أبو المدرسة الأساسية يترجل.. محمد شريف خروبي في ذمة الله
بقلم: محمد يعقوبي-
رفع المجاهد محمد الشريف خروبي التحدي منذ بداية الستينات من أجل استكمال الإستقلال الحضاري للجزائر بترسيخ عناصر الهوية وخاصة اللغة العربية في المدرسة الجزائرية وتطهير المنظومة التعليمية من شوائب الاستغراب، ومن مخلفات فرنسا الاستعمارية.
لقب بمهندس الإصلاحات في قطاع التربية والتعليم والمدافع الشرس عن المدرسة الأساسية التي خرجت الملايين، ويعد المرحوم محمد الشريف خروبي، أحد رواد النضال من أجل اللغة العربية وصانع أولى خطوات مضمار التربية والتعليم، وإرسائه على قواعد صحيحة وضبط عقارب ساعة تطور المدرسة الجزائرية على توقيت الارتقاء بالمناهج التربوية لمسايرة الركب الحضاري لبناء منظومة تعليمية قوامها العمل على جزأرة المدرسة، وإزالة كل آثار العناصر التي قد تشوه المنظومة الفكرية مستقبلا. ويمكن اعتبار الفقيد محمد الشريف خروبي أحد أعمدة إصلاح المنظومة التربوية الجزائرية من خلال إضفائه الكثير من التعديلات عليها، وإليه يعود الفضل في إدراج مادة التاريخ في المناهج المدرسية كمادة إجبارية باللغة العربية حتى يتسنى للتلميذ استيعاب اللغة العربية وتنمية قدراته الفكرية والتعرف على تاريخه وربط جسر تواصل معه واستمراره مع الأجيال القادمة. ويعتبر المرحوم خروبي من كبار رجالات الثورة التحريرية وأحد أبطالها الأشاوس، ومن الذين قادوا النضال إلى غاية استرجاع الجزائر سيادتها الوطنية.
وضع لبنة أساسية في هيكل المدرسة الجزائرية
محمد الشريف خروبي ابن قرية بومهالة ولاية تيزي وزو، اسم سينقش في ذاكرة المدرسة الجزائرية، وسيخلد على صفحات تاريخ المنظومة التعليمية الجزائرية بفضل عمله المضني في مساره المهني كوزير للتربية والتعليم فترة ثمانينات القرن الماضي، حيث واصل نضاله وجهاده من أجل إرساء مدرسة جزائرية قائمة بذاتها رغم الخصومات التي تعرض لها خلال عمله، إلا أنه استمر بكل كد وعزم وقوة تبصر وإيمانه القوي بأن إصلاح الأمة لن يأتي إلا من خلال إصلاح المدرسة التي هي عماد التنشئة السليمة للناشئة المبنية على أصول علمية بحتة، كما يعد الراحل محمد الشريف خروبي ممن قدموا وبكل حزم وعزم من المعارف وفق منظور علمي لبناء مستقبل زاهر في قطاع التربية والتعليم في الجزائر، ونجح بذلك في مشروعه الموجه لتعريب الأجيال.
المناصب التي تقلدها الراحل
تقلد الراحل، محمد الشريف خروبي، منصب وزير التربية والتعليم خلال الفترة ما بين 8 مارس 1979 و 18 فبراير 1986 في فترة حكم الرئيس الأسبق للجمهورية الجزائرية الشاذلي بن جديد في حكومات عبد الغاني الأولى، الثانية، الثالثة وحكومة الإبراهيمي الأولى، كما اعتلى منصب والي ولاية تيزي وزو، وسفيرا للجزائر في إحدى الدول العربية.
قالوا عن الراحل محمد الشريف خروبي....في حفل تكريمه بمنتدى "الحوار" في 2016
وكانت يومية "الحوار" قد نظمت يوم 10 جوان 2016 حفلا تكريميا على شرف فقيد الجزائر، محمد الشريف خروبي، نظير أعماله الجليلة التي قدمها للمنظومة التربوية، وباعتباره من أبرز رواد الإصلاحات في المدرسة الجزائرية، أين قدم العديد من الشخصيات الوطنية رأيهم في مسار الراحل.
عميمور: خروبي أعد لمستقبل زاهر للمدرسة الجزائرية
أكد الوزير الأسبق للثقافة والاتصال محيي الدين عميمور أن الراحل محمد شريف خروبي يعد من بين الرجالات الذين أعدوا لبناء مستقبل زاهر في قطاع التربية والتعليم، مضيفا أنه واجه العديد من الخصومات عقب تعيينه على رأس وزارة التربية والتعليم، مضيفا أن هذه العداوات جاءت من أطراف كان من المفروض مد يدها للنهوض بالمدرسة الجزائرية، لافتا إلى أنه من أبناء الجيل الذي يعتز بالانتماء إليه.
