العلامة الشيخ مبارك الميلى الجزائرى رحمه الله
بقلم: أبو عبد الرحمن محمود-
هو مبارك بن محمد إبراهيمي الميلي الجزائري.
ولد رحمه الله سنة (1898م- 1316هـ) تقريباً في " دوار أولاد أمبارك " من قرى الميلية من أحواز قسنطينة.
• نشأته:
نشأ الشيخ مبارك بالبادية نشأة القوة والصلابة والحرية، وربي يتيماً، فبُعيد وفاة والده محمد، توفيت أمه: تركية بنت أحمد بن فرحات حمروش، فكفله جده " رابح " ثم عمَّاه: علاوة وأحمد.
نزح إلى بلدة " ميلية " التي كانت تستقطب طلاب حفظ القرآن بصدر رحب وكرم مشكور وهناك حفظ القرآن، وزاول الدروس العلميّة الابتدائيّة على الشيخ الزّاهد: ابن معنصر الميلي، وقد أهلته هذه الدروس للالتحاق بدروس الشيخ العلاّمة عبدالحميد بن باديس بالجامع الأخضر، وهناك وجد بغيته في دروس الأستاذ الحية، وتلقى منه الأفكار الإصلاحية بحماس وإيمان، فكان من أنجب تلاميذه ومن الجادين المجتهدين الراغبين في التحصيل فأعجب به أستاذه وأحبه كثيراً وقربه إليه.
• رحلته في طلب العلم وشيوخه:
التحق الشيخ مبارك بجامع الزيتونة المعمور بتونس: المنبع الأصلي الذي ارتوى منه أستاذه الأكبر: ابن باديس، وانخرط في سلك تلاميذه، وأخذ عن جلّة رجال العلم والمعرفة به ممّن انتفع بهم أستاذه قبل، منهم: الشيخ محمد النخلي القيرواني، والشيخ محمد الصادق النيفر والشيخ محمد الطاهر بن عاشور، والشيخ بلحسن النجار، والأستاذ محمد بن القاضي وغيرهم.
وقد كان في هذه السنوات التي قضاها هناك مثالاً للطالب المكب المجتهد، وأنموذجاً للشاب الشهم المهذّب، فرجع من تونس بشهادة التطويع سنة (1924م).
• أعماله:
وبعد التحصيل على شهادة " الجامع " رجع إلى وطنه معاهداً ربه أن تكون حياته حياة جد ونشاط لنفع وخدمة دينه، فشرع بعد تخرجه مباشرة يعلم بمكتب "سيدي بومعزة " و"سيدي فتح الله " بقسنطينة، وتصدى لبث روح التربية الإسلاميه في البنين والبنات، وأنار عقولهم بما أتاه الله من الحكمة والتفكير والمهارة في التصوير.
- قال الأستاذ عبد الحفيظ الجنان رحمه الله: "وبعد تحصيله على شهادة التطويع رجع إلى قسنطينة، حاملاً معه "مسودة قانون أساسي" ليحث الطلاب وأهل العلم على إنشاء مطبعة كبرى تطبع المخطوطات، وتنشر الجرائد والمجلات لتحي أمته حياة عملية لانظرية، ووجد أستاذه عبد الحميد قد بعث بقلمه صيحة مدوية في أرجاء الوطن داعية إلى الخلاص من ربقة الشرك والتحرر من أغلال العبودية فأصدر جريدة " المنتقد " ثم أخرج بعدها " الشهاب " الأسبوعي، وظل كذلك يكافح وحده إلى أن رفع مبارك قلمه وانضوى تحت لواء أستاذه بالأمس وصاحبه في الحال، وقال له: ها أنا ذا فكان الفتى المقدام والمناصر الهمام " (1).
فكان رحمه الله يشارك في تحريرهما ويساهم في تحبير المقالات النافعة لهما بإمضائه الصريح مرة وبإمضاء " بيضاوي " مرة أخرى.
