منع التعليم الديني بالمساجد
بقلم الشيخ عبد الحميد بن باديس –
قرار من بريفي عمالة الجزائر في ذلك لعمالته
تاريخ القرار، نتيجة السعي في رفعه، رد اعتذار
السيد البريفي، الاحتجاج على القرار
ليس هذا القرار الذي أثار الخواطر وكدر الصفو ابن هذه الأيام، فقد كان بريفي عمالة الجزائر قدمه للسري الوجيه السيد محمد بن صيام رئيس الجمعية الدينية طالبا منه أن ينفذه بصفته رئيس الجمعية ليكون القرار من الجمعية، عليه وزره ومسؤوليته، فتوقف السيد ابن صيام في التنفيذ نحو شهر، فأعيد عليه الطلب والإلحاح فأبت عليه ديانته، وهمته وتقديره للعواقب أن ينفذه فيعطل المساجد من ذكر الله ويحرم الناس من العلم والتربية الدينيين ويكدر الخواطر ويمس سمعة فرنسا التي لا يرضى أن تمس. وكان من جوابه أن المساجد لم يقع فيها شيء من التشويش يوجب هذا القرار لكن البريفي أصر على إصدار قرار فأصدر وكان منه ما كان.
سعى جماعة من النواب والأعيان لدى الولاية العامة في رفع القرار. فردوا إلى البريفي وكان جوابه لهم أنه جاءه قوم آخرون فألحوا عليه بإصدار القرار لئلا يقع تشويش في المساجد ولا يمكنه أن يرجحكم عليهم ولذلك هو يصر على قراره. وجاء كتاب من الوالي العام يقول للجماعة فيه أن الأمر هو ما قاله البريفي وأن لا فائدة من مقابلته.
كان الأستاذ العقبي يلقي دروسه الدينية بعدة مساجد، ومنها الجامع الجديد. وكان هذا نحو العامين، وكان متحملا مسؤولية تلك الدروس أمام الإدارة، وما ذلك إلا لعلمه ومشاهدته للهدوء والنظام والسكينة التي كانت- كما هي العادة في جميع المساجد دائما- تخيم على دروس الأستاذ العقبي، ثم رغم المشاهدة والعيان ورغم تحمل السيد ابن صيام رئيس الجمعية الدينية بالمسؤولية يقول السيد البريفي: أنه أصدر قراره دفعا للتشويش الذي خوفه من وقوعه بعض الناس. يا عجبا يعرض عن الواقع المشاهد في المدة الطويلة إلى التشويش المعدوم المزعوم ولا يعول على كلمة رجل عظيم بارز رئيس للجمعية التي بيدها أمر المساجد متحمل للمسؤولية وكلمة جماعة من النواب والأعيان يعملون للخير على وضح النهار، ويعتمد على وشاية أفراد مجهولين يعملون للشر والغرض في دس وخفية.
إننا نضم صوتنا إلى صوت الصحافة العربية والفرنسية التي استنكرت هذا القرار وعدته تعديا على الحقوق الدينية العامة للمسلمين في المساجد، غير قاطعين رجاءنا من البريفي نفسه وممن فوقه من السادة الحكام أن يعودوا للمسألة بالنظر السديد والحكم المنصف، وتؤكد وصيتنا لإخواننا المسلمين بالهدوء والسكينة وترك الأمر يجري مجراه النظامي السليم.
إبطال الجمعية الدينية بالجزائر:
بلغنا أنه صدر قرار بإبطال الجمعية الدينية التي كان لها النظر في المساجد بعمالة الجزائر وهي التي يرأسها ابن صيام الذي امتنع من تنفيذ القرار. وفي اقتران الأمور ببعضها ما يغني عن شرحها ووجوه ارتباطها.
الشهاب: ج 4، م 9، ص 188 - 189 غرة ذي القعدة 1351هـ - مارس 1633م.