العلاّمة عمر دردور..الوطنية والإصلاح في مشروع مجتمع بديل
بقلم: أحمد بن السائح-
يكاد الأستاذ العلاّمة عمر دردور بجهاده ومناشطه الإصلاحية يكون أمّة بحالها؛ فقد اضطلع في حياته المديدة والمليئة بالمفاخر والمواقف الخالدة، بما لا تستطيعه المؤسسات التي لها غاية، ولا الجمعيات والأحزاب التي تبني نضالاتها على إقامة مشروع مجتمع بديل، ومعارضة مسؤولة. وقد كانت رسالة مترجمنا الأستاذ عمر دردور ـ طيّب الله بالرحمات ثراه وسلامٌ عليه في الصالحين فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ـ تراهن على الانتصار لقضية شعب بأكمله، وانتشاله من واقعه الاستدماري المزري، والارتفاع به إلى مستوى النضال والتحرر، والمواجهة بشتى الوسائل المتاحة من أجل تخليص الوطن من قبضة الآسر المحتل، وصدق الشاعر الذي قال:
وليس على الله بمستنكر *** على أن يجمع العالم في واحد
ذلك هو ـ بالتحديد ـ الأستاذ عمر دردور في أعماله ونضالاته ومسارات حياته الطافحة بألوان الكفاح والبلاء الحسن، والتحديات والعِرَاكِ المتواصل من أجل نصرة الجزائر وتحقيق استقلالها، والتمكين للإسلام فيها، وكانت هي المهمة التي اختارها وندب لها نفسه وحياته وماله، وكل ما أُوتِيَ من جهد وقوة قبل وأثناء وبعد الثورة؛ فقد تجشم ـ من أجل ذلك ـ الصعاب وكابد أعباء الحياة الشاقة، وتحمل أصعب المسؤوليات التي لا يتحملها سواه، وكان أمينا فيما أؤتمن عليه من أموال وأسرار تتعلق بالمصلحة العامة للوطن. وكانت إرادته من طراز آخر ـ غير مألوف ـ لا تجده إلا عند المُصْلِحِينَ الكبار الذين يعملون على إحياء الأمم وإعادة بعثها من جديد.
من تاريخ العائلة الدردورية
والعائلة الدردورية عائلة عَرِيقَةٌ في الجهادِ والجهادُ عَرِيقٌ فيها، وكان بلاؤها معروفا في مختلف الثورات التي عرفتها منطقة الأوراس؛ فضلا عن مساهمة العائلة الدردورية في نشر التعليم والوعي بوساطة زاويتها المشهورة والمعلومة لدى الخاص والعام، وهي زاوية سيدي علي دردور المرشد الروحي والزاهد المتعفف الذي جمع بين العلم والدعوة إلى الجهاد؛ وسار على نهجه نجله سيدي الهاشمي (1815 ـ 1899) صاحب (طريقة الأحباب) الذي كان يمثل مدرسة متعددة المشارب، وكان إلى جانب نشاطه الروحي والتربوي من المهتمين بعلم الاقتصاد؛ بل كان رائدًا من روَّادِ الاقتصاد ـ بمفهوم ذلك الزمن ـ يَتَحَسَّبُ للمستقبل ويتطلَّعُ إلى ما هو آتٍ، ويحتاط للأزمات، ويُعَلِّمُ الناس الادخار والتوفير، وينصحهم بعدم الإسراف في الإنفاق والتزود لأيام الشدة، ليكونوا في منأى عن الاحتياج. وكان يحثهم على الأعمال المجدية وممارسة النشاطات المنتجة، كـ: فلح الأرض وتربية المواشي؛ وكانت تعاليمه في المجال الاقتصادي ترتكز على تطبيق صرف القروض للمحتاجين حتى لا يبقوا عالة على غيرهم، بشرط الالتزام بالتسديد في الآجال المتفق عليها، كما كان للصناعات اليدوية في تعاليمه وبرنامجه الاقتصادي المكانة المتميزة التي تلبي كافة الحاجيات، وتحقق ما يسمى بلغتنا المعاصرة «الاكتفاء الذاتي»؛ ولَمْ يكن وضع المرأة بِدْعًا أَوْ نشازًا في المشروع الاجتماعي للعلامة الشيخ الهاشمي دردور. فقد حظيت المرأة عنده بما تستحقه من تكريم واحترام، وكان عليها من الواجبات بقدر ما كان عليها من حقوق، مثلها مثل الرجل في حركة دأبه ونشاطه التي سجلتها، وأقرتها تعاليم المدرسة الدردورية.
