تفسير الثعالبي من خلال كتابه الجواهر الحسان
بقلم: محمد بن رزق الطرهوني –
مؤلف هذا التفسير هو عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي الجزائري ت 875 هـ وهو من أهل المنطقة ولد بوادي يسر بالجزائر وتوفي بعاصمتها (1).
التعريف بالتفسير
وتفسيره المسمى "الجواهر الحسان في تفسير القرآن" طبع أكثر من مرة فهو مطبوع في الجزائر سنة1327 طبعة قديمة في المطبعة الثعالبية دون عناية أو تحقيق، وله معجم مختصر في شرح غريب بعض ألفاظ القرآن طبع بآخر التفسير.
وله طبعة أخرى قديمة بعناية محمد بن المصطفى ابن الخوجة بالجزائر سنة 1905 م
وله طبعتان حديثتان الأولى بتحقيق عمار الطالبي - المؤسسة الوطنية للكتاب
والثانية بتحقيق محمد الفاضلي - المكتبة العصرية - بيروت سنة 1417 هـ
ونظرا لكون هذا التفسير أو تفسير مطبوع أتعرض له في الدراسة فسوف أختصر فيه المقال عن سابقيه لسهولة الوصول إليه، وأستعيض عن نقل النصوص الطويلة منه بالإشارة لأرقام الصفحات، وهكذا سيكون المنهج مع غيره ممن هو مثله إن شاء الله تعالى.
وقد كتبت دراسة علمية بعنوان " عبد الرحمن الثعالبي ومنهجه في التفسير" كتبها عبدالحق عبد الدائم سيف القاضي وهي رسالة ماجستير مرقونة على الآلة الكاتبة بإشراف د. عبد الفتاح سلامة بالجامعة الإسلامية سنة 1405 هـ.
وننقل هنا خلاصة ما توصل له الباحث حول هذا التفسير، قال: جاء تفسير الثعالبي سديدا في منهجه وعذوبة مورده بعيدا عن الحشو والتطويل وفضول الكلام.
ويعد مرجعا مهما في بابه لأنه يعتبر عصارة تفسير ابن عطية الذي يعتبره ابن خلدون عصارة التفاسير المتقدمة عليه.
فقام إلى تفسير ابن عطية ونحى منه وفرة وفيرة من الأقوال المتشعبة والاختلافات الكثيرة والروايات المتعددة واختار منها ما هو أقرب إلى الروح القرآنية السمحة ... وهو بهذا يطمع أن ينتفع بذلك جمهرة كبيرة من العامة والخاصة كما نوه بذلك في مقدمة تفسيره وكان حريصا أثناء اختصاره لتفسير ابن عطية على تنقية الآراء وعلى إبقاء الطابع العام كما هو دون تغيير أو تبديل حتى تبقى شخصية ابن عطية ماثلة واضحة جلية إلا أنه أحيانا كانت تجذبه العاطفة الدينية كلما سنحت له الفرصة فيطلق لقلمه العنان في سرد الأحاديث والأقوال المتعلقة بالترغيب والترهيب والتذكير بأمور الآخرة والتزهيد في الدنيا والتقليل من شأنها ... الخ (2).
وقد خلص الباحث إلى ملاحظات من خلال مقارنة الثعالبي بابن عطية تتلخص فيما يلي:
- تفوق الثعالبي على ابن عطية في مجال الحديث.
- تعقب الثعالبي ابن عطية في مسائل قال بها ثم عدل عنها.
- استدراك الثعالبي على ابن عطية فيما يتعلق بمنزلة الأنبياء وعصمتهم.
- ترجيح الثعالبي لغير آراء ابن عطية في فهم بعض الآيات القرآنية.
- مناقشة الثعالبي لابن عطية في بعض القضايا المختلفة.
- مخالفة الثعالبي لابن عطية في بعض الألفاظ اللغوية والنحوية.
المنهج العام للتفسير: (3)
وتفسير الجواهر الحسان يعتير في الجملة تفسيرا أثريا ذا نزعة صوفية وعظية يهتم بالقضايا الاجتماعية.
كما يهتم بالمقارنة بين مختلف التفاسير، وترجيح بعضها على الآخر، وذلك في مواضع كثيرة من تفسيره كقوله مثلاً: "وأرجح الأقوال عندي قول هذه الطائفة وفي الحديث الصحيح ... " وذلك باعتماده على حديث صحيح، وكقوله: "وهي مع ذلك عند التأمل يلوح منها تأويل قتادة المتقدم فتأمله"، وكقوله: "وهذا التأويل عندي أبين إذا لخص وإن كان قد استبعده ابن عطية"، ويرجح أحيانًا تفسير الطبري فيقول: "وما قال الطبري عندي أبين" ويقول: "وهذا هو الراجح الذي تدل عليه الأحاديث وظواهر الآيات"، " وأظهرها عندي قول أبي جعفر".
ويرجح أحيانًا عند مقارنته تفسير أهل بلده مثل ترجيحه تفسير عبد الحق الخراطي أو البجائي فيقول: " وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى وهو تأويل صاحب العاقبة" ويميل أحيانا أخرى إلى تأويل الحديث ليخلص إلى رأى اجتهادي له كرأيه في عدم القيام للقادم لتحيته يقول: "وفي الاحتجاج بقضية سعد نظر لأنها احتفت بها قرائن سوغت ذلك، والسلامة عندي ... "، ويرجح أحيانا كثيرة تفسير البخاري كقوله مثلا: " والأول أبين وهو تفسير البخاري ".
ولم يخل منهجه من عنصر النقد، فكما نقد كثيرا من الآثار والروايات سندا ومتنا نقد أيضا في مواضع متعددة جماعة من المفسرين وعلى رأسهم ابن عطية الذي اختاره المصنف ليكون أساس تفسيره فيصرح أحيانا ببعد تفسير أو لفظة عن السياق فيقول مثلا: "وهذا تأويل بعيد من لفظ الآية كما ترى".
ويكشف أحيانا عما يسميه قلقا في التوجيه أو في التعبير ويبين أحيانا أخرى أن ابن عطية خصص بدل أن يعمم بدون دليل مثل قوله في تفسير قوله تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} (4) " والصواب عندي أن يقال: أما ثقله باعتبار سائر الامة فهو ماذكر من ثقل المعاني".
كما ينبه في مواضع أخرى على تناقض ابن عطية فيقول مثلا: وماضعفه رحمه الله صححه في سورة البقرة ويقول: " وفي نظره رحمه الله نظر يمنعني من البحث معه ماأنا له قاصد من الإيجاز والاختصار دون البسط والانتشار ".
ونجده أحيانا أخرى ينبه إلى أخطاء وقع فيها ابن عطية فيقول: "وماذكره رحمه الله تعالى من البطلان لا يصح " ويشير في مواضع أخرى إلى أنه ترك عبارات من تفسير ابن عطية كلمات الواجب طرحها ولهذا أعرض عنها. أو أنه لم يتبع الأحسن في تفسير لفظة أو آية يقول: "فسر رحمه الله تعالى لفظ {خاوية} (5) في سورة الحج والنمل بخالية والأحسن أن تفسر هنا وفي الحج بساقطة وأما التي في النمل فيتجه أن تفسر بخالية وبساقطة". كما خطأ ابن عطية في ادعائه الإجماع على معنى آية فقال: "وليس هذا الإجماع بصحيح". ويصلح له بعض العبارات مثال ذلك قوله: "وصوابه أن يقول: عن بعض المقدورات لا عن كلها وهذا هو مراده ألا تراه قال في قوله تعالى: {ولا يحيطون بشيء من علمه} (6) قال: يعني بشيء من معلوماته لأن علمه تعالى لا يتجزأ فافهم راشدا. "
ولكن الإنصاف جعل الثعالبي يدافع عن ابن عطية إذا انتقده من لم يكن محقا في نقده كالصفاقسي، وأكثر من ذلك فإنه انتصر له في عدم موافقته الطبري في بعض مايذهب إليه.