وفي سنة (1926) انتقل الى الأغواط بدعوة من أهلها، فوجد منهم الإقبال العظيم، والتفت حوله ثلة من الشباب نفخ فيهم روح العلم الصّحيح والتفكير الحر، وقضى في هذه البلدة سبع سنوات أسس فيها " مدرسة الشبيبه " وهي من أولى المدارس العصرية النادرة في ذلك الوقت، كما أسس بعدها " الجمعية الخيرية "، لإسعاف الفقراء والمساكين والأيتام، فكان لها قدم في ميدان البرّ والإحسان.
وكان له دروس ليليّة في الوعظ والإرشاد يلقيها بالمسجد على عامة الناس مما كان له الأثر البالغ في النفوس وكذلك كان يخرج إلى " الجلفة "، شمالاً، " وبوسعادة "، شرقاً، " وآفلو " غرباً لإلقاء مثل تلك الدروس من حين إلى آخر على أهلها فيدعوهم للإصلاح والتمسك بالكتاب والسنة ونفض غبار الجهل والكسل ومحاربة البدعة في الدين.
لقد أنشأ الشيخ رحمه الله في الأغواط حركة علمية قوية وَسَيَّر منها البعثات الدراسية نحو " جامع الزيتونة " على غرار ما كان يفعل أستاذه ابن باديس.
وفي سنة (1931) أسست " جمعية العلماء المسلمين الجزائريين " فانتخب الشيخ مبارك عضواً في مجلس إدارتها وأميناً لماليتها.
ثم رجع الشيخ بعد السنوات التي قضاها في الأغواط إلى موطن الصبا ميلة فأنشأ فيها جامعاً عظيماً كان خطيبه والواعظ والمرشد فيه، ومدرسة " الحياة " التي أشرف على سير التعليم فيها، و"نادي الإصلاح " الذي يحاضر فيه.
ثم أُسندت إليه- رحمه الله تعالى- رئاسة تحرير جريدة " البصائر "الأسبوعية بعد أن تخلى عنها الشيخ الطيب العقبي رحمه الله فاضطلع بالمهمّة وقام بواجبه أحسن قيام رغم مرض " السكري "، الذي أنهك قواه إلى أن قررت " جمعية العلماء " السكوت في سنة (1939)، فاحتجبت " البصائر " عن الصدور.
• تلاميذه:
كانت حياة الشيخ مبارك رحمه الله تعالى مباركة طيّبة، فقد أمضاها في الجهاد والتضحية، وفي التعليم والتربيه، وفي التثقيف والتزكية، والوعظ والإرشاد، والكتابة والتأليف، وكانت الأيام التي قضاها بالأغواط هي أخصب أيامه في الإنتاج بأنواعه وكان من ثمارها أن تخرج على يده جمع عظيم من طلبة العلم وحملته، وأنصار الإسلام ودعاته، منهم:
1 - الشيخ أبو بكر الأغواطي.
2 - الأستاذ أحمد قصيبة.
3 - الإمام أحمد شطة.
4 - الشيخ عمر النصيري.
- يقول الأستاذ أحمد بن ذياب رحمه الله: "ولقينا- ونحن تلامذة- بتونس أبناء الشيخ مبارك من خريجي مدرسة الأغواط، فكنّا نشيم في مخايلهم آيات جلال مربيهم، ونلمح في قرائحهم آثار المقتدر الذي نور عقولهم، وصفى أذهانهم، فكنا نعجب بهم، ونتمنى لو أتيح لنا أن نروي من الفيض الذي منه نهلوا " (2).
• أخلاقه:
كان رحمه الله قويّ الإرادة يغلب على أعماله الجدّ مع الصراحة، وكان ذا شجاعة أدبية متصلباً في الحق، دقيق الملاحظة، وكان يحب العمل الدائم المتواصل وكان يكره الكسل ويمقت الكسالى من تلاميذه أو من زملائه، وكان أيضاً كريم النفس، حسن المعاشرة، حليماً بشوشاً، محباً لتلاميذه، محترماً لأصدقائه، وكان متواضعاً، يكره الإعلان عن شخصه، وكثيراً ما يفر من مواطن الظهور، ولا يحب أن يلفت الأنظار إليه.
