علي شنتير الأستاذ الشيخ الفقيه
بقلم: محمد الطيب-
الشيخ علي بن محمد الطيب بن علي بن سعيد بن قاسي بن علي، ولد في بوجليل ببجاية في 19 جانفي 1916 (1336هـ)، تلقن العلم ومبادئ الدين وحفظ القرآن عن أبيه الشيخ محمد الطيب الذي كان معلما بمدرسة سيدي عبد الرحمن بجبال تيزي وزو، ثم انتقل إلى قسنطينة وتعلم العلم على يد الإمام بن باديس، الذي وجهه إلى تونس لإكمال دروسه والتفقه في الدين بجامع الزيتونة.
بعد عودته من تونس علّم في مدارس جمعية العلماء، منها مدرسة عين البيضاء وجيجل وبجاية التي سجن فيها في مظاهرة 8 ماي 1945، وبعد خروجه من السجن انتقل إلي مركز جمعية العلماء بالجزائر، التي كان عضوا بها واشتغل هناك إلى سنة 1950، حيث عين مديرا بمدرسة "الرشيدية" بشرشال، رغم الظروف أدارها بجد ونظام وكانت له دروس كثيفة وناجحة في الوعظ والإرشاد بالنادي ودروس للعامة، فقد تزوج هناك في 1953 وأنجب 5 أطفال كلهم متعلمون، وله أجمل الذكريات بالمدينة التي مكث بها 13 سنة.
أما أثناء الثورة عمل مع جبهة التحرير الوطني سريا وإسمه الحركي "سي الهاشمي"، كما عين قاضي الجبهة في العام الأخير من الثورة التحريرية، غداة الاستقلال في 1963 عين إماما بجامع شرشال، ثم عين سنة 1964 إماما بجامع "بدر" بالبليدة، وفي 1965 عاد إلى التعليم الذي يفضله لما له أثر في تربية الناشئة فألتحق بثانوية "الفتح" بالبليدة إلى غاية عام 1973، حيث طلبته وزارة الشؤون الدينية إلى منصب نائب رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، بالإضافة إلى مهامه كان يتجول بين الولايات لإلقاء محاضرات ودروس دينية وإصلاحية لمختلف الفئات الاجتماعية خاصة منها الشباب، وقد نالت إعجابهم وردت على اجتياحاتهم الدينية والدنيوية، تكاثر الجموع حول مداخلاته القيمة، فطلبه التلفزيون الجزائري ليقدم أحاديث دينية أسبوعيا وذلك منذ عام 1974، وكانت له دروس صباحية بالإذاعة الوطنية القناة القبائلية إلى سنة 1993، وقد استفادت البلاد من تلامذته بعد الاستقلال في التعليم والإدارة وفي قطاعات أخرى حساسة ساهمت في البناء، ومنهم من أتم دروسه الجامعية في تخصصات مختلفة، والبعض استشهد في سبيل تحرير الوطن.
كان طول مساره يحب العلم والعلماء ويسعى في نشر الدين والخير والعمل الصالح، لينا حنونا وبشوشا، لكنه شديد الغضب عندما يرى الاعوجاج، ويقول الحق ولا يخاف لومة لائم، واصل نشاطه في التوجيه والوعظ والدعوة إلى أن أقعده المرض فألزمته الفراش حتى وفاته في 23 جانفي 1996 (رمضان 1416هـ)، وعمره 80 سنة، ودفن في مسقط رأسه ببوجليل. ترك أثرا طيبا في محيطه وأينما حل، في تواضع العالم الصالح الموجه، أخلاق ومكارم بساطة في الطرح والتوضيح، سميت عليه مدارس قرأنية ومتقنة، جعل كل من يعرفه يكِنُ له الاحترام والتقدير، رحمه الله.