والتزم في طريقته تجنب التكرار والإعادة فيقول مثلا: "فأغنانا عن إعادته وهذه هي عادتنا في هذا المختصر." (7)
وبدأ الثعالبي بمقدمة لتفسيره جاء فيها:
وما انفردت بنقله عن الطبري فمن اختصار الشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد اللخمي النحوي لتفسير الطبري نقلت لأنه اعتنى بتهذيبه ... ، وكل ما في آخره انتهى، فليس هو من كلام ابن عطية، بل ذلك مما انفردت بنقله عن غيره ومن أشكل عليه لفظ في هذا المختصر فليراجع الأمهات المنقول منها، فليصلحه منها ولا يصلحه برأيه وبديهة عقله فيقع في الزلل من حيث لا يشعر، وجعلت علامة "التاء" لنفسي بدلا من "قلت" ومن شاء كتبها "قلت"، وأما "العين" فلابن عطية ومانقلته من الإعراب عن غير ابن عطية فمن الصفاقسي مختصر أبي حيان غالبا وجعلت "الصاد" علامة عليه، وربما نقلت عن غيره معزوا لمن عنه نقلت وكل مانقلته عن أبي حيان فإنما نقلي له بواسطة الصفاقسي غالبا.
قال الصفاقسي: وجعلت علامة ما زدته على أبي حيان وما يتفق لي إن أمكن فعلامته: قلت، وبالجملة فحيث أطلق فالكلام لأبي حيان.
قال: ومانقلته من الأحاديث الصحاح والحسان عن غير البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي في باب الأذكار والدعوات فأكثره من النووي وسلاح المؤمن، وفي الترغيب والترهيب وأحوال الآخرة فمعظمه من التذكرة للقرطبي والعاقبة لعبد الحق وربما زدت زيادات كثيرة من مصابيح البغوي وغيره كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى كل ذلك معزو لمحاله وبالجملة فكتابي هذا محشو بنفائس الحكم وجواهر السنن الصحيحة والحسان المأثورة عن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وبعد المقدمة جعل بابا في فضل القرآن، ثم بابا في فضل تفسير القرآن وإعرابه، ثم فصلا في الجرأة على التفسير ومراتب المفسرين، ثم فصلا في المعرب من القرآن، ثم بابا في أسماء القرآن ومعنى السورة والآية، ثم شرع في تفسير البسملة، ثم قال: تفسير الفاتحة بحول الله وقوته.
المنهج التفصيلي للمؤلف
أولا: يهتم المصنف بذكر المكي والمدني وأسماء السورة ومن ذلك قوله في فاتحة الكتاب (8):
قال ابن عباس وغيره: إنها مكية ويؤيد هذا أن في سورة الحجر {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} (9) والحجر مكية بإجماع وفي حديث أبي بن كعب أنها "السبع المثاني" (10). ولاخلاف أن فرض الصلاة كان بمكة وما حفظ أنه كانت قط في الإسلام صلاة بغير الحمد لله رب العالمين وروي عن عطاء بن يسار وغيره أنها مدنية. وأما أسماؤها فلا خلاف أنه يقال لها: فاتحة الكتاب. واختلف هل يقال لها: أم الكتاب؟ فكره ذلك الحسن بن أبي الحسن وأجازه ابن عباس وغيره.
وقوله في سورة البقرة (11):
هذه السورة مدنية نزلت في مدد شتى وفيها آخر آية نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} (12)
وهو يتعرض لعد الآي ومن ذلك قوله: وعدد آي سورة البقرة مائتان وخمس وثمانون آية، وقيل: وست وثمانون، وقيل: وسبع وثمانون. (13)
ثانيا: موقفه من العقيدة
وأما من الناحية الكلامية فمنهجه منهج الأشعري يأول آيات العقائد تأويل الأشعرية ويوجهها توجيههم، ولنأخذ مثالا على ذلك قال في قوله تعالى: {ثم استوى على العرش} (14) والمعتقد في هذا أنه سبحانه مستو على العرش على الوجه الذي قاله، وبالمعنى الذي أراده، استواء منزها عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال، لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ومقهورون في قبضته كان الله ولا شيء معه، كان سبحانه قبل أن يخلق المكان والزمان وهو الآن على ما عليه كان. (15)
وقوله: {العلي} (16): يراد به علو القدر والمنزلة لا علو المكان لأن الله سبحانه وتعالى منزه عن التحيز (17)
وله ردود على المعتزلة وغيرهم وقد هاجم الزمخشري الذي ذهب إلى أن "لن" لتأبيد النفي لينفي رؤية الله سبحانه في قوله {لن تراني} (18) وهنا نرى أن الثعالبي ينقد تفسير الزمخشري (19) كما أنه لا يحبذ مطالعته متأثرا في ذلك ببعض شيوخه الأشاعرة الذين يرغبون عنه لاعتزاله (20).
وفي قوله {ليس عليك هداهم} (21) قال: ثم أخبر سبحانه أنه يهدي من يشاء، وفي الآية رد على القدرية، وطوائف المعتزلة، ثم بين تعالى أن النفقة المقبولة ما كان ابتغاء وجه الله، وفي الآية تأويل وهو أنها شهادة من الله تعالى للصحابة أنهم إنما ينفقون ابتغاء وجه الله سبحانه فهو خبر عنهم لهم فيه تفضيل.
وقال في قوله تعالى {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت} (22)
ويومًا نصب على المفعول، لا على الظرف، وجمهور العلماء على أن هذا اليوم المحذر منه: هو يوم القيامة والحساب والتوفية، وقال قوم: هو يوم الموت، والأول أصح، وهو يوم تنفطر لذكره القلوب، وفي هذه الآية نص على أن الثواب والعقاب متعلق بكسب الإنسان، وهذا رد على الجبرية.
