مسألة التاريخ عند الأستاذ أحمد توفيق المدني
بقلم: أ. د. مولود عويـمر-
تزامنت الذكرى السادسة والثلاثين لوفاة المؤرخ والمصلح الأستاذ أحمد توفيق المدني مع الثامن عشر من شهر أكتوبر 2019، فقد توفي في الجزائر في 18 أكتوبر 1983 بعد عمر طويل حافل بالكفاح الوطني والعمل الإصلاحي والإنتاج العلمي، وسأقتصر في هذا المقال على دراسة جهوده في كتابة التاريخ الوطني، وعرض بعض آرائه في مجال الفكر التاريخي.
مفهوم التاريخ ومهنة المؤرخ
لقد كتب أحمد توفيق المدني موضّحا معنى التاريخ في نظره، والقاعدة التي ينطلق منها في التأريخ والهدف الذي يسعى إليه: «وما التاريخ –في نظري- إلا عرض وتحليل، وتعليل وحُكم»؛ فهو يرفض أن يكون التاريخ مجرد سرد للوقائع وحدها دون تأمل وتمحيص وتحليل، وإنما التاريخ الحقيقي هو القدرة على التخيّل وتصوير الأحداث وتحليل الآراء والنظر في بداياتها ومساراتها وتقييم تأثيراتها والحُكم على مآلاتها. أما المؤرخ فلابد أن يلتزم في أداء مهنته بالشروط الأخلاقية والضوابط المنهجية، ويتصف بعمق النظر وقوة الإنصات والقدرة على الحسم والتقويم والتقييم.
كان الأستاذ المدني يكتب بأسلوب أدبي جميل يزاوج بين العاطفة الجياشة والعقل المجرد، ومن الملائم أن أرد هنا نموذجا:« هذه البلاد التي يسجل التاريخ فوق جبالها ونجودها، وبين شعابها وكثبانها، صفحة من أروع صفحات البطولة والمجد، ويروي قصة نضال تحريري لا مثيل له في العالم، شاركت فيه أجيال وأجيال متعاقبة، حتى صار ذلك النضال التحرري “القاسم المشترك الأعظم” بين سائر أفراد هذه الأمة، وبين سائر أبناء هذا الوطن الشريف». وهكذا نجد كتاباته في غالب الأحيان تتسم بالاختصار المفيد والأسلوب الفصيح والبرهان البليغ.
وإذا كانت كل كُتبه قد أعدها بمحض إرادته، وجاءت نتيجة بحث ضمن مشروعه الكبير: كتابة تاريخ الجزائر عبر العصور، وتصفيته من تحريفات المؤرخين الغربيين إلا أن كتابه (هذه هي الجزائر) ألفه استجابة لظرف خاص ولأهداف سياسية ووطنية غرضها دعم الآلة الإعلامية والدعائية لجبهة التحرير الوطني ونصرة الثورة الجزائرية.
وعلى الرغم مما يحتويه الكتاب من عواطف جياشة وذاتية واضحة، فإن أحمد توفيق المدني ينفي ذلك، بل يصر على تحليه بالموضوعية التامة وتجرده العلمي الكامل:« أنا لم أكتبه للدعاية، إنما كتبته تسجيلا للواقع، وتعريفا علميا بهذا القطر، وبهذا الشعب، فهو يعتمد على الصادق من أنباء التاريخ، وعلى الثابت من أرقام الإحصاء، ويصف الحالة الحقيقية كأنها الصورة طبق الأصل، فلا مبالغة ولا تهويل».
الـنقـد التـاريـخي
لقد أشار الأستاذ المدني في أعماله إلى الدراسات السابقة التي اعتمد عليها بما هي أهل لها من المدح أو النقد سواء كان أصحابها من العلماء والباحثين العرب والمسلمين أو الغربيين. وكان يستعين بالخرائط والجداول والصوّر لغرض توضيح سرده ودعم آرائه.
واهتم الأستاذ المدني بتفسير الأحداث واستخلاص النتائج، وفي هذا السياق يرى دائما أن العامل الديني له دور أساس في تفعيل حركة التاريخ، وفنّد كل النظريات التي ترى عكس ذلك، فقال:« العامل الإسلامي اعتبره عاملا أساسيا ذا أثر فعال أولا وأخيرا في تاريخنا الجزائري، وأعتقد أن من تغافل عن ذلك العامل أو استهان به كان قد أنكر أهم مكوّنات الشخصية، وتعمّد خيانة التاريخ».
انتقد أحمد توفيق المدني المؤرخين العرب الذين أهملوا تاريخ الجزائر القديم الذي سبق الفتح الإسلامي، وتركوه للباحثين الغربيين الذين تعمّقوا في دراسته، وكتبوا حوله بحوثا ومؤلفات كثيرة أصبحت المصدر الأول لكل من يريد أن يقرأ عن تلك الفترات التاريخية أو يكتب عنها رغم ما تحمله من التأويلات الخاطئة والتفسيرات المغرضة.