والشيخ الهاشمي دردور من مريدي الشيخ محمد بن عزوز البرجي، وهو سفير للرحمانية في مدرونة وفي مختلف جهات الأوراس على العموم؛ وفي عهده تصدت الزاوية الدردورية لمقاومة الاحتلال الفرنسي، وانضم الشيخ الهاشمي بأتباعه ومريديه إلى ثورة ابن جار الله (1879) نكاية في الاستدمار، وأبلت الطريقة الدردورية البلاء الحسن في المقاومة والقتال، وثبت أتباعها في ميادين المواجهة، ونجحوا في قلب حسابات ومخططات الغزاة. وكان لدور الطريقة الدردورية الأثر البالغ في دحض وتراجع مشاريع الاحتلال. وقد أقضت الدردورية مضاجع المحتلين بنهجها ومشاريعها الإصلاحية، ووقفت مواقف صلبة أمام غطرسة العدوان وتصدت لبسط سلطان نفوذه. ولعل أشد ما أحرج الفرنسيين، وكان بمثابة حجر عثرة أمام أطماعهم هو تمكن الزاوية الدردورية من تسخير أتباعها وتأليب الجماهير على العدو الفرنسي، وامتثال الساكنة لإرادة الشيخ الهاشمي والانصياع لأوامره وتعليماته.
جــــاء للدّنيــا كأنّه *** مفطور علـى النّضــــال
اختطت الأقدار للشيخ عمر حياة صعبة ليست كبقية الحياة التي يريدها الإنسان لنفسه، وقد جاء إلى هذه الدنيا وكأنه مفطور على النضال؛ أو لعله جاء مُسَلَّحًا بالاستعداد لخوض ما ينتظره من عِرَاكٍ وألوان مختلفة من الصراع الدائر حول قضيته وقضية أبناء وطنه المقدسة، وقد مضى على مظلمتها أكثر من ثلاثة وثمانين سنة قبل مجيئه للدنيا. وقد كانت سنة 1913 ـ سنة مولد فقيدنا ـ هي السنة التي شهدت رجوع رائد النهضة الجزائرية الأستاذ الإمام عبد الحميد بن باديس من المشرق ليبدأ الخطوات الأولى في مسار مشروعه التغييري؛ كما شهدت تلك السنة ـ أيضا ـ إرهاصات الحرب الكونية الأولى ، وعرفت تلك السنة والسنوات التي بعدها ولادة طائفة من أتراب الشيخ عمر دردور ولدَّاته، وكان لهم الفضل جميعا في اقتفاء نهج التغيير الإصلاحي الذي بدأه شيخهم عبد الحميد بن باديس، وكانوا أعلامًا بارزين في حركته الإصلاحية، وتحقق لشيخهم فضل السبق في التأسيس للمشروع التغييري؛ وجاءت النتائج على قدر أهل العزم.
وفي تلك الأثناء العسيرة كانت الجزائر في حاجة إلى ذوى الإرادات الصلبة من طينة الشيخ عبد الحميد بن باديس وتلامذته، الذين سيكونون محل الرهان الرابح بتحدياته وتطلعاته لتحرير الجزائر والنهوض بها وانتشالها من مهوى السقوط الذي انتهت إليه على أيدي استدمار جائر استهدف الوطن والدين واللغة؛ واستبدل هوية الشعب، ومَحَا كل معالم الحضارة والتاريخ والتراث، وطمس مضامين الذاكرة، وفرض قوانينه المتعسفة، واستباح بعرائضه وتشريعاته ـ غير المنسجمة مع أعرافنا وتقاليدنا ـ التي نالت من الأرض والعرض، ومست الشخصية الجزائرية في الصميم؛ يقول الأستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله: «...فقد كان لويس تيرمان هو الحاكم العام للجزائريين ]1882 ـ 1891[، وتولى الحكم بيد من حديد، وسلك سياسة التجهيل والقهر نحو الجزائريين، وطغى خلال عهده الكولون ]المستوطنون[ . وتجبروا ضد الأهالي ونجحوا في سن ما عرف ]بقانون الأهالي[ البغيض، وغيّروا الحالة المدنية للجزائريين بفرض طريقة فرنسية في التلقيب والنسبة. ونفذوا (قانون الأرض) الذي يعني إخراج الجزائريين من بقية أراضيهم ببيعها للكولون والمرابين والعمل عليها كأجراء ]خماسة[» أ . هـ . ]أ . د: أبو القسم سعد الله؛ (خارج السرب)؛ ص: 171[ .
ومن نَصِّ سعد الله نعرف صورة الوضع العام الذي كان يعيشه الجزائريون، ونعرف صورة القوانين التي تستبيح أملاك الجزائريين وعقاراتهم، بالإضافة إلى طردهم من أرضهم وجعلهم من الشغالين فيها لمصلحة الكولون؛ إنه الظلم المسرف في ظلامته التي ليس وراءها ظلم آخر أبشع منه.