الجانب الصوفي في منهجه:
وإذا كان منهج الثعالبي منهجا تحقيقيا في أساسه وطابعه العام فإنه لم يخل من جانب صوفي واضح إذ كان هو نفسه صوفيا سنيا لا يذهب مذهب الحلول والغوص في مذهب وحدة الوجود (23)، وهو ينقل في تفسيره نصوصا عن القشيري والمحاسبي من رعايته ومن مختصرها للعز بن عبد السلام ومن كتاب سنن الصالحين لأبي الوليد الباجي ومن التنوير لابن عطاء الله السكندري وعن صاحب التشوف المغربي وعن أبي القاسم عبد الرحمن بن يوسف اللجائي الصوفي وعن أبي مدين البجائي التلسماني وعن أبي الحسن الشاذلي وغيرهم. (24)
ومفهوم الولي عنده مفهوم قرآني قال في تفسير قوله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (25): وأولياء الله هم المؤمنون الذين والوه بالطاعة والعبادة وهذه الآية يعطي ظاهرها أن من آمن واتقى الله فهو داخل في أولياء الله وهذا هو الذي تقتضي الشريعة في الولي. (26)
وقد انتقد ظاهرة التصنع والرياء لدى بعض المتصوفة المرائين المتصنعين
فقال عند تفسير قوله تعالى {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين} (27):
وهذا كله تغليظ على المرائين والمتصنعين ولا خلاف أعلمه بين أرباب القلوب وأئمة التصوف أن المتصنع عندهم بهذه الأمور ممقوت وأما من غلبه الحال لضعفه وقوي الوارد عليه حتى أذهبه عن حسه فهو إن شاء الله من السادة الأخيار يطول تعدادهم كابن وهب، وأحمد بن معتب المالكيين ذكرهما عياض في مداركه وأنهما ماتا من ذلك، وكذلك مالك بن دينار مات من ذلك ذكره عبد الحق في العاقبة ومن كلام عز الدين بن عبد السلام رحمه الله في قواعده الصغرى قال: وقد يصيح بعضهم لغلبة الحال عليه، وإلجائها إياه إلى الصياح، وهو في هذا معذور، ومن صاح لغير ذلك فمتصنع ليس من القوم في شيء، وكذلك من أظهر شيئا من الأحوال رياء أو تسميعا فإنه ملحق بالفجار دون الأبرار. (28)
ونعلق على ما ذكره هنا بأن أولى الناس بالخشوع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صحابته الكرام وعلماء الأمة الصدور من التابعين ومن بعدهم كالأئمة الأربعة ومن في منزلتهم ولم يصدر ذلك عن أحد منهم مما يدلل على كون ذلك مدخلا من مداخل الشيطان وتلبيسا من تلبيساته كما أفاض في ذكر جمل من ذلك ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس وأفرده الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل في رسالة مستقلة.
ومن صوفياته قوله تحت قوله تعالى {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض} (29) وأخذ أبو سليمان الداراني قدح الماء ليتوضأ لصلاة الليل وعنده ضيف فرآه لما أدخل إصبعه في أذن القدح أقام كذلك مفكرًا حتى طلع الفجر، فقال له: ما هذا يا أبا سليمان؟ فقال: إني لما طرحت إصبعي في أذن القدح تذكرت قول الله سبحانه {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم} (30) فتفكرت في حالي، وكيف أتلقى الغل إن طرح في عنقي يوم القيامة، فما زلت في ذلك حتى أصبحت.
ونقل عن ابن عطية قوله: وحدثني أبي رضي الله عنه عن بعض علماء المشرق قال: كنت بائتًا في مسجد الأقدام بمصر فصليت العتمة فرأيت رجلا قد اضطجع في كساء له حتى أصبح، وصلينا نحن تلك الليلة وسهرنا، فلما أقيمت صلاة الصبح قام ذلك الرجل، فاستقبل القبلة فصلى مع الناس فاستعظمت جرأته في الصلاة بغير وضوء، فلما فرغت الصلاة خرج فتبعته لأعظه فلما دنوت منه سمعته وهو ينشد:
منسحق الجسم غائب حاضر ... منتبه القلب صامت ذاكر
منقبض في الغيوب منبسط ... كذاك من كان عارفًا ذاكرا
يبيت في ليله أخا فكر ... فهو مدى الليل نائم ساهر
قال: فعلمت أنه ممن يعبد بالفكرة، فانصرفت عنه. (31)
وهذا أيضا الذي ذكره لا محل له من أهل الصدر الأول وهم أخشى الناس وأتقاهم، وقد حرم المسكين من قيام الليل ومناجاة الخالق سبحانه وتعالى والاقتراب منه في السجود، والتفكر في آيات الله وهو بين يدي الله، ليس وهو نائم أو سارح! غفر الله لنا تقصيرنا.
ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن
من الأمثلة على انتهاجه منهج تفسير القرآن بالقرآن في بعض المواضع ما ذكره في قوله تعالى {ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها} (32) قال: (33)
أي نؤت من شئنا منها ما قدر له يبين ذلك قوله تعالى {من كان يريد العاجلة ...} (34)
ومن تفسير القرآن بالقرآن قوله {المغضوب عليهم} (35) اليهود و {الضالون} النصارى ... وذلك بين من كتاب الله لأن ذكر غضب الله على اليهود متكرر فيه كقوله {وباءوا بغضب من الله} (36) {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله} (37) ... والنصارى كان محققوهم على شرعة قبل ورود شرع محمد - صلى الله عليه وسلم - فلما ورد ضلوا، وأما غير متحققيهم فضلالتهم متقررة منذ تفرقت أقوالهم في عيسى
عليه السلام وقد قال الله تعالى فيهم {ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} (38) (39)
رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة
ذكرنا فيما سبق منهجه في ذلك في كلامه الذي ختمه بقوله:
وبالجملة فكتابي هذا محشو بنفائس الحكم وجواهر السنن الصحيحة والحسان المأثورة عن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. (40)
وهو يقول أيضا: "وليس لأحد مع الحديث إذا صح نظر". (41)
ويمكن القول بأن منهج الثعالبي في تفسيره يقوم على تحقيق النصوص ونقدها حيث يقول: " وقد تحرينا في هذا المختصر التحقيق فيما علقناه جهد الاستطاعة ".
كما اعتنى فيه اعتناء عظيما بالسنة النبوية باعتبارها بيانا للقرآن وأساسا هاما لمنهج التفسير بالمأثور الذي اختاره لنفسه فالتزم تخريج الأحاديث التي يوردها أو يوردها غيره من المفسرين فينقد سندها أحيانا ومتنها أحيانا أخرى مثال نقده للمتن نقده للحديث الذي ذكره تحت قوله تعالى {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} (42) وأخرجه الترمذي عن ابن عباس - رضي الله عنه - في شأن المرأة التي كانت تصلي خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الثعالبي فيه: "والحديث المتقدم إن صح فلا بد من تأويل فإن الصحابة ينزهون عن فعل ما ذكر فيؤول بأن ذلك صدر من بعض المنافقين أو بعض الأعراب الذين قرب عهدهم بالإسلام ولم يرسخ الإيمان في قلوبهم، وأما ابن عباس فإنه كان يومئذ صغيرًا بلا شك، هذا إذا كانت الآية مدنيه، فإن كانت مكية فهو يومئذ في سن الطفولية وبالجملة فالظاهر ضعف هذا الحديث من وجوه" (43).
وكذلك نقده لما أورده النقاش، قال الثعالبي: "وأما ما ذكره من الحبل [يعني حبل المرأة من الجن] فلا شك في ضعفه، وفساد قول قائله، ولم أر في ذلك حديثًا لا صحيحًا ولا سقيمًا ولو أمكن أن يكون الحبل من الجن - كما زعم ناقله - لكان ذلك شبهة يدرأ بها الحد عمن ظهر بها حبل من النساء اللواتي لا أزواج لهن، لاحتمال أن يكون حبلها من الجن كما زعم هذا القائل، وهو باطل". (44)
وكتعليقه على حديث آخر في تفسير قوله تعالى: {كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه} (45)، قال: "وهذا لين الإسناد والمتن كما ترى". (46)
ومن مواضع استدلاله بالحديث الصحيح:
قوله تعالى {وإن كان ذو عسرة ... ..} (47)
قال: وفي الصحيحين (48) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه إذا أتيت معسرًا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا قال: فلقي الله فتجاوز عنه" وفي صحيح مسلم (49): "من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة
فلينفس عن معسر، أو يضع عنه " وفي رواية "من أنظر معسرًا أو وضع عنه أنجاه الله من كرب يوم القيامة " وفي رواية "من أنظر معسرًا أو وضع عنه أنجاه الله من كرب يوم القيامة " وفي رواية "من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله".
