الإمام المربي والباحث المصلح... في ذكرى وفاة الشيخ علي مغربي (1915- 1999)
الأخضر رحموني

الإمام المربي والباحث المصلح… في ذكرى وفاة الشيخ علي مغربي (1915- 1999)

بقلم : الأخضر رحموني

في السادس جانفي من سنة 1999 فقدت الجزائر أحد علمائها العاملين، والرئيس الرابع لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، إنه العلامة المربي الشيخ علي مغربي.

وبمناسبة حلول الذكرى 23 لوفاته، وتخليدا لروح هذه الشخصية العلمية التي وهبت حياتها لتثقيف الشعب، ونشر العلم، وترسيخ مبادئ الإصلاح الخالدة التي قامت عليها الحركة التنويرية من أجل الدفاع عن اللغة العربية والإسلام، واستعادة الأصالة الجزائرية و تحريرها من الهيمنة و الاحتلال، نقف وقفة ترحم وإجلال لهذا العالم الجليل الذي فقدته الجزائر مع كوكبة من النجوم الساطعة التي تهاوت من سماء الثقافة الجزائرية في نفس الفترة الزمنية، و هي في أمس الحاجة الى جميع أبنائها المخلصين .

بلدة فرفار و أعلامها :

المرحوم علي مغربي من مواليد بلدة فرفار التابعة إداريا الى بلدية طولقة، تبعد عن مدينة بسكرة مقر الولاية بحوالي ثلاثين كلم، تتوسط رحبة ليشانة ورحبة طولقة. وهي من قرى الزاب الغربي التي يضم كلا من بوشقرون و ليشانة وطولقة وبرج بن عزوز وفوغالة. يقول عنها المؤرخ عبد الرحمان بن خلدون ( و بلدة فرفار بلدة اختطها يعقوب بن علي أمير الذواودة و رياح ،و فجر فيها المياه ،و أنشأ فيها بساتين النخيل و الأشجار، واتخذها مشتى للعرب الهلاليين من قومه ) ،و من نفس البلدة بزغ نجم أحد أعمدة رجالات الإصلاح في الجزائر الشيخ محمد خير الدين رحمه الله ، كما انتسب الى موكب العلم و الإصلاح من الزاب الغربي رجال أخلصوا في عملهم ،و وهبوا حياتهم لخدمة الدعوة الإصلاحية منهم: الشيخ فرحات بن الدراجي والشيخ علي بن عمارة البرجي  والشيخ عبد الله بن المبروك والشيخ إدريس لعجال والشيخ بشير العلوي الذي كان ينشر مقالاته في الشهاب ،و يصفه الشيخ ابن باديس بـ- الشاب الأديب والكاتب الفنان، والشاعر المربي أحمد سحنون .

المولد والنشأة :

ولد الشيخ علي مغربي سنة 1915 حسب شهادة ميلاده، وهناك من يرجح ولادته سنة 1913، وهو من أسرة فلاحية تعتمد على تجارة التمور، وقد كان والده الشيخ السعدي رجلا صالحا رزقه الله من الذرية العدد الوفير، فقد رزقه الله بأربعة عشر ولدا من بينهم طفلة واحدة. وأمه هي السيدة الفاضلة قيصران حدة، وهو ابنها الثاني من بين خمسة أولاد.

تتلمذ في كتّاب البلدة ككل إخوته و أبناء أعمامه على آخيه الأكبر الحاج السعيد وعمه الشيخ عمر، ولنبوغه المبكر وامتيازه بذاكرة قوية استطاع ختم القرآن الكريم وعمره تسع سنوات وثمانية أشهر.

بعدها تابع دراسة اللغة والنحو، إضافة الى العلوم الشرعية، كما حفظ طائفة من المتون .

السفر الى جامع الزيتونة ونشاطه به :

بعد اشتداد عوده سافر الى تونس في شهر سبتمبر عام 1926 لينتسب الى جامع الزيتونة المعمور بصحبة ابن عم له كان قد سبقه في الدراسة هناك وهو الأستاذ عبد القادر المغربي.

في هذا الجو الطلابي الجديد شارك مترجمنا في العديد من النشاطات الطلابية حتى كلف بالاتصال بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي تأسست في 05 ماي 1931، فكان همزة وصل بين الطلبة ورجال الجمعية، خاصة وأن مدينة قسنطينة كانت طريقه الى مدينة بسكرة من تونس. فكان يتوقف بها بعض الوقت ليجتمع بالتلاميذ الأوائل للأستاذ عبد الحميد بن باديس من أمثال: محمد العابد الجلالي والفضيل الورتلاني ومحمد الغسيري .

