من أعيان بوسعادة: محمد بن خيرة (رحمه الله)
صاحب هذه الصورة الوضيئة.. والحلّة القشيبة.. المتزينُ بأبهى وأجمل لباس..هو السّيد “محمد بن خيرة” المعروف بـ ( محاد بن عطية)، أحد وجهاء بلدة بوسعادة، المنحدر من عائلة أصيلة في تكوينها، أشار إليها النّوي بن الشّابي (رحمه الله) في تقييده حول أسماء العائلات التي عمّرت حومة أولاد عتيق ، فقال: «وعائلة سي ابن خيرة منهم: سي عطية بن الحاج بن خيرة، وأولاده سي محمّد بن عطية ابن خيرة، وإخوانه سي علي وسي بن خيرة».
عُرف عن والده “عطية بن الحاج بن خيرة” أنّه كان وافرَ الثّراء والهيبة، رافلًا في حلل النّعيم، فهو من بيت قديم له حظ من الجاه والعزّ، يملك الكثير من البساتين في بوسعادة وأرض المعذر، فضلا عن البيوت والعقارات، تميّز بيته في أعالي حي العرقوب بهندسته المعمارية الجميلة المستمدة من الطراز العثماني من حيث الشكل والتصميم، «وهو أكبر بيت مساحة في بوسعادة القديمة، وله مدخل من حي أولاد عتيق ويمتد إلى حي (حمام طار) من الجهة الأخرى». كان للشيخ “عطية بن الحاج” علاقات طيبة مع أهالي بلدته، ومساهمة فعّالة في النشاطات الاجتماعية والعلمية، وتذهب بعض الروايات أنّه ساهم مساهمة كبيرة في بناء مسجد الشرفاء، وأوقف له من ماله، ويعتبر من الدّاعمين الأساسيين لثورة “محمد بن شبيرة الشريف” ببوسعادة، أثناء مقاومته للاستعمار الفرنسي سنة 1849م.
توفي «سي عطية بن خيرة» نهاية القرن التاسع عشر، وورث عنه «ابنه محمد بن خيرة» ثروته، واكتسب من خصاله الكثير، فعمّ نواله المحتاجين والفقراء والأيتام والأرامل، «يذكرُ من يعرفونه أن بعض أعيان العروش، كانوا يأتون إليه كل عام ليستعيروا منه ألبسته المطرّزة الفاخرة، ليلبسوها في المناسبات والأفراح، وما يسمى (بالفيشطا)، فيهديها لهم عن طيب خاطر». وعندما نزل الأمير الهاشمي بن عبد القادر ببوسعادة سنة 1894م، واستقر بحي الشرفاء، اِلتفّ حوله أعيان البلدة وطلبة العلم لخدمته ورعاية شؤونه، كان من بينهم الحاج محمد بن خيرة، الذي بنى بيتا بجوار بيت الأمير، «في البستان الذي يسمى (الشعبة)، واستقدم البنائين الإيطاليين لبنائه بطراز معماري عجيب».
توفي الحاج محمد بن خيرة بن عطية سنة 1933م، ودفن قرب ضريح الشّيخ سيّدي “محمد بن إبراهيم” حفيد سليمان بن ربيعة، في المقبرة التي ضمّت رفاة الأمير الهاشمي بن عبد القادر، ودفن فيها الكثير من عائلة بن خيرة. ورث “الحاج محمد” أخواه: (سي علي بن خيرة)، و(سي ابن خيرة بن خيرة)، ولذريتهما نشاط سياسي وثقافي كبير داخل البلدة، نذكر منهم: السيد “محمد بن خيرة بن علي” من الناشطين في العمل الثوري، فكان ضمن اللجنة الثورية التي أسست سنة 1956م ممثلا لحي أولاد عتيق، والتي اجتهد المجاهد “عبد القادر الدلاوي” في اختيار أحسن مناضليها من الأحياء العتيقة، ليكونوا نواة اللّجنة الجديدة المسماة بلجنة الدعاية والأخبار، كما عمل في لجنة ثورية ثانية سنة 1957م، ضمّت الأسماء التالية: عبد الرحمن طرفاية، وإبراهيمي أحمد، والعمري لخضر، ومحمد بن علي بن عيسى، ودحمان بن عيسى، واضح محمد، رابح بومدين، محمد بن عبد الرحيم بن عيسى، وعمار بازة، وخيذري احميدة، وخيري عمر بن مصطفى، وقدور بن مكيدش، وعبد القادر بلقاسمي، وحميدة بسكر، وبن داود عبد العزيز.. وغيرهم.
< p align="justify">ومنهم السّيد “علي بن خيرة” من الناشطين ضمن الحركة الإصلاحية التي عرفتها بوسعادة منتصف القرن العشرين، انضم إلى جمعية العلماء المسلمين، التي كانت تنشط ثقافيا واجتماعيا تحت اسم “جمعية الهداية”، وحسب التقرير الأمني المقدّم من قائد الشرطة الفرنسي (بتاريخ 18 سبتمبر من سنة 1957م)، فإنّ هذه الجمعية في سنة 1951م كان يترأسها السّيد ” طرفاية عبد الرحمن”، ونائبه الأول هو السّيد “ابن خيرة علي بن خيرة”، وهو والد الإمام الشيخ محمد الصغير بن خيرة، وجد الدكتور نجيب بن خيرة.