منهج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في ممارسة النصيحة وأثرها في إصلاح الواقع الاجتماعي الجزائري (1/3)
بقلم: أ.د. كمال لدرع-
إن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي تأسست في ظروف صعبة، قامت بدور كبير في إصلاح المجتمع الجزائري تربويا وثقافيا ودينيا، والعودة به إلى كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح مع مراعاة واقع المجتمع وتغيزته وطبيعة المرحلة التي يعيشها.
ورغم الاستعماري الغاشم الذي كان جاثما على أرض الجزائر ومخططه الرعيب لمسخ شخصية المجتمع الجزائري، لم يمنع الجمعية من إتباع السبل الشرعية في تغيير المجتمع والتهوض به وإخلاصى النصح له. فالتزمت جمعية العلماء في عملها الإصلاحي ونصح المجتمع الجزائري الضوابط الشرعية المنصوصى عليها في الكتاب والسنة متبعة في منهجها عمل السلف الصالح، ومستأنسة ومستفيدة من تجارب رجال الإصلاح في العالم الإسلامي.
والواقع الاجتماعي الجزائري آنذاك. مثل ما كان منتشر في كثير من البلاد الإسلامية. كان يشهد انحرفا كبير نتيجة عوامل تاريخية واستعمارية، كانتشار الخرفات والبدع ومظاهر الشريية المختلفة، وتفشي الجهل، وضعف الالترم السليم بالدين، إضافة إلى مخاطر التنصير الذي كان يمارسه رجال الدين المسيحي بالتواطؤ مع المستعمر.
فكان على جمعية العلماء أن تنهج العمل الإصلاحى الشامل في نصح المجتمع وتخليصه مما يعانيه من مظاهر التخلف ولانحرف والعودة به إلى الكتاب والسنة، مستجيبة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"(1)، وقوله تعالى: (إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ)(2)، ومستهدية بقوله تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(3)، وقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)(4).
وهذا البحث يرمي إلى عرض تجربة جمعية العلماء ودروها الإصلاحى في مجال النصح بمفهومه الشرعي الواسع وأثر ذلك على المجتمع الجزائري.
أولا: أوضاع المجتمع الجزائري
وقعت الجزائر تحت أعتا استعمار في العصر الحديث، الذي عمل على القضاء على كل مقومات الشعب الجزائري، فعمل هذا المحتل البغيض على ربط الجزائر بفرنسا ثقافيا واقتصاديا وسياسيا، كما سلك سياسة التجهيل والتفقير ومحاربة الدين الإسلامي، بإغلاق المداس ومنع الدروس الحرة في المساجد، وحرم الكثير من الجزائريين من التعليم، وخص فئة معينة منهم يلقنهم اللغة والثقافة الفرنسية.
كما خاض المستعمر حرب إبادة للشعب، واتبع سياسة فرق تسد، ونشر النعرات والخلاقات العرقية والطائفية بين أبناء الشعب، ويمكن إيجاز ما ارتكبته فرسا من جرائم في:
- غلق المدارس الإسلامية الحرة، حيث قدر عدد المدارس التي أغلقتها بألف مدرسة. والاستيلاء على معظم الأوقاف التي كانت تمول تلك المدارس والأعمال الخيرية.
- القيام بحرب إبادة عامة: فقام بحرق الغابات والمحاصيل، وإتباع سياسة التجويع، وإبادة قرى بكاملها من الوجود؛ ودفع السكان إلى الحدود الصحراوية.
- محارة اللغة العربية واعتبارها لغة ثانية لا تصلح للعلم، ومنع تدريس التاريخ الإسلامي عامة والتاريخ الجزائري وجغرافيتها خاصة، وجعل المقرر فقط دراسة تاريخ فرسا، وجغرإفيتها.
- منع دروس الوعظ والإرشاد وتفسير القرآن في المساجد، والسماح فقط بتحفيظ القرآن مجردا دون تفسير أو شرح في بعض المساجد والزوايا.