في ظل تلك القوانين الجائرة التي ظلت سارية ومسلطة على رقاب الجزائريين، وكانت بمثابة المعاناة التي تقهر الكرامة الجزائرية بشكل يومي، وتكسر كبرياء الوطنيين والشرفاء الذين ليس لهم من ملاذ أو خيار بديل سوى الإذعان لإرادة الغاصب المحتل الذي أحكم السيطرة، وتمكن من تشديد العقوبة، وفرض عدوانه بشتى وسائل القهر والقوة التي مارستها الإدارة الاستعمارية على مدى قرن وزيادة.
ووسط هذا المناخ كان للمقادير حسابات أخرى، وكان للنهضة الجزائرية الآتية إرهاصات تنام في طوايا أرحام الغيب المستور. والمُتَمَعّْنُ في تلك المرحلة من الزمن الماضي يعلم علم اليقين كيف كانت دورات التاريخ وتقلباته، وكيف كان العِرَاكُ الحضاري، وكيف كان الصراع دائرًا بين حق يأبى الاستسلام، وباطل ماكر يريد الإجهاز التام والنهائي على إرادة ذلك الحق المقاوم.
وفي ذلك العهد الذي وُلِدَ فيه مترجمنا، كانت الأوضاع السياسية بالأوراس على غير ما يرام، فقد كانت انتفاضة عين التوتة (1916) هي الوجه الآخر الذي ترجم عن الواقع البئيس لكل الأوراسيين؛ وسجلت تلك الانتفاضة تذمر الأحرار الذين ثاروا على الظلم، وتمرّدوا على ما يفرضه ويتفنن فيه المحتل من ألوان العسف والطغيان.
مولده ومرباه
من عمق ذلك الواقع المزدحم بالأحداث والاضطرابات، وفي غمرة ذلك التدافع بين غاصب مكابر، ومواطن مسلوب من كل شيء؛ ولا يعرف للوطنية الصحيحة طريقا بعد، وُلِدَ ونَشَأَ الصبي عمر دردور يوم 13 / 10 / 1913 بقرية آبائه وأجداده قرية حيدوس بثنية العابد؛ من عرش أولاد عبدي الذين يصعد عمود نسبهم إلى بورك بن علي بن شيحان بن طراد بن أثرياء بن هلال بن عامر من العرب الهلاليين الخارجين من الحجاز عام 443 هـِ الموافق لسنة 1075 مِ. وأدخل مولده السرور والابتهاج على الأبوين الكريمين محمد بن منصور دردور والفاضلة عائشة سباع، وازدان البيت العائلي بالوليد الجديد، وكان لمولده رنة طرب خاصة، وفرحة كبرى عَمَّتِ الأهل والمحيط والجوار؛ وفي عهد الصبا الأول وجد نفسه داخل الكتَّابِ بين أترابه، وما هي إلا سنوات قلائل قضَّاها في الكُتَّابِ المبارك حتى حفظ القرآن الكريم قبل الحادية عشرة من عمره الغض، على يد مُؤَدِّبِهِ شيبة العلم والتقوى الشيخ عبد الرحمن زموري طيب الله بالرحمات ثراه؛ ولذكائه المبكر تصدى للختمة الثانية التي رسخت في وعيه القرآن حفظا وتلاوة وأداء؛ وأهَّلَتْهُ ـ الختمة الثانية ـ إلى مزاملة الحفظة والقراء المهرة، وبصحبة هؤلاء تفتَّقت ملكة الصبي عمر ـ بمرور الأيام وتعاقب الشهور ـ عن اكتشاف عوالم القرآن الكريم وما فيها من إعجاز وأسرار، وراح الطفل عمر ينهل من هذا الينبوع الصافي الذي خاطب صفاء فطرته وتغلغل في أعماق براءته بعذوبة نغمه وطلاوة ألفاظه.
ومن منطلقات هذا النبع كانت التنشئة الأولى، وكان لسماعات الوحي الأعلى ومعايشتها بوساطة التكرار والإقراء الأثر العجيب في نفس الطفل المتألق، وكان لها التوجيه الحاسم في تحديد مسارات حياته وفي رسم معالم شخصيته وما كان ينتظرها من أدوار فارقة، وغايات مثقلة بالمسؤوليات التي تنوء بحملها الجبال الراسيات. وبعد الختمة الثانية تسلّح الطفل اليافع ـ قبل مغادرته للكتاب ـ بأصول العربية وما فيها من جمالٍ وأسرارٍ وبلاغة وبيان، ولَمْ يفته في تلك المرحلة التزود ببعض العلوم الأخرى، وحفظ العديد من المتون في النحو والصرف واللغة والفقه والفرائض وعلم الكلام والحساب والفلك؛ وملأ وفاضه من علوم عقلية ونقلية شتى كانت متداولة في تلك الأيام.