وقال محيي الدين عميمور إن خروبي يعتبر من بين أبناء منطقة القبائل والمتمسكين بالانتماء العربي واعتزازه بالهوية الحضارية، فضلا عن تمتعه بذكاء رهيب ساهم في نجاح تسييره لقطاع التربية والتعليم لحوالي سبع سنوات. كما رجع المتحدث ذاته إلى فترة تعيين خروبي، مؤكدا أن ذلك جاء عن طريق الأصوات التي قامت بالانتخاب عليه وليس بوساطة من جهات معينة أين أصبح محافظا وطنيا لحزب جبهة التحرير الوطني، ليتم تنصيبه على رأس قطاع حساس سنة 1979، قائلا إنه تحمس لقيادته لوزارة التربية والتعليم حيث توقع أن يكون ممن يمسح آثام من سبقوه، مشيرا إلى أن الرئيس هواري بومدين كان يكن احتراما كبيرا للوزير الأسبق الفقيد محمد شريف خروبي، معرجا على رد بومدين على الذين انتقدوا تعيين خروبي في الحكومة باعتبار أنه معرب حيث قال إن الأهم أنه “معرب وليس مفرنسا”.
خروبي هو هدية الزمن الجميل لهذا الجيل
تحدث عبد الله غلام الله الوزير الأسبق للتربية والتعليم عن الراحل محمد شريف خروبي ووصفه بأنه رجل من رجالات الثورة، مجاهد، والنظر في وجهه يعود بنا إلى سنة 1954، قال بأن خروبي هو هدية الزمن لهذا الجيل، مرحبا به ومبديا أمله في أن يستفيد الشباب المثقفون بصفة عامة من إخلاصه وثقافته وعمله في صمت وجهاده العظيم.
وأشار غلام الله إلى أن الفكرة التي كان يحملها الراحل محمد شريف خروبي هي التي حفزت اصطدامه باللجنة المركزية لجيش التحرير الوطني مع أناس كانوا يظنون أنهم أقوى من الحق، ومكنه الله من تطبيق المناهج والتوجهات التي أعدتها اللجان المكلفة بإعداد المدرسة الأساسية، مستذكرا أحد المواقف التي صادفته عندما كان عضوا في الحكومة عندما عرضت الإصلاحات، أين قال “إذا أردتم أن نصلح فيكون الإصلاح متفوقا على ما نريد إصلاحه ونحسنه، ولكن الإصلاحات المعروضة لا ترقى إلى مبادئ مشروع المدرسة الأساسية”.
ولفت المتحدث إلى أن المدرسة الأساسية أكسبت قطاع التعليم تكوين المعلمين على عكس الإصلاحات اللاحقة التي عرفها القطاع، وسمحت بإنجاز 73 معهدا تكنولوجيا لتكوين المعلمين، وكذا بترقية المعلمين الذين كانوا مبتدئين خاصة وأن المعلمين كانوا ذا مستوى أدنى وليس من أصحاب الشهادات.
نصر الدين سالم شريف: خروبي ذاكرة تاريخية يجب الاستفادة منها
أكد البرلماني السابق نصر الدين سالم شريف بأن الوزير الأسبق خروبي يعد ثروة من المعلومات يجب أن تستفيد منها الأجيال خاصة ما تعلق بالمدرسة الأساسية.
وعدد المتحدث مناقب الوزير الأسبق طيلة مساره العلمي والتربوي والتي كان أهمها الوفاء الذي تميز به للأمازيغية والعروبة والإسلام دونا عن بعض الأمازيغيين والعرب والإسلاميين، كما تحدث عن وفاء خروبي للأفلان رغم الداء والأعداء ووفائه لبومدين، مستذكرا زيارة الرئيس الراحل هواري بومدين سنة 1968 إلى ولاية تيزي وزو أين قام خروبي بإحضار طلبة القرآن من زاوية سيدي منصور لاستقباله بعزازقة، وهو ما جعل بومدين يبكي ورفع مقام خروبي في عينه.
وأشار المتحدث إلى أن خروبي تميز بشجاعته في اتخاذ القرارات منذ أن كان واليا، حيث أقدم على منع الخمر سنة 1976 في قرار شجاع فرضه على المنطقة، أما في أحداث الربيع الأمازيغي عندما كان وزيرا في الحكومة الجزائرية عاشت عائلته ضغطا رهيبا وتعرضت أصوله إلى الاعتداء المادي لكنه لم يطالب بأي تعويض.
الهادي الحسني: خروبي ناضل في معركة حضارية لم تنته بعد
وصف الشيخ محمد الهادي الحسني الوزير الأسبق للتربية والتعليم الراحل محمد شريف خروبي بأنه الوتد الذي يساهم في استمرار المجتمعات، مضيفا أن قيمته في شخصه بغض النظر عن المكانة التي يحتلها أو المنصب الذي كان يشغله.
وأضاف الهادي الحسني في مداخلته على هامش منتدى “الحوار” لتكريم الوزير الأسبق خروبي أن هذا الأخير كان ممن شاركوا في المعركة الحضارية الكبيرة التي كان يراد بها التبعية الثقافية لفرنسا، مؤكدا أن خروبي أحد القادة في هذه المعركة والتي لم تنته بعد ولن تنتهي لأنها _حسبه_ معركة بين الخير والشر.