حديث صريح مع أ.د.أبو القاسم سعد الله: كلّفني الشيخ العربي التبسي برئاسة البعثة الزيتونية سنة 1952
الكاتب: مراد وزناجي-
حين خلا منصب رئيس جمعية البعثة بتخرج صاحبه وعودته إلى الجزائر كلفني الشهيد الشيخ العربي التبسي دون أن أعرفه، وهو يومئذ مدير معهد ابن باديس، بأن أكون رئيسا للبعثة الزيتونية لجمعية العلماء. كان ذلك حوالي سنة 1952. رفضت ذلك مرارا وبعد إصرار منه قبلت مؤقتا على أن يجدوا غيري، لكنني بقيت في هذا "المنصب" إلى أن تخرجت سنة 1954.
غير أن نشاطنا مع الطلاب الآخرين كان متكاملا في الحقيقة، إذ كانت هناك جمعية الطلبة الاصلية التي بقيت كما هي وعلى رأسها طلبة "المتسيسين" إن صح هذا التعبير، ومن الذين عاصرتهم بعض الوقت مولود قاسم ومحمد مرازقة والجنيدي خليفة.
كيف كان يتم التعارف فيما بينكم، في لقاءات خاصة مثلا؟
نعم، كانت هناك لقاءات ولكن توترات كانت تطرأ بين الحين والآخر. فأحيانا يأتي الشيخ العربي التبسي إلى تونس فيتعرض لهجوم "سياسي" من طرف طلاب معارضين، وكما تعرف، عندما يجتمع الطلاب مع الكبار ولا يكون هناك احترام، لا للعلم ولا حتى للمكان، فقد كان هناك اجتماع في جامع القصر (لم أحضره) أهين فيه الشيخ التبسي من طالب (أصبح يساكنني بالحراش). وأحيانا أتلا إخوان من حزب الشعب، ويخطبون على الطلاب ويريدون تجنيدهم. ومنهم مثلا أحمد مزغنة، الذي أتى لسبب ما والتقينا به في النادي أو المركز.
وكنت أكتب في جريدة "البصائر" من وقت لآخر، حول نشاط جمعية البعثة في تونس، مثلا عن عدد الطلاب الذين يحصلون على الشهادة الأهلية، أو التحصيل، وكانت الجريدة تنشر هذا باعتبار من انجازات الحركة الإصلاحية.
كنت تكتب هذا النوع من التقارير فقط، أم مواضيع أخرى في مجالات محددة ودقيقة؟
بالإضافة إلى هذه الأخبار، كنت أكتب أحيانا شعرا، علاوة على مواضيع أخرى من وحي دراستي. لا زلت أذكر موضوعا كتبته عنوانه "أمة المجد في الميدان"، لا أدري كيف خطر ببالي يومها، وقد نشر في البصائر بعنوان بارز، وهو يتحدث عن شمال إفريقيا والتوجه نحو الحرية والاستقلال. وهو فورة من فورات الشباب، ولما أعود إليه الآن أتعجب كثيرا، وأقول كيف لشاب ففي مثل سني ومستواي العلمي يومها كان يفكر في أمر كهذا.
المصدر: حديث صريح مع أ.د.ابو القاسم سعد الله في الفكر والثقافة واللغة والتاريخ لمراد رزناجي، ط2، منشورات الحبر.