وفي تلك الأثناء الحافلة بالتلقي كان شعار الطالب عمر دردور: ((هل من مزيد))، وكان شغله الشاغل هو الاستزادة من العلم والتبحر فيه والترحال في سبيله، وألقت به عصا الترحال إلى زاوية طولقة التي كانت تعجُّ بطلبة العلم، ويُشَارُ بالبنان إلى كفاءة ومؤهلات أساتذتها ومدرّسيها، وتزخر خزائن مكتبتها بمختلف العلوم والمعارف؛ وهي من أهم وأكبر المكتبات ـ على الإطلاق ـ في الوطن بما فيها من كنوز ونفائس ومخطوطات لا توجد في غيرها من المكتبات في العالم.
وفي هذا المرتع الخصب ـ زاوية طولقة ومكتبتها العثمانية ـ وجد الطالب اليافع عمر دردور ضالته، وراح يلتهم ألوانا شتى من العلوم، وجلس إلى مشايخ من أهل التخصص في العلوم الشرعية واللغوية؛ وعلى مدى سنتين كاملتين قضاهما بهذه القلعة العلمية، اكتسب الشاب عمر ـ الذي لَمْ يتجاوز بعد عقده الثاني ـ الملكة العلمية، وأصبحت له المقدرة التي تعينه على شق سبل العلم. وفي زاوية طولقة تاقت نفسه لملاقاة رائد النهضة الجزائرية الأستاذ الإمام عبد الحميد بن باديس، بعد أن سمع عن دروسه ومنهاجه وطرائقه في التدريس؛ وكان الذي نقل أخبار إمام النهضة إلى طلبة زاوية طولقة هو أحد أفراد أسرة الزاوية العثمانية، وهو الأستاذ عبد الحفيظ بن الهاشمي صاحب جريدة ((النجاح)) الذي كان يأتي زائرًا إلى طولقة، ويحمل معه إلى طلبة الزاوية مناشط الشيخ عبد الحميد بن باديس مع طلبته ودروسه التي يلقيها على العامة في بعض مساجد قسنطينة، وفُتِنَ طالب العلم عمر دردور بقدوته ومثله الأعلى وشيخه رائد الإصلاح في الجزائر قبل أن يراه. وبعد تفكير جاد ومسؤول قرر الطالب الطموح الالتحاق على الفور بشيخه، فولى وجهه شطر الجامع الأخضر بقسنطينة، بمعية الأستاذ عبد الحفيظ بن الهاشمي، وكانت الرحلة على ما فيها من مشاق وأعباء واحدة من الرحلات العلمية الموفقة التي خلدت صاحبها وجعلته من رموز بناة مشروع النهضة الإصلاحية الشاملة التي مهدت لمجابهة ودحر استدمار استيطاني عاث في ربوع الوطن فسادًا ونال من الأرض والعرض.
وتَوَسَّمَ الأستاذ الإمام ابن باديس في الطالب الوافد من الأوراس خيرًا؛ وكانت فراسته وتوسمه في محلهما، فلا الطالب عمر خيَّبَ توَسُّمَ شيخه فيه، ولا هذا الأخير عارض طموح هذا الوافد الجديد الذي قطع الفيافي والقفار وطوى المسافات الطوال، وصبر وصابر من أجل تحقيق الرغبة في التحصيل والاستيعاب. وكانت موافقة ابن باديس على انتساب الطالب الجديد للجامع الأخضر هي الخطوة الأولى التي تحققت وجعلت الشاب عمر يتنفس الصعداء، أما الخطوة الثانية فكانت الامتحان الذي كان بمثابة مفتاح الدخول الذي يخضع له كل الطلبة الراغبين في الالتحاق بهذا المعهد العلمي. وجاء موعد الامتحان الذي وصفه لنا صديقنا الأستاذ محمد الشريف بغامي أحد تلامذة الشيخ دردور ومريديه.
يقول الأستاذ بغامي: ((...أجرى له الشيخ عبد الحميد بن باديس امتحانا في استظهار القرآن الكريم وفي بعض المسائل الفقهية واللغوية، وكان ممّا امتحن فيه إعراب الجملة: [يا رحمة الله حُلِّى بأرضنا] وهو ما ذكره لي فضيلة الشيخ رحمه الله، وكانت جميع إجاباته موفقة..ولذلك لما شرع في التلقي من الشيخ عبد الحميد أبدى نباهةً وذكاءً وسرعةً في الفهم والتحصيل مما جعل شيخه يعتمده مع مجموعة من إخوانه منهم الشيخ الزموشي والشيخ حيرش والشيخ فضيل الورتلاني والشيخ حمزة بوكوشة وغيرهم لمساعدته في مهمة التعليم الإبتدائي بالجامع الأخضر والتدريس بمسجدي سيدي قموش وسيدي بومعزة..
