الشيخ لخضر حماش وجهوده في تعليم القرآن الكريم بزمورة
بقلم: عمر مشارة -
تبعا للحصة السابقة التي خصصتها للشيخ العربي كشاط وولده الشيخ محمد- أفاض الله عليهما سحائب الرحمة والرضوان- والتي تدخل في إطار التعريف بمشاهير معلمي القرآن الكريم بزمورة.
أتناول اليوم شخصية أخرى من أولئك الشخصيات، إنها شخصية الشيخ لخضر حماش كأحد مشاهير معلمي القرآن الكريم بزمورة. وهي شخصية لا يجوز أن نبخسها حقها أو نجحد فضلها في مجال تعليم القرآن الكريم، كيف وقد طبقت شهرتها زمورة بأكملها.
لذلك ارتأيت أن أتناول بالحديث عن هذه الشخصية وأبرز جهودها ونضالها في تعليم القرآن الكريم كما أبرز النتائج الطيبة التي حققها والتي هي شاهد على ما قدم من جهود وما حقق من نتائج وما أبلى من بلاء في مجال تعليم القرآن الكريم، وقد اعتمدت في إنجاز هذه المقالة على ملخص لسيرته الذاتية أملاه الشيخ بنفسه على من طلب منه ذلك. كما اعتمدت على شريط تضمن حوارا آجراه معه كل من بلمهدي رياض وبركان جمال ركزا فيه مشكورين على جوانب هامة من مسيرته في تعليم القرآن الكريم
من هو لخضر حماش ؟
هو الشيخ لخضر حماش بن الصالح، ولد حوالي سنة 1927 في قرية بوعزيز وفيها نشأ وترعرع ولما بلغ سن خمس سنوات بدأ تعلمه القرآني على يد الشيخ أحمد لخضر بركان - رحمه الله وطيب ثراه- وقد كان هذا من أمهر المعلمين رغم عجزه الجسدي إذ كان مقطوع القدمين وهذا لم يمنعه من أن يسجل نتائج باهرة يعجز عنها أصحاء الأبدان ولا عجب فهو ابن الشيخ عمر بركان شيخ البركات والفتوحات.
ولم يمكث طويلا في كتاب الشيخ أحمد لخضر بركان حتى تحول مع عائلته إلى مدينة برج بوعريريج وهناك واصل تعلمه في إحدى المدارس هناك على يد الشيخ الصالح براهم شاوش، وبقي بهذه المدرسة ثلاث سنوات .
ثم تحول إلى زاوية الشيخ عمار بن أقموم وكانت قبلة لرواد القرآن الكريم يؤمها الطلبة من كل صوب، وقد تعلم في هذه الزاوية التي بقي بها ثلاث سنوات على يد كل من الشيخين شواترة الحفناوي والشيخ الشريف تباني -رحمها الله وأسكنهما فسيح الجنان- بعد المدة التي قضاها في زاوية الشيخ عمار تخرج منها حاملا لكتاب الله .
كيف بدأ مسيرته في تعليم القران؟
بعد تخرجه من الزاوية طلبه كبار القرية في بوعزيز ليتولى مهمة التعليم القرآني وإمامة الناس في الصلوات الخمس وفي صلاة الجمعة بمسجد سيدي أحمد المجذوب، فلم يسعه إلا أن يلبي النداء وكان ذلك بداية مشواره الطويل وحقق نتائج جيدة كانت باكورة جهاده ونضاله .
ثم أرغمته ظروف العيش على التنقل إلى فرنسا حيث قضى بها أربع سنوات ثم رجع مع بداية الثورة المباركة إلى قريته .
ثم طلبه أهل قرية غنيا ليؤدي نفس الدور الذي كان يؤديه سابقا في قرية بوعزيز، فلبى النداء مرة أخرى وظل يعلم القران الكريم ويؤم الناس في الصلوات الخمس والجمع بمسجد القرية، ورغم الظروف الصعبة التي يعيشها الجزائريون عامة وسكان المناطق الجبلية خاصة إبان الثورة المباركة إلا أنه حقق نجاحات تحسب له فقد تخرج على يده ثلة من أبناء القرية أذكر منهم الأسماء التالية: بوشو رابح، بوشو عمر، بوشو محمود وكان من هؤلاء أئمة يؤمون الناس في جهات مختلفة.
عودته مرة أخرى إلى مسقط رأسه:
لما اشتد لهيب الثورة أرغمت فرنسا سكان المناطق الجبلية على النزوح إلى التجمعات السكانية الكبرى فكان هذا عاملا في تحول الشيخ إلى قريته مرة أخرى بعد أن طلبه كبار أهل القرية فجاء مرة أخرى إلى مسجد سيدي أحمد المجذوب معلما للقرآن الكريم وإماما يؤم الناس في الصلوات الخمس والجمع، وكان ذلك بداية من سنة 1960 م. وفي هذه الفترة أظهر نتائج عمله الجيدة وثمار نضاله في خدمة القرآن الكريم وكانت هذه الفترة من أخصب الفترات وأعظمها أثرا وأوفرها نتائج، وكان من النتائج التي حققها في مسجد سيدي أحمد المجذوب بعد أن عرف فترة من الاستقرار أن تخرج على يده نخبة كبيرة من المتخرجين الحاملين لكتاب الله وأنا أذكر بعضهم على سبيل الإجمال وليس على سبيل الحصر منهم: زقرار بوشو، محمد بن طالب، بعيكش بشير، بوخالفة خالد، قزو عبد الرزاق، ابن دحمان فريد، هذا عدا المتخرجين الحافظين للنصف و الحافظين للربع فإن هؤلاء من الكثرة لا يحصون عددا وبالنظر إلى السنوات التي قضاها الشيخ في نشر كتاب الله في أوساط المتعلمين هنا وهناك تكون قد بلغت أربعين سنة مرت كلها جهادا ونضالا وقد ترك الشيخ ألسنة تشيد به وتلهج بالدعاء له أن يبارك الله له في حياته وأن يجزيه أحسن ما يجزى به الصالحين من عباده على ما أبلى من بلاء وما بذل من جهد وعلى ما تحمل من عناء في سبيل خدمة الدين ونشر كتاب الله بين الناس وإلى اللقاء في لقاء قادم مع شخصية أخرى .