قانونها الأساسي طبعا”. وقبل انتخاب الرئيس وأعضاء مكتب الفوج ألقى الرئيس ــ الذي هو إبراهيم خالدي ــ خطابا “بيّن فيه أهمية الكشافة ودورها وواجبها وواجب أعضائها وما ينتج منها من الثّمار التي يقطفها المجتمع والآباء خصوصا” فوجد خطابه آذانا صاغية لدى الحاضرين، وتعاهدوا على النشاط الكشفي.
وقد انبثق عن هذه الجمعية العامة انتخاب مكتب مسيّر لفوج الأمل ممثلا في:
- إبراهيم خالدي (رئيسا).
- محمد سنّي (نائبًا أولا).
- محمود زمرلي (نائبًا ثانيا).
- الهادي مُغْلي (كاتبًا عامًا).
- محمود بوصبيعة (نائبًا له).
- عامر لخضيري (أمينًأ للمال).
- الصادق قصري (نائبًا له).
ـ محمد بوترعة (مراقبًا).
- علي كافي (ممرّنًا).
أما الأعضاء المستشارون فهم: محمد حركات، عبد المجيد حشيشي، أبو القاسم راشدي.
وقبل هذا التاريخ كان شوق أهالي تبسة وأعيانها ومصلحيها وأبنائها إلى تأسيس أفواج الكشّافة الإسلامية عبر كامل تراب المنطقة وتطلّعهم إليها كبيرا، لتكون معينا للحركتين الإصلاحية والوطنية ولتسهم في نشر التربية الإسلامية والخِلاَل الكريمة في أوساط المجتمع، لا سيما فئة الشباب والأطفال، بعدما عمل الاحتلال الفرنسي طيلة عقود من الزمن على نشر الرذائل والانحلال الخلقي، ليصرف الشباب عن قضيتهم الوطنية المحورية.
وقد عبّر عن ذلك مراسل (البصائر) آنذاك مصطفى زمرلي بقوله: “علم الله كم كان مبلغ سرورنا عندما تنبّأنا بالبصائر الغرّاء – مذياع الصدق وصوت الحق ولسان حال الجزائر المسلمة- بتسابق إخواننا المصلحين في تأسيس (جمعيات الكشّافة الإسلامية) على اختلاف أسمائها. ويزيدنا اغتباطا قيامهم بتلكم السّياحات في أنحاء القطر لاكتشاف خبايا الأرض والاطلاع على أسرارها وعلى ما خلفه الأولون الراحلون من آثار هي عبرة للاحقين.
وكذلك الاحتفالات في عدة مناسبات، حيث يُظهرون ما بذله قُوادهم من المجهودات في تمرينهم ليمثّلوا دور الكشّاف أحسن تمثيل ويقوموا بواجبهم أحسن القيام. وليكونوا مظهر القوّة والجمال. وفعلا رأيناهم في أعظم احتفال أقيم بالجزائر لختم القرآن الكريم (بابي الجزائريين) يسيرون كالجند المنظّم وينشدون أغنية الكشّاف التي مطلعها:
كَشّــافُ هيّــا طلْــقَ المُحَيَّـا ** أَدِّ إلى الهُـدَى رسالةَ الفــدَى
ولا شك أن هذه الزيارة التي قام بها بعض من أبناء تبسة ومصلحيها، وحضورهم هذه المسيرة الكشفية بعاصمة القطر الجزائري، قد ألهبت مشاعرهم وشحنت عزائمهم ودفعت فيهم الرّغبة لتأسيس الكشافة الإسلامية بمدينتهم وبمحيطها، وهذا الذي تجسّد فعلا في الميدان.