وعن جو الدراسة بتونس في تلك المرحلة سجلت لنا الثمرة الثانية و هي النشرة السنوية لجمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين الصادرة لسنة 1947-1948  ما يلي (إن البعوث الأولية على قلة أفرادها، لم تجد ما يشجعها التشجيع كله على التمادي في الأخذ من مناهل العلم والارتواء من حياضه، فتبرمت مما تجده من الصعوبات، وما يواجهها من العقبات، وأظهرت من الشكوى ما كان ملفتا للأنظار، وصادف أن زار الشيخ محمد البشير الإبراهيمي تونس فوجد هؤلاء الطلبة في بلبلة باعثها العوز، فاجتمع به الإخوان مع بعض العمال الجزائريين بجامع في حي الحجامين، وقد أشار عليهم الأستاذ الإبراهيمي بالكتابة في الصحافة التونسية إظهارا لما يكابدونه من أتعاب وأوصاف، وقد تولى هاته المهمة أحد الطلبة، ومن هنا ابتدأ إطار الطلبة يتكون، ووحدتهم تتقوى وتشتد ،فأصبحوا يكونون الاجتماعات الخاصة، ويشاركون كطلبة لهم وحدة أدبية في الاجتماعات العامة التي تعقدها الجمعيات المحلية، وقد استمروا على هذه الحال من غير أن يكون لهم كيان قانوني وجمعية رسمية حتى سنة 1934، فأعلنوا عن رسمية هذه الجمعية بعدما قضت سنتين في التمهيد) .

وقد انتخب الشيخ علي مغربي سنة 1933 أمينا عاما للخلية الأولى لجمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين، والتي كانت تضم : البحاثة المهدي بوعبدلي والشاعر الحفناوي هالي والأستاذ عبد الغني بن محمد بن رابح  والشيخ عبد المجيد حيرش  وأبو بكر الأغواطي وغيرهم …

العودة إلى مسقط الرأس :

بعد تخرجه من جامع الزيتونة متحصلا على شهادة التطويع سنة 1935، وقد احتل المرتبة الأولى من بين 180  طالبا مشاركا في تلك السنة، كما كان الجزائري الوحيد الذي يتحصل على هذه الرتبة، رجع الى بلدة فرفار فاشتغل بالفلاحة والتجارة مع إخوته، خاصة و أنه فقد والده أثناء الدراسة .

وفي الوقت نفسه انبرى للتدريس المسجدي تطوعا. مما جعل نجمه يسطع، بالموازاة مع اتساع دائرة نشاطاته.

جمع سجل مؤتمر جمعية العلماء:

حيث كلف من طرف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمساعدة أمين مال الجمعية الشيخ مبارك بن محمد الميلي في التنظيم المالي، كما كلف بإلقاء كلمة في مؤتمر الجمعية السنوي المنعقد بنادي الترقي بالجزائر العاصمة في الفترة ما بين 16- 19 جمادي الثاني 1345 الموافق لـ15- 18 سبتمبر 1935 .

وقد تحدث فيه عن شباب الجزائر من الناحية العلمية، ومما جاء في كلمته قوله :

(ما دار بخلدي يوما أن أكون من خطباء هذا اليوم المبارك، وأن أقف هذا الموقف العظيم بين هؤلاء الأسود الضراغم، وأنا ما زلت لم أبلغ أشدي، ولم يشتد ساعدي، ولكن الذي جرأني على هذا علمي إني شبل لهؤلاء الأسود، لذلك تراني واقفا وقفة ابن بار بين يدي والده الحنون ليؤدي له واجب الإجلال والاحترام) .

وبطلب من الشيخ الإبراهيمي جمع مادة الاجتماع العام لجمعية العلماء المسلمين من خطب وقصائد وتقارير ألقيت في المؤتمر، بالإضافة الى صور العلماء المتدخلين. وقد جمعت في كتاب (سجل مؤتمر جمعية العلماء) الصادر سنة 1935 بالمطبعة الجزائرية الإسلامية. وبدار الكتب سنة 1936، وقد أعيد طبعه سنة 1982 .

