حمدان الونيسي العلامة الفقيه
محمد الطيب

حمدان الونيسي العلامة الفقيه

بقلم: محمد الطيب-

الإمام الكاتب المحدث المدرس الفقيه العالم الشيخ محمد بن أحمد بن محمد، من زعماء حركة القومية الإسلامية في الجزائر، ولد بقسنطينة في 1856م (1272هـ)، حفظ القرآن الكريم ودرس اللغة والفقه والتفسير والحديث، علي يد الشيخ عبد القادر بن الشيخ عبد الله، والشيخ المجاوي، ونظرا لقدراته العلمية تم تعينه مدرسا بالجامع الكبير بقسنطينة في جانفي 1881، حيث درس النحو والحساب والأدب العربي والفقه والتوحيد، وإلى جانب العلوم الفقهية، كان شاعرا، مدح الطريقة التيجانية وشيوخها على رأسهم الشيخ الحاج علي التماسيني، وتذكر بعض المصادر أنه كان من أتباعها وقال فيها:

تماسين فخري والتماسيني عمدتي  *   وبرق تماسين مناي ومنيتي

فليتها ترضى والجميع مغاضبي   *   وليتها تحلو كي تزول مرارتي

بجاه التماسيني أفخـم واصل   *   تكون على حب التجاني موتتي

كما يقال أنه كان ناشرا لمبادئ الطريقة في قسنطينة، وقد أخذها عن الشيخ محمد حمة التجاني، وإحدى رسائله له عام 1896 (سلام كعرف المسك تحمله الصبا* لمولى العلا من في تماسين يطير)، وكان حينها مدافعا بقوة عن الإسلام، وتصدى للمبشرين والملاحدة، وحارب المنحرفين والخرافات التي أضرت بالإسلام أنداك، كما وقع على عريضة حول مظالم المستعمر، ونظرا لنشاطه التعليمي والتربوي، ومناهضته للمستدمر، تعرض لمضايقات ومكائد، حيث طرد من التدريس بالجامع الكبير بعد 30 سنة من العطاء، رغم شهادة التقارير له بالنجاح في مهمته "تقرير سان كالبر 1910"، وهو ما دفع به إلى الهجرة مفضلا جوار الرسول الأكرم على جوار المستعمر الغاشم، فتعلل لدى السلطات بأنه يسافر لمعالجة بصره، فهاجر إلى الحجاز، واستقر بالمدينة المنورة، وظل مدرسا بها للحديث النبوي والبيان، وقال عنه أحد طلبته ".. كنا بالحرم النبوي الشريف نحرص على حضور درس الشيخ حمدان مدرس الحديث والبيان"، وقرأ عليه العربي التباني تفسير الجلالين وألفية ابن مالك بشرح ابن عقيل، وقال في تعداد شيوخه قد أخذت العلم تحصيلاً عن جلة من المشايخ أجلهم بالمدينة ثلاثة أولهم، شيخنا العلامة المحقق الونيسي وقد أجازني في الصحاح الست، والموطأ، وكتب الفقه.."، ومن تلامذته كذلك البشير الإبراهيمي، الطيب العقبي، السعيد الورثيلاني، ابن دالي كحول، محمود بن المطماطية، وأكثر ما حفظ ذكراه للناس هو تتلمذ الإمام بن باديس عليه، الذي كان على منهجه المعتدل، وكان له الفضل بعد أن مُنع الأخير من تدريس الحديث، فطلب من شيخه منحه شهادة التطويع، عند زيارته للمدينة المنورة، خوفا من أي تأويلات وجهه وحمله رسالة خطية لمفتي الديار المصرية، يزكيه فيها، طالبا إسعافه بإجازة في الحديث، وكان له ذلك، ومن وصاياه له "أن يقرأ العلم للعلم لا للوظيف ولا للرغيف"، فقد وجههم توجيها علميا أخلاقيا، مما أثر في أراءهم الإصلاحية، ومواقفهم الوطنية، وعاد ابنه محمد الطاهر بعد وفاته إلى قسنطينة وشارك في الحياة الثقافية، إذ كان أحد أصدقاءه الأديب كاتب ياسين أثناء إقامته هناك، وقد تولى أخوه عبود القضاء بعين البيضاء حيث التقى به الشيخ ابن باديس أثناء رحلته بتلك النواحي سنة 1929، ومن مؤلفات الشيخ "القول الحنيف في الرد على من أجاز الفتوى بالقول الضعيف، وفتح اللطيف الخبير في جواز التعزيز بالمال وفيه، الحكرة والتسعير.."، ظل في التدريس والتوجيه حتى وفاته مهاجرا (لاجئا) مجاورا بالمدينة المنورة سنة 1920م (1338 هـ)، عن عمر يناهز 64 سنة، ودفن بمقبرة البقيع، رحمه الله ونفعنا بعلمه وبركاته.

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.