Categories: لقاءات

مدرسة الإرشاد بأولاد علال في الشقفة

بقلم: مسعود بولجويجة-

من بين مدارس التعليم العربي الحر التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمنطقة جيجل، نجد مدرسة "الارشاد"(1)، الواقعة بمنطقة أولاد علال (قرية السبت حاليا)، ببلدية الشقفة، بولاية جيجل، والتي انشىت في الاربعينيات من القرن الماضي، بفضل تكاتف جهود أبناء المنطقة وتبرعاتهم(2).

وكانت المدارس الحرة تعتمد في إنشائها على تبرعات المواطنين التي تشرف عليها "الجمعية المحلية لمدرسة الارشاد"، فقد كانت مهمة الجمعية المحلية هي: جمع المال الضروري لبناء المدرسة وترميمها وتاثيثها، وجمع رسوم التعليم (الاشتراكات) من أولياء التلاميذ، وكذا دفع مرتبات المعلمين، بينما كانت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين (اللجنة العليا للتعليم) تتكفل بالإشراف التام على جميع الشؤون الفنية في التعليم و الإدارة والتفتيش .

وقد تم تاسيس "الجمعية المحلية لمدرسة الارشاد" في الاربعينيات، والتي كان يراها السيد: محمود بن الطاهر بغول، وذلك لمدة سنوات طويلة .

وقد تم تجديد الهيئة الإدارية للجمعية المحلية لمدرسة "الارشاد" باولاد علال في: 06 جانفي1950 م بالمسجد إثر صلاة الجمعة بحضور رجال العرش واعيانه، و أصبحت تتشكل من السادة(3) :

_الرئيس: السيد محمود بغول ،

_ نائبه: السيد الاخضر بويلوط ،

_ امين المال : السيد محمد بن صالح كرديد ،

_ نائبه: صالح بوغول ،

_ الكاتب : السيد عبد الرحمان الشطيبي ،

_ نائبه: السيد عبد الله بوجميعة ،

_ المراقب : السيد أحمد بولقرون ،

والأعضاء السادة: محمد العريبي، الطاهر قرماط، علي الأحمر، محمد بقيوة، علي الاعثر، محمد بن صالح الأطرش، علاوة بوفدش، محمد الاعثر، المولود عليوة، محمد كرديد، أحمد كرديد، محمد بن علي بقيوة، محمد بن مبارك الأطرش .

مكونات مدرسة الإرشاد:

وتتكون مدرسة " الارشاد " في البداية من قسمين: أحدهما مخصص لتحفيظ القرآن الكريم، والاخر مخصص لتدريس مبادىء اللغة العربية و علوم الدين، ثم أضيف قسم ثالث بعد ذلك، وتم تخصيصه لتعليم البنات .

والى جوار المدرسة يوجد مسجد، سمي "مسجد البشير الابراهيمي" وذلك بعد الزيارة التي قام بها إلى المنطقة سنة 1950م .

كما يوجد سكن لامام المسجد و هو نفسه مدير المدرسة، بالإضافة إلى ساحة كبيرة كانت تستغل في تنظيم الحفلات والنشاطات المدرسية .

وكانت المدرسة تستقبل أبناء المنطقة والمناطق المجاورة، حيث بلغ عددهم(50) تلميذا، وظلت المدرسة تؤدي مهمتها التعليمية إلى غاية سنة 1957م، وهو التاريخ الذي اقدمت فيه قوات الاحتلا عل حرقها و تهديمها .

الأساتذة الذين تعاقبوا على إدارة مدرسة الإرشاد:

وقد تولى إدارة مدرسة " الارشاد " باولاد علال مجموعة من الأساتذة، كانوا من أبرز رجال الاصلاح في الجزائر ، و هم : الشيخ فرحات العابد، والشيخ مصطفى بوهني، والشيخ مصطفى عبادة، الذين تولوا التعليم و إدارة المدرسة، وقاموا بالوعظ و الارشاد لعامة الناس، كما تولوا الإمامة بمسجدها .

