عبد الحميد بن باديس والكشافة الإسلامية الجزائرية (قسنطينة 1936)
بقلم: أبو منصف-
راودت فكرة التكشيف الشيخ الرئيس سنة 1928 انطلاقا من منطوره الشامل للإصلاح، وزادته زيارته إلى مليانه سنة 931 إيمانا بالفكرة خاصة عندما أعجب بأول فوج كشفي في الجزائر "ابن خلدون" ومؤسسه القائد الصادق الفول رحمه الله 1930 بإيعاز من الشهيد محمّد بوراس، ولم يخف العلامة رغبته في تأسيس أفواج كشفية حين عودته إلى قسنطينة.
نظام العرفاء
وعلى العموم فإن تنظيم ابن باديس لمدارس الجمعية بدءً بمدرسة التريية والتعليم كثيرا ما كان يتقاطع مع التنظيم الكشفي على الخصوص فيما يعرف بنظام العرفاء لتسهيل الإشراف على الطلبة والمحافظة على أخلاقهم وسيرتهم العامة وتوجيههم في تربيتهم وتعليمهم، لذلك أنشأ الشيخ ابن باديس نظام العرفاء. فقسم طلبته حسب المناطق التي جاءوا منها، واختار طالبا من كل جماعة جعله عريفا على طلبة منطقته يضبط أمورهم ويراقب سلوكهم.
ويجتمع مجلس العرفاء مرة في الأسبوع مع الشيخ ليستعرضوا أحوال الطلبة. فيقدم عريف كل منطقة تقريرا عن طلبة منطقته، فإذا كان هنالك ما يخالف حسن السيرة في بعض الطلبة ينظر المجلس في الأمر ويتخذ ما يراه صالحا من التأديب الضروري. ومن أشهر عرفاء الطلبة نذكر الفضيل الورتلاني عل طلبة القبائل، ومحمد الدراجي على بريكة وأولاد دراج، ومحمد الملياني على طلبة عمالتي الجزائر ووهران، وعلي البجاوي على الطلبة الصحراويين، وبلقاسم الزغداني على طلبة عين البيضاء وخنشلة، وعمر دردور على الطلبة الأوراسيين، وإسماعيل حيدوسي على طلبة باتنة وعين التوتة، والمسعود الريفي على طلبة البرج وسطيف، والعربي كبيش على طلبة الميلية وجيجل، والبشير كافي عل الحروش وسكيكدة وعزابة، وصالح اليدري على طلبة ميلة ونواحيها.
وبعد تنظيم التريية والتعليم وجه الشيخ الرئيس انظاره إلى المدرسة الكشفية التي ازدهرت سنة 1936 مع انعقاد المؤتمر الإسلامي وانضواء مؤسسها محمد بوراس تحت ما يسمى شبيبة المؤتمر رفقة الأمين العمودي، ومواضبته الحضور لدروس الجمعية في نادي الترقي بالعاصمة، فظهرت عدة أفواج بقسنطينة بإيعاز من الشيخ الرئيس.
كشافة الوجاء
قام جماعة من شباب قسنطينة يوم 27 ماي 1936 بتأسيس جمعية كشفية تحت اسم فوج الرجاء بتوجيه ومباركة من الشيخ المعلم عبد الحميد بن باديس، تسيره ثلة من أبناء المدرسة الإصلاحية خاصة مدرسة التريية والتعليم الإسلامية. وقد كان مكتب الفوج يتشكل من :
بلعطار محمد: رئيسا
عموشى إبراهيم: نائبا أولا
ابن شعبان مولود: نائبا ثانيا
بلجودي حميدة: نائبا ثالثا
صفا قسي محمد: أمينا عاما
زغدانى بلقاسم: الكاتب العام المساعد 01.
نويوه عزوز: الكاتب العام المساعد 02.
بن تليس محمد: أمينا للمال.
بن ماتي صالح: أمين المال المساعد.
الأعضاء : عوبانى- مداح- معروف- بلعباد- بن مغسولة- بلوطي- دردور- بن عباس.
وحسب التقارير الفرنسية، فإن اثنين وعشرين عضوا في الفوج كانوا ينتمون إلى جمعية العلماء (أعضاء أو خريجي مدارس جمعية العلماء)، وقد كان معظم أعضاء الفوج أعضاء فاعلين في جمعيات رياضية وفنية أخرى مثل بلعطار والعموشي وبن تليس وبلوطي الأعضاء في جمعية أصدقاء الفن التي تأسست في 25 أفريل 1937 قسنطينة.
