جمعية العلماء المسلمين الجزائريين حاضرًا وماضيًا ومستقبلاً
بقلم: الشيخ محمد الأكحل شرفاء-
في منتهى القرن الماضي الميلادي احتفل الجيش الفرنسي الاستعماري وكافة الشخصيات في دولة فرنسا المستعمِرة بمرور قرن على احتلال الجزائر، وأعلنوا أنّ هذا البلد أصبح جزء من فرنسا وراء البحار، وأنّ كلّ مقوماته من دين ولغة وأرض قد أصبحت فرنسية، بدينه المسيحي، ولغته الفرنسية، وأرضه جزء من فرنسا، وفي نفس اللحظة أعلنت ثلة من علماء الجزائر يقودها الإمام عبد الحميد بن باديس إنشاء منظمة أعلنت أنّ دين الجزائر هو الإسلام وأنّ لغتها العربية، وأنّ وطنها بكافة حدوده البرية والبحرية جزائري لا علاقة له بفرنسا، ولن تكون ملحقة بفرنسا أبدًا.
فوضعت هذه المنظمة لنفسها أسسا قامت عليها، وهي الدعوة إلى الإسلام بإحياء مبادئه والاهتداء بمصادره، أساسها الإسلام دينا والعربية لغة، والجزائر وطنا، فأسست لذلك المدارس الحرّة لتعليم الطفولة والنوادي لتوعية الشباب والمساجد الحرّة لتوعية الجماهير، وحاربت ما كان يسود البلاد من تخريف وتجديف، وعادت بها إلى مصادرها الصحيحة، فتصدى رئيسها ورائدها عبد الحميد بن باديس لبناء الشباب فكوّن جيشًا من الدعاة والمجاهدين لتحرير البلاد بالإسلام، وبَعَثَ روح العزّة والكرامة في نفوس الشعب، وناضل مع الصفوف الحركة الوطنية لمطالبة المحتَّل بالاعتراف بحقوق المواطنين وإعادة كرامتهم وعزّتهم وإخراجهم من العبودية والتّبعيّة.
وعند قيام الاستقلال عادت الجمعية إلى العمل واستعادة الأمجاد التي حققتها قبل الاستقلال، فساهمت في الكفاح الوطني لاستعادة السيادة الوطنية بكلّ ما أوتيت من قوّة بوسائلها التي تملكها كعلماء وأدباء، وكتاب ووعاظ وخطباء.
وندّدت بكلّ محاولات سلخ الجزائر عن شخصيتها فأعادت الاعتبار للغة الأمّة التي هي لغة القرآن، ودينها وتاريخها الماجد المليء بالبطولات.
فانتشر أعضاؤها في أنحاء الوطن يبعثون عزّة الأمّة ويحيون أمجاده، ويكافحون الاستلاب الغربي الذي يستهدف الإسلام ولغته ومثله ومبادئه، ويعيدون للأمّة اعتزازها بشخصيتها القائمة عبر الأجيال، وأنّها لن تنسلخ عن قيّمها ولن تخضع للهيمنة والاستعباد.
إنّ الأمة في الجزائر بحاجة إلى جمعية العلماء لأنّها أهم الهيئات التي تجسِّد شخصية الجزائر وتحافظ على كيانها في المحيط الوطني والمجال العلمي وهي الهيئة التي نجدها واقفة مندِّدة بكلّ محاولات نسخ هوية الأمّة وطمس معالمها، وواجب الشعب أن يساندها في مواقفها المشرِّفة لصالح أمتها في المشرق والمغرب، ولصالح الوطن الجزائر وأمّة الإسلام والعربية، وهي الهيأة المؤهلة للقيام بهذا الواجب، ولا يوجد لها من يحلّ محلّها ولذا فواجب على الشعب الجزائري أن يساندها قولا وفعلا، وبكافة الجهود.
والله وليّ التوفيق والسداد.