حوار مع الشّيخ مُحَمَّد مشفر رئيس الرابطة الوطنية للقرآن الكريم التونسية: الشيخ أحمد حماني -رحمه الله – كان من المؤسسين للرابطة العلمية الإسلامية للقراء والمجودين
حاوره: عبد المالك حداد -
هو أحد أشهر قراء القرآن الكريم في تونس، الشّيخ مُحَمَّد مشفر رئيس الرابطة الوطنية للقرآن الكريم التونسية، وكذلك هو رئيس لجمعية قرطاج للقرآن الكريم، وإمام خطيب بجامع شارع قرطاج، يشرف على عدة برامج دينية عبر القنوات التونسية، وعلى تعليم أحكام القرآن وتلاوته عبر أمواج إذاعة الزّيتونة، خص البصائر بهذا الحوار وعرفنا على رحلته مع القرآن الكريم وإشرافه على تعليم أحكامه ونشاط الرابطة محليا وعالميا..
بداية الشّيخ مُحَمَّد مشفر كيف كانت مع القرآن الكريم؟
رحلتي مع القرآن بدأت في سن مبكر في الكتاب، وفي رحاب جامع صاحب الطابع حفظت القرآن الكريم على يد الشّيخ الخطوي دغمان، ثم التحقت بمدرسة النخلة وهي مدرسة عريقة قراء فيها كبار العلماء حتى من الخارج، أكبر مفسر من الجزائر الشّيخ ابن باديس مر بهذه المدرسة، تعلمت فيها أصول القراءات السبعة، كما درست على البقية الباقية من جامع الزّيتونة المعمور أذكر منهم الشّيخ عبد الرحمن ظريف، والّشيخ عثمان العياري، والشّيخ مُحَمَّد الطاهر القماطي الذي عاش قرابة مائة سنة وهو من العلماء الأبرار الذين درسوا مباشرة على الشّيخ المصلح سالم بوحاجب وعلى الشّيخ مُحَمَّد النّخلي القيرواني شيخ العلاّمة ابن باديس.
فيما تتميز خصوصية القارئ التونسي للقرآن الكريم؟
تكمن الخصوصية في السند الذي يعتبر من أعلى الأسانيد في العالم الإسلامي، فكل من قرأ ودرس العلم الشرعي من العلماء الأبرار في أحد الجوامع المشهورة كجامع الزيتونة، فسندهم متصل بالنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، ونحن نعمل على إبراز هذه الأسانيد التي وجدنها في تونس العزيزة، حيث يوجد أكثر من 22 سند، هي من أعلى الأسانيد في القرارات وكذلك في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والبقية الباقية، والحمد لله كتبت لنا الأسانيد بأيديهم، ومن جملتهم من كتب الشّيخ علي الصالح وهو شيخ من شيوخنا من نفطة القريبة من الحدود مع واد سوف، وقرأ هو أيضا على مشايخ من واد سوف وهو سند من أعلى الأسانيد، وتنعمنا بسند العلاّمة الشّيخ ابن باديس الذي كتبه له بيديه الشّيخ الزيتوني عمر السيناوني وهو صاحب عديد المؤلفات الجليلة ومن أجلها كتاب الكواكب الذرية في إعراب الشاطبية، وله بحوث وشروح على متون الحديث وهذه نعمة من نعم الله، وهذا ما يؤكد أن هذا البلد له ارتباط كبير بالجزائر، ويكفي أن الحزب الدستوري القديم أسسه شيخ زيتوني تونسي من أصول جزائرية هو عبد العزيز الثعالبي.