في المدرسة الرشيدية بشرشال :

بقي ببلدة فرفار حوالي عامين، قضاهما في تعليم الناشئة حتى سنة 1937 ،حيث انتقل الى مدينة شرشال لإدارة شؤون المدرسة الرشيدية بها، وقد حضر حفل تدشينها مجموعة من أعضاء جمعية العلماء منهم: الشيخ فرحات بن الدراجي والشاعر محمد العيد آل خليفة مدير مدرسة الشبيبة الإسلامية الذي ألقى قصيدة بالمناسبة.

لكن بسبب المضايقات التي تعرض إليها من طرف أعوان الاستعمار، خاصة محافظ الشرطة الذي اتهمه بإرسال حوالة الى طلبة الجامع الأخضر بقسنطينة، غادر شرشال سنة 1939 نحو الجزائر العاصمة، وكان يوم رحيله يوما مشهودا، ثم رجع الى بسكرة ومنها الى مسقط رأسه ليختفي عن الأنظار مدة .

في شعبة جمعية العلماء ببسكرة :

في بسكرة أنشأ مع مجموعة من مثقفيها و أدبائها الذين رجعوا إليها بعد اندلاع الحرب الكونية الثانية (نادي الفكر والأدب)، وقد ضم كلا من: حمزة بوكوشة وفرحات بن الدراجي ونعيم النعيمي والحفناوي هالي ومحمد الهادي السنوسي وعلي مرحوم  وغيرهم.. وقد نشّط هذا النادي عدة ندوات فكرية ولقاءات أدبية .

وعند تجديد الشعبة الإدارية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ببسكرة في 04 جانفي 1944 اقترح الشيخ علي مغربي ليكون ممثلا لبلدة فرفار في شعبة بسكرة الشاملة. وكانت الشعبة تضم عدة وجوه منها: محمد خير الدين ومحمد بن العابد الجلالي ونعيم النعيمي وعبد الرحمان بركات وغيرهم …

نشاطه في العاصمة :

في أواخر سنة 1944 انتقل الى مدينة غيلزان ليدير مدرستها الحرة، ويشرف على الحركة الإصلاحية بالناحية الغربية .

لكن بعد انفجار أحداث 08 ماي 1945 واعتقال رجال الجمعية خاصة الشيوخ: محمد البشير الإبراهيمي والعربي التبسي ومحمد خير الدين كلف بمعية فرحات بن الدراجي وحمزة بوكوشة بالإشراف على تسيير مكتب جمعية العلماء بالعاصمة، وكذا الاتصال بالصحافة .

في مدرسة التربية والتعليم ببسكرة :

بقي متنقلا بين العاصمة وبسكرة حتى دشنت مدرسة التربية والتعليم ببسكرة سنة 1949 فعين للتدريس بها، ثم إدارتها في سنة 1952. ومن الأساتذة الذين درسوا بهذه المدرسة العريقة في تلك الفترة الزاهرة الأساتذة: محمد العابد الجلالي- أحمد الطيب معاش – محمد الشريف بلال القنطري-  بلقاسم القماري – محمد الصادق مراوي – محمد مغزي بخوش -عبد الله حمودة – محمد الصالح بن مدور الغسيري – بلقاسم بن عمار ميموني- سليمان الصيد. فكان فقيدنا مربيا مثاليا وناشرا للروح الوطنية في النشء.

بعد تأسيس الجبهة الجزائرية للدفاع عن الحرية واحترامها في 05 أوت 1951 والتي كانت تضم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وحركة الانتصار للحريات الديمقراطية والاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري والحزب الشيوعي الجزائري مثل علي مغربي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في خلية مدينة بسكرة .

في شهر أوت وسبتمبر سنة 1954 انتدب من طرف جمعية العلماء للسفر والعمل لفائدتها المالية والأدبية، وقد كلف بالمدن التالية : سكيكدة – عزابة- الحروش -القل -تمالوس -شلغوم العيد -عين القشرة- سيدي مزغيش -زيغود يوسف .

كما كان ينتدب للقيام بمهمة إلقاء الدروس والمواعظ في مساجد بسكرة خلال شهر رمضان العظيم

الإبتلاءات في الثورة التحريرية:

بعد اندلاع الثورة التحريرية المباركة، ألقي عليه القبض سنة 1957 بمدينة بسكرة، لكن إرادة الله جعلت له مخرجا، وأفرج عنه، فارتحل إلى العاصمة، غير أنه ألقي عليه القبض مرة ثانية سنة 1958، ومكث مدة ثمانية أيام بسجن الحراش بسبب نشاطه السياسي، وقد أعلمني مرّة أنه كان ينقل المراسلات بين الشاعر الشهيد الربيع بوشامة و العقيد عميروش .