وهو في الواقع كما أنه يكثر من الأحاديث الصحيحة ففي نفس الوقت يكثر من الأحاديث الضعيفة ومن ذلك قوله:
وقد روى ابن المبارك في (رقائقه) قال: أخبرنا ابن لهيعة قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد أن رجلا قال: يا رسول الله كيف لي أن أعلم كيف أنا؟ قال: "إذا رأيت كلما طلبت شيئا من أمر الآخرة وابتغيته يسر لك، وإذا أردت شيئا من الدنيا وابتغيته عسر عليك، فأنت على حال حسنة، وإذا رأيت كلما طلبت شيئا من أمر الآخرة وابتغيته عسر عليك، وإذا أردت شيئا من أمر الدنيا وابتغيته يسر لك، فأنت على حال قبيحة". انتهى فتأمله راشدا. (50) (51)
ومن ذلك أيضا قوله (52):
خرج الحاكم أبو عبد الله في المستدرك على الصحيحين عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اعملوا بالقرآن، أحلوا حلاله وحرموا حرامه، واقتدوا به ولا تكفروا بشيء منه وما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله وإلى أولي العلم من بعدي كيما يخبروكم وآمنوا بالتوراة والإنجيل والزبور وما أوتي النبيون من ربهم
وليسعكم القرآن وما فيه من البيان فإنه شافع مشفع وماحل مصدق ... .الخ " (53)
وهو يهتم بذكر أسباب النزول:
ومن ذلك قوله {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار} (54)
قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كانت له أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم
نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية. (55)
وفي قوله {قل ادعو الله أو ادعو الرحمن} (56)
قال: سبب نزول هذه الآية أن بعض المشركين سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو "ياالله يارحمن" فقالوا: كان محمد يأمرنا بدعاء إله واحد وهو يدعو إلهين. قاله ابن عباس؛ فنزلت الآية مبينة أنها أسماء لشيء واحد. (57)
وقال: وفي صحيح البخاري (58) بسنده عن ابن عباس في قوله سبحانه { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} (59) قال: نزلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مختف بمكة كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تبارك وتعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {ولا تجهر بصلاتك} أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ولا تخافت به عن أصحابك فلا تسمعهم وابتغ بين ذلك سبيلا. (60)
وفي قوله {يحلفون بالله ما قالوا} (61)
قال: نزلت في الجلاس بن سويد وقوله: لئن كان ما يقول محمد حقا لنحن شر من الحمر فسمعها منه ربيبه أو رجل آخر فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء الجلاس فحلف بالله ما قال هذه الكلمة فنزلت الآية. (62)
وقال قتادة: نزلت في عبد الله بن أبي سلول وقوله في غزوة المريسيع ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك ولئن رجعنا إلا المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقفه
فخلف أنه لم يقل ذلك فنزلت الآية مكذبة له. (63)
وهو يتعرض لذكر فضائل السور والآيات:
فذكر أحاديث فضل الفاتحة فقال: مثل حديث أبي سعيد بن المعلى إذ قال له - صلى الله عليه وسلم -: " ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن؟ الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" (64) انتهى من سلاح المؤمن تأليف الشيخ المحدث أبي الفتح تقي الدين محمد بن علي بن همام رحمه الله. وقال أيضا: ويقال لسورة البقرة فسطاط القرآن وذلك لعظمها وبهائها وماتضمنت من الأحكام والمواعظ وفيها خمسمائة حكم، وخمسة عشر مثلا وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول، وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتم سورة البقرة من تحت العرش " (65)
كما ذكر أحاديث في الفضائل صحيحة ومعزوة لمخرجيها في آية الكرسي (66) وغيرها. (67)
خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف
وهو يقدم تفسير الصحابة فيقول في إحدى ترجيحاته مبررًا: " ... ولأنه تفسير صحابي وهو مقدم على غيره". (68)
ومن مواضع اهتمامه بتفسير السلف قوله:
قال ابن عباس: {كرسيه} (69) علمه... ومنه الكراسة.
قوله: {وتثبيتا من أنفسهم} (70)، قال قتادة وغيره: وتثبيتا معناه: وتيقنا، أي أن نفوسهم لها بصائر متأكدة فهي تثبتهم على الإنفاق في طاعة الله تثبيتًا، وقال مجاهد والحسن: معنى قوله وتثبيتا: أي أنهم يتثبتون أين يضعون صدقاتهم، قال الحسن: الرجل إذا هم تثبت فإن كان ذلك لله أمضاه، وإن خالطه شيء أمسك. (71)
قوله {فطل} (72): المستدق من القطر، قاله ابن عباس وغيره. (73)
وفي قوله: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} (74)، قال ابن عباس: جعل الله صدقة السر في التطوع، تفضل علانيتها، يقال: بسبعين ضعفا، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها، يقال بخمسة وعشرين ضعفًا، قال: وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها. (75)
وفي قوله {تعرفهم بسيماهم} (76) قال: السيما مقصورة العلامة واختلف المفسرون في تعيينها، فقال مجاهد: هي التخشع والتواضع، وقال الربيع والسدي: هي جهد الحاجة وقصف الفقر في وجوههم وقلة النعمة وقال ابن زيد: هي رثة الثياب، وقال قوم وحكاه مكي: هي أثر السجود. (77)
سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات
قال تحت قوله: {ربنا وابعث فيهم رسولا} (78):
وقد تواترت أخبار نبينا - صلى الله عليه وسلم - وبعثته في الكتب السالفة، وعلم بذلك الأحبار، وأخبروا به، وبتعيين الزمن الذي يبعث فيه، وقد روى البيهقي أحمد بن الحسين وغيره: عن طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه -، قال: حضرت سوق بصري، فإذا راهب في صومعة، يقول: سلوا أهل هذا الموسم، أفيهم من هو من هذا الحرم؟ قال: قلت أنا فما تشاء؟ قال: هل ظهر أحمد بعد؟ قلت: ومن أحمد؟ قال: أحمد بن عبدالله بن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه، وهو خاتم الأنبياء، مخرجه من الحرم، ومهاجره إلى نخل وسباخ، إذا كان فلا تسبقن إليه، فوقع في قلبي ماقال، وأسرعت اللحاق بمكة فسألت هل ظهر بعدي أمر؟ فقالوا: محمد الأمي قد تنبأ، واتبعه أبو بكر ابن أبي قحافة، فمشيت إلى أبي بكر، وأدخلني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت. (79)
قال: وقد روى العذري وغيره عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه قال: لقيت شيخًا باليمن، فقال لي: أنت حرمي؟ فقلت: نعم، فقال: وأحسبك قرشيًا؟
قلت: نعم. قال: بقيت لي فيك واحدة، اكشف لي عن بطنك! قلت: لا أفعل، أو تخبرني لم ذلك؟ قال: أجد في العلم الصحيح أن نبيًا يبعث في الحرمين يقارنه على أمره فتى، وكهلا، أما الفتى فخواض غمرات، ودفاع معضلات، وأما الكهل فأبيض نحيف، على بطنه شامة، وعلى فخده اليسرى علامة، وما عليك أن تريني ما سألتك عنه فقد تكاملت فيك الصفة إلا ما خفي علي. قال أبو بكر: فكشفت له عن بطني، فرأى شامة سوداء فوق سرتي، فقال: أنت هو ورب الكعبة ... وخف الله فيما خولك وأعطاك، قال أبو بكر: فلما ودعته قال: أتحمل عني إلى ذلك النبي أبياتا؟ قلت: نعم، فأنشأ الشيخ يقول:
ألم تر أني قد سئمت معاشري ... ونفسي قد أصبحت في الحي هاهنا
حييت وفي أيام المرء عبرة ... ثلاث مئين بعد تسعين آمنا
وقد خمدت مني شرارة قوتي ... وألفيت شيخا لا أطيق الشواحنا
وأنت ورب البيت تأتي محمدا ... لعامك هذا قد أقام البراهنا
فحيي رسول الله عني فإنني ... على دينه أحيا وإن كنت قاطنا
قال أبو بكر: فحفظت شعره، وقدمت مكة، وقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءني صناديد قريش وقالوا: ياأبا بكر يتيم أبي طالب يزعم أنه نبي، قال: فجئت إلى منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأت عليه فخرج إلي، فقلت: يا محمد فقدت من منازل قومك، وتركت دين آبائك، فقال: "ياأبا بكر إني رسول الله إليك، وإلى الناس كلهم، فآمن بالله " فقلت: وما دليلك؟ "قال الشيخ الراهب الذي لقيته باليمن"، قلت: وكم من شيخ لقيت؟ قال: "ليس ذلك أريد، إنما أريد الشيخ الذي أفادك الأبيات " قلت: ومن أخبرك بها؟ قال: "الروح الأمين الذي كان يأتي الأنبياء قبلي " قلت: مد يمينك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال أبو بكر: فانصرفت وما بين لابتيها أشد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرحا بإسلامي. انتهى من تأليف ابن القطان في الآيات والمعجزات. (80)
وفي ذكر هذين الموضعبن دليل على إهمال المصنف منهج التحقيق تماما في جانب السيرة فكلا الخبرين موضوع وهل كان بمكة لابتان؟؟ فما أسخف الوضاعين! وهل أسلم أبو بكر بعد أن فشا خبره - صلى الله عليه وسلم - في مكة؟ وهو أول من أسلم من الرجال فيما ثبتت به الأخبار الصحيحة المستفيضة.
