الدكتور أحمد بورزاق في ذكرى وفاته 36
بقلم: مسعود بولجويجة-
بمناسبة الذكرى السادسة و الثلاثون لوفاة الشيخ العالم المجاهد الدكتور احمد بورزاق المدعو بوروح، والمصادفة ليوم: 06 جانفي من كل عام ، يسرني ان اقدم لكم نبذة مختصرة عن حياته ومسيرته الدعوية والنضالية.
مولده و نشاته :
ولد الدكتور احمد بورزاق المدعو الشيخ بوروح في : 14 افريل1920 م بدوار اولاد بوروح، ببلدية تاكسنة الحالية ، في عائلة ريفية محافظة، ثم التحق بكتاب القرية أين تعلم مبادىء القراءة و الكتابة و حفظ بعض سور القرآن الكريم ، بعدها التحق بمدرسة تاكسنة الشهيرة التي كان يديرها كبير علماء جيجل العالم الجليل الشيخ " بلقاسم بن منيع " ، الذي كان اية في العلم ، نهاره تدريس و ليله عبادة وعليه انوار الصالحين و له مهابة كبيرة ، فاخذ من تدينه و سلوكه و علمه ، حفظ عليه القرآن الكريم كله حفظا جيدا، ودرس عنه علوم اللغة العربية من نحو و صرف و بلاغة ، كما درس عليه علوم الشريعة من فقه وتفسير وتوحيد، وغيرها من الفنون التي كانت تدرس انذاك.
ومن أبرز من زامله من الطلاب بمدرسة تاكسنة : الشيخ سليمان بشنون، والشيخ محمد منيع، والشيخ صالح بن محمد فيلالي وغيرهم.
وسرعان ما تفتق ذهن الفتى، وأظهر نجابة و تميزا، حيث تفوق على اقرانه في الحفظ والفهم، مما دفع به إلى الهجرة للاستفادة من العلم.
رحلته في طلب العلم :
و لما بلغ الطالب احمد بوروح 19 سنة ، سافر إلى تونس و التحق بجامع الزيتونة سنة 1939م ، الذي كان "قبلة طلاب العلم بالمغرب العربي " ، فدرس بجد واجتهاد وتدرج في في دراسته حتى تحصل على شهادة " الأهلية " في دورة جوان 1943م، ثم أحرز على شهادة : " التحصيل " سنة 1946م ، ثم انقطع عن الدراسة و عاد إلى أرض الوطن .
و في تونس لم يقتصر دور الشيخ احمد بوروح على تلقي العلم و الحصول على أعلى المعدلات و التتويج بالشهادة ، بل كان له دور كبير في النضال الطلابي و العمل الجمعوي، حيث عمل رفقة بعض زملائه على إعادة احياء " جمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين"، وتم تجديد الجمعية، وأسندت اليه رىاستها لما يتمتع به من مؤهلات علمية و أخلاقية و وطنية ،
لكن رئاسة الشيخ احمد بوروح للجمعية لم تدم طويلا بسبب تخرجه من جامع الزيتونة سنة 1946 بشهادة التحصيل ، فخلفه الاستاذ عبد الرحمان شيبان في تسير شؤؤنها .
نشاطه في ميدان التربية والتعليم :
بعد عودته إلى أرض الوطن ، استقبلته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، و ادرجته ضمن قائمة المعلمين بمدارسها ،
_ فاسندت له في البداية إدارة مدرسة الحياة بجيجل ، خلفا للشيخ محمد الطاهر ساحلي الذي نقل إلى مدرسة مدينة سيق بمعسكر سنة 1946\1947م .
_ ثم نقل إلى وهران ليكون اول مدير لمدرسة التربية و التعليم بحي الحمري سنة 1947\1948م .
_ ثم عين ضمن قائمة المعلمين و مديرا لمدرسة زيامة منصورية بجيجل سنة 1949\1950م ،
_ ثم دعي إلى معهد ابن باديس بقسنطينة في افريل 1950م ، و خلفه على إدارة المدرسة الشيخ بلقاسم بن مزهود ، فالتحق بالمعهد و انضم إلى أسرة معلميه ، و راح ينشط ضمن زملائه .