- يقول تلميذه أحمد قصيبة: "وفي سنة (1940 م) لما توفي الأستاذ الجليل الشيخ عبد الحميد رحمه الله، عُيّن خلفاً له لإدارة شؤون " الجامع الأخضر " والإشراف على الدروس، فلما تربّع ذات يوم على مقعد أستاذه الراحل العظيم، وجلت نفسه، وعظم الأمر لديه، وأثر فيه هول الموقف من تذكر رئيسه وأستاذه حتى سالت عبراته سخينة على خديه تواضعاً وإشفاقاً على نفسه أن تغتر أو تتطاول بتبوئها ذلك المقعد " (3).
- وقال فيه الأستاذ أحمد توفيق المدني رحمه الله تعالى: "إن قرّر مسألة فبقوة وإيمان واقتناع، وإن جادل فبالتي هي أحسن، وإن خالفك في الرأي فمن غير عناد أو تعصب، وإن حاضر أو سامر فالدرّ المنثور، وأنهار من عسل مصفّى، كل ذلك في تواضع محمود وخلق كريم، وأريحيه فاضلة، وشهامة وشمم بلغا درجة الكمال " (4).
• ثناء أهل العلم والفضل عليه:
- قال أمير البيان شكيب أرسلان رحمه الله تعالى: "وأمّا ((تاريخ الجزائر)) فوالله ما كنت أظن في الجزائر من يفري هذا الفري، ولقد أعجبت به كثيراً، كما إني معجب بكتابة ابن باديس، فالميلي وابن باديس والعقبي والزاهري: حملة عرش الأدب الجزائري الأربعة " (5).
- وقال العلاّمة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى: "حياة كلّها جدّ وعمل، وحي كلّه فكر وعلم، وعمر كلّه درس وتحصيل، وشباب كلّه تلقٍّ واستفادة، وكهولة كلّها إنتاج وإفادة، ونفس كلّها ضميرٌ وواجبٌ، وروح كلها ذكاء وعقل، وعقل كلّه رأي وبصيرة، وبصيرة كلّها نور وإشراق، ومجموعة خلال سديدة وأعمال مفيدة قلَّ أن اجتمعت في رجل من رجال النهضات، فإذا اجتمعت هيأت لصاحبها مكانه من قيادة الجيل، ومهّدت له مقعده من زعامة النهضة.
ذلكم مبارك الميلي الذي فقدته الجزائر من ثلاث سنين، ففقدت بفقده مؤرخها الحريص على تجلية تاريخها المغمور، وإنارة جوانبه المظلمة، ووصل عراه المنفصمة، وفقدته المحافل الإصلاحية ففقدت منه عالماً بالسلفية الحقة عاملاً بها، صحيح الإدراك لفقه الكتاب والسنّة، واسع الاطلاع على النصوص والفهوم، دقيق الفهم لها، والتمييز بينها والتطبيق لكلياتها، وفقدته دواوين الكتابة ففقدت كاتباً فحل الأسلوب، جزل العبارة، لبقاً بتوزيع الألفاظ على المعاني، طبقة ممتازة في دقة التصوير والإحاطة بالأطراف وضبط الموضوع والملك لعنانة، وفقدته مجالس النظر والرأي ففقدت مدرهاً لا يبارى في سوق الحُجّة وحضور البديهة وسداد الرميّة والصلابة في الحق والوقوف عند حدوده، وفقدته " جمعية العلماء " ففقدت ركناً باذخاً من أركانها، لا كلاً ولا وَكلاً، بل نهّاضاً بالعبء، مضطلعاً بما حُمّل من واجب، لا تؤتى " الجمعية " من الثغر الذي تكل إليه سدّه، ولا تخشى الخصم الذي تسند إليه مراسه، وفقدت بفقدة عَلَماً كانت تستضيء برأيه في المشكلات، فلا يرى الرأي في معضلة إلاّ جاء مثل فلق الصبح " (6).
