علجية بن علاق أول جزائرية حازت شهادة دكتوراه في الطب
بقلم: محمد الطيب-
ولدت علجية بن علاق نور الدين بقرية ايت حلي بإرجن بتيزي وزو، في28 جوان 1919، درست بمسقط رأسها وبتيزي وزو، ثم واصلت دراستها بالعاصمة حيث ألتحقت بجامعة الجزائر في تخصصها المفضل العلوم الطبية.
لعب والدها دورا كبيرا في دعمها رغم الظروف لتحقيق أمنيتها، درست في تحدي وتميز حتى تحصلها على دكتوراه في الطب عام 1946 في زمن كانت فيه الجزائر مستعمرة فرنسية، وكان التعليم العالي مقتصراً على الأوروبيين وحفنة قليلة فقط من أبناء الجزائريين، وهي المرأة الجزائرية الأولى التي نالت شهادة جامعية في الاختصاص آنذاك، بعدها مارست وتمرست في اختصاصها، وبعد الاستقلال كانت من الأوائل الذين ساهموا في وضع الأرضية لميدان حساس ومهم للدولة الجزائرية والتي خرجت من الاحتلال منهكة القوى على مختلف المستويات منها الجانب الصحي.
علجية كانت من بين الذين أسسوا لبرامج العلوم الطبية والصحة العمومية، وفي سنة 1964 أشرفت على مصلحة طب الأطفال بالمركز الاستشفائي الجامعي نفيسة حمود (بارني سابقا)، حيث عملت على تشييدها وتنظيمها، وبالإضافة إلى مصلحة طب الأطفال ساهمت البروفيسور بفضل جديتها وصرامتها في الرفع من مستوى الطب الجزائري علما وعملا، وهي أول استاذة طب أطفال رئيسة مصلحة بعد الاستقلال، حيث تخرج على يدها المئات من الأطباء اليوم متميزون داخليا وخارجيا منهم البروفيسور الوزير السابق المرحوم يحي قيدوم، وبالرغم من صعوبة مزاولة الدراسات في الطب التي كانت تنحصر على الطلبة الأوروبيين فقط إلا أن هذه المرأة أضحت عميدة ليس بين الجزائريات فحسب، وإنما حتى الغربيات لخوض هذا المشوار المهني، ورمزا للمرأة القوية المثابرة التي تحدت الواقع المتخلف، الذي كان آنذاك ينظر للمرأة العاملة نظرة احتقار، وواصلت التحدي وتغيير تلك العادات الهدامة للطموحات والتقاليد المعرقلة للنجاحات، وبمساعدة والدها الذي وفر لها الشروط رغم الظروف، ومن خلال كتاب عن سيرتها الذاتية الصادر في 2007 عن دار النشر (القصبة) "le devoir d’espérance"، كشفت عن موهبة أخرى متمثلة في فن الكتابة، من خلال تكريم مؤثر لأبيها المرحوم، الذي تعبر له عن امتنانها لتلقيها تعليما في فترة كانت تتميز بالاستعمار، حيث كان الدخول إلى المدرسة جد محصور.
وقد تميزت بصرامتها وهي تعمل بمصلحة طب الأطفال التي أشرفت عليها عدة سنوات مما جعلها إمرأة ذات مشوار مهني فذ، وفي أفريل 1982 تم انتخابها كعضو مراسل أجنبي بالأكاديمية الوطنية للطب الفرنسي، وواصلت مشوارها المهني الطبي الإستثنائي حتى إحالتها على التقاعد في 1989 بعد 43 سنة من العطاء والتفاني في العمل، غادرت الجزائر لتعيش إلى جانب ابنتها بسوريا منذ وفاة زوجها، وظلت هناك حتى وفاتها في 31 ديسمبر 2015 بسوريا، عن عمر يناهز 96 سنة، وبالنظر إلى الوضع الأمني السائد هناك، لم يتسن دفن المرحومة بأرض أجدادها وفقا لرغبتها ولا حتى نقل جثمانها إلى الجزائر.
تكريما لها ولمسارها قام المركز الاستشفائي الجامعي نفيسة حمود في جانفي 2016 بتكريم الطبيبة الجزائرية المرحومة وتمت مراسم الترحم على روح الفقيدة بحضور وزير الصحة والوزراء السابقين بالقطاع، وتحدث عدد ممن عرفوها عن جديتها وتفانيها في عملها وعشقها لمهنتها طيلة 43 عاماً من العطاء، يرحمها الله.