- نشر سياسة التفرقة بين السكان على أساس عنصر البربر والعنصر العربي.
- تنشيط المؤسسات التبشيرية في كافة مناطق الجزائر، والسعي لتنصير منطقة القبائل أي البربر بصفة خاصة.
أما موقف التيارات والحركات المختلفة في الجزائر من هذا الوضع المزري، فنستطيع أن نحصر مواقفها في الآتي: الصوفية الرافضة والمقاومة للاستعمار؛ التي كان يقودها شيوخ الزوايا، حيث قادت المقاومة المسلحة منذ دخول المستعمر الجزائر، بدءا من الأمير عبد القادر الحسيني الجزائري الذي خاض جهادا مسلحا ضد الاحتلال الفرنسي لمدة نقارب العشرين عامًا، وثورة بوعمامة.
ثم الصوفية الخاضعة أو التي تسمى بالطرقية، فقد استغلها المحتل الفرنسي لإظهار الإسلام بشكل يحض على التخلف والكسل والإيمان بالأساطير والخرافات، كما وظفهم المستعمر الماكر في الوقوف في وجه أي وعي أو تحرك يناهض الاستعمار، أو يدعو إلى الإصلاح أو المقاومة؛ إلا أنها لاقت مقاومة بالحجة والبرهان من قبل جمعية علماء المسلمين الجزائريين. أما العلماء، فبعضهم يئس من الإصلاح والتغيير فاتجه إلى بعض البلدان الإسلامية، وعمل على التدريس فيها كالشيخ حمدان الونيسي(5) وغيره؛ ومنهم هن استقر في الجزائر(6) صابرا محتسيا متحملا ضغوطات السلطة الاستعمارية؛ ينشر الوعي بين الناس عن طريق التعليم والدروس المسجدية والصحافة الحرة.
كما ظهرت بعض التيارات السياسة التي راحت تطالب بالحقوق عن طريق العمل السياسي والدخول إلى المجالس النيابية الفرنسية والمشاركة في الانتخابات لكن دون أن تحصل على شيء من الإدار الفرنسية.
ثانيا: خصائص النصيحة عند جمعية العلماء السلمين الجزائريين
لقد سلكت جمعية العلماء في النصح والإرشاد مسلكا حكيما استلهمته من نصوص الشرع وعمل السلف الصالح مراعية في ذلك خصوصية واقع المجتمع الجزائري وطبيعته، والتحديات التي يواجهها، وشراسة الاستعمار ووحشيته؛ يقول الشيخ العلامة ابن باديس موضحا منهج الجمعية في النصح والإصلاح: (ويعد، فإننا اخترنا الخطة الدينية على غيرها عن علم ويصيراً وتمسكا بما هو مناسب لفغطرفتنا وتربيتنا من النصح والإرشاد وبث الخير، والتبات على وجه واحد، والسير في خط مستقيم... ولو أردنا أن ندخل الميدان السياسي لدخلناه جهرا، ولضربنا فيه المثل بما عرف عنا من ثباتنا وتضحيتنا، ولقدنا الأمة كلها للمطالبة بحقوقها، ولكان أسهل شيء علينا أن نسير بها على ما نرسمه لها، ون نبلغ من نفوسها إلى أقصى غايات الئأثير عليها؛ فإن مما نعلمه ولا يخفى على غيرنا أن القائد الذي يقول للأمة: إنك مظلومة في حقوقك وإنني أريد إيصالك إليها؛ يجد منها ما لا يجده من يقول لها: إنك ضالة عن أصول دينك وإنني أريد هدايتك، فذلك تلبيه كلها، وهذا يقاومه معظفها أو شطرها، وهذا كله نعلمه؛ ولكننا اخترنا ما اخترنا لما ذكرنا وبينا، وإننا - فيما اخترناه. بإذن الله لماضون وعليه متوكلون)(7)، ويقول الشيخ البشير الإبرهيمي مؤكدا ذلك: (جمعية العلماء جمعية علمية دينية تهذيبية، فهي بالصفة الأولى تعلم وتدعو إلى العلم وترعب فيه وتعمل على تمكيته في النفوس بوسائل علنية واضحة لا تتستر، وهي بالصفة الثانية تعلم الدين والعريية؛ لأنهما شيئان متلازمان، وتدعو إليهما وترغب فيهما، وتنحو في الدين منحاها الخصوصي، وهو الرجوع به إلى نقاوته الأولى وسماحته في عقائده وعبادته؛ لأن هذا هو معنى الإصلاح الذي أسست لأجله وقفت نفسها عليه، وهي تعمل في هذه الجهة أيضا بوسائل ظنية ظاهرة؛ وبمقتضى الصفة الثالثة تدعو إلى مكارم الأخلاق)(8).