ثم قال: " يشهد كل من عرف مباركاً وذاكره أو ناظره أو سأله في شيء مما يتذاكر فيه الناس أو يتناظرون أو يسأل فيه جاهله عالمه أو جاذبه الحديث في أحوال الأمم ووقائع التاريخ وعوارض الاجتماع، أنه يخاطب منه عالماً أيّ عالم، وأنه يناظر منه فحل عراك وجدل حكاك، وأنه يساجل منه بحراً لا تخاض لجته وحبراً لا تدحض حجته، وأنه يرجع منه إلى عقل متين ورأي رصين ودليل لا يضل ومنطق لا يختل، وقريحة خصبة وذهن صيود وطبع مشبوب وألمعية كشافة.
." ة قانون أساسي قائد من البدع هكذا عرفنا مباركاً وبهذا شهدنا، وهكذا عرفه من يُوثق بمعرفتهم ويُرتاح إلى إنصافهم ويطمأنّ إلى شهادتهم، لا نختلف في هذا ".
-وقال الأستاذ المؤرّخ أحمد توفيق المدني رحمه الله تعالى : "لقد كان من رجالنا المعدودين، وكأن من بُناة قوميتنا المذكورين، وكان من الذين خلّدوا أسماءهم بأعمالهم الجليله، وجهادهم الموفق في صفحات التاريخ الوطني الحافل الثري ".
"كان رحمه الله أوّل من عرفت في القطر الجزائري من رجال العمل الصحيح والوطنيه الحقة ".
"وأقسم أنني ما عملت مع أحد عملاً أحب إلي وأمتع لنفسي- إذا استثنيت سني الجهاد ضمن الحزب الدستوري التونسي- من عملي ذلك، خلال تلك الفترة القصيرة إلى جانب مبارك الميلي.
ولقد رأيت فيه يومئذِ خلالاً جَعَلَتْه في نظري نموذج المؤرخ الصادق، وهذه شهادة أؤديها للمعاصرين وللأجيال: صبر على البحث، وغلوّ في التحقيق والتدقيق، ومهارة منقطعة النظير في المقابلة بين النصوص، ونظرة صائبة في استجلاء الغوامض، وحكم صادق في أسباب الحوادث ونتائجها، ومهارة في الترتيب والتبويب، وحسن سبك يجعل التاريخ كلّه كالسلسلة المفرغة " (7).
- وقال الأستاذ أحمد حماني: "العلاّمهّ الجليل الشيخ مبارك بن محمد الميلي رحمه الله، أكبر تلاميذ الأستاذ ابن باديس ومدرسته علماً وفضلاً وكفاءة، وأحد علماء الجزائر وبناة نهضتها العربية الإصلاحية الأفذاذ، وأوّل من ألّف للجزائر باللغة العربية والعاطفة الوطنية تاريخاً قومياً وطنياً نفيساً " (8).
-وقال تلميذه الشيخ أبو بكر الأغواطي رحمه الله تعالى: "عرفنا من الأستاذ مبارك الميلي رحمه الله صفات قلَّ بيننا اليوم من يتصف بها، وهي التي جعلت منه علماً من أعلام نهضتنا ورجلاً من خيرة رجالنا، تلك هي حبّ العمل والجدّ فيه، وتحمل الأعباء والمصابرة على تحقيق أهداف عليا، وكلها ترجع إلى متانة خلقه وصدق عزيمته، وسداد تقديره ومحكم تدبيره ".- (9).