وقد أمضى الشيخ سبع سنوات كاملة بين الدراسة والتدريس بقسنطينة، وكلما تذكّر تلك المرحلة إلا وأبدى إعجابه وحبه الكبير وتقديره لشيخه عبد الحميد بن باديس..)) . أ . هـ . ]من ترجمة لا تزال مخطوطة بعنوان: (محطات مضيئة من حياة المرحوم الشيخ عمر دردور) بقلم: الأستاذ محمد الشريف بغامي؛ ص: 13 ـ 14؛ ((والأستاذ محمد الشريف بغامي من جلساء الشيخ دردور وحوارييه)).[.
بعد عودته من قسنطينة سنة 1936 سارع إلى تأسيس ((الشّعبة الأوراسية)) لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمعية مجموعة من طلبة الأوراس ومثقّفيه، وبذلك أدخل الشيخ عمر الإصلاح الديني والثقافي والعلمي إلى مدن وقرى ومداشر الأوراس. وبدأ في التّدريس ونشر التّوعية وفتح النوادي؛ وبمواظبته على هذا العمل أيقظ الضمائر، وصحّح الكثير من المفاهيم السّلبية السائدة، وحرّر بدعوته وخطابه الإصلاحي العقول الخاملة والنفوس المتردّدة؛ وتجاوب مع دعوته الجديدة كافة مواطني الأوراس الأشم، الذي رحّب سكانه بالدعوة التجديدية التي أيقظت الناس من سباتهم، وفي تلك المرحلة الحاسمة استطاع الشيخ دردور أن يضع يده على جرح الوطن السليب، ويستعرض راهنه ومستقبله والحلول المجدية لتخليصه من قبضة الآسر المحتل.
كتاتيب مدرسة الوطنية والمواطنة
ومضت دعوة الشيخ دردور تشق طريقها بالتوعية والتثقيف للكبار وفتح مدارس التربية والتعليم للصغار، وتلقين القرآن الكريم في الكتاتيب؛ والعمل على إبقاء مساجد المسلمين بعيدة عن إدارة المحتل. ووَلَّدَ هذا النشاط المتميز الغيظ لدى سلطات الاحتلال التي كانت تتابع أعمال الشيخ عمر دردور وتترصد أهدافه، وتترقب ضبطه متلبسًا بمخالفة قوانينها الجائرة؛ ولما أدركت إدارة الاستدمار أبعاد وغايات الشيخ دردور عَطَّلَتْ نشاطه، ثم سجنته من جوان إلى سبتمبر 1939 لا لأنّها أقامت عليه الحجة، بل لأنها لم تعد قادرة على تحمل استمراره في دروسه ونشاطاته التي أصبحت مزعجة، ولم يبق أمامهم سوى الكيد والتآمر لإسكاته والتخلص منه، ولأسباب واهية تتنافى مع روح العدل ولا تتفق مع نزاهة القضاء وحيادية الأحكام المنصفة، لفقوا له اتّهامات مختلقة لم يقترفها ولم تخطر له على بال!!! واتّهموه بتأليب الجماهير ضدّهم، وعدم الانصياع لأوامرهم، والتّحريض ضدّهم إلى غير ذلك من سيل الاتّهامات الجاهزة التي تطال كل من يُنَاكِرُ تعسّفهم واستكبارهم. وعلى الرغم من تبرئة الشيخ عمر بعد محاكمته لأنّ الاتّهام لم يكن مؤسّسا من أصله، إلا أن الذين كانوا يلاحقونه من داخل دواليب الإدارة الفرنسية لم يعجبهم حكم التبرئة، فازداد غيظهم واشتدّ حنقهم وامتلأت صدورهم نارا، فعاودوا تحريك متابعته، ووصل الأمر بحاكم أريس (ميستيكلي) بتلفيق واختلاق اتهامات جديدة ضد الشيخ عمر، واستعمل كل ما أوتي من مكر وكيد لتوريط الشيخ عمر، وهدّد بعض السّاكنة وأجبرهم على الإدلاء بشهادات الزّور والإقدام على الكذب، والتقول على الشيخ عمر بأشياء لم تقع منه، ولم تحدث في الواقع، بل هي محض افتراء من وحي عقل الشيطان (ميستيكلي) ومن لَفَّ لفه وكان على شاكلته؛ وبناء على هذا النوع الجديد من الباطل والتخرصات؛ تحركت محكمة الاستئناف، وأدانت الشيخ عمر دردور؛ وأثناء محاكمته توافدت الجماهير من مختلف أنحاء الأوراس، وأحاطت بسجن ومحكمة باتنة من كل جانب، ومن قسنطينة قَدِمَ إمام النهضة الجزائرية الأستاذ عبد الحميد بن باديس صحبة الشيخ محمد خير الدين، واستقبلهما علماء باتنة، وألقى الشيخ ابن باديس درسا في المسجد العتيق بعد المحاكمة المتعسفة، وأطلق سراح الشيخ في سبتمبر 1939 بعد أن استكمل كل أيام العقوبة التي سلطت عليه. وبعد خروجه من السجن وجد الحرب الكونية الثانية ـ قد اندلعت ـ في أيامها الأولى.