لقد كان ابن باديس ومن معه من أعضاء الجمعية؛ من الحكمة وبعد النظر في المحافظة على الجمعية والسير بها وفق خطة منظمة؛ وبرنامج واضح، وحسن التعامل مع المخالفين، وتوضيح منهجها والتأكيد في كل مناسبة على أنها جمعية تدعو إلى الإصلاح الديني والتعليمي(9)، وعدم الزج بها في المعترك السياسي الذي يفقدها خطها الإصلاحى ويجعلها مثل غيرها من الأحزاب السياسية تلهث وراء الانتخابات والتمثيل النيابي دون أن يكون لها برامج إصلاح شامل، فقد جاء على لسان رئيسها الشيخ ابن باديس قوله: (إن الجمعية يجب أن لا تكون إلا جمعية هداية وإرشاد ، لترقية الشعب من وهدة الجهل والسقوط الأخلاقي، إلى أؤج العلم ومكارم الأخلاق، في نطاق دينها الذهبي ويهداية نبيها الأمي، الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق، عليه وآله الصلاة والسلام، ولا يجوز بحال أن يكون لها بالسياسة وكل ما يتصل بالسياسة أدنى اتصال، بعيدة عن التفريق وأسباب التفريق)(10). ويؤكد ذلك أيضا رئيسها الثاني الشيخ محمد البشير الإبرهيمي بقوله: (مبدأ جمعية العلماء المسلمين هو الإصلاح الديني بأوسع معانيه، الذي كان يعمل له المصلحون فرادى، وإنما كانوا مسيرين بفكرة لا تستند على نظام فأصبحوا مسيرين بتلك الفكرة نفسها مستندة على نظام مقرر، ويرنامج محرر)(11).
لقد أدركت جمعية العلماء المسلمين أن السبب في إطالة عمر الاستعمار دهرا طوبلا في الأمة الجزائرية هو تمكنه من نفس وفكر الإنسان الجزائري، وهو مرض يسميه الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله "بالقابلية للاستعمار"(12)، يقول بن نبي: (إن القضية عندنا منوطة أولا بتخلصنا مما يستغله الاستعمار في أنفسنا من استعداد لخدمته، من حيث نشعر أو لا نشعر، ومدام له سلطة خفية على توجيه الطاقة الاجتماعية عندنا، وتبديدها وتشتيتها على أيدينا، فلا رجاء في استقلال، ولا أمل في حرية، مهما كانت الأوضاع السياسية، إن الاستعمار لا يتصرف في طاقاتنا الاجتماعية إلا لأنه درس أوضاعنا النفسية دراسة عميقة، وأدرك منها مواطن الضعف، فسخرنا لما يريد، كصواريخ موجهة يصيب منها، فنحن لا نتصور إلى أي حد يحتال لكي يجعل منا أبواقا يتحدث فيها، وأقلاما يكتب بها أنه يسخرنا وأقلامنا لأغراضه، يسخرنا له بعلمه وجهلنا. والحق أننا لم ندرس بعد الاستعمار دراسة علمية كما درسنا هو حتى أصبح يتصرف في بعض مواقفنا الوطنية، وحتى الدينية، من حيث نشعر أو لا نشعر. أننا أمام قضية خطيرة وجديرة بدراسة). وهذا المرض أصابه من جراء تخلفه وانحرافه عن عقيدته وتعاليم دينه. وأن العلاج الصحيح يكمن في إزالة المرض من جذوره بدءا بالنفس أولا(13) قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)(14).