• آثاره العلمية:
على الرغم من عمره القصير (47 عاماً)، وملازمة المرض له، واشتغاله بتأليف الرجال عن تصنيف الكتب، فقد خلف الشيخ مبارك رحمه الله تعالى سِفْرين نافعين:
الأوّل: ـ[تاريخ الجزائر في القديم والحديث]ـ في جزئين (10)، وهو كتاب حافل، أثنى عليه غير واحد، منهم شيخه العلامة ابن باديس رحمه الله الذي بعث إليه برسالة (11) جاء فيها:
" وقفت على الجزء الأول من كتابك " تاريخ الجزائر في القديم والحديث "، فقلت: لو سميته " حياة الجزائر " لكان بذلك خليقاً، فهو أوّل كتاب صوّر الجزائر في لغة الضاد صورة تامة سويّة، بعدما كانت تلك الصورة أشلاء متفرقة هنا وهناك. وقد نفخت في تلك الصورة من روح إيمانك الديني والوطني ما سيبقيها حيّة على وجه الدهر، تحفظ اسمك تاجاً لها في سماء العُلا، وتخطّه بيمينها في كتاب الخالدين.
أخي مبارك!
إذا كان من أحيا نفساً واحدة فكأنما أحيا الناس جميعاً، فكيف من أحيا أمة كاملة؛ أحيا ماضيها وحاضرها وحياتها عند أبنائها حياة مستقبلها؛ فليس والله كفاء عملك أن تشكرك الأفراد ولكن كفاءة أن تشكرك الأجيال " (12).
الآخر: ـ[رسالة الشرك ومظاهره]ـ (13): وهو كتابٌ نفيس في بابه، فريدٌ في موضوعه، لم ينسج على منواله، وقد أقرّ المجلس الإداري لـ"جمعية العلماء " ما اشتمل عليه، ودعا المسلمين إلى دراسته والعمل بما فيه، وحرّر هذا التقرير كاتبها العام الشيخ العربي التبسي رحمه الله تعالى بقلمه، فعدها " في أوليات الرسائل أو الكتب المؤلفة في نصر السنن وإماتة البدع، تقرّ بها عين السنة والسنين، وينشرح لها صدور المؤمنين، وتكون نكبة على أولئك الغاشين للإسلام والمسلمين من جهلة المسلمين ومن أحمرة المستعمرين الذين يجدون من هذه البدع أكبر عون لهم على استعباد الأمم، فيتخذون هذه البدع التي ينسبها البدعيون إلى الدين الإسلامي مخدّراً يخدّرون بها عقول الجماهير وإذا تخدّرت العقول وأصبحت تروّج عليها الأوهام وجدت الأجواء التي يرجوها غلاة المستعمرين للأمم المصابة برؤساء دينيين أو دنيويين يغشّون أممهم ويتاجرون فيها " (14).
كما ترك الشيخ رحمه الله تعالى مجموعة من المقالات القيّمة والبحوث النافعة والتعليقات البديعة في جرائد ومجلات " جمعية العلماء "، كـ"المنتقد" و"الشهاب" و"البصائر " (15) وغيرها مما لو جمع لكان مُصَنَّفاً جليلاً (16). وبالإضافة إلى كل ذلك، هناك " الرسائل الخاصة " التي كانت متداولة بينه وبين الشباب، وقد أربت على " مائتي رسالة "، فيها الأخوية الودية، وفيها العلمية ذات الوزن في التحقيق والتدقيق، وفيها الأدبية الرائعة، والتاريخية التي تشير إلى وثائق خاصة في عهد من العهود، أو تثير تساؤلات حول شخصية فذة أو عبقرية تحتاج إلى تقديمها، في الإطار المهذب واللون الباهر والبيان الكاشف، حتى توضع موضعها اللائق بها من تراثنا الثري، وأدبنا الغني، وماضينا المجاهد " (17).
