عبد الحميد بن باديس.. رائد الإصلاح في الجزائر
بقلم: عبدلي بوغرارة -
كانت أوضاع الشعب الجزائري إبان الاحتلال الفرنسي سيئة للغاية، وعلى جميع الأصعدة، فقد انتشر الظلم والاستبداد والاستغلال، وانتشر الجهل والأمية .. وعليه فإننا لا نبالغ إذا قلنا أنّ ابن باديس هو ذلك الرجل الذي أرادته العناية الإلهية أن يكون باعثا ومجدّدا لأمتنا أمر دينها ولغتها وهويتها ... أيحقٌ للبيئة أن تحتفل ؟ أيحق ٌللطفولة أن تحتفل ؟ وهل يكون يوم للماء ؟ وعيدٌ للتمرٍ ؟ وآخر للعمال ٍ؟ أو ليس من حق الجزائريين أن يحتفلوا بيوم العلم ؟
من هنا رأت الجزائر أن تخصص يوما كي يحتفل أبناؤها بالعلم، اختارت هذا اليوم الذي يصادف وفاة أحد علمائها الأجلاّء ليتذكر الأبناء هذا الرجل العظيم وما قدمه لهذا الوطن العزيز ويدركون عندئذ أنهم ملزمون بمواصلة المسيرة .. مسيرة العلم التي بدأها هذا الشيخ الجليل عبد الحميد ابن باديس .. فكان ظهور الشيخ في تاريخ الجزائر المعاصر، بعد مضي قرابة مائة سنة على احتلالها، وقد أشرفت على التلاشي والضياع اللذين كنا أشبه بالموت روحيا وفكريا خلال هذه الفترة الزمنية المشحونة بفظائع الاستعمار الفرنسي وآثامه، وضرب الشعب الجزائري في عناصر هويته (تاريخه ولغته ودينه).
كان ابن باديس مجدّدا في ترسيخ العقيدة، باعثا فيها الشعور بالعزة بعد الذّلة، والقوة بعد الضعف، وطهّر عقول بنيها من الخرافة والجمود، وبذر في النفوس بذور الفضائل الإنسانية، ودعا إلى محاربة الرذائل، وكان سبيله إلى كل ذلك علما صحيحا تفانى في بثه، وإيمانا راسخا برسالة هذا العلم " وحسبُهُ من المجد التاريخي أنه أحيى أمة تعاقبت عليها الأحداث والغير؛ ودينا لابَسَتْهُ المُحدثاتُ والبِدَعُ، وتاريخا غطَّى عليه النسيان، ومجدا أضاعه ورثة السوء، وفضائل قتلتها رذائل الغرب".
فابن باديس هو باني النّهضتين العِلمية والفكرية بالجزائر، وواضع أُسسها على صخرة الحق، وقائد زُحُوفِها المُغيرة إلى الغايات العليا، ومربي جيلين على الهداية القرآنية، وغارس بذور الوطنية الصحيحة، ومُلقِن مبادئها .. فهو معلم البيان وفارس المنابر، وهذا محمد العيد آل خليفة يقول فيه:
ودرسُك في التفسير أشهى من الجَنَى * * * * وأبهى من الروض النَّضِيِروأبهـرُ
و قال مفدى زكريا أيضاً:
وفي الدّار جمعية العلماء * * * * تُغذي العقول بوحي السماء
ويعضِد باديس فيها البشر * * * * فتزخرُ بالخُلصِ الأصفياء
وتبنى المدارس عرض البلاد * * * * فيعلى ابن باديس صرح البناء
من حياة ابن باديس:
- كان يشقى ويتعب ولا يكِلُ ..
ـ كان ينتقل من قسنطينة إلى تيزي وزو ممتطيا دراجةً مطاطية مرة تحمله ومرة يحملها من اجل نشر العلم.
ـ نابغة في أصول العلم والدين.
ــ انتشار الزوايا والمدارس القرآنية في منطقة القبائل نتيجة لدوره.
ـ كان كريما حليما :في مرة جاءه محتاج يطلب مالا فلم يجد ابن باديس ما يتصدق به فأعطاه برنوسه .. أخذه المحتاج وأراد أن يبيعه .. إلتقاه رجلان وقالا إنّ هذا البرنوس يليق بمقام الشيخ ابن باديس، فاشترياه وقدماه هدية للإمام ابن باديس .. فعاد إليه برنوسه.
ـ أسس جمعية العلماء المسلمين في 05 ماي 1931 مع رفقاء الدرب أمثال البشير الإبراهيمي.
ـ كانت أنشطته كثيرة ومتنوعة سياسيا ودينيا وتربويا وعلميا.
ـ فصل في عناصر الهوية الوطنية (العربية لغتنا والإسلام ديننا والجزائر وطننا).