ورغم انشالاته الكثيرة في المعهد ، كان يعمل على تنشيط الحركة الإصلاحية بمسقط رأسه ، حيث ساهم رفقة الشيخ محمد الطاهر ساحلي في تأسيس شعبة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمنطقة دكان ، كما ساهم في تأسيس جمعية محلية لبناء جامع و مدرسة بمنطقة دكان .
وفي اثناء تواجده بمعهد ابن باديس تم دمجه ضمن طائفة من العلماء وزعوا على كافة مناطق الوطن ، تنحصر مهمتهم في بث فضائل القرآن الكريم و السنة و زرع الوطنية الصحيحة في صفوف أبناء الشعب الجزائري ، و قد حددت لكل واحد منهم منطقته ، و كان الشيخ احمد بوروح معتمد الجمعية على منطقة سوق اهراس و ضواحيها ، في البداية ، ثم عين معتمدا على مناطق جيجل و المنصورية و تاكسنة و الطاهير و اولاد علال و العوانة و الميلية و سوق الجمعة ، و ذلك برفقة الشيخ محمد الطاهر ساحلي .
فكان يتجول في في هذه المناطق و ضواحيها ينشر الاصلاح و يثبت العقيدة الصحيحة و يعمل على تأسيس المدارس الحرة و يدعو إلى الالتفاف حولها .
كما انتدبته جمعية العلماء خلال شهر رمضان سنة 1954م للقيام بجولة توعية إرشادية عبر جميع مراكزها على مستوى منطقة الطاهير و ضواحيها ، في حين كان محمد بوكعباش ببني فرقان ، و محمد الطاهر ساحلي بجيجل ، و مصطفى بوهني باولاد علال ، و هكذا .
التحاقه بثورة التحرير المباركة :
منذ الايام الأولى للثورة انخرط الشيخ احمد بوروح في خدمتها ضمن " خلية الدعم " التي انشاها الرائد ابراهيم مزهودي بأمر من الشهيد العربي التبسي عام 1955م ، و التي اتخذت من معهد ابن باديس مقرا لها ، و قد استمر الشيخ رفقة أساتذة المعهد في خدمة الثورة إلى أن ألقي القبض على عضو الخلية الشيخ احمد حماني يوم :11اةت1957م ، و هو يحمل رسالة من قيادة الولاية الثانية ، فتعرض للتعذيب و الانتقال ، و قررت السلطات الفرنسية إغلاق المعهد بصفة نهاية ، و تم تحويله بعد ذلك إلى ثكنة عسكرية عام 1960م ،
و بعد غلق المعهد كان الشيخ احمد بوروح يؤدي واجبه في جميع الأماكن التي يتواجد فيها ، فيما كانت السلطات الاستعمارية تبحث عنه في كل مكان ، و لكن تحت الاسم الشايع " احمد بوروح" و كلما وقع بين ايديها يتبين بأن أوراقه الرسمية تحمل اسم :" احمد بورزاق " فيطلق سراحه .
و خوفا من ان لا يسعفه الحظ مرة أخرى ، قرر مغادرة المنطقة ، و توجه إلى الجزاىر العاصمة ، أين مكنته جبهة التحرير من جواز سفر لمغادرة التراب الوطني باتجاه تونس ، حيث كلف بادارة لجنة الدعاية و الصحافة بالضاحية الاولى ، إضافة إلى تاطير نشاط فرع الاتحاد العام للطلبة الجزاىرين بتونس ،
مواصله للدراسات العليا والنضال السياسي بتونس :
و علاوة على ما كان يقوم به الشيخ احمد بوروح من نشاط سياسي و نضالي اثناء إقامته بتونس ، و نظرا لرغبته فيي الاستفادة من العلم ، و تعطشه لنيل أعلى الشهادات ، فقد عاد إلى جامع الزيتونة مرة ثانية ، و سجل نفسه ليحصل بعد ذلك على شهادة " العالمية " سنة 1960م ، و هي أعلى شهادة تمنح بجامع الزيتونة ،
و في تونس كان الشيخ احمد بوروح دايم النشاط ، ينتقل من مكان لآخر اللقاء المحاضرات ، و ينشر مقالاته في الجرائد التونسية و الليبية ،
و استمر كذلك في النضال إلى أن تحقق استرجاع السيادة الوطنية ، فعاد إلى أرض الوطن .