وكان يرمي إلى تحرير التاريخ من المدرسة الاستعمارية الفرنسية، وبالتالي تقويض مشروعها الثقافي والحضاري الاستعماري، فألف الكتب وكتب البحوث والمقالات وجمع الوثائق والمخطوطات منها مخطوط مذكرات محمد الشريف الزهار الذي انتزعه انتزاعا من السيد ميرانت مدير الشؤون الأهلية بالولاية العامة بالجزائر الذي كان يسعى إلى إخفاء هذا الكنز الثمين الذي يروي صفحات مشرقة من تاريخ الجزائر قبل الاحتلال الفرنسي. وهكذا، تحصل عليه أحمد توفيق المدني، وحقّقه ونشره ليستفيد منه الباحثون والطلبة.
الحقائق في الوثائق
تعتبر الوثائق العمود الفقري للنص التاريخي، منها ينطلق المؤرخ، وعليها يسند في تحريره وتعليله. وكتابة تاريخ الجزائر في العهد العثماني بطريقة علمية دقيقة ورؤية شاملة مرهونة بالأرشيف الثري المحفوظ في تركيا. لقد كانت قناعة أحمد توفيق المدني راسخة في هذا الشأن، لذلك تراه يضع الأمور في نصابها حينما يقول:« لا يمكن لباحث يتوخى الصدق، ويبحث عن الحقيقة في مصادرها أن يسطر تاريخا حيا واقعيا لأرضنا الجزائرية خلال ارتباطها بدولة الخلافة العثمانية ما لم يطلع على الوثائق الثرية التي حوتها مختلف ديار المحفوظات باستانبول».
واغتنم فرصة إقامته في تركيا لما كان سفيرا في أنقرة للاهتمام بهذا الموضوع، وواصل حفرياته في هذا المجال عندما أرسله المركز الوطني للدراسات التاريخية في بعثة علمية إلى تركيا. وقد استطاع أن يجذب معه إلى الجزائر 3 آلاف و300 وثيقة حول تاريخ الجزائر الحديث. وقد نشر مجموعة منها في مجلة “التاريخ” الصادرة عن هذا المركز كرسائل حمدان خوجة وأحمد باي والأمير عبد القادر…
إن البحث التاريخي مستمر يتجدد في كل مرة على ضوء الوثائق الجديدة التي يعثر عليها المؤرخ في حفرياته المتعددة أو الوثائق التي توفّرها له مؤسسات الأرشيف ومراكز البحوث وغيرها، لذلك لا يعتبر دائما أن ما كتبه لا يعد فصل الخطاب في الموضوع المدروس، وإنما يراه مادة للقراءة والنقد والإثراء البناء.
قال في هذا السياق وهو يتحدث عن كتابه (تاريخ المسلمين في صقلية):« إن كتابي هذا لا يجب أن يعتبر إلا تمهيدا لدراسة تاريخ المسلمين في صقلية، فإن كنت قد علمت شيئا وسجلته، فقد غابت عني ولا ريب أشياء، وإن كنت قد أدليت خلال هذه الدراسة التاريخية ببعض آراء وأفكار، فما أنا بمقدمها إلا لكي تعرض على مجال البحث والمناظرة حتى يظهر من الحقائق التاريخية ما أخفته دفات الكتب، أو طمست معالمه حوادث الأيام».
تـوظيف التـاريخ
يوظّف الأستاذ المدني التاريخ كوسيلة لنشر الوعي الوطني وترسيخ الانتماء القومي وتحقيق التعايش الإنساني، ففي مقدمة (كتاب الجزائر) توجّه أحمد توفيق المدني إلى الشاب الجزائري وهو يحدّد له غايته من تأليفه قائلا:« حتى تعرف وطنك حق المعرفة، فلا تزداد بمعرفته إياه إلا حبا له وغراما فيه، فهو وطن ماجد، تاريخه نبيل، ورجاله أبطال، وأرضه صالحة، وأمته حية شريفة، ولن تكون لمعرفتك إياه من نتيجة إلا إقبالك على خدمته الخدمة المثلى فتقيله من عثرته وتسير به بحول الله نحو المستقبل السعيد».
لم يقتصر أحمد توفيق المدني على الكتابة التاريخية لنشر الوعي الوطني بل وظّف التاريخ في الكتابة المسرحية مثل مسرحية حنبعل التي عرضت في المسرح بالجزائر سنة 1948. وهي تروي ملحمة بطل قرطاجة حنبعل ونهايته. وانطلاقا من كل هذا، فإن كتاباته لم تكن بغرض التأريخ وحده، وإنما أيضا بهدف نشر الوعي الوطني.