تشرفونا على الرابطة الوطنية للقرآن الكريم في تونس، ما الدور المنوط لها وأهدافها وتطلعاتها؟
تشرف الرابطة على 24 جمعية جهوية أي في كل ولاية جمعية، وتحت هذه الجمعيات ما يقارب اليوم من 600 جمعية محلية، ونحن بإذن الله نسعى إلى ترسيخ القانون الأساسي للرابطة، وهو التمسك بالقرآن العظيم عملا وتلاوة، ونشر الرحمة حتى تنعم تونس العزيزة بالرخاء والسعادة والبعد عن الوقوع في المكاره على وقع ما يحدث في العالم من تقلبات وتحولات، فنسأل الله العلي العظيم لتونس والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا وجميع أنحاء العالم الإسلامي الهدوء والتمسك بهذه الرحمة حتى يرحمنا الله سبحانه وتعالى، وقد وعدنا في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء"، فلا بد أن ننعم بالرحمة حتى نلقى ربنا سبحانه وتعالى وهو يرحمنا في الدنيا وفي القبر والآخرة. هذا وننظم سنويا مسابقة لحفظ القرآن الكريم، أخرها الدورة الـ47 لعام 2015 باسم الشيخ عبد العزيز الزواري، وهو من الشمال التونسي وقريب من الجزائر والشّيخ قرأ على الشيخ البالطي وهو من أكبر شيوخ جامع الزيتونة المعمور في مادة القراءات، وقد تميزت الدورة بمشاركة ما يزيد عن 1713 متسابق.
تحقق بتونس تأسيس الرابطة العلمية الإسلامية للقراء والمجودين، ذكرنا بهذا الحدث التاريخي؟
تأسست الرابطة العلمية الإسلامية للقراء والمجودين بتونس في يوم السبت 10 ربيع الأنوار 1398 ﻫ الموافق لـ18 فيفري 1978 م، وفي السجل كما أطلعتم عليه أول بلد ساهم في تأسيسها هو الجزائر من ضمن 17 ممثل عن مختلف أقطار العالم الإسلامي وعن الجهات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وقد ترأس وفد الجزائر الشيخ أحمد حماني رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر آنذاك ورفقه كل من مُحَمَّد كتو (مكلف بالشؤون الدينية بالإذاعة والتلفزة الجزائرية) ومُحَمَّد عبد القادر برنيس (قارئ)، والسجل كتب بخط الشيخ مُحَمَّد الهادي بلحاج الذي كان أمين مال هذه الرابطة. وكان الهدف من تأسيس الرابطة العالمية إثراء البحوث والدراسات في علم القراءات وجمع الشمل في الاختلاف البسيطة كمخرج الجيم والبحث في صوت الضاد، ثم لربط الصلة بين العالم الإسلامي في هذا المجال كما جاء في السجل.
كلمة لقراء البصائر ومحبيكم في الجزائر.
أمرنا الله بالتمسك بكتابه العزيز حتى نسعد في الدنيا والآخرة، تلاوة وعملا وفهما، فهذا المغزى العظيم متجلى في قوله تعالى: "قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ"، من هو هذا النور، هو سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، فعلينا التمسك به والإقتداء بسنته، ومن فضائله صلى الله عليه وسلم وهو في قبره يعيننا بإذن الله على العديد من الأمور، ففي صحيح مسلم: "تعرض عليا أعمالكم فما وجدت منها من خير حمدت الله وما وجدت غيرها استغفرت لكم الله"، فهو صلى الله عليه وسلم يستغفر للأمة إلى يوم يبعثون، لذلك أنصح نفسي وأبنائي في تونس والجزائر أن يتمسكوا بالقرآن العظيم، ومن لم يحفظ القرآن، يشرع في الحفظ فإن الله سيعينه، وأن لا يستعجل ولا يكثر على نفسه من حفظ عديد الآيات، بل يكفي في ذلك القليل والمواصلة والمواظبة، فهو بذلك يصل إلى أعلى الدرجات في الحفظ في الحياة الدنيا وبعد الممات إن شاء الله. وأحب أن أقول أن الشعب الجزائري عرف برواية ورش من طريق الأزرق ومن طريق الأصبهاني، وطبع بالجزائر الحمد لله مصحف برواية ورش من طريق الأصبهاني. ونحن ندعو دائما للجزائر، ونقول ربي يحفظ الجزائر لأن بحفظها بإذن الله المغرب العربي محفوظ، وحبنا للجزائر من قديم الزمان، ويكفي أنه عديد من الوطنيين الجزائريين درسوا بجامع الزيتونة، ومن جملتهم المصلح الكبير الإسلامي الشّيخ عبد الحميد بن باديس فهو من خرجي الجامع قرأ وأقرأ فيه، أي تخرج من يد علماء الزيتونة وتخرج على يديه أفذاذ من تونس.