مؤلفون وكُتاب قرأت لهم واستفدت منهم: الشيخ امْحَمَّدْ بن يوسف أطفيَّش رحمه الله (1818 – 1914)
بقلم: أ.د. مسعود فلوسي-
قطب الأئمة، العالم العصامي المعمِّر، المفسر المتمرِّس، الفقيه المتوسِّع، اللغوي الضليع، المصلح المؤثِّر، والمؤلف المكثر في مختلف الفنون من علوم شرعية ولغوية وتاريخ ومنطق وحساب وفلك وفلسفة وأخلاق وطب وفلاحة، تجاوز عدد مؤلفاته 130 كتابا، وعلى الرغم مما طبع من هذه المؤلفات إلا أن الكثير منها ما زال مخطوطا في مكتبته التي تركها في بلدته بني يزقن بوادي ميزاب في ولاية غرداية.
هذا الرجل، على ما بلغه من علم وما أنتجه من مؤلفات وما تركه من آثار، يبقى مجهولا لدى بني وطنه الجزائر قبل غيرهم من أبناء الأمة الإسلامية، فلا يكاد يعرفه من طلبة العلم والأساتذة المشتغلين بالدراسات الإسلامية والعربية إلا القليل.
قرأت اسمه أول مرة على كتيب صغير بعنوان "كتاب الرسم في تعليم الخط"، أصدرته المؤسسة الوطنية للكتاب في الجزائر سنة 1986، وقد طبعت المؤسسة هذا الكتاب دون تحقيق ولا تعليق ولا تعريف بمؤلفه.
ثم وقفت بعد ذلك على تفسيره المبسَّط الذي ضمنه - إلى جانب التفسير - مباحث في العقيدة والفقه واللغة والنحو والبلاغة والسيرة والقصص والتاريخ، واعتنى فيه بأسباب النزول، وهو "تيسير التفسير" الذي ألفه في أواخر عمره، وهو من أشهر مؤلفاته، وقد ألف قبله تفسيرين آخرين، أحدهما مطبوع في 15 مجلدا وهو "هميان الزاد إلى دار المعاد"، والثاني ما يزال مخطوطا وعنوانه "داعي العمل ليوم الأمل".
كما اطلعت على طبعة حجرية بالخط المغربي من كتابه العجيب والفريد من نوعه الذي أسماه "الغسول في أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم"، والذي أعادت طبعه ونشره دار السلام في القاهرة سنة 2019 في 400 صفحة بتحقيق فتحي بوعجيلة.
وعندما دَرَّسْتُ مادة الفقه المقارن لطلبة السنة الثالثة ليسانس تخصص فقه وأصول (نظام قديم)، ما بين 1996 و2008، حرصت على الاطلاع على آراء علماء الإباضية في المسائل المقررة، فكان أن وقفت على كتاب الشيخ اطفيش "شرح النيل وشفاء العليل" للعلامة عبد العزيز الثميني رحمه الله (1131-1223هـ)، وهذا الشرح صدرت طبعته الثانية سنة 1973 في 17 مجلدا، عن مكتبة الإرشاد في جدة ودار الفتح في بيروت، وهو عبارة عن موسوعة فقهية حافلة بآراء علماء الإباضية في مختلف مسائل الفقه الإسلامي، مع إيراد آراء فقهاء المذاهب الأخرى، فالكتاب موسوعة فقهية مقارنة.
ومؤخرا اطلعت على كتابه "شرح عقيدة التوحيد لأبي حفص عمرو بن جميع" بتحقيق الأستاذ مصطفى وينتن، وأيضا كتابه "السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة"، وهو في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وما حباه الله به من معجزات وأمارات على نبوته.
أما ما ألف عن الشيخ من مؤلفات فلم يتح لي الاطلاع إلا على القليل منها، أذكر منها كتاب بكير بن سعيد أعوشت " قطب الأئمة العلامة محمد بن يوسف أطفيش: حياته - آثاره الفكرية - جهاده" الذي نشرته مكتبة الضامري في سلطنة عُمان.
هذا، وقد اهتم العديد من الباحثين الجزائريين وغيرهم بدراسة تراث الشيخ وإعداد رسائل ماجستير ودكتوراه حوله، في اللغة، والتفسير، والفقه، والحديث، منها: "الفكر السياسي عند الإباضية من خلال آراء الشيخ امحمد بن يوسف اطفيش"، لعدون جهلان، [جامعة الجزائر: 1987]، "الشيخ محمد بن يوسف اطفيش ومذهبه في تفسير القرآن الكريم"، ليحيى صالح بوتردين [جامعة عين شمس، القاهرة: 1989]، "محمد بن يوسف أطفيش ومنهجيته في تفسيره التيسير" لمحمد عكي علواني، [جامعة الجزائر: 1991]، "آراء الشيخ أمحمد بن يوسف أطفِيَّش العقدِيَّة"، لمصطفى وينتن [جامعة الأمير عبد القادر: 1996]، "منهج الشيخ اطفيش في كتاب شرح النيل – قسم العبادات نموذجا"، لطالب بن علي السعدي [جامعة مؤتة، الأردن: 2006]، "أثر التَّوظِيف النَّحوِي في تيْسِير التفسِير، للشيخ امحمد بن يوسف أطفِيَّش"، لهشام عكوش [جامعة وهران: 2012]، "المسائل التحقيقية في بيان التحفة الآجرومية للشيخ امحمد بن يوسف أطفيش – تحقيق ودراسة" لرشيد حيدرة [جامعة وهران: 2013]، "معتمد الصواب من شواهد قواعد الإعراب تأليف امحمد بن يوسف اطفيش – تحقيق ودراسة"، لإبراهيم بن علي [جامعة ورقلة: 2014]، "امحمد بن يوسف اطفيش وجهوده البلاغية مع تحقيق كتابه (ربيع البديع)" لامحمد لقدي [جامعة باتنة: 2017]، "تخريج الفروع على الأصول عند الشيخ امحمد بن يوسف اطفيش: دراسة تأصيليّة تطبيقيّة"، لزهير باباواسماعيل [جامعة الأمير: 2018]. هذه الرسائل الجامعية لم تنشر ولم تصل إلى أيدي القراء وإنما ما زالت حبيسة أدراج مكتبات الجامعات التي نوقشت فيها.
كما نشر العديد من الباحثين الجامعيين بحوثا قليلة في المجلات الأكاديمية عالجت بعض القضايا المنهجية أو العلمية في تراث الشيخ اطفيش. وهذه المجلات لا توزع إلا في نطاق محدود.
لكن هذه الجهود – على الرغم من أهميتها - تبقى دون المطلوب، لأن هناك العديد من الجوانب في شخصية الشيخ العلمية لم تدرس بعد، وكذلك لأن الكثير من كتب الشيخ ما زالت مخطوطة، وتنتظر من يخرجها محققة ويعمل على نشرها وتوزيعها وتيسير قراءتها ودراستها والاستفادة منها، حتى تُعرف فعلا جهود الشيخ وتُقدر حق قدرها.