كما ذكر طرفا من قصة غزوة بدر تحت قوله تعالى {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين} (81)
فقال: في هذه الآية قصص حسن محل استيعابه كتاب سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن هشام واختصاره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه ... الخ (82)
وكذا ذكر بعضا من مشاهد السيرة تحت قوله {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم} (83) (84)
سابعا: موقفه من الإسرائيليات
وقد نقد المصنف الإسرائيليات في عدة مواضع من تفسيره منها تعليقه على التفسير قوله تعالى: {ولقد فتنا سليمان} (85). قال: "قد أكثروا في قصص هذه الآية بما لا يوقف على صحته" (86) وتبنى نقد أبي بكر بن العربي في أحكامه ونقل نصه: "وقد قال ابن العربي في توهين هذا القول وتزييفه: وهذا القول ونحوه مذكور في ضعيف الحديث في الترمذي وغيره، وفي الإسرائيليات التي ليس لها أساس ثابت، ولا يعول عليها من له قلب". (87)
إلا أن ذلك لا يعني أنه أهمل الإسرائيليات تماما بل إنه ذكر جملة منها ومن ذلك:
في قوله تعالى {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه} (88)
قال: {ألم تر} (89) تنبيه وهي رؤية القلب، والذي حاج إبراهيم هو نمروذ بن كنعان ملك زمانه وصاحب النار والبعوضة، قاله مجاهد وغيره. قال قتادة: هو أول من تجبر وهو صاحب الصرح ببابل قيل: إنه ملك الدنيا بأجمعها، وهو أحد الكافرين، والآخر بختنصر، وقيل: إن النمروذ الذي حاج إبراهيم هو نمروذ بن فالخ، وفي قصص هذه المحاجة روايتان إحداهما: ذكر زيد بن أسلم أن النمروذ قعد يأمر للناس بالميرة، فلما جاء قوم قال: من ربكم وإلهكم؟
فيقولون: أنت، فيقول: ميروهم، وجاء إبراهيم عليه السلام يمتار، فقال له: من ربك وإلهك؟ قال إبراهيم: {ربي الذي يحيي ويميت} (90) فلما سمعها نمروذ قال: {أنا أحيي وأميت} فعارضه إبراهيم بأمر الشمس {فبهت الذي كفر} وقال: لاتميروه، فرجع إبراهيم إلى أهله دون شيء، فمر على كثيف رمل كالدقيق، فقال: لو ملأت غرارتي من هذا، فإذا دخلت به فرح الصبيان حتى أنظر لهما، فذهب بذلك فلما بلغ منزله فرح الصبيان، وجعلا يلعبان فوق الغرارتين، ونام هو من الإعياء، فقالت امرأته: لو صنعت له طعامًا يجده حاضرًا إذا انتبه، ففتحت إحدى الغرارتين، فوجدت أحسن مايكون من الحواري، فخبزته، فلما قام وضعته بين يديه، فقال: من أين هذا؟ قالت: من الدقيق الذي سقت، فعلم إبراهيم أن الله يسر لهم ذلك. (91)
وقوله {أو كالذي مر على قرية} (92):
عطفت (أو) في هذه الآية على المعنى الذي هو التعجب في قوله: {ألم تر إلى الذي حاج} (93) قال ابن عباس وغيره: الذي مر على القرية هو عزير، وقال وهب بن منبه وغيره: هو أرميا. قال ابن إسحاق: أرميا هو الخضر، وحكاه النقاش عن وهب بن منبه، واختلف في القرية ماهي؟ فقيل: المؤتفكة، وقال زيد بن أسلم: قرية الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف. وقال وهب بن منبه وغيره: المقدس لما خربها بختنصر البابلي. (94)
ثامنا: موقفه من اللغة
وهو يهتم ببيان المفردات وذلك مثل قوله:
{لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} (95)
الدين في هذه الآية هو المعتقد والملة ومقتضى قول زيد بن أسلم. (96)
{وهي خاوية على عروشها} (97):
قال: والعريش: سقف البيت، قال السدي: يقول هي ساقطة على سقفها أي سقطت السقف، ثم سقطت الحيطان عليها، وقال غيره: معناه خاوية من الناس، وخاوية معناه خالية، يقال: خوت الدار تخوي خواء وخويا، ويقال: خويت، قال الطبري: والأول أفصح
{الربا} (98): قال: هو الزيادة، مأخوذ من ربا يربوا إذا نما وزاد عل ما كان وغالبه ماكانت العرب تفعله من قولها للغريم: أتقضي أم تربي؟ فكان الغريم يزيد في عدد المال ويصبر الطالب عليه. (99)
وهو يتعرض للإعراب والنحو:
ومن ذلك قوله:
{من سيئاتكم} (100) للتبعيض المحض لا أنها زائدة كما زعم قوم. (101)
{كلوا مما في الأرض حلالا طيبا} (102) الخطاب عام و {ما} بمعنى: الذي، و {حلالا} حال من الضمير العائد على {ما} و {طيبا} نعت، ويصح أن يكون حالاً من الضمير في {كلوا} تقديره مستطيبين.
ومن النكات التفسيرية قوله:
{عرضها السموات والأرض} (103): وخص العرض بالذكر لأنه يدل متى ما ذكر على الطول، والطول إذا ذكر لا يدل على قدر العرض، بل قد يكون الطويل يسير العرض، كالخيط ونحوه.
{ليغيظ بهم الكفار} (104): والغيظ أصل الغضب، وكثيرًا ما يتلازمان، ولذلك فسر بعض الناس الغيظ بالغضب، وليس تحرير الأمر كذلك، بل الغيظ حال للنفس لا تظهر على الجوارح، والغضب حال لها تظهر في الجوارح وفعلٍ ما، ولابد، ولهذا جاز إسناد الغضب إلى الله سبحانه، إذ هو عبارة عن أفعاله في المغضوب عليهم، ولا يسند إليه تعالى الغيظ.