كما وضح رسالتها ومنهجها في الإصلاح والنصح الشيخ عبد الرحمن شيبان(15). الذي ترأسها بعد إعادة إحيائها من جديد في هذه السنوات الأخيرة إلى حين وفاته منذ بضعة أشهر. إذ يقول: (إنّ رسالة جمعية العلماء التي تأسست لتحقيقها، هي ترشيد الشعب الجزائري إلى فهم ذاته، والتكيف بها إلى ما ينهض به من كبوته، وتحريرة من الاحتلال الفرنسي الجاثم على صدره منذ قرن، وذلك ببث الوعي الإسلامي الوطني في صفوفه، بإحياء مقومات شخصيته بالتريية، والتعليم، والوعظ والإرشاد، فيعتصم بعقيدته الإسلامية مطهرة من الخرافة والإلحاد، ويُحيي لغته العربية في لسانه وقلمه، ويستنير بتاريخه الحافل بالأمجاد، ويتسلح بوحدته الوطنية، ويطرد من نفسه الخوف من قوة العدو المحتل، واليأس من رحمة الله ونصرة، ويشمر على ساعد الجد بتوفير كل ما يقدمه ويرقيه في جميع المجالات الحياتية، ويرفع شأنه في العالمين)(16).
ومن خلال نصوص الجمعية ومواثيقها وتصريحات مسؤوليها من العلماء يمكن استخلاص أهم ملامح وخصائص النصيحة عند جمعية العلماء في الآتي:
1. العلم أولا:
آمت الجمعية إيمانا رسخا بأن العلم هو السبيل لتخليص الجزائر مما تعاني منه من استضعاف وتبعية وهوان، فراحت تنشر العلم وتبثه بين الناس، وتدعوهم إلى الجد في تحصيل العلم بكل أنواعه النافعة، فالعلم أساس التحضر والرقي، وهو أساس حياة الأمم، ويفتح العقول أمام الحقائق، ويخلصها من الأوهام والشبهات، يقول الشيخ ابن باديس: (إن جمعيتكم جمعية علمية دينية، تدعو إلى العلم النافع ونشره وتعين عليه وتدعو إلى الدين الخالص وتبينه... فوظيفتها هي وظيفة المعلم المرشد الناصح في تعليمه وإرشاده)(17)، يقول الشيخ الإبراهيمي: (مبدأ جمعية العلماء يرمي إلى غاية جليلة فالمبدأ هو العلم والغاية هي تحرير الشعب الجزائري، والتحرير في نظرها قسمان: تحرير العقول والأرواح وتحرير الأبدان والأوطان والأول أصل الثاني، فإذا لم تتحرر العقول والأرواح من الأوهام في الدين وفي الدنيا، كان تحرير الأبدان من العبودية، والأوطان من الاحتلال متعذر أو متعسرا، حتى إذا تم منه شيء اليوم، ضاع غدا لأنه بناء على غير أساس، والمتوهم ليس له أمل، فلا يرجى منه عمل، لذلك بدأت جمعية العلماء من أول يوم نشأتها بتحرير العقول والأرواح، تمهيدا للتحرير النهائي)(18)، ويقول أيضا: (وأما اللازم الثالث وهو العلم بمعناه العام، فالحقيقة الواقعة أننا لا زلنا فيه في مؤخرة الأمم، وغاية ما نبني عليه الأساس في هذا الباب هو هذا الشعور الذي نشاهده في جميع طبقاتنا وأوساطنا بلزوم العلم، وهذه الرغبة المتأججة في صدور الناشئين منا للعلم... إن الأمم الحية في وقتنا هذا ما حييت إلا بالعلم الاختباري التطبيقي وأساس هذا العلم وإن علا القراءة ولكتابة)(19).