و قد ترك هؤلاء المشايخ اثارا طيبة بالمنطقة ، لا زالوا إلى يومنا هذا يذكرون بكل خير، وهم :

1- الشيخ فرحات العابد : وهو أول مدير لمدرسة "الإرشاد" بأولاد علال، من مواليد : 13جانفي 1908م، ببني مسلم، بلدية العنصر، بولاية جيجل حاليا، درس بمسقط رأسه، ثم بجامع الزيتونة، وتحصل على شهادة الأهلية في دورة جويلية 1939م، ثم انقطع عن الدراسة بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية(4) ، وبعد رجوعه لارض الوطن استقبلته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وضمته لقاىمة المعلمين بمدارسها، فعمل اولا بمدرسة الفتح بغليزان معلما، ثم انتقل إلى مدرسة سيدي بلعباس، ثم عاد إلى غيليزان مديرا لمدرسة الفتح، وفي الموسم الدراسي لسنة 1948\1949م، نقل إلى مدرسة " الارشاد " باولاد علال، بولاية جيجل، وبعدها انتقل الى عنابة حيث عمل بها، و بعد الاستقلال عمل في سلك التعليم بعدة ثانويات إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1975م، كما عمل إماما متطوعا بعنابة إلى غاية وفاته .

وخلال السنوات القليلة التي قضاها بمدرسة "الإرشاد" بأولاد علال، كان يحفظ القرآن الكريم ويدرس مبادىء الدين و اللغة العربية، وكان إماما يصلي بالناس بمسجد القرية .

وكانت مدرسة " الإرشاد" صغيرة لا تنتمي لأية هيئة، فطورها، ونظم أمورها، وضمها إلى مدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وذلك ابتداء من الموسم الدراسي 1948\1949م ، لذلك لا نجد ذكرا لمدرسة " الارشاد" باولاد علال قبل هذا التاريخ ضمن قائمة المدارس وتوزيع المعلمين عليها للموسم الدراسي 1947\1948م وما قبله، التي تنشرها الجمعية على صفحات جريدة البصائر مع بداية كل موسم دراسي(5) ،

وكان الشيخ فرحات العابد ضمن مشايخ ومديري المدارس المكلفين بالوعظ والإرشاد ولا سيما خلال شهر رمضان، وقد كلف بالوعظ في منطقة أولاد علال .

2 - الشيخ مصطفى بوهني : وهو من مواليد : 04جويلية1911م ، ببني خطاب ، تاكسنة ، بولاية جيجل ، درس على والده " سعد بوهني" ، ثم بالزاوية الحملاوية بوادي سقان ، ميلة حاليا ، ثم التحق بجامع الزيتونة ، و تحصل على شهادة " التحصيل" في دورة جويلية 1941م ، ثم انقطع ، و عاد إلى الجزائر(6) ،

استقبلته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، و ادرجته ضمن قائمة المعلمين بمدارسها ، فعينته في البداية بمدرسة عين عبيد ، ثم بمدرسة العرفان بعين مليلة ، ثم مدرسا بمدرسة التربية و التعليم باقبوا ببجاية ،

وفي السنة الدراسية 1950\1951م ثم نقله المدرسة " الارشاد " باولاد علال ، بجيجل ، بصفته مدرسا و مديرا لها (7) ، خلفا للشيخ فرحات العابد الذي انتقل الى عنابة .

فمكث بها اربع سنوات يعلم التلاميذ بمدرستها و يرشد الناس بمسجدها ، إلى غاية انطلاق الثورة التحريرية سنة 1954م .

كما كان الشيخ مصطفى بوهني في هذه الفترة ضمن علماء الجمعية الذين انتدبتهم للقيام بمهمة الدعوة الاصلاحية، و أحياء شهر رمضان بالمواعظ و الدروس ، و قد عينته مشرفا على منطقة أولاد علال ، فيما كان محمد الطاهر ساحلي على جيجل ، و بوكعباش محمد على بني فرقان ، و محمد الصالح بن عتيق على الميلية ، و احمد بوروح على الطاهير ، و هكذا .

وكان من ميزات هذه المدرسة ان أخرجت البنت من عزلتها و جهلها و اميتها إلى نور العلم و العرفان ، حيث خصص لهن قسما تشرف على تعليمهن حرمه المصون الاستاذة : ساحلي زهرة ، و هي اخت الشيخ محمد الطاهر ساحلي ، حافظة للقرآن الكريم ، و متخرجة من مدرسة الحياة بجيجل ، انخرطت في التعليم بعدة مدارس حرة إلى جانب زوجها .

وفي السنة الدراسية 1953\1954م ، نقل الشيخ مصطفى بوهني إلى مدرسة " امجاز الدشيش " بولاية سكيكدة حاليا ، و التي استمر بها إلى غاية استرجاع السيادة الوطنية ، ليعين بعده الشيخ مصطفى عبادة .

