الدّكتور محمّد قنطاري ومسؤوليّة كتابة التّاريخ
بقلم: إبراهيم بن ساسي-
ولد الدّكتور محمّد قنطاري ببلديّة الألف شهيد بولاية تلمسان في أسرة مجاهدة في شهر مارس 1956م.
ترك الدّراسة والتحق بالثّورة المسلّحة.
عمل محافظا سيّاسيّا وعضوا بالمنطقة الأولى للولاية الثّوريّة الخامسة.
درس بالجزائر والمغرب ومصر وفرنسا فنال شهادة الباكالوريا وشهادة اللّيسانس في التّاريخ والقانون.
كما نال دبلوم الدّراسات المعمّقة والعليا في التّاريخ العسكري وكذا المنازعات الدّوليّة والقانونيّة.
اشتغل بالبحث والدّراسة مدّة عشر سنوات بفرنسا [1980 -1990م] فحصل على دكتوراه دولة من جامعة مونبلي الفرنسيّة ببحث موسوم بالتّنظيم السّيّاسي والإداري والعسكري للثّورة الجزائريّة من [ 1954 إلى 1962 م ].
مختصّ في التّاريخ العسكري والدّراسات الإستراتيجيّة.
حاضر في العديد من الجامعات والمعاهد المدنيّة والعسكريّة والمؤتمرات الإقليميّة والدّوليّة.
من مؤلّفاته المطبوعة:
من ملاحم المرأة الجزائريّة في الثّورة وجرائم الاستعمار.
تلمسان خلال ثورة التّحرير.
وهران خلال ثورة التّحرير.
من بطولات المرأة الجزائريّة في الثّورة.
التّنظيم السّيّاسي والإداري والعسكري للثّورة الجزائريّة باللغة الفرنسيّة في جزأين.
أنتج عديد الأفلام الوثائقيّة والقصص والنّصوص عن الثّورة ورجالها.
له عدّة مخطوطات ومكتبة ثريّة قل أن توجد مثيلاتها في الجزائر قاطبة، بها أرشيف من عتاد وصور ووثائق وبحوث وكتب مختلفة لها علاقة بتاريخ المقاومة وأحداث الثّورة الجزائريّة المسلّحة.
أكرمني الله بالتّعرّف عليه، فقد دلّني عليه أخي أحمد العالم نجل شيخنا محمد باي بلعالم باعتباره أحد أصدقائه المقرّبين منه، إذ حدّثني عنه حديث العارف به القريب منه، فكانت منه الشّهادات النّادرة عن الشّيخ باي رحمه الله، وكنت كلّما حللت بوهران أتّصل به إلى أن كتب الله لي زيّارته عشيّة 16 جويلية سنة 2017 م صحبة إخواني قويدر بلمير ورشيد حمدات من ورقلة وأخي الحاج محمد حماز من مدينة وهران، وهناك أتيح لي أن أتعرّف على كنز من كنوز جزائرنا، إذ ألفيته شخصيّة جامعة بين العلم والثّقافة وتجارب الحياة، ملمّا بتاريخ الجزائر، له علاقة بصنّاع القرار قبل وبعد الاستقلال وهو الّذي ساير أحداث الثّورة وما بعدها، شخصيّة هادئة متواضعة ولطيفة، يحدّثك عن الثّورة وتضحيات الشّهداء والمجاهدين بتأثّر بالغ، يحاول كلّ مرّة أن يربط سامعه بتواريخ الأحداث والظروف المحيطة بها في عبارات سلسلة لا تكلُّف فيها، حين دخلت بيته العامر خلته جناحا من أجنة متحف نادر، إذ جمع فيه الكتب والمجلات والمعدّات الحربيّة من أسلحة وعتاد ووسائل إعلاميّة عتيقة وعشرات الصّوّر التي تبرز جهده وجهاده وتحرّكاته الميدانيّة ولقاءاته بقادة الثّورة وكبار الشّهداء والمجاهدين وقادة العالم، وأفلام ثوريّة كتب نصوصها وأشرف على تصويرها هي اليوم أرشيف طيّب يكلّل أرشيف ومفاخر الثّورة الجزائريّة المجيدة، حين سألته عن أهمّيّة الكتابة التّاريخيّة تنهّد وقال:[ حين تفقد الأمم والشّعوب ذاكرتها ومقوّماتها الشّخصيّة والوطنيّة، وتتنكّر لعظمائها ورجالها تحت الأرض وفوق الأرض ماذا تنتظر منها إلاّ أن تُذلّ وتُهـان، على كلّ باحث وكاتب ومؤرّخ أن يتحلّى بالصّدق والنّزاهة وروح المسؤوليّة، فلا ينحاز لجهة دون أخرى ولا لبطل على حساب بطل، ولسان حاله يقول:” أُوّحّد ولا أفرّق، أجمع ولا أُشتّت، أبني ولا أهدم” فلابدّ من مراعاة الوحدة الوطنيّة والشّعبيّة والقبليّة والعشائريّة، وهذا الذي نجحت به ثورة التّحرير الكبرى فأعطت الأمثلة الرّائدة في التّعارف والمؤاخاة والتّكافل والصّبر، وهي سمات ما أحوجنا لها اليوم لنبني بها وطننا الجزائـري العزيز!].
لك الله يا سي الحاج محمّد قنطاري! لا فضّ فـوك ولا شُلّت يمناك، وتقبّل الله منك هذا العطاء المميّز، فعلا…لقد أصبت المرمى بتوجيهات سديدة ونصائح مفيدة، فالتّاريخ ذاكرة الأمم والشّعوب، لذا وجب أن ينبري لكتابته ثلّة من الباحثين والأكاديميين الصّادقين الّذين لا يعطوا للحبّة ما للقبّة ــــــ تهويلا ــــــ ولا للقبّة ما للحبّةــــــ تهوينا ــــــ بل وجب أن يكون اليراع صادقا يتحرّى الحقيقة وينشدها ويجلّيها، فما أكثرهم أولئك الأبطال الّذين طُمست حقوقهم بل ولحقهم أذى الافتراءات والإشاعات! وما أكثرهم أولئك الّذين صنعوا تاريخهم بالكذب والزّور والبهتان! ولكن هيهات هيهات… وهل تخفى على الله خافيّة!؟
وواجب المؤرّخين اليوم أن يركّزوا على الصّفحات المضيئة من تاريخنا بما يجمع الأمة علة الحبّ والتّعاون والوحدة وجمع الشّمل، فالّذي يجمعنا فيها أكثر ممّا يفرّقنا وصدق من قال:( الجزائر حرّرها جميع المخلصين ويبنيها جميع المخلصين).
فاللّهمّ اجعلنا سواعد للبناء، وصلّ اللّهمّ وسلّم على صفوة الرّسل والأنبياء وآله وصحبه ومن والاه.