نوميديا نيوز تزور بيت العلم إحياءً ليوم العلم:شقيق الشيخ عبد الحميد بن باديس يكشف صفحات خفية عن العلامة
-حاوره: منصور. ص و ع
بهدف إبراز جوانب خفية من حياة العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس التقت "نوميديا نيوز" بالأستاذ عبد الحق بن باديس الشقيق الأصغر للعلامة والذي يبلغ الآن 92 عاما، وكانت لنا معه هذه الدردشة.
يقال أن والدكم هو الذي شجّع الإمام عبد الحميد للقيام بأمر الدعوة، كيف ذلك؟
نعم هذا صحيح، فالوالد رحمه الله، وبحكم مكانته الاجتماعية والمالية المرموقة آنذاك، استطاع حماية شقيقي الإمام والذود عنه، وأدخله المدارس العربية واختار له طريق العلم، فحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ "المداسي" ثم قدمه الوالد للشيخ "حمدان لونسي" ليتعلم منه العلوم الشرعية الأخرى، ثم إلى جامع الزيتونة بتونس ليكمل تعليمه ودراسته هناك، وبعد أن عاد إلى قسنطينة عزم على التدريس بالجامع الكبير لكن "المفتي الرسمي" منعه من ذلك، فتوجه "عبد الحميد" إلى الوالد طالبا منه مساعدته على التدريس بالجامع الكبير، وهكذا استعمل الوالد نفوذه في تلك الفترة وسُمِحَ لعبد الحميد بالتدريس، وكانت هذه هي الضربة القاضية للإدارة الاستعمارية.
وكيف كانت علاقته مع أعضاء جمعية العلماء؟
علاقته بإخوانه -أعضاء جمعية العلماء- كانت علاقة ودّ واحترام وتبادل حر للآراء بدون أي ضغط أو جبر، وهنا أذكر أنه حينما قامت الحرب العالمية الثانية أراد بعض أعضاء الجمعية أن يرسلوا بطاقة مساندة وتأييد لفرنسا كما قام بذلك عدد كبير من الجمعيات الجزائرية الناشطة آنذاك، ومن بين هؤلاء الذين كانوا يريدون إرسال بطاقات المساندة لفرنسا الشيخ الطيب العقبي، فأجابه الشيخ عبد الحميد بأن "جمعية العلماء لم نُؤسَّس على التملّق وتُشل هذه اليد قبل أن تمضي على برقية مثل هذه."
ما هي هوايات الشيخ عبد الحميد ابن باديس.. وأكله.. وملبسه ؟
يحب التنزّه في جبل الوحش والمريج وهي مناطق ساحرة ويفضلّها ابن باديس حيث كان يأخذ معه إخوته الصغار، فبينما هم يلعبون الكرة يغرق هو في قراءة كتاب "العُروة الوثقى" لجمال الدين الأفغاني، كما كان يتوجه رفقة إخوته إلى مسبح سيدي مسيد "جاف حاليا".. وأحيانا يكتري (فيلا) في نواحي بلكور العاصمة ليقضي بها أياما رفقة العائلة، وأذكر أنه لم يدخل ملعب كرة القدم رغم أنه شارك في إنشاء نادي مولودية قسنطينة واختار له اللون الأبيض، وكان الإمام لا يلبس إلا ما نسج من الصوف، فبرنوسه من الصوف وجواربه من الصوف، أما الأكل فكان يأكل مثلما نأكل غير أن ملعقته كانت من الخشب، وصحنه من الطين.
وما حقيقة الصراع بينه وبين أصحاب الزوايا؟
كان الصراع بينه وبين أصحاب الزوايا المنحرفة والتي تدعو إلى ضلال السبيل والتي تحرِّف شرع الله الحنيف، أما الزوايا التي كانت تقوم بتحفيظ القرآن وتعليمه وتوجيه الناس فلم يكن بينها وبين الإمام أي عداوة تُذكر، بل يكنّ لها احتراما كبيرا لتوسعها في تعليم القرآن والذود عن الدين.
وماذا عن قضية محاولة اغتياله من طرف إحدى الزوايا؟
كان هذا سنة 1925 من طرف الزوايا العلوية بمستغانم، والتي أرسلت اثنين من مريديها لاغتيال الإمام، وهنا أود أن أذكر شيئا، وهو أن شقيقي عفا عن الشخص الذي أراد قتله، وقال أمام الشرطة الفرنسية أنه يجب محاكمة الأيادي التي قامت بتسليحه "يقصد فرنسا طبعا"، وكتب مقالا في جريدة الشهاب عنونه بـ "أريد حياته ويريد قتلي".
وماذا عن بعض الجوانب في حياة الإمام والتي قيل فيها الكثير مثل سبب وفاته... زواجه... وغيرها؟
أود أن أؤكد هنا أن شقيقي الإمام لم يمت مسموما كما روّجت لذلك بعض الكتابات، وإنما كان سبب وفاته الإرهاق والتعب الشديدين، وبخصوص زواجه فالإمام عبد الحميد تزوّج وأنجب ولدا توفي وهو في الـ 18 من عمره.
خصوصيات مجهولة
- كان إخوته ينادونه سيدي وكان هو ينادي والده "سيدي" بينما يناديه والده "الشيخ" وفي غيابه يناديه إخوته "سيدي حامد".
- صادف وفاة ابن باديس تواجد البشير الإبراهيمي في المنفى بتلمسان، لهذا تكفّل مبارك الميلي بمراسيم التأبين.
- لا توجد أي صورة تلفزيونية للشيخ عبد الحميد، ما عدا بعض الثواني المصوّرة، وهو يشارك جمعية العلماء في افتتاح دار الحديث بتلمسان.
- ستة دقائق هي مدة الفيلم الموجود في الأرشيف، والذي يصوّر مراسم تشييع جثمان الشيخ.
- لم يحدث وأن عانى عبد الحميد من أي مرض وحتى من أي ألم أثناء وهَنِه الأخير، لكن التعب هو سبب وفاته المبكّر، حيث وصل به الحال لأن يقدم في اليوم 14 درسا من الفجر إلى العشاء.
- كان يمتلك بطاقة التنقّل التي يشترك فيها بدفعه 13 ألف فرنك قديم، تسمح له بالتنقل نحو العاصمة.
- ربّى الشيخ عبد الحميد مرة (غزالتين) في بيته.
- كان ينوي إرسال بعثة من الفتيات للدراسة بالمشرق، لكن أمنيته لم تتحقق، أولا: لقيام الحرب العالمية الثانية وثانيا: لوفاته.
- من بين أشياء بن باديس التي مازالت موجودة "قشابية وبطانية" التي كان يستعملها ومحفظة تحصّل عليها هدية عام 1937 إبان حفل افتتاح دار الحديث بتلمسان، وجهاز المذياع.. إضافة إلى مصحف استقدمه من البقاع المقدسة ورافقه إلى غاية آخر أيام عمره.. ليقرر شقيقه عبد الحق منذ ستة سنوات إهداءه إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
كلمتك الأخيرة: نحلم بمتحف يضم مؤلفات ومقتنيات العلامة
إن الإمام عبد الحميد ترك إرثا حضاريا كبيرا، أحق أن يقتدى ويعمل به، وما هذه الاحتفالات في ربوع الجزائر الزاهرة إلا دليل على عظمة مكانة هذا الرجل، ونحلم بـ "متحف" يضم أشياء وخصوصيات الشيخ عبد الحميد.
مكتب نوميديا نيوز-قسنطينة-