• وفاته:
بعد خروج الشيخ مبارك رحمه الله من " الأغواط " حوالي (1933م)، ابتلي بداء عضال ومرض مزمن مضني، أنهك قواه ونغّص عليه حياته، ألا وهو " داء السكري "، وقد حاول الشيخ علاجه غير مرّة في الجزائر بل وخارجها فسافر من أجله إلى " فيشي " بفرنسا، لكنه سرعان ما عاوده، كما وقع له عند سماعه خبر وفاة شيخه العلاّمة ابن باديس في (16 إبريل 1940) قال رحمه الله: " عندما سمعت لدى وصولي إلى قسنطينة بموته شعرتُ أن الدورة الدموية أصبحت تسير في عكس الاتجاه المعهود، وعرفت في الحين أن داء السكر قد عاودني وأنه لن يفارقني حتى يقضي عليّ " (18).
وكذلك قدّر، فقد أخذت صحته في الانهيار حتى وافاه الأجل يوم (25 صفر 1364هـ الموافق لـ 9/ 2/ 1945م)، وشيّعت جنازته من الغد في موكب مهيب بحضور آلاف عديدة من محبّيه وأصدقائه وزملائه وردوا من سائر الجهات، وفي مقدمتهم العلاّمة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى ودفن في مقبرة الميلة، رحمه الله تعالى، ورثاه جمع من أهل العلم والفضل.
الهوامش:
(1) " البصائر " العدد (27) من " السلسة الثانية ".
(2) انظر: مجلة " الثقافة " - العدد (37).
(3) انظر: " البصائر " - العدد (26) من " السلسلة الثانية ".
(4) انظر: " البصائر " - العدد (26).
(5) انظر: مقدمة " تاريخ الجزائر " (1/ 11) بقلم محمد بن مبارك الميلي.
(6) انظر: " البصائر " - العدد (26) " وأثار محمد البشير الإبراهيمي " (3/ 39 - 43).
(7) " البصائر " - العدد (26).
(8) انظر: " صراع بين السنة والبدعة " (2/ 13).
(9) " البصائر " - العدد (26).
(10) ولم يتمه بل توقف عند ابتداء الدور العثماني، ثم أضاف نجله محمد بن مبارك الميلي جزءاً ثالثاً في الدور المذكور، والكتاب يحتاج إلى تكميل.
(11) بتاريخ (15/ 1/ 1347 هـ) من " حصن الماء " - برج الكيفان- حالياً.
(12) مقدمة " تاريخ الجزائر " (1/ 9 - 10).
(13) نشر الفصول الأولى منها في جريدة " البصائر " ثم جمعها فى كتاب، طبع لأول مرة في المطبعة الإسلامية الجزائرية سنة (1937م) ثم أعيد نشره أكثر من مرة.
(14) رسالة " الشرك ومظاهره " [ص:7].
(15) انظر على سبيل المثال الأعداد (7 و 8 و 21 و 28 و 29 و 30 و 31 و 33 و 45 و 48 و 90 و 91 و 93 ... ) من السلسلة الأولى منها.
(16) والنية منعقدة على جمعها في كتاب، فلعلّ الله ييسر ذلك قريباً بمنه وكرمه.
(17) انظر: مجلة " الثقافة "، العدد (37).
(18)انظر: مقدمة " تاريخ الجزائر " (1/ 26 - 27) لمحمد بن مبارك الميلي.
• مصادر ترجمته:
ـ[أولاً: الكتب]ـ.
1 - آثار الشيخ محمد البشير الإبراهيمي: الجزء الثاني " عيون البصائر ":- الشركة الوطنية للنشر والتوزيبع- الجزائر ط 1 سنة 1398هـ - 1978م.
الجزء الثالث:- الشركة الوطنية للنشر والتوزيع- ط 1 سنة 1402هـ - 1981م.
2 - " أعلام الإصلاح في الجزائر ": تأليف محمد علي دبوز. - دار البعث- قسنطينة ط 1 سنه 1398هـ- 1978م
3 - " تاريخ الجزائر في القديم والحديث ": تأليف مبارك بن محمد الميلي.
