بقلم: محمد الهادي الحسيني-

إذا كان بعضُ إخواننا، تأثرا منهم بـ”علماء” لا يعلمون إلا ظاهرا من الأمور بما فيها الدين الإسلامي الحنيف، فـ”حرّموا” على الأمّة أن تفرح بميلاد سيّدنا محمد –صلى اللهُ عليه وسلّم- إذا كان هؤلاء الإخوان –هداهم الله- كذلك، فإنّ أحدَ أعلم الدعاة إلى الإسلام، الهُداة إلى هدْي خير الأنام –عليه الصلاة والسلام- وهو الإمام المرتضى عبد الحميد ابن باديس –رضي اللهُ عنه وأرضاه- لم يحتفل بميلاد سيّد ولد آدم فقط، بل اعتبر ميلادَه الشريف “عيدا للإنسانية كلّها”؛ أي على جميع البشر مهما تكن ألوانُهم وأجناسُهم وعقائدُهم وأوصافُهم، عليهم جميعا أن يحتفلوا بميلاد هذا “الإنسان الكامل” أو “الإنسان النموذج”، كما قالت العالمة البريطانية كارين أرمسترونغ في كتابها المسمّى “محمد” ص388.

إن كلمة عيد لها معنيان، عيد شرعي، وعيد اجتماعي، وليس لنا عيدٌ شرعيٌّ إلا هذان العيدان “الفطر” و”الأضحى”، ووالله، وتالله، وبالله إنّ الإمام عبد الحميد ابن باديس ليعلم هذا حقَّ العلم، ويفهمه حقَّ الفهم، ولذلك لم “يصدّع” رأسه بما يقوله من سمَّاهم هو نفسه “المُتَعيْلِمين” و”المتفيْقِهين”.

ولكنّ الإمام يفهم من كلمة “عيد” المعنى اللغوي والاجتماعي فدعا الإنسانية كلّها إلى أن تحتفل وتفرح بميلاد هذا “الإنسان” الذي رحم به اللهُ –الرحمنُ الرحيم- هذه الإنسانيةَ التي تعاني وتكابد.

إنّ الذين فهموا ويفهمون من كلّ كلمة إلا معنى واحدا يضيِّقون على أنفسهم قبل غيرهم.. وإلا فليفهموا من كلمة “الدين” الواردة في سورة “الكافرون” معنى واحدا، رغم الضميرين الواردين فيها “لكم دينكم وليّ ديني”.

دعاني إلى كتابة هذه الكلمة سؤالٌ وجّهه لي يوم الأحد الماضي (9/ 10/ 2022) أحدُ الإخوة في مسجد الإمام عبد الحميد ابن باديس بمدينة بوسماعيل حول ما يروّجه “المتفيْقْهون” و”المتعيْلِمون” من أنّ الإمام ابن باديس لم يحتفل بميلاد سيدنا محمد صلى اللهُ عليه وسلّم.

إن القائلين بهذا، يكذبون على الإمام ابن باديس، فيريدون أن يُلبِّسوا على الشعب الجزائري الذي لم يستجب لهم في فقههم المستورَد، ولا يثق في أكثره إلا في فقه الإمام الفقيه عبد الحميد ابن باديس وجمعيته المباركة.

لقد أجبتُ الأخَ السائل بأنّ ابن باديس وجمعيتَه وأنصارَه من العلماء العاملين احتفلوا بالمولد النبوي احتفالا خاليا من البدع والمنكرات، وأنّ مدارس جمعية العلماء كانت تمنح تلامذتَها أسبوعا كاملا من النشاط العلمي- الدعوي، وأن الإمام ابن باديس ارتجل نشيد “شعبُ الجزائر مسلمٌ” في “عيد” المولد النبوي. (أنظُر التفاصيل في كتاب: مجالس التذكير من كلام البشير النذير) للإمام عبد الحميد ابن باديس.

admin

المقالات الأخيرة

مالك بن نبي والزَّعامة الصَّنمية

بقلم: ناصر حمدادوش - يؤكد “مالك بن نبي” في كتابه “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي”…

سنة واحدة قبل

في ذكرى وفاة الأستاذ سعد الله

بقلم: محمد الهادي الحسني - منذ عشر حِجَجٍ، وفي يوم 14-12- من سنة 2013 جاء…

سنة واحدة قبل

دعوة ابن باديس للثورة

بقلم: د. علي الصلابي- كانت نفسية ابن باديس وأشواقه الروحية تواقة إلى التضحية في سبيل…

سنتين قبل

الثورة في شعر ابن باديس ونثره

بقلم: د. علي الصلابي- استعمل عبد الحميد بن باديس في العديد من مواضيع شعره ونثره،…

سنتين قبل

الإشراف التربوي في مدارس جمعية العلماء المسلمين ج1

بقلم: د. توفيق جعمات- لم تكن مدارس جمعية العلماء المسلمين مجرد فصول تعليمية أو كتاتيب…

سنتين قبل

لمحة عن مسار الدكتور سعيد شيبان مع العلم والإيمان والنضال

بقلم: عبد الحميد عبدوس- تعرفت على الكاتب المفكر والطبيب المجاهد الدكتور السعيد شيبان في سنة…

سنتين قبل