عالم يشير وملك ينفذ
بقلم: محمد الهادي الحسني -
لا أجد ما أَرُدّ به على بعض "الجُهال" إلا مقولة الإمام الشافعي، وهي "لوجادلني مائة عالم لغلبتهم، ولو جادلني جاهل واحد لغلبني". والجاهل في "فقه" الإمام الشافعي ليس هو الأمي الذي "لا يفك الحروف"، ولكنه هو"الأحمق" الذي ربما يملك أرقى الشهادات وأعلاها ولكنه يجادل بالباطل ليدحض به الحق... وهل هناك أكثر حمقا من الصم البكم العمي الذين يجادلون "في الله بغيرعلم، ولا هدى، ولا كتاب منير".
أعود إلى كلمة الإمام الشافعي لأشير إلى بعض "الجهّال" الذين يريدون لـ "غبائهم" وسوء أخلاقهم أن يسيئوا إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وإلى قائديها، وقائدي الصالحين من الجزائريين، الإمامين الجليلين عبد الحميد بن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي، ويختبئون في هذه الإساءة إلى "وطنيّتهم" ليقيسوا عليها وطنية الإمامين، وما "وطنيتهم" إلا "البطن وما حوى" من جميع أنواع الحرام، و"الرأس وما وعى" من جميع أنواع الكذب.. ومما قالوه – وقد قالوا كذبا وزورا – إن جمعية العلماء والإمام الإبراهيمي لم يؤيدا الثورة، إلا في عام 1956، كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذبا"، لأن تأييد الجمعية للثورة كان في الأسبوع الأول لقيامها.. قبل أن يسمع عنها "الراقدون فوق التراب".
الحق ، والحق أقول، إن أول "مخترع" لهذه الكذبة – فيما أعلم – هو الأخ أحمد بن بلة، ثم راح يرددها الذين هم آذان لقرنائهم من الإنس، الذين يستوحون أقوالهم الكاذبة وأعمالهم السيئة من "إمامهم" الذي يراهم هو وقبيله من حيث لا يرونهم.. و"الطيور على أشكالها تقع".
موقف واحد من مواقف الإمام الإبراهيمي في تأييد الثورة، والدعوة إلى مؤازرتها ونصرتها ينسف كل دعاوى المبطلين ويجعلهم أضحوكة حتى للذين لا يعقلون، وهذا الموقف هو رسالة الإمام الإبراهيمي إلى الملك سعود بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية، المؤرخة في 9 يناير 1955. فكيف يصح في الأذهان – يا من ليس لكم عقول – أن يدعو الإمام الإبراهيمي ملكا لمساندة ثورة ومؤازرتها، وهو شخصيا لا يؤمن بها؟
إن هذه الرسالة الدامغة لأباطيل المبطلين، ولدعاوى الضالين، ولأكاذيب المضلين المبلسين تساوي عند كل ذي عينين، وعند كل ذي عقل – ولو كان عدوا – كل جهود أفراد البعثة الخارجية للثورة أفرادا ونفقات.
أشار الإمام الإبراهيمي على الملك سعود أن يكلف رجلين هما أحمد الشقيري وعبد الرحمان عزام، أو أحدهما، بمتابعة قضية الجزائر والدفاع عنها من سفارة السعودية في واشنطن، وقد أجاب الملك دعوة الإمام، فعين المجاهد أحمد الشقيري الفلسطيني ممثلا للمملكة في الأمم المتحدة، وألقى خطبا في الدفاع عن القضية الجزائرية من غرر ما ألقى في الأمم المتحدة من خطب...
وأنا أدعو المسؤلين أن يطلقوا اسمي الملك سعود وأحمد الشقيري على معلمين من معالم الجزائر، فهما أحق بذلك وأولى من (.....).
(أنظر رسالة الإمام إلى الملك في آثار الإبراهيمي. ج5 صص 52.51).