قدم له نجله: محمد الميلي- طبعة المؤسسة الوطنية للكتاب-
4 - " جمعية العلماءالمسلمين الجزائريين وأثرها الإصلاحي في الجزائر ": إعداد د. أحمد الخطيب. المؤسسة الوطينة للكتاب. ط سنة 1985م.
5 - " رسالة الشرك ومظاهره ": تأليف مبارك بن محمد الميلى. نشر- مكتبة النهضه الجزائرية- ط 2 سنة 1966م.
6 - " شرح الأسئلة الرمضانية ": إعداد موسى الأحمدي نويوات. نشر- الشركة الوطنيه للنشر والتوزيع- الجزائر ط سنة 1982م.
7 - " صراع بين السنة والبدعة ": تأليف أحمد حماني. نشر- دار البعث- قسنطينة ط 1 سنة 1405هـ - 1984م
8 - " معجم أعلام الجزائر من صدر الإسلام حتى العصر الحديث " تأليف عادل نويهض.
9 - " نهضة الأدب المعاصر فى الجزائر (1925 - 1954) ": تأليف د عبدالملك مرتاض. طبع- الشركة الوطينة للنشر والتوزيع- الجزائر ط دون تاريخ.
10 - " نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة ": تأليف محمد على دبوز. - المطبعه العربية - الجزائر ط 1 1389هـ - 1969م
ـ[ثانياً: الجرائد والمجلات]ـ.
1 - جريدة " البصائر ": لسان حال " جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ":
- العدد (26) من " السلسلة الثانية ": عدد خاص بذكرى وفاة الشيخ مبارك الميلي ويتضمن المقالات التاليه:
* مبارك الميلي بقلم محمد البشير الإبراهيمي.
* حياة رجل الإرادة مبارك الميلي بقلم أحمد بوزيد قصيبة.
* مبارك الميلي مؤرخ الجزائر بقلم أحمد توفيق المدني.
* آثار الأستاذ مبارك الميلي في بناء المجتمع الجزائري بقلم علي مرحوم.
* عصامية الشيخ مبارك الميلي رحمه الله بقلم أبي بكر بن بلقاسم الأغواطي.
* الذكرى الأولى لفقيد العلم والدين والعربية والوطن الشيخ مبارك الميلي تقام بالميلية بقلم أبي الأنوار أبي شعيب.
* أعظم بها سيرة (قصيدة) لأحمد سحنون.
- العدد (27) ويتضمن:
* مظاهر العبقرية في الشيخ مبارك بقلم الصادق حماني.
* نظرة في رسالة الشرك ومظاهرة بقلم محمود بوزوزو.
* معالم العظمة في حياة الشيخ مبارك بقلم أحمد بن ذياب.
* أطوار من حياة الشيخ مبارك بقلم عبد الحفيظ الجنان.
* الميلي كمعلم ومدرس بقلم أحمد الغوالمي.
- العدد (28) وفيه:
* من وحي الذكرى (قصيدة) بقلم عمر شكيري.
2 - مجلة " الثقافة ": تصدر عن وزارة الإعلام والثقافة بالجزائر.
- العدد (7): من يكون محمد التهامي شطة؛ بقلم أحمد قصيبة.
- العدد (37): الشيخ مبارك الميلي في ذكرى وفاته الثانية والثلاثين بقلم أحمد بن ذياب.
- العدد (80): من وحي ذكرى مرور أربعة عقود سنوية على وفاة العلامة النابغة الشيخ مبارك الميلي رحمه الله بقلم عبدالرحمن الجيلالي.
- العدد (85): الشرك ومظاهره عند الشيخ مبارك الميلي وشيخ الإسلام ابن تيمية بقلم د. عبداللطيف عبادة.
- العدد (102): المؤرخ الجزائري مبارك الميلي في الصحافة التونسية بقلم د. محمد صالح الجابري.