وبتعلة الحرب وما سادها من غموض وحذر تعطّل النشاط السياسي للأحزاب والجمعيات ومنها جمعية العلماء، وبحكم ظروف الحرب الطارئة عرف الشيخ عمر بذكائه كيف يتعامل مع المعطيات الجديدة، وكيف يوفق بين سعيه الإصلاحي الذي دأب عليه، وبين واقع الحرب وما تمليه من حتميات.
وبعد الحرب استأنف الشيخ عمر مناشطه، وعاد إلى أداء واجباته نحو أمّته ووطنه، ولم يقتصر عمله النوعي ونضالاته المخلصة على جمعية العلماء فحسب، بل كانت له أعمال أخرى في مجال الحركة الوطنية والتعاون من أجل المصلحة الوطنية مع قياديين من حزب الشعب؛ وهي المواقف التي أملاها عليه مقتضى الحال، ونهض بها بعد أن اقتنع بجدواها وبضرورتها واستيقن من مردوديتها على الوطن بالنصر، والدفع بقضيته السياسية إلى المواقع الموصلة للتحرر والمحققة لاسترجاع السيادة الوطنية؛ وقام بها أحسن قيام، ولم يكن يعنيه في قليل أو كثير سخط الساخطين أو نقد الناقدين، وفي هذا السياق نترك القلم للأستاذ محمد الشريف بغامي الذي تحدث عن هذه الحقيقة التي تُلْقِمُ المتهمين لجمعية العلماء حجرا، يقول الأستاذ بغامي: ((...بالإضافة إلى نشاط الشيخ الإصلاحي والتعليمي التربوي المتسم دائما بصبغة السياسة، بث الوعي الوطني والتحسيس بأهمية العمل من أجل السيادة والحرية، وكان له نشاط ملحوظ في الأربعينيات بالتنسيق مع بعض قادة الحركة الوطنية في حزب الشعب (سي ابن بولعيد، سي الحواس...)، ولم يمنعه انتماؤه إلى الجمعية من النشاط المكثف لتحقيق أهداف الحركة الوطنية، وقد ساهم بفعالية في توعية الشعب للالتفاف حول المترشحين من أبنائه الصّادقين في انتخابات 1947 ومنهم الشهيد مصطفى بن بولعيد، وقد أشرف الشيخ على أكثر من تجمع شعبي ومنه تجمع قرية مشونش حيث ألقى خطابا حَارًّا مُؤَثِّرًا ما زال أثره في نفوس من عايشه من الأحياء..وذلك ما صرّح لي به شخصيا، وما رواه لي أحد الأحياء (عمي مسعود مهري) شقيق الأستاذ محمد مهري المحامي..)). أ . هـ . ]من ترجمة لا تزال مخطوطة بعنوان: (محطات مضيئة من حياة المرحوم الشيخ عمر دردور) بقلم: الأستاذ محمد الشريف بغامي؛ ص: 21 ـ 22.[.
دوره في الثّورة التّحريرية
كانت اتّصالات فقيدنا الأستاذ عمر دردور بقادة الثورة ومفجّريها قبل اندلاع الثورة، وكان الشيخ عمر أحد الإطارات الفاعلة في التحضير الذي سبق موعد اندلاع الثورة المباركة، وكان على علم بميقاتها وساعة تفجيرها، وساهم بماله الخاص وبنفسه في سبيل إنجاح الثورة، وكان الشيخ عمر من الرّجالات الأفذاذ الذين قدموا دعمهم الكامل وغير المشروط لثورة الشعب، وظل نعم المعوان ونعم المجاهد الذي تلقاه إلى جانبك في ساعة العسرة. وأمثال الشيخ عمر دردور معدن نادر من المحنكين لا يجود الزمان بمثلهم في كل الأحايين. وضع نفسه وماله وكل ما يمتلك تحت تصرف الثورة، واضطلع بالإشراف على العديد من مراكز التموين، وتحضير المستشفيات وما تتطلّبه طبيعة الثورة من خصوصية تنقل تلك المستشفيات من مكان إلى آخر لتقديم الإسعافات للجرحى والمصابين، وأدّى تلك المهمّة على أكمل وجه إلى جانب نخبة من المجاهدين الأُوَل من إطارات جيش التحرير الوطني، وقد استفادوا جميعا من خبرة وتجارب الشيخ دردور وقدرته على التنظيم.