وهناك البعد الآخر وهو تقوية أواصر الأخوة والتضامن بين الشعوب العربية والإسلامية، ففي كتابه (حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا 1492-1792) دافع عن الدولة العثمانية التي لها الفضل في الدفاع عن الأرض الجزائرية وشعبها ضد الغزاة الأوروبيين خاصة الأسبان لفترة طويلة دامت 3 قرون. ففي هذا الكتاب برهن على فكرة أن العثمانيين ساهموا في تأسيس الأطر الضرورية لبناء الدولة الحديثة، وهي معالم واضحة لم يمحها الزمن وقاومت الاستعمار الذي عمل كل ما بوسعه لتغييرها فلم يفلح، وهي تتمثل في «جمع الوحدة الوطنية الجزائرية الإسلامية ضمن دولة واحدة، وحول عاصمة واحدة، وتحت راية واحدة رغم أنف الإقطاعية الطاغية وضد المصالح الخاصة القبلية والطائفية». وخصّ الداي محمد عثمان باشا الذي حكم الجزائر بين 1766 و1791، بكتاب كامل عرّف فيه بسيرته، وحروبه، وأعماله في الميادين الحضارية المتعددة.
ودافع كذلك عن التاريخ الأندلسي الذي حاول عدد من المؤرخين الأسبان تحريفه، وهم يركزون دائما على فترات الصراع والحروب بينما أهملوا الجوانب الحضارية التي أبدع فيها المسلمون، مؤكدا أن «التاريخ الأندلسي كالتاريخ الإسلامي عامة، يؤلف بصفة واقعية مجردة تاريخين اثنين، لا تجانس بينهما أبدا: تاريخ الحروب والسياسة والدسائس والشقاق والفتن والتكالب الأعمى على العروش والسلطان، والتاريخ الآخر الذي يقع خلال ذلك، وهو تاريخ تلك المدنية الشامخة التي كانت نعمة من عند الله على الإنسانية، والتي كانت منبع نور وهداية في كل الميادين لكل شعوب العالم المعروفة».
ولم يكتف بالكتابة حول الوجود العربي الإسلامي في جنوب إيطاليا، بل شارك في تأسيس الجمعية العربية الصقلية تحت رئاسة المحامي ميكيلي بابا، وكان هدفها إحياء تراثها العربي الإسلامي. كذلك ساهم بفعالية في تنظيم مؤتمر صقلية وجنوب إيطاليا الذي شارك فيه مجموعة من العلماء القادمين من مختلف الدول العربية والأوروبية.
وانتقل اهتمامه بتاريخ إسبانيا وإيطاليا إلى الاهتمام بتاريخ البحر الأبيض المتوسط والدعوة إلى التعايش بين شعوبها وتقاربها حتى لا تتكرر الصراعات القديمة التي كانت سلبية على كل الشعوب المتوسطية:« إذا كان الاحتكاك المحتوم عبر المتوسط بين شعوب منطقته، قد اكتسى في الماضي طابع صدام مسلح، فإن مسؤوليتنا اليوم نحن سكان هذه المنطقة أن نسعى على اختلاف أنظمتنا ومشاربنا وثقافتنا ومواقعنا لأن نجعل من المتوسط منطقة حوار سلمي وتبادل مثير وبحيرة سلم تشع الأمن والطمأنينة وتساعد على قهر عهود الجهل والإقطاع والظلام، ونشر الحرية والعدل والسلام».
أحمد توفيق المدني مؤرخا لعصره:
نشر أحمد توفيق المدني مذكراته في نهاية السبعينيات في 3 أجزاء. وقد حرص من خلالها على تقديم شهاداته على عصره ونقل تجاربه إلى الأجيال الراهنة والقادمة. وقد تناول في كل جزء محطات تاريخية لها صلة به وبقضايا عصره، فتناول في الجزء الأول حياته في تونس بين 1989 و1925، وصف فيه بيئته العائلية والعلمية والاجتماعية التي نشأ فيها، وصلته برجال الفكر والسياسية، ونضاله الوطني المبكر وكتاباته الأولى في الصحافة المحلية التي لفتت إليه أنظار سلطة الحماية الفرنسية فنفته إلى بلده الأصلي وهو الجزائر.
ويتناول في الجزء الثاني حياته الجديدة في الجزائر وإسهاماته في الحركة العلمية والإصلاحية وخاصة في رحاب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي ساهم في تأسيسها وتفعيل نشاطها الدعوي عبر القطر الجزائري والصحفي، كما تناول نشاطه السياسي بعد الحرب العالمية الثانية، وانخراطه في الكفاح الوطني. وأما الجزء الثالث فإنه مخصص لمرحلة الثورة التحريرية ومساهماته فيها باعتباره عضوا بالهيئة السياسية للوفد الجزائري في القاهرة، ووزيرا للثقافة في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ثم وزيرا مفوّضا في الجامعة العربية.
