المفكر الموريتاني خليل النحوي: تراث ابن باديس والإبراهيمي بحاجة إلى مزيد من العناية

حاورته: عتيقة مغوفل

اعتبر المفكر الموريتاني الشيخ الدكتور خليل النحوي، رئيس مؤسس لرابطة الأدباء الموريتانيين وأمين عام مساعد لاتحاد الصحفيين العرب، في هذا الحوار الذي جمعه بـ (أخبار اليوم) على هامش مشاركته في ملتقى الشيخين الذي نظمته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قبل أيام أن نضال عبد الحميد ابن باديس والبشير الإبراهيمي الفكري كان عظيما، داعيا إلى مزيد من العناية بتراث الشيخين الراحلين· ورأى النحوي، من جانب آخر، أن الربيع العربي لم يكن مبنيا على منهج محمدي صحيح·

* ما هو تقييمكم شيخ للملتقى المنظم من قبل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين؟

*** هذا الملتقى مأدبة علمية فاخرة فيها ما لذ وطاب من الطيبات من الرزق المعنوي الكثير علما وفكرا، ومن جوانب اللافتة في هذا الملتقى أنه جمع أعلاما من أبناء الجزائر وعلماء من البلدان الأخرى، اجتمعوا كلهم على تدارس ذكر هذين الشيخين وتراثهما، كل نظر إليهما من جانب واستخلصوا أفكارا مهمة تساعد في إعادة قراءة هذا الذكر وفي توظيفه في واقعنا المعاصر من أجل ما ينفع الناس في كل الأرض، إلى حد الآن المحاضرات والبحوث التي قدمت وعلى ما وقع فيها مما هو طبيعي ومن الاختلاف عنه لا فيه حسب تعبير الإمام (علي) كرم اللّه وجهه، اختلاف العلماء وتبادل وتعدد وتنوع الاجتهادات والقراءات فلا كله كان رمزا لثراء هذا الملتقى وكان مؤشرا لنجاحه لأن العبرة ليست فقد بأن نكرر نفس النغمة، لكن أن تتناغم النغمات والأصوات والأصداء المختلفة لتشكل في مجموعها لوحة سمعية بصرية إن شئنا متعة تنهب فكر الإنسان وتغريه التحرك بطريق الصحيح، وأعتقد أن الملتقى ماض على هذا النهج السوي·

* لو نتكلم سيدي عن دور الشيخين عبد الحميد ابن باديس والبشير الإبراهيمي وانعكاس نهضتهما على المغرب العربي ككل···

*** نعم، هذا هو موضوع هذا الملتقى، لا شك أن هذين الشيخين كان لهما أثر عظيم في مسيرة الجزائر التحررية من الاستعمار الذي استخدم سلاحا كان ماضيا كان الكتاب والقلم فيه أمضى من السيف، على رأي الشاعر (السيف أصدق إنباء من الكتب)، ليس بالضرورة هناك قلم، أحيانا هزم القلم السيف، كان نضالهما من هذا الباب نضالا حميدا· هنالك جوانب لتراث الشيخين تحتاج إلى أن تحظى بمزيد من العناية والرعاية، وهي كل تلك الجوانب التي تؤكد دعوتهما لما يجمع شمل الأمة لما يوحد صفوفها لما يرأب صدوعها، هذه جوانب من فكر الشيخين، غير أن جوانب أخرى وظفت بقصد صالح فيما يتعلق بنهجهما الإصلاحي، لكنها توظف أحيانا فيما لا يخدم مقاصدهما العليا التي هي مقاصد الشرع من وحدة الأمة وتنزيل أخوتهما المقررة ربانيا في النص المحكم {إنما المؤمنون إخوة} تنزيلها في أرض الواقع، وفتح ورشة كما يقال اليوم واسعة يتعاون فيها المسلمون بمشاربهم وبمذاهبهم مهما اختلفت من أجل ثوابتهم منطلقاتهم الواحدة وغايتهم الواحدة وفي تراث الشيخين الكثير مما يخدم هذه المسألة·

* ما هو انطباعكم حول جمعية العلماء المسلمين؟

*** هي رباط عظيم لمجموعة من الرابطين المكافحين، وقد قلت آنفا وأعيد تأكيدها إننا لسنا أحوج إلى السيف منا إلى القلم في معاركنا الحضارية، بل إن معاركنا الحضارية الكبرى وخصوصا تلك التي استطعنا فيها أن نسجل أهدافا شهد عليها التاريخ استطعنا فيها أن نرفع رايات النصر، معاركنا الكبرى كانت معارك للقلم للكلمة الطيبة للقدوة الحسنة ولم تكن بالسلاح الخشن الذي استعمل في مواقف دفاعية بالدرجة الأولى استعمل للذين يقاتلون وفي قراءتهم يقاتلون بأنهم ظلموا وأن اللّه نال فيهم تقدير المعركة المظفرة التي خضناها عبر تاريخ الأمة، كانت معركة الكلمة الطيبة معركة الأسوة والقدوة الحسنة، وفي هذا النطاق يتنزل دور جمعية العلماء إنها الجيش العرمرم المظفر الذي يحمل الحدود الواسعة التي لا تقف عند نقاط التفتيش والمراقبة في هذه الحدود الطارئة العارضة، بل هي حدود الثقافة وحدود العقيدة وحدود الفكر حدود الرسالة وما يجمع الأمة هو ما يجمع اليوم الليل والنهار، فجمعية العلماء المسلمين زغر متقدم في هذه المعركة الحضارية، خصوصا في الظروف السياسية، بالعموم وبالمطلق جمعية العلماء المسلمين يمكن لها أن تكون قلاعا للمقاومة وأن تكون حصانا للمقاومة وعوامل مساعدة نستطيع أن نخوض بها معارك مظفرة بأقل قدر ممكن من الخسائر·

* بما أنكم تتكلمون عن المعارك والمقاومات ما هي نظرتكم إلى الربيع العربي الذي شهدته العديد من الأقطار العربية؟

*** أنا لا أود أن أكون دائما أسيرا للحظة العابرة لأنها لحظة تأسر الكثيرين، فهي تضع على عيونهم غشاوة في لحظة عابرة من النشوة تجعلهم يظنون أنه الخير كله، وفي لحظة غضب يصبح الإنسان يشعر بأن الأمر شر كله، أنا لا أعتقد أن هذه اللحظة العابرة كلها ينبغي أن لا تأسرنا ويجب المرور إلى الأفق البعيد، فبالنسبة لي من الأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها هذه الثورات أنها حادت عن النهج المحمدي، أقصد به (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، وأقصد به اليوم يوم المرحمة لا يوم الملحمة، وهو نهج طي صفحة الماضي والاشتغال بالمستقبل وعدم الوقوع في أسر لحظات ضيقة عابرة تجعل الإنسان أسفل السافلين في وقت يحتاج فيه إلى التقدم وإلى أن ينطلق لأن خللا ما حصل ولو هذا الخلل لكان هناك خير، ونرجو أن يكون هناك بذور خير تنبت وتؤتي أكلها ولو بعد حين، ونحن اليوم نعمل من أجل إعادة الوحدة والأمن والاستقرار إلى الضمائر والقلوب التي تنعكس على سلوك الناس وهي تصلح من أعمالهم، فإذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد، نحن بحاجة إلى ثورة عميقة ولا تكون سطحية تهدم الأشياء دون أن تبنيها، فنحن نحتاج إلى منهج والذي لم يكن حاضرا بما فيه الكفاية في الثورات في مختلف الأقطار العربية·

 

عن جريدة أخبار اليوم

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.