3- الشيخ مصطفى عبادة :

و هو من مواليد سنة1908م ، بدوار بني فرقان ،بالميلية ، حفظ القرآن الكريم و تعلم مبادىء العلوم الدينية و اللغوية بمسقط راسه ، ثم درس على الشيخ عبد اللطيف سلطاني بمدرسة القرارم ، ثم بالجامع الأخضر بقسنطينة،

بعد تخرجه عين بمدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بدءا بمدرسة التهذيب بالميلية ، ثم بمدرسة الحياة بجيجل ، ثم نقل إلى مدرسة الارشاد باولاد علال خلال السنة الدراسية 1953\1954م ، خلفا للشيخ مصطفى بوهني ، و قد عمل مدرسا بمدرسة " الارشاد " باولاد علال ، و إماما بالمسجد قرابة خمس سنوات ، تميزت بالنشاط و الحيوية ، إذ قدم من هذه المدرسة _ ولأول مرة في تاريخ المدرسة_ قسما للمشاركة في الشهادة الابتدائية ، و كانت النتائج مثمرة ، فرح بها المشرفون على الامتحان ، و هما المفتشان : ابراهيم مزهودي ، و علي مرحوم ، و نشرت جريدة البصائر قائمة الفائزين بالشهادة الابتدائية من مركز جيجل ، و يتبعه : مدرسة الحياة بجيجل، ومدرسة الارشاد باولاد علال ، و مدرسة التربية و التعليم بزيارة منصورية ، و كان من الفائزين بمدرسة اولاد علال ، التلاميذ (7) :

_ عليوة الطيب بن محمد ، أولاد علال ، دون ملاحظة .

_ محمد درغوم بن رابح ، أولاد علال ، دون ملاحظة .

_ محمد الاعثر بن المسعود ، أولاد علال ، دون ملاحظة .

_ محمد كرديد بن مسعود ، أولاد علال، دون ملاحظة.

وكان الشيخ مصطفى عبادة زيادة على مهام التعليم و الإمامة رئيسا للجنة الشرعية اثناء الثورة التحريرية باولاد علال رفقة الشيخ عبد الله بوجميعة ، و المكلفة بالفصل في القضايا و المنازعات بين المواطنين .

وفي سنة 1957م قامت السلطات الاستعمارية بحرق منطقة أولاد علال ، و تهديم المسجد و المدرسة ، و كانت تبحث عنه و عن الثوار بالمنطقة ، فهرب إلى مدينة جيجل ليختبىء هناك .

وبعد استتباب الأمر ، قام الشيخ مصطفى عبادة بفتح قسم للتعليم بدار " نخول " بحي قصدا بجيجل ، ثم انتقل إلى دار " ابركان " ، واستمر في التدريس على نهج جمعية العلماء و برنامجها إلى الاستقلال .

وبعد الاستقلال عين مديرا لمدرسة الحياة بجيجل ، ثم مديرا لمدرسة الحياة للبنات ، ثم مديرا لمتوسطة زعزوع أحمد بجيجل إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1975م ، حيث تفرغ للوعظ و الارشاد بمساجد جيجل ، إلى أن أصابه الوهن و الضعف ، وتوفي في يوم : 06 مارس 1997) .

الشخصيات التي تخرجت من مدرسة الارشاد:

وقد تخرج من هذه المدرسة عدد من التلاميذ ، كان لهم دور بارز في الحياة الوطنية ، و لعل من أبرزهم : محمد بقيوة ، المدير العام للقضايا الجزائية بوزارة العدل .

وغيرهم .


ملاحظة : للموضوع مراجع و هوامش .

admin

المقالات الأخيرة

مالك بن نبي والزَّعامة الصَّنمية

بقلم: ناصر حمدادوش - يؤكد “مالك بن نبي” في كتابه “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي”…

11 شهر قبل

في ذكرى وفاة الأستاذ سعد الله

بقلم: محمد الهادي الحسني - منذ عشر حِجَجٍ، وفي يوم 14-12- من سنة 2013 جاء…

11 شهر قبل

دعوة ابن باديس للثورة

بقلم: د. علي الصلابي- كانت نفسية ابن باديس وأشواقه الروحية تواقة إلى التضحية في سبيل…

سنتين قبل

الثورة في شعر ابن باديس ونثره

بقلم: د. علي الصلابي- استعمل عبد الحميد بن باديس في العديد من مواضيع شعره ونثره،…

سنتين قبل

الإشراف التربوي في مدارس جمعية العلماء المسلمين ج1

بقلم: د. توفيق جعمات- لم تكن مدارس جمعية العلماء المسلمين مجرد فصول تعليمية أو كتاتيب…

سنتين قبل

لمحة عن مسار الدكتور سعيد شيبان مع العلم والإيمان والنضال

بقلم: عبد الحميد عبدوس- تعرفت على الكاتب المفكر والطبيب المجاهد الدكتور السعيد شيبان في سنة…

سنتين قبل