استذكار مناقب وخصال العالم المجاهد أحمد حماني في ندوة تاريخية بالمجلس الإسلامي الأعلى
بقلم: حكيم مالك-
احتضن مقر المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر العاصمة ندوة تاريخية حول “العالم المجاهد : أحمد حماني …المسار الاجتهادي والجهد التعليمي” والتي عرفت مشاركة شخصيات وطنية كالشيخ أبو عبد الله غلام الله والمؤرخ عبد المجيد شيخي والأستاذ والمجاهد محمد الصغير بن لعلام، والمجاهد عبد الكريم عبادة والدكتور نور الدين حمادي وغيرهم.
الشيخ أبو عبد الله غلام الله: حماني اشتهر بوطنيته وجعل العلم في خدمة الجزائر
وقال رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ أبو عبد الله غلام الله عن الراحل الشيخ أحمد حماني أنه شيخ مبجل الذي اشتهر بوطنيته وجعل العلم في خدمة الوطن ولم يستغل العلم لأغراض تجارية وإنما كان يريد أن يكون العلم في خدمة الجزائر لبناء الوطن وأن يسخر الناس وقتهم وجهدهم لخدمة بلدهم ، حيث أن حماني لم يكن يريد لشخصه الظهور وإنما كان يريد لبلده أن تبين لفرنسا بأنها دولة أقوى وأصح وقواعدها أسلم من القواعد التي بنيت عليها الدولة الفرنسية ،ونحن الآن نريد أن نقلص الدولة الفرنسية وكان هو جزء من تقليصها ” وهو يقول ” عندما نقلد الفرنسيين لن نكون إلا أقل منهم، فإذا أردتم أن نكون أحسن منهم ينبغي أن نسعى لأن نكون فعلا أحسن منهم وألا نكون أقل منهم لأننا كلما قلدتموهم إلا وكنتم أقل منهم “.
المؤرخ عبد المجيد شيخي: أحمد حماني كان رجلا صلبا ووطنيا حتى النخاع
وترحم المؤرخ عبد المجيد شيخي المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني وملف الذاكرة، على روح المرحوم الشيخ أحمد حماني الرجل الصلب والوطني حتى النخاع والوفي لكل المبادئ والقيم التي يؤمن بها الشعب الجزائري وناضل من أجلها ودرسها ولقنها للأجيال ،كاشفا ذات المتحدث عن وصية الراحل التي تركها له شخصيا، ألا وهي “دافعوا على جمعية العلماء المسلمين لأنها مظلومة”، وبالتالي علينا أن نحيي التراث النضالي لجمعية العلماء وأن نعيد هذا التراث إلى صلب تاريخ الجزائر، لأن في اعتقادي هذا الجانب لم يعطى له مكانته الحقيقية ويكفينا فخرا مثلا الشهادات التي كانت تعطى في المدارس الفرنسية كانت تصدر باسم الجمهورية الفرنسية، بينما شهادات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كانت تصدر باسم الشعب الجزائري، فهذا الشيء في مواجهة الفرنسيين كان واضح و رغم كل القمع الذي سلط ولكن هذه العبارة المكتوبة في شهادتي الابتدائية في مدرسة العلماء تحمل “الشعب الجزائري” وعليه فهذه النوعية هي شجاعة رغم كل شيء تمت في مدارس هذه الجمعية والشيخ حماني يذكر له بخير بطبيعة الحال أنه بعد اندلاع الثورة، صدرت تعليمات من طرف الفرنسيين لإغلاق المدارس ولكنه أصر مع مجموعة من العلماء أن تبقى المدارس مفتوحة حتى يغلقها الفرنسيون قصرا، وواصل العمل مثلما كان يقول غلام الله إنه عندما كان يبدأ الدرس يبدأ بذكر ما وقع بالليل من أحداث وطنية للمجاهدين والمناضلين، مشيرا أن حماني والشيخ العربي التبسي كونوا مجموعة من الفدائيين في قسنطينة كانوا يقومون بالعمليات ويدرسون في المعهد حتى أغلق هذا الأخير، وألقي عليهما القبض في أوقات مختلفة ولكن الشيخ أحمد حماني نجا من الموت، بينما التبسي أحرق في خزان من الزيت المغلي ولا نعرفه له قبرا إلى يومنا هذا، ورحم الله شهدائنا الأبرار.