وأهدى مجموعة من نسخ الكتاب إلى العلماء والباحثين في داخل الوطن وخارج حدوده. وقد عثرتُ في مكتبة فرندة على النسخة التي أهداها إلى المستشرق الفرنسي جاك بيرك، وكتب موقعا في 1 نوفمبر 1977: « إلى العلامة الجليل، الشهم النبيل، الكاتب المبدع النزيه، والمؤرخ الباحث الباقي، سيادة الأستاذ الكبير والصديق العاقل جاك بيرك، هدية ود واحترام وتقدير، وأخوة في سبيل الواجب والنفع العام».
ولعل مما تجدر الإشارة إليه هنا، أن هذه المذكرات أثرت سجالات ومناقشات بين الأستاذ المدني ومعاصريه، وكان من أشهرها وقائع الندوة التي أقيمت في ديسمبر 1977 بالمركز الثقافي الإسلامي الكائن بشارع علي بومنجل في الجزائر العاصمة والتي دامت 7 ساعات كاملة، واستمرت إلى غاية الثانية صباحا.
وشارك في المناقشة أحمد حماني والعباس الشيخ بن الحسين ومحمد الطاهر فضلاء وسليمان داود بن يوسف ورابح تركي ومحمد الصالح بن عتيق وعبد الرحمن شيبان… وقد تراوحت مداخلاتهم بين القبول والنقد والرفض. وانتقل النقاش إلى صفحات الجرائد وساحة الكتب، منها كتاب محمد الطاهر فضلاء: “التحريف والتزييف في كتاب حياة كفاح”. وقد ردّ عليه أحمد توفيق المدني في الصحافة، وفي كتابه المنشور بعد وفاته: “ردّ أديب على حملة أكاذيب”.
وقد تواصل الأستاذ المدني مع عدد كبير من رجال الفكر والسياسة في الجزائر وتونس والعالم العربي والإسلامي، وكذلك في العالم الغربي، وما أكثر الأمثلة التي تشهد على ذلك منها كتابات معاصريه، وكذلك المراسلات التي كان يتبادلها معهم، والتي نشر بعضها في كتبه.
وقد كتب مقالات كثيرة وألقى محاضرات عديدة حول هذه الأعلام. وكانت طريقته في دراسة الأعلام طريقة تقليدية يتوقف عند بعض المحطات، وأحيانا يسترسل في موضوعات أخرى، ثم يعود إلى لُب الموضوع، ساعيا في كل مرة استلهام العبر من سيرتها من أجل أن تكون نبراسا للأجيال الراهنة وقدوة للأجيال القادمة.
وفي هذا السياق أقتبس هنا ما قاله وهو يترجم للشيخ عبد الحميد بن باديس، وهو المنهج الذي ساد في التراجم الأخرى:« ولسنا هنا…بذاكرين حياة ابن باديس الحافلة…، بل سنكتفي …أن نلخص مبادئ تلك الحياة وأفكارها وآرائها، وأن ننظر إلى معالم الطريق التي حدّدها، وأقامها لكي يصل في اتجاهها إلى غايته المنشودة».
ولا شك أن هنالك تأثيرات مختلفة في تكوين شخصية الإنسان تساعده على النجاح والتميّز. وفي هذا الشأن عدّ تأثير البيئة الاجتماعية والثقافية من أهم المؤثرات في صقل مواهب الإنسان، ومرافقته لتحقيق النجاح، فيقول عن ابن خلدون على سبيل المثال:« ليس من محض الصدفة أن يكون الفكر الخلدوني قد اختمر ونضج في هذه المنطقة التي كانت منذ فجر التاريخ من مناطق التفاعل الحضاري».
لم يكتف الأستاذ أحمد توفيق المدني بدراسة فترة تاريخية معينة، ولم يقتصر بحوثه على عصر واحد، وإنما كتب في كل الفترات التاريخية القديمة والحديثة. ويسرد الوقائع والبراهين تصحّح تحريفات المؤرخين الفرنسيين والأوروبيين، ويطرح حقائق جديدة أو متجددة تغاير ما جاء في كتاباتهم. غير أنه يعتمد عليهم حينما يرى فيها الصواب والجهد العلمي الرصين خاصة فيما تعلق بالتاريخ القديم.
ولا شك أن أعماله التاريخية التي جمعت في 10 مجلدات لحد الآن لا تمثل كل ما أنتجه في هذا الحقل المعرفي، فما زالت آثاره مبثوثة في أوراق الصحف والمجلات القديمة سواء في الجزائر وتونس وفي غيرها من الدول العربية، تنتظر باحثين جادين ومخلصين ينفضون عنها الغبار ويعيدون إليها الحياة.