أعماله بعد الاستقلال :

بعد الاستقلال شارك الشيخ علي مغربي مع زملائه الحفناوي هالي وإبراهيم مزهودي في وضع قانون وزارة الأوقاف، ثم اضطلع بمهمة التدريس بمدرسة عبان رمضان، ثم بثانوية الأمير عبد القادر بالعاصمة، إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1973 .

بعد تأسيس المجلس الإسلامي الأعلى سنة 1966، عين عضوا به، غير أنه انسحب منه سنة 1968. ثم انضم إليه من جديد سنة 1981 ليعين به كأمين مال.

في سنة 1975 عين رئيسا لوفد لجنة الحج، كما عين سنة 1976 عضوا في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وعضوا ضمن لجنة الأعياد والأهلة، وكان يرأس اللجنة والوفد الجزائري فيها .

في سنة 1979 كان له شرف عضوية لجنة إعداد قانون الأسرة، وقد دافع مع زملائه على قيم الأمة الحضارية، وإعطاء المرأة حقها الشرعي المنصوص عليه في الكتاب العزيز و السنة النبوية الشريفة .

بعد عودة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى الساحة الجزائرية بعد المصادقة على قانون الجمعيات، عين سنة 1991 عضوا في المكتب الإداري للجمعية برئاسة الشيخ أحمد حماني . وبعد وفاة هذا الأخير في 29 يونيو 1998 خلفه في رئاستها لفترة محدودة .

رحلاته :

قام المرحوم علي مغربي بعدة رحلات رسمية للدول العربية والإسلامية مثل فيها الجزائر خير تمثيل، وأبرز دورها الرائد ومساهمتها الفعالة في نشر الحضارة الإسلامية، كزيارته الى الجمهوريات الإسلامية بروسيا مثل أذربيدجان وسمرقند، وكذا السعودية والكويت وأندونيسيا .

نشاطه العلمي ووفاته :

واصل الخطابة وإلقاء الدروس تطوعا في مسجد الشيخ عبد الحميد بن باديس بالعاصمة، حيث كان من المساهمين في تحويل مبنى الثكنة القديمة الى مسجد. وكان أحد المواظبين على حضور ملتقيات التعرف على الفكر الإسلامي. كما كان يشارك في مختلف النشاطات التاريخية والدينية حتى التحق بالرفيق الأعلى يوم 19 رمضان 1419 هـ الموافق لـ06 جانفي 1999 م بعد مرض مفاجئ، وهو في أوج البذل والعطاء. ودفن بمقبرة العالية، وأبنه زميله سماحة الشيخ عبد الرحمان شيبان بكلمة مرتجلة، وهو الذي خلفه في رئاسة جمعية العلماء بعد الوفاة .

في رثاء الشيخ علي مغربي :

رثاه شعرا صديقه في التعليم بمدرسة التربية و التعليم ببسكرة الشاعر أحمد الطيب معاش  بقصيدة تحت عنوان ( قصيدتان واحدة للموت و الأخرى للحياة ) نشرت في جريدة – النصر – ليوم 20 مارس 1999 منها قوله :

يا شمس إن شئت أشرقي أو فاغربي

فالموت أطفأ نور آل (المغربي)

والعلم يندب عالما متضلعا

والدين أسوان بفقد مغيب

(جمعية العلماء) تنعي ابنها

وفقيدها للشرق أو للمغرب

ومضى (علي) قرير عين تاركا

آثاره، حتى و لو لم تكتب

يا أيها الشيخ الجليل تركتنا

في ليلة القدر التي لم تحسب

فاهنأ بغفوة مقلة و منية

وارحل ، فإني لاحق بك يا أبي .

الدعوة الى توثيق الأحداث :

لم أجد أمامي ما يساعدني على إثراء ترجمة الشيخ علي مغربي سوى كلمة موجزة بعنوان (شريط الذكريات) مسجلة بصوت الفقيد. وقد أذيعت في وقت سابق عبر أمواج القناة الأولى، بالإضافة الى ما أعرفه شخصيا من معلومات عن الفقيد. وإذا كان الجزائريون قد اشتهروا بالذاكرة الشفوية وعدم اكتراثهم بتسجيل تراثهم، وتدوين مذكراتهم وتقييد تواريخه، فإن اللوم الأكبر يقع على عاتق إطارات جمعية العلماء الذين يملكون القلم واللسان والبيان، ويختزنون رصيدا هاما من المعلومات التي تتعلق بتاريخ الجزائر الماجد، ورجالاتها الصناديد، ونهيب بهم الى تدوينها حتى تبقى كتاباتهم مرجعا يعود إليه الباحث المدقق. وهي دعوة مفتوحة للكتابة والتسجيل .