المجاهد عبد الكريم عبادة: كان الرجل يتسم بالوطنية والصدق وقول الحق والثبات
وكشف المجاهد عبد الكريم عبادة ،أنه عرف الشيخ أحمد حماني كطالب في الستينات في بداية الاستقلال في ظروف خاصة كان هو في مركز نادي الترقي التابع لجمعية العلماء المسلمين كنا حوالي 30 طالبا وأغلبيتنا مساجين وكنا نحضر للدخول في مسابقة السنة التحضيرية بالجامعة وكان هو من الأساتذة الأساسيين في التحضير لهذا الموعد وبالفعل تمكننا بعد سنة ونصف تقريبا من المشاركة في هذه المسابقة والفوز بدخول الجامعة للسنة التحضيرية للأساتذة ، وعرفته فيما بعد كأستاذ ولقد درسني الأدب في الجامعة وغيره من الأساتذة ، وجمعتني معه علاقات خارج الجامعة كمجاهد ومناضل ورجل دين وكان بالنسبة لي كأب أزوره في منزله وهو أحد الرجالات التي تشبعنا بفكره وبالخصال والمناقب كالإخلاص والوطنية والصدق والصراحة وقول الحق والثبات .
الدكتور نور الدين حمادي: حماني شخصية جهادية واجتهادية
واعتبر الدكتور نور الدين حمادي المختص في الدراسات الإسلامية من جامعة الجلفة ، الشيخ أحمد حماني شخصية عظيمة وشخصية فقهية جهادية واجتهادية جمع بين أمرين شخص جاهد واجتهد من الناحية الفقهية ووقف بفتاواه لتأطير المجتمع الجزائري في فترة ما قبل الاستعمار تبنى فتوى تحريم التجنس لأنه رأى أن الجنسية الفرنسية تؤدي إلى سلب الجزائريين حقوقهم وكان له موقف ضد دعاة الإدماج وبالتالي كانت هاته الفتوى، وبعد الاستقلال كانت له فتاوى كذلك جريئة من بينها فتوى في التسعينيات أن ما يقع في الجزائر ليس جهاد، فلقد حضر حماني أول اجتماع لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين رفقة العلامة عبد الحميد بن باديس وعين كأصغر عضو رفقة المهدي بوعبدلي كان يكتب في جريدتي ” البصائر” و”الشهاب” وكان الراحل كالضمير مستتر مع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وكان حماني يكره فرنسا وتم وضعه في سجن “لمبيز” ، أين تعرض هناك للتعذيب من طرف الاستعمار الفرنسي لعدم تركه المصحف الشريف. وكان الفقيد مثال للزهد في المناصب وكان يتصف بالجد والاجتهاد وكان محبا للإسلام والجزائر
على السلطات المحلية لولاية جيجل رد الاعتبار لحماني
كما أضاف حمادي أنه يمكننا أن نقول أن شخصية حماني لم يعرفها الجزائريين خصوصا الشباب لأنه مات في التسعينيات في ظل المأساة الوطنية ولم تكن الأضواء الكاشفة له كثيرا ورحل وهو غائب من مخيلتهم لأن هذه الفترة سلبت الشعب الجزائري الكثير من قيمهم ورجالاتهم ولهذا دعا ذات المتحدث إلى ضرورة العودة إلى هذه الشخصية عن طريق دراستها بغية الاستفادة منها فكتب الراحل حماني وفتاواه موجودة مع العلم أنه ولد يوم الاثنين 6 سبتمبر 1915 بقرية ازيار الواقعة في دوار تمنجر ببلدية العنصر دائرة الميلية بولاية جيجل ولهذا أقترح على السلطات المحلية في ولايته خصوصا، والمثقفين والجامعيين في مسقط رأسه أن يجعلوا لأحمد حماني كرسيا يجمع فيه هذه الشهادات التاريخية التي قدمت اليوم من طرف هؤلاء الذين عاصروه لأنهم سيرحلون وهي مجرد روايات شفوية فقط وأن يكون له ملتقى دائم في هذه المنطقة ، ووجه هذا الأكاديمي دعوة إلى الدارسين في التاريخ وعلماء الاجتماع إلى فتاوى حماني لأهميتها البالغة مشيرا أن لابن الجزائر مقولة شهيرة “عند الممات تظهر التركات” ،مشيرا أن الراحل عان كثير من إرهاصات تسببت في حدوث نزيف دماغي سنة 1996 إلا أن توفي في 29 جوان 1998 .