وهو يقدم الحقيقة على المجاز في التفسير فيقول: " حمل اللفظ على حقيقته أولى إن لم يمنع مانع " (105)
وهو لا يكثر من الشعر:
ومن مواضع استدلاله به قوله تحت قوله تعالى {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} (106):
ثم قال تعالى تسلية للمؤمنين {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} والأسوة مسلاة للبشر ومنه قول الخنساء:
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزي النفس عنه بالتأسي (107)
تاسعا: موقفه من القراءات
وهو يهتم بذكر القراءات المتواترة وتوجيهها وإعرابها ولا يذكر الشواذ وجل اعتماده في ذلك على ابن عطية والسفاقسي ومن ذلك قوله:
وقرأ ابن كثير وغيره: {ونكفر} بالنون ورفع الراء، وقرأ ابن عامر: {ويكفر} بالياء ورفع الراء، وقرأ نافع وغيره: {ونكفر} بالنون والجزم. فأما رفع الراء فهو على وجهين؛ أحدهما: أن يكون الفعل خبر ابتداء، تقديره: ونحن نكفر، أو والله يكفر، والثاني: القطع والاستئناف، والواو لعطف جملة على جملة، والجزم في الراء أفصح هذه القراءات، لأنها تؤذن بدخول التكفير في الجزاء وكونه مشروطًا إن وقع الإخفاء، وإما رفع الراء فليس فيه هذا المعنى. (108)
وقال أيضا: وقرأ ابن عامر {هو مولاها} (109) (110)
وقوله: {والأرحام} (111) أي واتقوا الأرحام. وقرأ حمزة {والأرحام} بالخفض عطفًا على الضمير كقولهم: أسألك بالله وبالرحم، قاله مجاهد وغيره.
قال (ع) وهذه القراءة عند نحاة البصرة لا تجوز، لأنه لا يجوز عندهم أن يعطف ظاهر على مضمر مخفوض إلا في ضرورة الشعر كقوله:
فاذهب فما بك والأيام من عجب
لأن الضمير المخفوض لا ينفصل، فهو كحرف من الكلمة، ولا يعطف على حرف، واستسهل بعض النحاة هذه القراءة. انتهى كلام (ع)
قال (صلى الله عليه وسلم:): والصحيح جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، كمذهب الكوفيين، ولا ترد القراءة المتواترة بمثل مذهب البصريين، قال: وقد أمعنا الكلام عليه في قوله تعالى: {وكفر به والمسجد الحرام} (112) انتهى وهو حسن، ونحوه للإمام الفخر. (113)
عاشرا: موقفه من الفقه والأصول
ولم يرد الثعالبي أن ينهج منهجا فقهيا مبسوطا في تفسيره حيث يقول: "تركت ذلك خشية التطويل وإذ محل بسطها كتب الفقه". (114)
وعليه فهو يتعرض للفقهيات بدون الإطالة ويركز على قول مالك ومن ذلك قوله:
{ولا تباشروهن ...} (115) قالت فرقة: المعنى ولا تجامعوهن، وقال الجمهور: ذلك يقع على الجماع فما دونه مما يتلذذ به من النساء و {عاكفون} أي ملازمون، قال مالك رحمه الله وجماعة معه: لا اعتكاف إلا في مساجد الجماعات. وروي عن مالك أيضًا أن ذلك في كل مسجد، ويخرج إلى الجمعة كما يخرج إلى ضروري أشغاله. قال ابن العربي في (أحكامه): وحرم الله سبحانه المباشرة في المسجد، وكذلك تحرم خارج المسجد، لأن معنى الآية ولا تباشروهن وأنتم ملتزمون للاعتكاف في المساجد، معتقدون له. (116)
وقال أيضا:
قال ابن العربي: قال علماؤنا وفي الآية دليل على أن ملك اليمين لاحق لها في الوطء والقسم، لأن المعنى {فإن خفتم أن لا تعدلوا} (117) في القسم {فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} (118) فجعل سبحانه ملك اليمين كله بمنزلة الواحدة، فانتفى بذلك أن يكون للأمة حق في وطء أو قسم، انتهى من الأحكام.
وقد أطال الكلام في النسخ وإثباته (119) تحت قوله: {ما ننسخ من آية} (120) ومن كلامه أيضا: فمن قال إن السنة المتواترة تنسخ القرآن جعل رجم الرسول دون جلد ناسخًا لجلد الثيب وهذا الذي عليه الأمة أن السنة المتواترة تنسخ القرآن، إذ هما جميعًا وحي من الله سبحانه، ويوجبان جميعًا العلم والعمل، ويتجه عندي في هذه النازلة بعينها أن يقال: إن الناسخ لحكم الجلد هو القرآن المتفق على رفع لفظه، وبقاء حكمه، في قوله تعالى: "والشيخ والشيخة فارجموهما البتة" وهذا نص في الرجم، وقد قرره عمر على المنبر
بمحضر الصحابة. والحديث بكماله في مسلم، والسنة هي المبينة ولفظ البخاري {أو يجعل الله لهن سبيلا} (121) الرجم للثيب والجلد للبكر.
ويذهب إلى أن العقل لا مجال له في عالم الغيب وأن العبرة في ذلك بصحة النقل ففي صيرورة الحيوانات ترابًا يوم القيامة يقول: "واعلم أني لم أقف على حديث صحيح في عودها ترابًا ... والمعول عليه في هذا: النقل، فإن صح فيه شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجب اعتقاده، وصير إليه، وإلا فلا مدخل للعقل هنا" (122)
وهو مع ذلك يقول بالقياس وبالتأويل قال: "وفيه دليل على صحة القياس، لأنه علمهم سبحانه الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الأخرى". (123)
حادي عشر: موقفه من المواعظ والآداب
لقد أولى المصنف هذا الجانب عناية ملحوظة تميز بها تفسيره فنجده يعلق تعليقات وعظية كثيرة دون أن يطيل فيها ويدعونا أحيانا للتأمل والتدبر في آيات القرآن كقوله مثلا: "ينبغي للمؤمن العاقل أن يتدبر هذه الآية ونظائرها ويقدر في نفسه أنه المقصود بها ". (124)
وقال تحت قوله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا} (125):
وينبغي للفقير أن يتعفف في فقره، ويكتفي بعلم ربه قال الشيخ ابن أبي جمرة: وقد قال أهل التوفيق: من لم يرض باليسير فهو أسير انتهى. وذكر عبد الملك بن محمد ابن أبي القاسم ابن الكردبوس في الاكتفاء في أخبار الخلفاء قال: وتكلم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بتسع كلمات: ثلاث في المناجاة وثلاث في الحكمة وثلاث في الآداب أما المناجاة فقال: كفاني فخرا أن تكون لي ربا، وكفاني عزا أن أكون لك عبدا، وأنت كما أحب فاجعلني كما تحب. وأما الحكمة فقال: قيمة كل امرئ ما كان يحسنه، وماهلك امرؤ عرف قدر نفسه، والمرء مخبوء تحت لسانه. وأما الآداب فقال: استغن عمن شئت فأنت نظيره، وتفضل على من شئت فأنت أميره، واضرع إلى من شئت فأنت أسيره انتهى.