وفي ذات الوقت يتأسّف المراسل المصلح مصطفى زمرلي لتأخّر وصول الكشافة الإسلامية إلى تبسة، ويتحسّر عن عدم تأسيس أفواج كشفية بها لتكون في مصاف الأفواج الأخرى العاملة عبر الوطن، وفي ذلك يقول: “وبقدر سرورنا واغتباطنا لإخواننا كان تأسّفنا وحسرتنا على تأخّرنا نحن مصلحي تبسة على القيام بهذا الواجب وتأسيس (جمعية الكشّافة الإسلامية) التي لا تقل أهميّة عن بقية المشاريع. بيد أن الفكرة كانت حديث الجماعات والمجتمعات منذ سنة ونصف، إلا أنّها لم تبرز إلى الوجود حتى هذه الأيام كان فعلا تأسيسها تحت اسم (كَشّافة الأمل)”
إلا أن هذا الفوج الكشفي ــ الذي كان الشيخ العربي التبسي أبا روحيا له ــ لم ينطلق من فراغ بل كان تتويجا لمؤسسات أخرى وإنجازات في إطار نشاط الحركة الإصلاحية التي عرفتها تبسة خلال ثلاثينيات القرن الماضي؛ من خلال تأسيس مدرسة تهذيب البنين والبنات ونادي الشبان المسلمين وبعض الجمعيات، وفي ذات الإطار يضيف المراسل: “فبحمد الله وإرادة الشباب تم ما كان ينقص تبسّتنا من المشاريع الإصلاحية، فبعد مدرسة تهذيب البنين جاء نادي الشُّبّان المسلمين، ثم جمعية الموسيقى (الوتر الجزائري) ثم كشّافة الأمل، فما بقي إخواني إلا العمل وأي عمل للقيام بأربعة مشاريع” ولذلك فقد عنون المراسل مصطفى زمرلي مقاله بـ (هيّا بنا إلى العمل.. كشّافة الأمل).
إلا أن الملفت للانتباه في هذه التغطية الصحفية ــ التي أرّخت لميلاد أول فوج كشفي بتبسة بيوم 6 جانفي 1939 ــ أن صاحبها تنبّأ لفتيان وأشبال وجوّالة فوج الأمل بأنه سيكون لهم شأن عظيم، وسيصبحون في طليعة الأمة، بل هم من ينقذها ويقودها إلى التّقدم، واصفا تحيته لهم بـ (الجندية)، إيحاء منه إلى كشّافي فوج الأمل للاستعداد لليوم الأغر ليكونوا في طليعة الجنود وفي مقدّمة محرّري البلاد، وهذا في قوله: “وأختم كلمتي بتوجيه نداء إلى كل جمعيات الكشافة الإسلامية الجزائرية وفي مقدّمتهم جمعيتنا الفتيّة أن يعتنوا كل الاعتناء بهاته النّشأة (أصلها الناشئة) التي صلاحها بأيديهم، والذين هم تحفة اليوم ورجال الغد القريب، وسيكونون في يوم ما قادة الأمة وبأيديهم زمام هاته البلاد ومستقبلها..” ثم يختم مقاله بــ: “تحيتي الجندية إلى الكشافة الإسلامية” ولفظ الجندية هنا يحمل أكثر من دلالة في الجزائر المحتلة آنذاك.
وفعلا تحقّقت نبوّته واستشرافه المستقبلي، حيث كان الكثير من شهداء الجزائر وشهداء ولاية تبسة ومجاهديها قد انتموا وتربّوا ونشأوا في أحضان الكشافة الإسلامية، ثم أضحوا في طليعة قادة ورموز ثورة نوفمبر 1954 المجيدة، بعدما قاموا بحلّ فوجهم من تلقاء أنفسهم ولبوا نداء الواجب الوطني.
وقبل ذلك كان لفوج الأمل للكشّافة الإسلامية دور طلائعي في التحضير وتأطير مظاهرات 8 ماي 1945 بمدينة تبسة وتنظيم صفوفها التي جابت الشوارع الرئيسة للمدينة، كما اعتقل الكثير منهم عقب المظاهرات.