وبعد المنتصف الأول من سنة 1955 قرّرت قيادة الثورة أن ترسله إلى الخارج بعد أن أصبح مطاردا من طرف العدو، وقبل سفره حدّثته نفسه أن يُعَرِّجَ على قسنطينة لحضور محاكمة صديقه القائد البطل مصطفى بن بولعيد، وفي نزل سيرتا بقسنطينة التقى بمحامي ابن بولعيد (سي العمراني) فانتهز الشيخ دردور فرصة هذا اللقاء، وأوصى سي العمراني ببذل كل ما يستطيعه لإنقاذ حياة سي مصطفى، وبالمقابل أَسَرَّ سي العمراني للشيخ دردور:((...أنّ الشّرطة الفرنسية تتعقب أثرك وتبحث عنك وعليك أن تغادر المكان...))، فاتّجه الشيخ عمر على الفور إلى مكتب الشيخ العربي التبسي الذي تولى بدوره تسفير الشيخ عمر إلى العاصمة، وفي هذه الأخيرة أَعَدَّتْ مصالح جبهة التحرير الوطني ملفّا طبيا يتضمّن الحالة الصحية الخطيرة للشيخ عمر وضرورة نقله للعلاج في الخارج. وفي فرنسا وجد الصراع على أشده بين الجبهويين والمصاليين، وحاول جمعهم على الكلمة السواء، وتعرّض أثناء محاولة التقريب بينهم إلى محاولة اعتداء في مدينة (تور كوان) من طرف المصاليين، كادت تودي بحياته؛ ثم توجه إلى مدينة (فيشي) وبعض مدن الشمال الفرنسي مثل (ليون) و(باريس)، وأشرف على تنظيم خلايا المهاجرين مُعَرِّفًا بالثورة الفتية، حَاثًّا على بذل كل الجهود المتاحة لنصرتها ودعمها وتسخير كل الوسائل لخدمة مصالحها، وواصل مهامه الموكلة إليه في فرنسا إلى شهر جانفي من سنة 1956، ثم استدعته جبهة التحرير إلى القاهرة، فسافر إلى سويسرا ثم توجه إلى مصر، واتصل بقيادة جبهة التحرير في الخارج وانضم إلى ابن بلة وخيضر وآيت أحمد ومحمد البشير الإبراهيمي.
وفي القاهرة قام بواجبه مع إخوانه، وأشرف على شؤون كثيرة ومهام مختلفة منها التكفل بضمان مِنَحِ الطلبة، والتعريف بالثورة لدى الدول العربية أثناء سفرياته وتنقلاته الرسمية، وجمع المساعدات لدعم مسار الثورة. وفي سنة 1956 أُسْنِدَتْ له مهمة تموين الثورة وتسليحها بجلب الذخيرة والعتاد، فسافر إلى ليبيا وأدى كل تلك المهام والمسؤوليات على أكمل وجه؛ وفي ليبيا حاولوا تصفيته، ونبّهه أحمد بن بلة وأمره بالتوجه إلى سوريا، ثم قام بواجبات أخرى في العراق، وعاد إلى القاهرة ليتولى مهمة تسيير خزينة الجبهة والعلاقات مع الدول العربية بمعية الدكتور أحمد فرنسيس، ويشهد له كل أعضاء وفد القاهرة على أمانته ونزاهته وحرصه الشديد على المحافظة على أموال الثورة؛ وظل مجاهدًا قياديا يعمل تحت تصرف جيش وجبهة التحرير الوطنيين إلى سنة 1960، حيث انتقل إلى تونس لتوعية الجنود على جبهات القتال في الحدود تحت قيادة العقيد محمدي السعيد (سي ناصر)، وبقي في تلك المهمة إلى الاستقلال.
النّهوض بالتّعليم أولوية ما بعد الاستقلال
وبعد تحقيق الاستقلال الوطني عاد الشيخ دردور إلى باتنة، وشرع في المساهمة في مسيرة البناء الوطني، وانصبّ اهتمامه على النّهوض بالتّعليم، وانتشال الشباب من واقعهم البئيس الذي يحكمه التخلف والأمية، وكان البرنامج الذي رسمه الأستاذ عمر دردور برنامجا وطنيا عاما يهدف إلى تعميم مشروع التعليم والتكوين العلمي على المستوى الوطني عبر كل المراحل، وكانت فكرته المثمرة في هذا المجال الحسّاس فكرة رائدة وتحتاج إلى ميزانية دولة وتمويل ضخم، وإعداد برنامج عمل يضطلع به فريق بحث من المتخصّصين في التربية وعلم النفس والمناهج البيداغوجية، وما تقتضيه عملية التعليم من إعداد ودراسة وخطط؛ وكل ذلك يستحيل تحقيقه في الواقع إلا بعد دراسته التي تستغرق سنوات من النّقاش والتّحضير لإنجاح هذا المشروع الشّائك، إلاّ أنّ الشّيخ عمر دردور كما ذكرنا في صدر هذه الكلمة كان أمة في شخص اكتسب خبرته وتجاربه من واقع شعب مغلوب على أمره، والمغلوب على أمره قد يتحوّل إلى مارد إذا أراد أن يُغَيِّرَ ما بنفسه {إِنَّ الله لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. ومن هذا المنطلق نقول أنّ الأستاذ عمر دردور هو الرّائد المنشئ للتعليم في الجزائر بعد الاستقلال، وهو باعث النهضة العلمية والتثقيفية بعد استرجاع السيادة الوطنية، وهو الذي أنشأ المعاهد الإسلامية التي عجزت الدولة حتى عن التفكير فيها كمشروع مستقبلي.
