بقلم: عمر مشارة-
هو الأستاذ الفاضل والعالم الكامل، المحقق المتقن في العلوم والمعارف أحمد بن الحسين بن أحمد بن قدور وهو لقبه العائلي ولد بزمورة سنة 1893 ميلادية وكان والده الحسين من حفظة كتاب الله. أما جده أحمد فهو من القراء المعتمدين وهو من أجاز- فيما يذكر- العلامة الشيخ أحمد بن شعبان الذي تولى الإمامة بمسجد بوحيدوس ردحا من الزمن ويذكر أنه رحمه الله خلال توليه لمهمة الإمامة بالمسجد المذكور لم تفته صلاة الصبح مدة أربعين سنة.
حفظ مترجمنا القرآن الكريم على والده ،وبعد حفظه القرآن الكريم تاقت نفسه إلى نيل العلوم والمعارف فانتقل إلى البلدة المجاورة لبلدته زمورة وهي بني يعلى – قنزات- وكانت يومئذ قبلة للعلم، فقصد شيخها الفاضل وعالمها الأوحد الشيخ أرزقي الصالحي المعروف بـ(أبو بصالح) وكان رحمه الله صاحب علم وفضل وبركة فتعلم على يديه في مدة وجيزة وفي ظرف زمني قصير لا يتعدى ثلاث سنين علوما كثيرة ولا عجب في ذلك فإن ذلك يعود إلى أن الشيخ رحمه الله كان نفاحا صاحب فتح وبركة، وأن التلميذ أقبل على العلوم بشغف كبير فكان في ذلك ما قد يدعو إلى العجب إذ كيف حصل ما حصل من العلوم والمعارف في هذا الزمن القياسي القصير؟ وهذا شأن النابهين في كل زمان. وكان شيخه المذكور قد نصحه بأمر هام جدا، نصحه بالمطالعة والانقطاع للعلم والإخلاص له أي في طلبه وكان خلال هذه المدة يقيم ببيت لخوان بلمولود.
بعد أن نهل من العلم عند الشيخ أرزقي عاد إلى مسقط رأسه منفذا وصية شيخه فانكب على المطالعة وكان يتميز بموهبة خارقة لا يتميز بها إلا القلائل وهي قوة الحافظة فقد كان أعجوبة الزمان وآية ذلك أنه كان يحفظ مجموع المتون يحوي أمهات المتون العلمية كان يحفظه جيدا وكان كتب على هوامشه تخريجات مفيدة تستحق أن تكون شروحا.
قال عنه تلميذه الشيخ عمر بوحفص رحمه الله: (كان يحفظ مجموع المتون حفظا صحيحا وكتب عليه تقريرات كشرح وكتب أيضا على التسهيل وكان دائما يطالع كتاب سيبويه رحمه الله تعالى وبالجملة فهو في النحو والصرف لا يجارى بل في جميع العلوم) هذه شهادة من تلميذ كان من أقرب الناس إليه وأعرفهم به، ومما يدل على علو كعبه في العربية أنه كان دائم المطالعة لكتاب سيبويه ومن بقي في أهل العلم اليوم من يقوى على مطالعة كتاب سيبويه؟ كما أنه كان دائم المطالعة والرجوع إلى كتاب التسهيل للعلامة ابن مالك.
ومما يذكر في هذا الشأن أن الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله لما زار زمورة والتقى بشيوخها وأعلامها التقى بالأستاذ المذكور في جملة من التقى به وتحدث إليه وتبادلا أطراف الحديث في موضوعات شتى وميادين كثيرة فأعجبه حفظه وإتقانه وعرض عليه أن يأخذه معه إلى قسنطينة ليدرس في معهدها ، لكن الشيخ أحمد اعتذر لأنه كان يرى أن الأقربين أولى بالمعروف، تخرج على يديه طلبة كثيرون وكان من أشهرهم الأستاذ الفاضل أبو حفص عمر رحمه الله وكان من أشهر من تخرج على يديه، كما كان ممن تخرج على يديه الأستاذ الفاضل شوتري محمد وكان إماما بالمسجد الكبير بالجزائر العاصمة كما كان من تلاميذه الشيخ الشريف داود وكان صاحب فضل وأدب رحمهم الله جميعا وأسكنهم فسيح الجنان وأمطر عليهم سحائب الرحمة والرضوان.
بعد حياة حافلة بالجد والنشاط في ميادين العلم والمعرفة أفضت روحه إلى خالقها سنة 1936 رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان.
وليس هؤلاء كل من تعلم عليه فإلى جانب هؤلاء آخرون أخذوا عنه ونالوا قدرا من العلم والمعرفة وفي مقدمتهم لخضر شروك، وبالجملة فإن عطاءه العلمي لم ينقطع لحظة وبابه الذي فتحه في وجوه الطلاب لم يوصد في وجه أحد وظل على نشاطه يعلم ويدرس ويطالع ويحرر المسائل العلمية ويجعل منها هوامش على أهم الكتب والمؤلفات بالإضافة إلى توليه مهمة الإفتاء والإصلاح بين الناس في المجتمع حتى وافاه الأجل يوم الأحد 26 من سبتمبر من سنة ست وثلاثين وتسعمئة وألف ودفن يوم الإثنين في مقبرة بوعزيز عن ثلاث وأربعين سنة وصلى عليه الشيخ علي كالي علي رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان وأفاض عليه سحائب الرحمة والغفران ، والملاحظ أنه رغم قصر عمره إلا أن الأعمال الجليلة كانت بحيث لا يتسع لها هذا العمر.
آثـــاره:
من أهم آثاره كتاب مجموع المتون كتبه بخط يده وكان يحوي أنفس المتون العلمية التي لا تكاد تعثر عليها في أي جهة ومن أهمها منظومة ابن غازي في القرآن ومنظومة الشاطبية في القراءات السبع ومنظومة الإمام المكودي في علم الصرف وغيرها وليس الشأن أنك تجد هذه المتون مكتوبة بخطه الجميل مضبوطة مصححة بل الشأن أنك تجدها وبهوامشها أهم المسائل العلمية التي حررها ودونها مما يوفر على القارئ جهدا كبيرا قد يبذله في البحث والاستقصاء عنها في كتب أخرى وقد لا يظفر بها.
رحمه الله رحمة واسعة وأفاض عليه سحائب الرحمة والرضوان وجعله من الصالحين في عباده.
* عمر مشارة: مفتش التعليم الابتدائي/ متقاعد، ناظر الشؤون الدينية برج بوعريريج سابقا
بقلم: ناصر حمدادوش - يؤكد “مالك بن نبي” في كتابه “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي”…
بقلم: محمد الهادي الحسني - منذ عشر حِجَجٍ، وفي يوم 14-12- من سنة 2013 جاء…
بقلم: د. علي الصلابي- كانت نفسية ابن باديس وأشواقه الروحية تواقة إلى التضحية في سبيل…
بقلم: د. علي الصلابي- استعمل عبد الحميد بن باديس في العديد من مواضيع شعره ونثره،…
بقلم: د. توفيق جعمات- لم تكن مدارس جمعية العلماء المسلمين مجرد فصول تعليمية أو كتاتيب…
بقلم: عبد الحميد عبدوس- تعرفت على الكاتب المفكر والطبيب المجاهد الدكتور السعيد شيبان في سنة…