التعريف بصحف جمعية العلماء
بقلم: عماد بن عبد السلام-
لقد رغب إليَّ الأخ والصديق بلال بريغت أن أكتب شيئا عن صحف جمعية العلماء التاريخية من باب التذكير بمناسبة اليوم الوطني للصحافة المصادف لـ 22 أكتوبر ، فأجبته لمَ رغب به إليَّ سائلا المولى عزوجل التوفيق.
إذا ذكر ابن باديس ذكرت الجمعية التاريخية، وإذا ذكرت الجمعية ذكر ابن باديس، وكأنهما شيئان متلازمان نطقا وكتابة.
ومن آثار هذه الجمعية الحميدة المباركة : ((بث الوعي واليقضة في الشعب الجزائري حتى أصبح يعرف ماله وما عليه،وإحياء تاريخ الإسلام وأمجاد العرب التي كان الاستعمار يسدّ عليه منافذ شعاعها حتى لا يتسرّب إليه شيء من ذلك الشعاع،وتطهير عقائد الإسلام وعبادته من أوضار الضلال والابتداع،وإبراز فضائل الإسلام التي كان الاستعمار يغطّيها عن قصد لينساها المسلمون على مرّ الزمان بواسطة التجهيل وإنزواء العقل والفكر)). آثار الإبراهيمي 5/287 ،288
بل هذه (الجمعية) الميمونة يرجع الفضل –بعد توفيق الله وعونه- في:((إحياء اللسان العربي والنخوة العربية،وفي إحياء دين الإسلام وتاريخه المشرق،فأعادت لهما سلطانهما على النفوس وتأثيرهما في العقول والأرواح،وشأنهما الأوّل في الاتعاظ والأسوة،فأحيت بذلك طلّة الشعب الجزائري،فعرف نفسه،فاندفع إلى الجهاد يحطم الأغلال،ويطلب بدمه الحياة السعيدة والعيشة الكريمة،ويسعى إلى وصل تاريخه الحاضر بتاريخه الغابر)).المصدر السابق.
كما ينبغي التفريق بين جرائد ابن باديس وهما جريدتان، وجرائد الجمعية أربع جرائد، والتعريف بهما كالتالي:
1/ جـــرائد ابن باديس
1-1/جريـدة المنتقد سنـة 1343هـ/1925م
هي أول صحيفة دعت لتحرير الأمة الجزائرية من ضغط ديوان الصالحين وترهات الصوفيين.
قال ابن باديس:((في يوم النحر من ذي الحجة خاتمة الشهور عام1343هـ برزت جريدة (المنتقد) تحمل فكرة الإصلاح الديني بتنزيه الإسلام عما أحدث فيه المبتدعون وحرّفه الجاهلون وبيانه كما جاء في القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة وعمل السلف الصالح معلنة أن المسلمين بذلك وحدة تصفوا عقائدهم وتزكو نفوسهم وتستقيم أعمالهم...مضت الجريدة على خطتها حتى سقطت في الميدان بقرار تعطيل بعدما برز منها –ثمانية عشر عددا- كانت في بنيان ثمانية عشر سندا)). آثاره 4/352
1-2/جـريـدة الشهـاب
أنشأها ابن باديس في نفس السنة التي تم فيها تعطيل جريدة (المنتقد) شعارها:
(تستطيع الظروف أن تكيفنا ولا تستطيع بإذن الله إتلافنا) كانت (الشهاب) مجلة أسبوعية في أول الأمر وظلت تصدر على هذا النحو مدة أربع سنوات ثم أصبحت تصدر شهريا وذلك راجع لأسباب معينة.
قال الشيخ ابن باديس:((سلخ (الشهاب) زهاء أربع سنوات أسبوعي،وإذ لم يصل إلى غايته كما يجب فقد قام –بأمانة الله- بأعبائها كما يجب فوق المستطاع.
