محمد الشبوكي
بقلم: أبو القاسم سعد الله-
عاش الشبوكي الثورة بكل جوارحه فأوحت إليه بعدد من القصائد التي تفيض فخرا ووطنية، ومنها لبيك يا ثورة الشعب، كما احتفل بميلاد الحكومة المؤقتة بقصيدة أخرى سماها دولة الشعب، وله قصيدة في الشباب والمستقبل، وأناشيد أخرى غير التي ذكرناها(1).
وبعد الاستقلال تولى الشيخ الشبوكي رئاسة بلدية الشريعة، كما تولى وظائف أخرى في الدولة، ولم ينشر شعره في ديوان على حد علمنا، ويبدو أنه مقل في الشعر وزاهد في الشهرة، كما أنه ملتزم بالشعر الوطني(2).
للشبوكي شعره رقيق ينحو منحى الرومانسية ويبعث على التأمل في الحياة والناس، وهو يهتم بالمعاني والجزالة، ويسجل الحدث وما يستبعه من المكان والظروف والنتائج، كما أنه شعر متفائل بالمستقبل، ولا سيما بالشباب والثورة، وإليك أبياتا من قصيدته في الشباب المحب للحرية وإباء الضيم والثورة على القيود:
فهو يبغي الحياة حرا ويأبى ... ذلة العيش تحت عبء القيود
ثائر يملأ الوجود كفاحا ... وينير الحياة بالتجديد
صادح يملأ الفضاء لحونا ... ويهز الحياة بالتغريد
قلبه خافق يؤججه الشعر ... فيهفو إلى جمال الوجود
عزمات الشباب فيض من النـ ... ـور وموج من الكفاح الشديد
يتحدى الأحداث مهما ادلهمت ... ويلاقي الردى بقلب صمود
أما ميلاد الحكومة المؤقتة (1958) فقد استقبله بقصيدة جاء فيها:
فرح القلب بعد طول اكتئاب ... وحداني في الهوى وعاد شبابي
فدعوني لنشوني يا رفاقي ... واعذروني في صبوتي يا صحابي
دولة الشعر يا بشائر فجر ... قدسي بدا وراء السحاب
فارفعي الراية الحبيبة في القطر ... فإنا لنجمها فى ارتقاب
وفي قصيدة (لبيك يا ثورة الشعب) يذكر الشبوكي عددا من الأمكنة التي شهدت أحداث الثورة، فيقول:
لبيك يا ثورة الشعب التي زحفت ... تطهر الأرض من رجس المناوينا
تلك الدماء الزاكيات سقت ... (عدوان والجرف والزرقا ونقرينا)
جادت بها نخبة باعوا نفوسهم ... لله والوطن المحبوب راضينا
دوت بنادقهم ني كل ناحية ... فارتاع من هول لقياهم أعادينا (3)
الشبوكي ونشيد جزائرنا
وحياة الشيخ محمد الشبوكي لم تكتب بتفصيل حتى الآن حسب علمنا.
وتوجد بعض المعلومات عنه في عدة مراجع، منها: حديثه عن نشيد (جزائرنا) في جريدة المجاهد الأسبوعي المنشور في 30 نوفمبر سنة 1979، وأناشيد للوطن للأمين بشيشي.
ولد الشيخ الشبوكي في الثليجات بلدية الشريعة ولاية تبسة سنة 1916، حفظ القرآن العظيم صغيرا وواصل تعليمه في جامع الزيتونة إلى أن حصل على شهادة التطويع سنة 1942، ومنذئذ دخل ميدان التعليم عند جمعية العلماء، كما تولى إدارة المدرسة التي كان يعلم فيها، وفي سنة 1955 انضم إلى للثورة التي كلفته بالتوجيه والإعلام، وقد قبض عليه العدو أوائل السنة الموالية وتنقل على يديه بين عدة معتقلات سجون.
وقد تحدث بنفسه عن ظروف نظمه لنشيد (جزائرنا) في المسرح المشار إليه، وبناء عليه فقد كان قريبا من جبل الجرف الذي وقعت فيه المعركة ورأى الكثير من الجيش الفرنسي الذي جاء لسحق الثوار بعدته وعتاده، ولكن النصر كان حليف الثوار على قلتهم وضعف معداتهم، فكان هذا الانتصار دافعا للشاعر لنظم هذا النشيد الوطني الذي يفيض حماسة واعتزازا، وقد روى أن أحد الثوار اتصل به وطلب منه نظم نشيد يتغنون به في الميدان ويعتزون بمعانيه ولحنه، فسهر ليلته على هذا النشيد الخالد الذي شبه فيه معركة الجرف بمعركة بدر الكبرى.
الهوامش:
(1) أحمد دوغان، شخصيات ... ص 141 - 148.
(2) محمد ناصر، الشعر الجزائري الحديث، ص 679، وقد أشار هذا المرجع أيضا إلى جريدة النصر بتاريخ 16 أكتوبر 1982.
(3) أحمد دوغان، شخصيات .... ص 140 - 141، البيت الأول من قصيدة الحكومة المؤقتة فيه خلل لم نستطع إصلاحه، وعدوان والجرف ونقرين والزرقا أسماء لأماكن في ناحية تبسة، وقد توفي محمد الشبوكي سنة 2005.