أما الشيخ علي مغربي فقد كنا نحاول جاهدين جمع آثاره وتسجيل مذكراته، ولو عن طريق الأشرطة، لكنه كان يمانع في كل مرة، ويرد علينا (سأحقق طلبكم بكتابة مذكراتي بالتفصيل). وقد حاولت مع صديقي الأستاذ أحمد بن السائح إجراء لقاء صحفي معه لكنه رفض بإصرار .

وعلى الرغم من أنه كان مشاركا في رئاسة تحرير صحيفة – البصائر – في سلسلتها الثالثة التي صدر العدد الأول منها بتاريخ 21 ماي 1992، إلا أنني وأنا أقلب صفحات أعدادها الستة والعشرين لم أعثر على أي مقال بتوقيعه الرسمي، وهو ما يؤسف له حقا. وقد يكون نشر باسم مستعار مثل (أبو صهيب) .

الحضور الدائم في الفعاليات الثقافية :

الشيخ علي مغربي كان حاضرا بجسده وبلسانه وفكره في أغلب الملتقيات التي احتضنتها مدينة بسكرة بدار الثقافة أحمد رضا حوحو، كما كان ينشط في فعاليات المركز الثقافي الإسلامي بحديقة 05 جويلية المعروفة بجنان البايلك، وفي مسجد سيدي عقبة خلال ملتقى الأيام الدراسية للفتوحات الإسلامية في المغرب العربي، وفي طولقة في ملتقى  الشخصيات النضالية والعلمية، اكتشفنا خلالها أن فقيدنا باحث حصيف في تاريخ المنطقة و أعلامها، كما أنه شاعر يملك ديوانا شعريا يضم قصائده التي كتبها في مناسبات خالدة، ومن بينها قصيدة سجلها بمناسبة الاحتفال الذي شهدته مدينة مدوكال يوم 19 أفريل 1962 احتفاء بقرار وقف إطلاق النار.

قصيدته (ماذا يقول القلم) :

يقول ( عندما وصلت الى مدينة مدوكال مع المدعوين من العاصمة وقت صلاة العصر و كان من بينهم الشاعر أحمد سحنون، دخلت مسجدا صغيرا ففوجئت أنه ممتلئ بالشباب الحي الذي خاض الثورة وهو بلباسه العسكري، وكان منهم تلامذتي فلم أدر – يعلم الله – كيف أصبحت حالتي فكبرت، وأعدت التكبيرة، وحضرني مطلع القصيدة (الله أكبر ماذا يكتب القلم). وبعد الصلاة أخذت ورقة وكتبت هذه القطعة الشعرية التي ألقيتها في الحفل بحضور جمع من العلماء وجنود وإطارات الولاية السادسة)، منها ما يلي من النسخة الخطية التي أحتفظ بها  :

الله أكبر ماذا يكتب القلم

عن ثورة مجدتها العرب والعجم

عن ثورة نبعت في أرض معركة

فزلزلت عرش جبارين قد ظلموا

وأثبتت لبني الدنيا بأن لنا

حق الحياة كريما ما به وصم

بوركت يا جيش كم أديت من عجب

وكم أطحت عروشا أسها ظلم

أزلت عن أمة ذلا ومسغبة

ونغمة صبها الباغون إذ حكموا

شعب الجزائر يا خير الشعوب فدى

لك الهناء بجيش كله شمم

لك الهناء بنصر أنت صانعه

والنصر تصنعه من عزمها الأمم .

هذه نقاط مضيئة من حياة الشيخ الجليل علي مغربي، على أمل نفض الغبار عن صفحات أخرى خالدة ومجهولة من حياته وآثاره المخطوطة ككتابه عن الشيخ عبد الرحمان الأخضري، ونشاطه المتميز في حقل التربية والإصلاح، حتى يكسر جدار التجاهل واللامبالاة المضروب بقوة حول رجال المبادئ السامية والمواقف الشجاعة .

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.