ولقد غالبته الظروف بما لها من قوة وسلطان ولقد قاومها بما له من حق وإيمان ولو حاربته بغير المال لخرج كعادته غالبا منصورا...قد قهرته الظروف فغيرته من صورته الأسبوعية الى هيئته الشهرية ولكنها لن تستطيع–بإذن الله-أن تمس ظميره بسوء... يتقدم (الشهاب) لأنصاره ومريديه في بزته الجديدة مجلة شهرية واعدا إياهم بأن يكون على ما عرفوا منه في دعوة الحق غير مفرط ولا غال)).{الشهاب المجلد الخامس –المقدمة-}.
قال الشاعر محمد البسكري في حق الشهاب:
حيّ(الشهاب)وحي الشيخ باديس***واسأل له الله توفيقا وتأنيس
وقل رعاك الذي أعطاك موهبة *** حزما زعزماز تأليفا وتدريسا
لله دريك يا عبد الحميد لقد *** محوت عن ديننا المحبوب تدنيس
سار الشهاب على رغم الحسود***خُطا يطوي المراحل تأويبا وتغليسا
في بحر خمسة أعوام أنار لنـا***روحا مكهربة أذكت فوانيســـا
رعيا لعيدك عيد الشعب أجمعه***فالشعب أنت وليس الشعب باديس
عاش الشهاب وعاش المصلحون له***ومات مبغضهم في الله تكنيسا.
فلم تتوقف عن الصدور إلا قبيل وفاته،فكانت مقالاته كالصارم المسلول على أهل البدع والباطل من الطرقيين وغيرهم من المنحرفين.
2/جــرائد جمعية العلماء
وهي التي أشرف عليها الشيخ عبد الحميد بن باديس وهي كالتالي:
2-1/ جـريـدة السنة النبوية المحمدية
جريدة أسبوعية، يرأس تحريرها الشيخ العلامة الطيب العقبي والشيخ محمد سعيد الزاهري، صدرت منها (13) عددا من 10أفريل إلى غاية 03 من شهر جويلية سنة 1933م،أي عاشت قرابة ثلاثة أشهر.
2-2/ جـريـدة الشريعة المحمدية
جريدة أسبوعية، يرأس تحريرها الشيخ العلامة الطيب العقبي والشيخ سعيد الزاهري.
صدرت منها (07) أعداد من 17جويلية إلى غاية 28أوت 1933م أي عاشت قرابة شهر ونصف.
2-3/ جـريـدة الصراط السوي
جريدة أسبوعية،يديرها الشيخ عبد الحميد ابن باديس وصاحب امتيازها أحمد بوشمال.
صدرت منها (17) من17 سبتمبر إلى غاية 08 جانفي 1934م أي عاشت حوالي 4 أشهر.
قلت:نلاحظ جهاد علماء الجمعية في نشر الإسلام والذب عنه ففي سنة واحدة أنشئت
(جمعية العلماء) ثلاث جرائد تم إيقافها من طرف المستدمر الطاغي الفرنسي.
2-4/ جـريـدة البصائر
جريدة أسبوعية، صدرت في 27 سبتمبر سنة 1935م كان مديرها ورئيس تحريرها الشيخ الطيب العقبي في السنتين الأوليين وفي سنة 1937م عُين الشيخ مبارك الميلي من المجلس الإداري لجمعية العلماء مديرا ومحررا لها خلفا للشيخ الطيب العقبي وظل الشيخ مبارك مدير ومحرر للبصائر إلى حين إعلان الحرب العالمية الثانية في أوت سنة 1939م،حيث قررت (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) تعطيل صحفها واجتماعاتها باختيارها حتى لا تتعرض للضغوطات والمساومات فكان هذا أقصى رد على الحكومة الفرنسية التي كانت تطمع في تأيدها، واستغلال (جمعية العلماء) وصحافتها ومحبيها ضد دول المحور من جهة،وتحفيز الشعب، ثم البصائر بعد الحرب العالمية الثانية عادة انطلاقتها سنة 1947م برئاسة الشيخ البشير الإبراهيمي إلى أن توقفت بعد اندلاع الثورة التحريرية سنة 1956.