عبد القادر المجاوي الأستاذ الفقيه المصلح

بقلم: محمد الطيب-

من الشخصيات الجزائرية التي تركت أثرا ملموسا في الحياة الثقافية أواخر القرن الـ19، وأوائل القرن الـ20، ولد بتلمسان في 1848 (1267هـ) ابن "محمد عبد الكريم"، وبعد دراسته في مسقط رأسه انتقل لمتابعتها في كل من فاس وطنجة وجامع القرويين على الخصوص بالمغرب الأقصى.

عاد إلى الجزائر سنة 1873، وقد أدى فريضة الحج ليتولى التدريس أولا في قسنطينة، حيث أقام وتزوج فيها وأنجب، علم في كل من جامع الكتاني ابتداء من نفس السنة، والمدرسة الحكومية في 1876، ونشط خارج عمله الرسمي كمدرس ومحاضر في المدارس الحرة والمساجد، كمسجد سيدي الأخضر، فأحدث تأثيرا كبيرا في الأواسط الفكرية والشعبية، أما دروسه الرسمية فقد تنوعت بين المنطق والبيان والمعاني واللغة والنحو والفلك، ثم انتقل إلى المدرسة العليا (الثعالبية)، كما عين إماما خطيباً بجامع سيدي رمضان بالعاصمة سنة 1908 وبقي في قمة نشاطه إماما قديرا وأستاذا متمكنا ومؤلفا نشطا ورجل إصلاح في جميع الحالات، وقد تخرج على يده كثيرون كـ "حمدان الونيسي، وأحمد الحبيباتي، والمولود بن الموهوب.."، وهم من الذين كان لهم تأثيرهم في الحياة الاجتماعية والفكرية.

كما اتسم بالموسوعة في الثقافة، و قد وصفه الأستاذ "سعد الدين بن أبي شنب" بصاحب "المعارف الواسعة": "كان ريانا من العربية، فقيها متضلعا، مشاركاً في الكثير من العلوم، منها علم الكلام، علم الاقتصاد السياسي، والعلم التربوي، وعلم الهيئة، عكف على التدريس، فتخرج عليه من التلامذة من أصبحوا بدورهم أساتذة"، وقد أسهم إسهاما جيدا في حدود إمكانياته من أجل نهضة ثقافية، كما شارك في إحياء اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وبذل جهداً جهيدا في سبيل ارتقاء مستوى الجزائر حسب اتجاهات جيله الشريفة.

ترك مؤلفات اختلفت نوعا وكيفا، كلها نتاج ما علم لطلابه، وما تدارس مع زملائه، تجاوزت 15 عملا في اللغة والنحو، والبلاغة والدين، وعلم الفلك منها "إرشاد المتعلمين، نصيحة المريدين، شرح ابن هشام، تحفة الأخير فيما يتعلق بالكسب والاختيار، مخطوطة (منظومة في علم الفلك)، والعديد من الكتب والمخطوطات الأخرى"، وكانت معظم كتاباته موجهة ضد الآفات الاجتماعية والخرافات والعادات القديمة، ومن أقواله "إن اللغة العربية هي أقدم لغات العالم المستعملة الآن وأوسعها، وأفضلها على غيرها، يشهد به كل من يعرفها ولو كان أعجمياً، فهي أفصح اللغات منطقا وبيانا، وأكثرها تصرفاً في أساليب الكلام، وأقبلها تفننا في النثر والنظم، قد ملأها الله من الآداب والحكم، فنالت من الأمثال القديمة والحديثة ما لم ينله غيرها"، ظل شيخنا نشطا مرشدا حتى وفاته بقسنطينة في 6 أكتوبر 1914، عن عمر يناهز 66 سنة، وبها دفن تاركا وراءه أثرا طيبا، رحمه الله.

لا تعليقات

اترك تعليق

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.