مسيرته المهنية بعد الاستقلال:
و بعد الاستقلال عمل في ميدان التعليم الثانوي :
_ عين في البداية أستاذا بثانوية ابن تومرت ببوفاريك ، البليدة ، من سنة 1962 إلى 1966م ،
_ ثم نقل إلى ثانوية عقبة بن نافع بالجزائر من سنة 1966الى 1970م .
_ ثم انضم إلى لجان التأليف و البحث العلمي في المعهد التربوي من سنة1970 إلى 1972م ، فاسهم بفعالية في إصدار سلسلة " المختار " في الكتب المقررة للتعليم المتوسط و الثانوي .
_ ثم عاد إلى التعليم بثانوية عمر راسم من سنة 1972 إلى 2985م ، تاريخ احالته على التقاعد .
و الجدير بالذكر ان الشيخ احمد بوروح أصر على مواصلة الدراسة فسجل بجامعة الجزاىر ،و تحصل على رسالة الدكتوراه ،بتقدير " جيد " .
وفاة الشيخ بوروح :
توفي الشيخ بوروح في يوم : 06 جانفي1986م ، بعد مرض عضال ، و حضر جنازته شخصيات سياسية و دينية على رأسهم الشيخ عبد الرحمان شيبان وزير الشؤون الدينية انذاك .
آثار الشيخ أحمد بوروح :
لم يكن الشيخ مكثرا من التأليف و لكنه ترك تلاميذ كثر في كل مكان حل به ، فمن تلاميذه بسوق اهراس : الشهيد نور الدين جواد ، و الشهيد عوادي مالك ،و المجاهد حمة شوفان، و المجاهد عوادي احمد ، و غيرهم كثير ، و من أبرز تلاميذه بمعهد ابن باديس الاستاذ محمد فارح ، و الاستاذ عبد الرزاق قسوم ، و بو عبد الله غلام الله و هم من هم علما و مقاما ، غيرهم .
ومن آثاره المطبوعة :
1_ مؤلف بعنوان " الادب في عصر بني حماد " و هو في الأصل اطروحة الدكتوراه ، طبع (3) مرات .
2_ مؤلف بعنوان :" قصيدة المنفرجة " للعالم ابي الفضل النحو، قام بتحقيقها و التقديم لها .
03_ مؤلف بعنوان :" عش الحمام " و هي قصة ثورة مخطوطة
بالإضافة إلى أعمال ثقافية و علمية اخرى، و مقالات منشورة على اعمدة الصحافة التونسية و الجزاىرية و الليبية ،
شهادات المعاصرين له فيه :
نوه بمناقبه و خصاله كل من : محمد الحسن فضلاء ، ومحمد الصالح الصديق ، وعبد الرحمان شيبان ، و العربي الزبيري ، و محمد الشريف قاهر ، و محمد فارح ، و محمد الهادي الحسني ، و كلامهم جميل و طويل ، لا يمكن نقله في هذا المختصر .
و تخليدا لذكراه نظمت عدة فعاليات بالوطن ، منها :
1_ تنظيم لقاء ثقافي بالمركز الثقافي عيسى مسعودي من طرف الجمعية الوطنية محمد الأمين العمودي ، خصص لخصال و مناقب و اثار الشيخ احمد بوروح .
2_ نظمت جامعة سوق اهراس بالتنسيق مع منظمة المجاهدين ، يوما دراسا حول" أعمال و إنجازات احمد بوروح في ولاية سوق اهراس " ، بتاريخ : 27 فيفري2017م .
3_ و تكريما له قامت ولاية جيجل و بلدية تاكسنة يتسمية ثانوية تاكسنة ب" ثانوية المجاهد احمد بن محمد بورزاق المدعو احمد بوروح " .
إن الحديث عن الشيخ أحمد بوروح يدخل في إطار اداء الواجب اتجاه هؤلاء الإعلام، وتخليدهم، واحياء ذكرى وفاته، ووفاء لهم على نضالهم و جهادهم .
رحمه الله ، و اسكنه الفردوس الأعلى.