بقلم: كمال أبو سنة-

لا يعرف قيمة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي تأسست يوم الثلاثاء 17 ذي الحجة  1349هـ، الموافق لـ 5ماي  1931م، بنادي التَّرقي، بالجزائر العاصمة، إلا من درس تاريخَـها النَـيِّر وعرف دورها الكبير الذي قامت به في صياغة عـقليّة الإنسان الجزائري ونفسيّـته التي حاولالاستعمار الفرنسي بشقّـيه الثـقافي والعسكري أن يشكّلهما تشكيلا جديدا بعـد دخوله أرض الجزائر غازياً رامياً إلى جَعـلِ الوجـود الجزائريّ في خـدمة المستقبل الفرنسيّ بعـد أن استعصى على شياطين فرنسا من قادة الرأي والسياسة والعسكر استئصال شعب بأكمله بشتّى أنواع الإبادات المادية والمعنويّة…!

لــقـد تـمكّـنت جمعـيّة العـلــماء المـسلمــين الجـزائــريّـــيـن مـع أخـواتـها مِن الهــيـئات الــوطـنــيّة الصـادقـة مِـن تَــهــيـئة المـناخ المـناسب للانـطــلاق نـحو التّحرر مِن هـذا الأخـطـــبوط الاستعماري البغـــيض الذي لم يُـرَ مـثـله في أي بــلاد، وساهـمت مـن الأيّــام الأولى في دفــع الثّـورة المـسلّحة إلى الأمـام ودعـمها بالرجـال والعــتاد وـنشر اـلوعي بـعـدالة قـضيّة الجزائر في أنـحاء الــدنــيا .. ثــمّ جــاء الاستقلال بـــعـد تـضحـيّات عـظيمة، وكان جـزاءُ جـمعــيّة العــلماء أن حــاول بــعـضُ خــصومِها إدخــالَها الُــمتحـف وتَـغيـيـبها، ولكــنّ الله أبى إلاّ أن تَــعـود مـرَّةً أخــرى إلى الـوجــود لتُــساهـم بـما قـــدَّرها الله علــيه في خــدمة الثُّـــلاثـــي المُـقَــدَّس: "الإسلام والعربية والجزائر".

ولا يدعي مدّع يملك شيئا من الواقعية والموضوعية والأمانة بأنّالجمعية اليوم قد وصلت إلى الغاية المرجوة من عودتها، ولهذا من الأسباب الكثيرة الظاهرة والباطنة، المعروفة منها والخفية،ولكن يشهد الله والقائمون عليها من مخلصي رجالاتها الأفاضل الذين طوفوا الآفاق ليلا ونهارا، سرا وجهارا، إرضاء لله وحده، أنها قد سدَّت ثغرات كثيرة، و نافحت في ثغور عديدة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، ووقفت منافحة في مواقع عظيمة أَصابت فيها وأُصيبت من أجل الإسلام ودعوته وشريعته، ومن أجل العربية لغة القرآن ولسان حال أتباعه، ومن أجل الجزائر لتبقى محافظة على هويتها واستقلالها، وإنّه لعقوق، وأي عقوق، أن يتمنى بعض الجزائريين عن حسن نية مرة، وعن سوء نية مرة أخرى، لو أنها تُركت مع بقايا التاريخ في المتحف، ولو نظر هؤلاء من أصحاب النيات الحسنة، لا النيات السيئة، إلى النصف المملوء من الكأس على الأقل لما ألقى الشيطان في أمنيتهم هذه الأفكار المثبطة للعزائم، والمهدمة للدعائم..!

إنّ جمعية العلماء مقبلة على مرحلة جديدة من عمرها المبارك وتاريخها المجيد بعد المؤتمر الذي سينعـقد إن شاء الله قريـبا،وعلى قادتها أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملة أمام الله من أجل اختيار القادة الأخيار المشهود لهم بالعلم ونكران الذات والبذل والعطاء لتسيير هذه المؤسسة العريقة ونقلها – بعد تخطط ذكي، ووضع برنامج عملي مدروس- إلى آفاق واسعة خدمةً للدين والوطن.

 

admin

المقالات الأخيرة

مالك بن نبي والزَّعامة الصَّنمية

بقلم: ناصر حمدادوش - يؤكد “مالك بن نبي” في كتابه “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي”…

سنة واحدة قبل

في ذكرى وفاة الأستاذ سعد الله

بقلم: محمد الهادي الحسني - منذ عشر حِجَجٍ، وفي يوم 14-12- من سنة 2013 جاء…

سنة واحدة قبل

دعوة ابن باديس للثورة

بقلم: د. علي الصلابي- كانت نفسية ابن باديس وأشواقه الروحية تواقة إلى التضحية في سبيل…

سنتين قبل

الثورة في شعر ابن باديس ونثره

بقلم: د. علي الصلابي- استعمل عبد الحميد بن باديس في العديد من مواضيع شعره ونثره،…

سنتين قبل

الإشراف التربوي في مدارس جمعية العلماء المسلمين ج1

بقلم: د. توفيق جعمات- لم تكن مدارس جمعية العلماء المسلمين مجرد فصول تعليمية أو كتاتيب…

سنتين قبل

لمحة عن مسار الدكتور سعيد شيبان مع العلم والإيمان والنضال

بقلم: عبد الحميد عبدوس- تعرفت على الكاتب المفكر والطبيب المجاهد الدكتور السعيد شيبان في سنة…

سنتين قبل