ولما كانت السيما تدل على حال صاحبها ويعرف بها حاله أقامها الله سبحانه مقام الإخبار عن حال صاحبها فقال: {تعرفهم بسيماهم} (126) وقد قال الشيخ العارف بالله صاحب الكلم الفارقية والحكم الحقيقية: كل ما دل على معنى فقد أخبر عنه ولو كان صامتا، وأشار إليه ولو كان ساكتا، لكن حصول الفهم والمعرفة بحسب اعتبار المعتبر ونظر المتأمل المتدبر. انتهى (127)
ومنه قوله:
حدثني من أثق به أنه جلس عند شيخ من الأفاضل يجود عليه القرآن، فقرئت عليه هذه الآية فبكى عندها ثم بكى إلى أن فاضت نفسه، ومال فحركوه فإذا هو ميت رحمه الله، ونفع به.
ياهذا من صحا عقله من سكر هواه وجهله، احترق بنار الندم والخجل من مهابة نظر ربه، وتنكرت صورة حاله في عينه نفوس الأغبياء الجهال، غافلة عن العظمة والجلال، ولاهية عن أهوال العباد والمآل، مشغولة برذائل الأموال، ولا يعلمون أنها فتنة ووبال، وطول حساب وبلاء وبلبال، اغتنموا يا ذوي البصائر نعمة الإمهال، واطرحوا خوادع الأماني وكواذب الآمال، فكأن قد فجأتكم هواجم الآجال. انتهى من (الكلم الفارقية في الحكم الحقيقية) (128)
وقال في سورة النساء:
تأمل رحمك الله صدر هذه السورة؛ معظمه إنما هو في شأن الأجوفين البطن والفرج مع اللسان، وهما المهلكان، وأعظم الجوارح آفة وجناية على الإنسان، وقد روينا عن مالك في الموطأ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من وقاه الله شر اثنتين ولج الجنة، ما بين لحييه وما بين رجليه، ما بين لحييه وما بين رجليه، ما بين لحييه وما بين رجليه " (129) قال أبو عمر ابن عبد البر في التمهيد: ومعلوم أنه أراد - صلى الله عليه وسلم – ما بين لحييه: اللسان، وما بين رجليه: الفرج". والله أعلم (130)
وقال في قوله تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب} (131) قال الأستاذ أبو بكر الطرطوشي في سراج الملوك: ولما ضرب ابن ملجم عليا - رضي الله عنه - أدخل منزله فاعترته غشية، ثم أفاق فدعا أولاده الحسن والحسين ومحمدًا فقال: أوصيكم بتقوى الله في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، والعدل على الصديق والعدو، والعمل في النشاط والكسل، والرضا عن الله في الشدة والرخاء، يا بني! ما شر بعده الجنة بشر، ولا خير بعده النار بخير، وكل نعيم دون الجنة حقير، وكل بلاء دون النار عافية، من أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره، ومن رضي بقسم الله لم يحزن على ما فاته، ومن سل سيف بغي قتل به، ومن حفر لأخيه بئرًا وقع فيها، ومن هتك حجاب أخيه كشف عورات بنيه، ومن نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره، ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن أعجب برأيه ضل، ومن جالس العلماء وقر، ومن خالط الأنذال احتقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر خطؤه، ومن كثر خطؤه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار ... .الخ. (132)
وقد اهتم الثعالبي بموضوعات معاصرة لها صلة بحياة المسلمين:
منها الجهاد (133) وقد ذكر أسباب ضعف أحوال المسلمين وأنها تعود إلى حب الدنيا وكراهية بذل النفوس لله فيقول: ألا ترى إلى حال الصحابة رضي الله عنهم وقلتهم في صدر الإسلام وكيف فتح الله بهم البلاد ودان لدينهم العباد لما بذلوا لله أنفسهم في الجهاد؟ وحالنا اليوم كما ترى عدد أهل الإسلام كثير ونكايتهم في الكفار نزر يسير. وأورد الحديث الذي أخرجه أبو داود (134) الذي أوله "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ... " ثم علق على ذلك ووصف حال ملوك زمانه وتركهم الجهاد فقال: فانظر رحمك الله فهل هذا الزمان إلا زماننا بعينه وتأمل حال ملوكنا إنما همتهم جمع المال من حرام وحلال وإعراضهم عن أمر الجهاد فإنا لله وإنا إليه راجعون على مصائب الإسلام وهذا موقف شجاع من مواقف الثعالبي.
كما تكلم عن الرباط في سبيل الله (135) والزكاة (136) واهتم بشئون المرأة (137) وبين أهمية الشورى (138)
أما موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية ونحو ذلك فلا نرى له اهتماما بهذا الجانب، والله أعلم.
الهوامش:
(1) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 82.
(2) المقدمة (ز، ح).
(3) انظر الرسالة السابق ذكرها " الثعالبي ومنهجه في التفسير"، وقد تكلم أيضا عن منهج الثعالبي الدكتور عمار الطالبي في مقدمة تحقيق التفسير (1 / ط - ت)، وكذا محمد الفاضلي 1/ 7 - 8، وتكلم عنه أيضا الفاضل ابن عاشور في التفسير ورجاله ص: 7 - 8.
(4) المزمل: 5.
(5) الحج: 45، النمل: 52.
(6) البقرة: 255.
(7) انظر لما تقدم: مقدمة الجواهر الحسان للطالبي (1 / ل - س).
(8) الجواهر 1/ 35.
(9) الحجر: 87.
(10) أخرجه مالك في الموطأ 1/ 80 والحاكم في المستدرك - كتاب فضائل القرآن 1/ 557 وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت الذهبي.
(11) الجواهر1/ 48.
(12) البقرة: 281.
(13) الجواهر1/ 44.
(14) الرعد: 2.
(15) الجواهر 2/ 263.
(16) البقرة: 255.
(17) الجواهر1/ 244.
(18) الأعراف: 143 وانظر الجواهر 2/ 52.
(19) انظر أيضا الجواهر 4/ 226.
(20) انظر: معجم الجواهر ص: 177.
(21) البقرة: 272.
(22) البقرة: 281.
(23) انظر ما يأتي في المبحث الثاني من هذا الفصل في تفاسير الصوفية المدروسة هناك.
(24) انظر مقدمة الطالبي (1 / ع).
(25) يونس: 62.
(26) الجواهر 2/ 183.
(27) الزمر: 22.
(28) الجواهر4/ 55.
(29) آل عمران: 191، الجواهر 1/ 404 - 405.
(30) غافر: 71.
(31) انظر المحرر الوجيز1/ 555 وقد عدلت بعض الألفاظ منه.
(32) آل عمران: 145.
(33) الجواهر1/ 317.
(34) الإسراء: 18.
(35) الفاتحة: 7.
(36) آل عمران: 112.
(37) المائدة: 60.
(38) المائدة: 77.
(39) الجواهر 1/ 40.
(40) الجواهر1/ 4.
(41) الجواهر 4/ 17 وانظر أيضا 4/ 383.
(42) الحجر: 24.