مالك بن نبي ممثلا لتبسة في فيدرالية الكشافة 1948:
خلال عام 1948 تم تأسيس فيدرالية شبيبة كشافة المسلمين الجزائريين بالجزائر العاصمة (BSMA)، برئاسة الكشّاف الكبير الطاهر التّجيني. واستنادا إلى الدكتور بوعمران الشيخ والأستاذ محمد جيجلي في كتابهما (الكشّافة الإسلامية الجزائرية 1935 ــ 1955، ص 91) فإنّ المفكّر الكبير الأستاذ مالك بن نبي كان ممثّلا لتبسّة في مجلس إدارة هذه الفيدرالية الذي توزع كالآتي:
ــ الرئيس: الطاهر التجيني ــ الجزائر.
ــ نائب الرئيس: محمد جيجلي ــ قسنطينة.
ــ الكاتب العام: أبوعمران الشيخ ــ الجزائر.
ــ نائب الكاتب العام: الصادق الغول ــ مليانة.
ــ أمين المال : يوسف قصد علي ــ مليانة.
المساعدون:
ــ مصطفى علون ــ سوق اهراس.
ــ بن محمود محمود ــ سطيف.
ــ أحمد بن مشطة ــ برج منايل.
ــ مالك بن نبي ــ تبسة.
ــ الأخضر دومي ــ سطيف.
ــ بن علي قاضي ــ فرندة.
ــ عبد القادر ميموني ــ الجزائر.
ــ محمد مراوي ــ بسكرة.
ــ محمد تكفة ــ مليانة.
انعدام جريدة بتبسة!
بالرغم من ازدهار نشاط الحركة الوطنية والإصلاحية وتنوّع أذرعها وتعدّد أنشطتها وما صاحبها من نهضة ثقافية وتربوية وكشفية عاشتها تبسة في تلك الفترة، إلا أنّنا لم نسجّل بها أيّة محاولة لإصدار جريدة أسبوعية أو حتى شهرية ذات بُعْد وطني، سواء باللغة العربية أو باللغة الفرنسية، تكون لسان حال أبنائها وتعبّر عن آلامهم وآمالهم، على غرار عديد المدن والحواضر الجزائرية التي كانت سبّاقة لإصدار كم هائل من الصحف والمجلات الوطنية التي كانت إحدى روافد الحركة الوطنية والإصلاحية، كمدن: العاصمة، قسنطينة، وهران، بسكرة، عنابة، سطيف، البليدة... بالرغم من العراقيل التي كانت تضعها إدارة الاحتلال الفرنسي في وجه هذه المنابر الوطنية وضد أصحابها من الوطنيين فقد ظلّت صامدة ردحا من الزمن.
ابن باديس يدعو الجزائريين أن يحذوا حذو أبناء تبسة:
أعود إلى الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي ساءه الوضع الإصلاحي والتربوي الذي كانت عليه تبسة عام 1929، خلال رحلته إليها ــ كما أشرنا إلى ذلك آنفا ــ لكنه لمّا عاد إليها بعد ما يقرب من 10 سنوات، وتحديدا عام 1937 فوجئ بنهضة إصلاحية وبحركة علمية دؤوبة وبعمل دائم، فغيّر رائد النهضة الجزائرية رأيه في تبسة وفي مصلحيها، بل طلب من الجزائريين جميعا أن يحذوا حذو هذه المدينة ويهتدوا بعمل مصلحيها ونشاط شبابها، وهذا الذي نَشَره بالبصائر (ع 55/ 12 فيفري 1937) في قوله: “ونشهد شهادة العالِم بما يشهد، المنصف فيما يؤدّي أو أنّ التبسّيين هم المثال الذي يجب على الجزائريين أن يحتذوه في بُعد الهِمّة والسّبق إلى الصالحات والإقدام على العظائم.. إلى أن يقول: فحيَّ الله شباب تبسة وسدّد خطاه”.
عن جريدة الشعب