الشيخ العربي التبسي ورمضان: يفتي للمجاهدين ويفطر على المسفوف
كلما ذكر الشهيد الشيخ العربي التبسي إلا وجال في الخاطر حكاية قبره المفقود، بالرغم من أن الشيخ من القلائل الذين جمعوا ما بين القلم والبندقية، فكان عالما جليلا وأنهى حياته شهيدا طاهرا. العودة إلى حميميات الشيخ العربي التبسي في رمضان أجبرتنا على محادثة شقيقه السيد عبد المجيد (فرحات) – هذا هو اللقب الحقيقي للتبسي – الذي حدثنا عن بعض ذكريات الشهيد، مع أن الشقيق من مواليد 1942 م أي أن سنه كان 15 سنة عندما استشهد شقيقه.
ولد الشهيد التبسي بدوار السطح بدائرة العقلة جنوب تبسة (100 كلم) عام 1889 م، والده يدعى بلقاسم، وأمه يمينة، وبمجرد أن حط رحاله بقسنطينة وتعرف على الشيخ بن باديس حتى غرق في العلم وتحول إلى رحالة، لأجل ذلك قضى معظم رمضان بعيدا عن عائلته. ويذكر السيد عبد المجيد بعض الذكريات الرمضانية، حيث كان العربي التبسي يفطر على المسفوف، وهي أكلة عبارة عن كسكسي بالزبدة والزبيب، إضافة إلى الجاري (شربة).. وكانت والدة الشهيد معروفة بكسرتها وطسكسها المتميزين، وحتى عندما اختطفته القوات الفرنسية في 4 أفريل سنة 1957 م كان ذلك في رمضان بعد عودته من قيام الليل.
ويشهد التبسيون على أن الشهيد أمّ الناس في بعض ركعات التراويح وبسبب ترحاله كان يفضل أن يصلى به وهذا بمدرسة تهذيب البنين والبنات بتبسة التي تحول اسمها إلى مسجد الشيخ العربي التبسي، كما كان يلقي الدرس والخطبة في ذات المسجد، ويخص الشيخ شقيقه عبد المجيد وغزالة بنصائحه الدينية والدنيوية. وعندما قامت الثورة الجزائرية تحوّل الشيخ إلى مفتي (غير مباشر) للمجاهدين الذين راسلوه في رمضان سنة 1955 م ليسألوه عن الصيام مع الجهاد وأفتى بجواز الإفطار في حالة اشتداد المعارك والتعويض في حالة الهدوء وهذا قبل أن يؤدي فريضة الحج لأول وآخر مرة عام 1955 م. وللأسف قضى الاستعمار على الشيخ بإعدامه دون أن يقضي رمضان الاستقلال مع ابنيه لمين وزينب.
شقيق العربي التبسي "عبد المجيد" يعيش اليوم بأم البواقي بينما تعيش شقيقته الكبرى الحاجة غزالة في قرية العقلة بجنوب تبسة.. ليس مهما الآن أن نجد قبر الشهيد العربي التبسي وإنما الأهم أن نسترجع علمه وهديه.. فقد كان عظيما وما زال برغم هذا التجاهل !