(43) الجواهر 2/ 293 وهذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده رقم 2784 وصححه محققه أحمد شاكر وأخرجه أيضا الترمذي - كتاب التفسير- باب ومن سورة الحجر 5/ 296 والحاكم 2/ 353 وابن حبان (موارد الظمآن 1749) وصححه ابن حبان والحاكم وصححه أيضا الألباني (صحيح ابن ماجه 858) وعلقه الترمذي مرسلا وقال: وهذا أشبه أن يكون أصح ووصفه ابن كثير بأنه غريب جدا وقال: فيه نكارة شديدة وقال: فالظاهر أنه من كلام أبي الجوزاء ليس فيه لابن عباس ذكر (التفسير 4/ 450) وروى ابن جرير 14/ 26 عن محمد بن كعب القرظي إنكار انها في صفوف الصلاة وبين أن المراد بالمستقدمين من مات وقتل والمستأخرين من لم يخلق بعد وهو التفسير المروي نحوه عن ابن عباس نفسه وعن جمهور السلف ومنهم تلاميذ ابن عباس كمجاهد وعكرمة وغيرهما وهو اختيار ابن جرير .. والذي يؤكد عدم صحة هذا التفسير أن سورة الحجر مكية وشهود النساء الصلاة في جماعة إنما كان في المدينة، ثم السياق لا يساعد هذا التفسير فهو يتكلم عن الإحياء والإماتة ثم الحشر فلا دخل هنا لصلاة جماعة ولا نساء. ثم إن عمرو بن مالك النكري الراوي للحديث عن أبي الجوزاء له أوهام وأبو الجوزاء: قال البخاري: في إسناده نظر ويختلفون فيه أ. هـ وبإسناد عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس غرائب أخرى والله أعلم. وانظر مرويات الإمام أحمد في التفسير 3/ 4.
(44) الجواهر 2/ 293.
(45) الفتح: 39.
(46) الجواهر 4/ 135.
(47) البقرة 280، الجواهر1/ 273.
(48) البخاري - كتاب البيوع - باب من أنظر معسرا 4/ 308، مسلم - كتاب المساقاة - باب فضل إنظار المعسر 3/ 1196 عن أبي هريرة.
(49) كتاب المساقاة - باب فضل إنظار المعسر 3/ 1196 عن أبي قتادة.
(50) الجواهر1/ 382 - 383 وانظر 1/ 140.
(51) هذا مرسل ضعيف لإرساله وللكلام المشهور في ابن لهيعة. وقال الألباني: ضعيف (ضعيف الجامع رقم 601).
(52) الجواهر 1/ 43.
(53) المستدرك - كتاب فضائل القرآن 2/ 568 وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. فتعقبه الذهبي بقوله: قلت: عبيد الله قال أحمد: تركوا حديثه. أ. هـ وضعفه ابن قدامة في رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة 1/ 82.
(54) البقرة: 274.
(55) الجواهر 1/ 268 والحديث أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/ 118 وفي إسناده عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر ذكره ابن حبان في المجروحين 2/ 146 وقال: استحق الترك. وأخرجه أيضا الطبراني وغيره قال السيوطي: بسند ضعيف (انظر لباب النقول 1/ 66).
(56) الإسراء: 110.
(57) الجواهر 2/ 504 والحديث أخرجه ابن مردويه وغيره (انظر لباب النقول 2/ 16).
(58) كتاب التفسير - باب {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} 8/ 404.
(5ٌ9) الإسراء: 110.
(60) الجواهر2/ 504.
(61) التوبة: 74.
(62) الجواهر 2/ 188، أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس (انظر لباب النقول 1/ 202) وأخرج ابن جرير 10/ 185 عن عروة بن الزبير وابن إسحق ومجاهد نحوه. ولم يذكره صاحب الصحيح المسند من أسباب النزول.
(63) الجواهر2/ 189 وأخرجه ابن جرير10/ 186 وهو ضعيف لإرساله.
(64) أخرجه البخاري - كتاب فضائل القرآن - باب ماجاء في فاتحة الكتاب 8/ 156.
(65) أخرجه ابن نصر في الصلاة (المختصر ص: 72) والحاكم 1/ 559 والطبراني 20/ 225 وغيرهم عن معقل بن يسار وفي إسناده عبيد الله بن أبي حميد قال الحافظ: متروك الحديث (التقريب 4285).
(66) الجواهر 1/ 244.
(67) الجواهر1/ 44.
(68) الجواهر 2/ 293.
(69) البقرة: 255.
(70) البقرة: 265.
(71) الجواهر1/ 258.
(72) البقرة: 265.
(73) الجواهر1/ 259.
(74) البقرة: 271.
(75) الجواهر 1/ 263.
(76) البقرة: 273، الجواهر 1/ 267.
(77) الجواهر 1/ 267.
(78) البقرة: 129.
(79) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 2/ 166 من طريق محمد بن عمر الواقدي بسنده إلى طلحة بن عبيد الله به. والواقدي قال فيه الحافظ: متروك مع سعة علمه (التقريب 6175) وقد اتهمه جماعة بالكذب كما هو مشهور.
(80) الجواهر1/ 383 - 384.
(81) الأنفال: 7.
(82) الجواهر 2/ 111.
(83) التوبة: 25.
(84) الجواهر 2/ 163.
(85) ص: 34.
(86) الجواهر 4/ 39.
(87) الجواهر 2/ 73.
(88) البقرة: 258.
(89) البقرة: 258.
(90) البقرة: 258.
(91) الجواهر 1/ 246 - 247.
(92) البقرة: 259.
(93) البقرة: 258.
(94) الجواهر1/ 248.
(95) البقرة: 256.
(96) الجواهر1/ 245.
(97) البقرة: 259.
(98) البقرة 275.
(99) الجواهر1/ 269.
(100) البقرة: 271.
(101) الجواهر1/ 264.
(102) البقرة: 168.
(103) آل عمران: 133.
(104) الفتح: 29.
(105) الجواهر 3/ 124.
(106) آل عمران: 140.
(107) الجواهر1/ 495.
(108) الجواهر1/ 264.
(109) البقرة: 148 وقراءة ابن عامر بفتح اللام وألف بعدها اسم مفعول، والباقون بكسر اللام وياء بعدها اسم فاعل. انظر إتحاف فضلاء البشر ص: 150.
(110) الجواهر1/ 146.
(111) النساء: 1.
(112) البقرة: 217.
(113) الجواهر1/ 390.
(114) الجواهر 2/ 323.
(115) البقرة: 187.
(116) الجواهر1/ 180.
(117) النساء: 3.
(118) النساء: 3.
(119) الجواهر1/ 119 - 120.
(120) البقرة: 106.
(121) النساء: 15.
(122) الجواهر 4/ 383.
(123) الجواهر 4/ 255.
(124) الجواهر 4/ 105.
(125) البقرة: 273.
(126) البقرة: 273.
(127) الجواهر 1/ 267 - 268.
(128) الجواهر 1/ 274 - 275.
(129) الموطأ - كتاب الجامع - باب مايخاف من شر اللسان 2/ 253 عن عطاء بن يسار مرسلا وقال ابن عبد البر: ورد معناه متصلا من حديث جابر وسهل بن سعد وأبي موسى وأبي هريرة (انظر تنوير الحوالك 2/ 253) وحديث سهل أخرجه الترمذي - كتاب الزهد - باب في حفظ اللسان 4/ 606 وقال: حسن صحيح غريب.
(130) الجواهر 1/ 419.
(131) النساء: 131.
(132) الجواهر1/ 501 - 502.
(133) انظر الجواهر1/ 318، 396، 460.
(134) السنن - كتاب الملاحم - باب في تداعي الأمم على الإسلام 4/ 111 وقال الألباني: صحيح. (صحيح الجامع رقم 8035).
(135) انظر الجواهر1/ 344 - 345، 2/ 106 - 107.
(136) انظر الجواهر2/ 127 - 128، 137.
(137) انظر الجواهر1/ 343، 4/ 117.
(138) انظر الجواهر1/ 327، 4/ 114.
المصدر: كتاب التفسير والمفسرون في غرب أفريقيا