وللتاريخ نذكر أن صاحب فكرة إنشاء وتأسيس المعاهد الإسلامية هو فضيلة الأستاذ العلامة المجاهد عمر دردور الذي أراد أن يعيد للجزائر دورها العلمي، ويفتح أمام أجيالها في الجزائر المستقلة تلك القلاع الشامخة، والله وحده يعلم كم بذل الأستاذ عمر دردور من جهود شاقة لتحقيق الفكرة وجعلها واقعا في حياة الناس، وسعى لتعميمها في جهات مختلفة من ربوع الوطن.
واستطاع الأستاذ عمر دردور أن يقنع صديقه وزير الأوقاف أحمد توفيق المدني بالفكرة والعمل على تحقيقها في الميدان؛ وفي شهر نوفمبر 1962، وبمناسبة الذكرى الثامنة لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة، نجح الحلم وبدأ التطبيق الفعلي على أرض الميدان لإنشاء وإنجاز المعهد الإسلامي بباتنة كتجربة أولى، وكان الشيخ دردور بمتابعته وسهره وراء كل مراحل الإنجاز التي تمت على المستوى المحلي في ظرف قياسي وجيز. وتمّ تدشين معهد باتنة في فاتح ماي 1963؛ وكان لنجاح معهد باتنة روافد أخرى تأسست كمعاهد إسلامية في بسكرة وأريس وقسنطينة وبريكة والشمرة ومروانة والمعذر وبوسعادة والوادي وخنشلة ومنعة ونقاوس...إلى أن بلغ مجموع هذه المعاهد إلى 36 مؤسسة على المستوى الوطني. ومن باتنة سعى الشيخ دردور إلى إنشاء المعهد الإسلامي ببسكرة، وكان مشروع معهد بسكرة مقررا في أول الأمر كمشروع لسيدي عقبة، ولأسباب خاصة تتعلق بهذه الأخيرة، اقتنع الأستاذ عمر دردور في نهاية المطاف أن الاسم لسيدي عقبة وبسكرة هي المؤهلة، وتمّ تدشين المعهد الإسلامي ببسكرة تحت إشراف ورعاية الأستاذ عمر دردور، وأصبح مقر (نزل الترمينيس ـ HOTEL TERMINUS) هو مقر المعهد الإسلامي بـ: بسكرة؛ وكان الذي سيتولى إدارة المعهد هو حمزة حوحو الذي جاء من السعودية بمناسبة فرحة الاستقلال، ووعدوه بتعيينه على رأس إدارة المعهد، وقيل له اذهب إلى السعودية (ونَظِّمْ نفسك) ـ كذا ـ، وقم بتصفية ما عندك هنالك، فذهب ولما رجع لإدارة المعهد وجد الشيخ امحمد امغزي بخوش حَلَّ محله.
تلك هي بعض أعمال ومنجزات فقيدنا الراحل الأستاذ عمر دردور الذي كان واحدًا من رموز الحركة الإسلامية في الجزائر، وكان من القلائل الذين سُجِنُوا في مقتبل العمر، وتعرَّض في سن الثانية والعشرين لمحنة المجابهة المباشرة مع السلطات الاستدمارية، وهي المحنة التي لا يتحملها ولا يصبر عليها حتى من اشتد عوده من الرجال الذين أنضجتهم تجارب الحياة ومرارة النضال، وكانت لهم مسارات طويلة وعِراك حافل بالمواجهات السياسية . قال عنه الأستاذ الدكتور مسعود فلوسي: ((...أنّه لولا شيوخ ثلاثة وهم: محمد يكن الغسيري والشيخ الأمير صالحي والإمام عمر دردور لظل الأوراس يتخبط في جهله...)). والشيخ عمر دردور هو نوع آخر من الصبر والاحتمال، وهو فرادة قائمة بذاتها في التصدي لصنوف الابتلاءات المختلفة؛ وكان من خاصة الخاصة الذين تحلقوا حول رائد النهضة الإصلاحية الأستاذ الإمام عبد الحميد بن باديس؛ وكان بصيرًا بمواقع الصراع متفطنا لدهاء الاستدمار ومؤامراته، وكان واعيا بمراتع السياسة وأحابيلها. فرحمة الله عليه وجعل الفردوس الأعلى مأواه.