ولم يمض وقت طويل حتى نال رضى العلماء وجمعيتهم، خاصة عندما نشر محمد العيد آل خليفة نشيدا خاصا بالفوج في جريدة البصائر الغراء:
خضناك للمجد والعلا * يا أرض تباهي على السماء
فنحن كشافة (الرجاء) * ونحن جوابة البلاد
إنا على ربنا اعتمدنا * إنا بتاريخنا اعتددنا
إنا على الناس قبل سدنا * وسيد الناس لا يساد
(سرتا) لنا معقل حصين * ونحن جند لها أمين
(سبرتا) لأبنائنا عرين * وهم ليوث بها شداد
كما ظهر نفس النشيد على صفحات مجلة الشهاب للشيخ ابن باديس، وكان اتخاذ ابن باديس رئيسا شرفيا لفوج الرجاء سببا في التحاق المرشد محمد الصالح رمضان بالفوج الجديد، وتخليه عن الكشافة الفرنسية سنة 1936، وأصبح بذلك أول مرشد لأول فوج ظهر في مدينة ابن باديس.
كشافة الصباح
وبعد فترة وجيزة تأسس في نفس المدينة فوج جديد باسم الصباح، وأعلن ذلك في الصحف ونظم له محمد العيد هو الآخر نشيدا كشفيا خاصا به نشر في البصائر والشهاب، مما جاء فيه:
نحن كشافة (الصباح) المجلى * نحن صبابة الشباب المعلى
يا (صباحا) لنا أغر تولى * قبل هلا تعود من بعد هلا؟
يا (صباحا) لنا من الشرق لاحا * وغزا الغرب أفقه واستباحا
خد ى كنت مغنما ومراحا * ومغازا لنا وأمنا وظلا
نحن أبناؤك الكرام البنوة * نحن فتيانك العظام الفتوة
قد أخذى ض قوة الله قوة * واعتصمنا بالله عز وجلا؟
كان مكتب الفوج يتكون من :
القوادشي محمد: الرئيس.
مرجماق محمد الرحمن: النائب الأول
دردور جمال: النائب الثاني
حاج سعيد شريف: النائب الثالث
صفاقسى صالح: الكاتب العام
بلماتي: الكاتب العام المساعد
بلجودي: أمين المال
دردور: أمين المال المساعد
الأعضاء : بن شعبان - بن عبد العزيز- بن شاريس- بو شجه- بوزيد - سليماني- بشيري.
وقد كان معظم أعضاء فوج الصباح أيضا أعضاء فاعلين في جمعيات سياسية واجتماعية وثقافية، مثل القرادشي الذي كان نائبا ثانيا لحاج سعيد شريف في جمعية « الشباب الفني» للمسرح 1937.
وقد استطاع الإمام ابن باديس أن يدرج الفوجين معا في أشهر أناشيده شعب الجزائر مسلم، بكل ذكاء وفطنة، وفي تورية عجيبة، انبهر لها الأدباء والنقاد، وذلك في احتفال جمعية التربية والتعليم الإسلامية بالمولد النبوي الشريف سنة 1356هـ/1936 م بكلية الشعب:
يا نشء أنت (رجاؤنا) *** وبك (الصباح) قد اقترب.
وقدتم الدمج فيما بعد بين الفوجين في فوج واحد (الرجاء) تلبية لرغبة الشباب القسنطيني الواعي بضرورة الوحدة ولم الشمل في 14 مارس 1937، وأصبح القرادشي محمد رئيسا للفوج الموحد الرجاه.
فوج الإقبال قسنطينة
طبقا لتقرير عمالة قسنطينة رقم 3902 للسادس من أكتوبر1938 فقد ظهر بقسنطينة فوج جديد تحت اسم (فتيان الكشافة المسلمين للمستقبل) الإقبال، الهدف (رياضي مع إمكانية التوسع).
الرئيس: بن شواطي،
نائباه: بن قلاية وعقابو،
الأمين العام ونائبه: بوضياف وبروي.
أمين المال ونائبه: بلوصيف وبن شكال.
الأعضاء:رضوان، بلباشا، غريبي، زواي، بن معيزة، عقون، قيدوم، رقايزي، بلوم، بن قاريش.
كانت هذه الأفواج نواة لأفواج أخرى، كما أكده أمين مكتب قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية بقسنطينة العميد نهال عمور بفضل الدعم الواسع للشيخ ابن باديس لها.
إنها بالفعل مدرسة للوطنية إذ سيتمذهب فيها الشباب على حب الوطن الذين سيكونون فداء له في المستقبل القريب في القطاع القسنطيني، من أمثال زيغود يوسف، وعمار رواق ومسعود بوجريو.
مجلة الإرشاد: العدد 5 شعبان-رمضان 1436 هـ/ماي-جوان 2015 م.