فكان منهج الجمعية في النصيحة هو إزالة عقبة الجهل الذي يحجب معرفة الحقيقة، وهو منهج استلهمته من كتاب الله عز وجل، قال تعالى: (فَاعلَم أنَّهُ لا إله إلاَّ الله(20))(21)، فعملت الجمعية على نشر العلم وشنت حربا على الأمية والجهل، وأسست المدارس المختلفة لكل الفئات، فالشيخ الإبراهيمي يستنكر على المتقاعسين من ذوي العلم في عدم القيام بمهمة التعليم ونشر العلم بين الناس؛ فيقول لهم: (...فأين نسبتنا من هؤلاء؟ وأين مساعينا من مساعيهم؟ وأين خطباؤنا؟ لم لا يحملون على الأمية حملة شعوا۶؟ ولم لا يعطونها من الاهتمام ما أعطوه لقرن الثور وفضائل الشهور؟ وأين شعرإؤنا؟ لم لا يشاركون في حملة منظمة ويدعون إليها بقصائدهم المثيرة المحركة؟ وأين علماؤنا الذين برأهم الله من داء الأمية؟ لماذا لا يسعون في تطبيب غيرهم منها؟ أم هم يريدون أن تبقى الأمة أمية ليبقوا سادات ومشائخ، فإن كان هذا مرادهم فأنبئوهم عني أنه ليس من الشرف السيادة على طغام والرعاية على أغنام، وأين أغنياؤنا؟ يخرجون الأموال ويشيدون المدارس وبقفون في مكافحة هذا الداء الفتاك موقف الأبطال)(22).
فرأت الجمعية أن السبيل للقضاء على الأمية والجهل هو إنشاء المدارس، وتعميرها بطلاب العلم من النساء والرجال، ليحصل لهم وبهم النفع لهذه الأمة، فكان علماء الجمعية يشرفون بأنفسهم على مداريس الجمعية التي بدأت آنذاك نتنشر في كل أرجاء القطر الجزائري. فرئيس الجمعية الشيخ ابن باديس رحمه الله نفسه خصص دروسا للرجال والنساء والأطفال(23).
2. التركيز على الإصلاح العقائدي:
والمعلوم أن العقيدة هي أساس الدين وركيزته، والقطب الذي تدور عليه كل المسائل، فلا تسامح فيها، ولا تقبل التنازل أو الأخذ والرد. وقد تعهدت جمعية العلماء على إصلاح العقيدة أولا، وذلك بتصفيتها مما شابها من البدع ومظاهر الشرك، وما لابسها من الاعتقادات والخرافات والشعوذة الفاسدة، فكانت تركز في نصيحتها للمجتمع الجزائر على بيان الاعتقاد السليم الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وتربية الناس وبخاصة الناشئة على ذلك، يوضح هذا المسلك الشيخ الإبرهيمي نائب رئيس الجمعية رئيسها بعد ذلك وهو يرد على من قلل من شأن الإصلاح العقدي قائلا: (وقد يظن الظانون وتنطق ألسنتهم بهذا الظن، أن هذه المنكرات التي نحاربها ونشتد في حريها هي قليلة الخطر، ضعيفة الأثر، وأننا غلونا في إنكارها، وأنفقنا من الأوقات والجهود في حربها، ما كان حقيقا أن يصرف في ناحية أخرى أهم كالإصلاح العلمي؛ وفات هؤلاء الظانين أن من اللوازم القريبة لتلك المنكرات التي تشتد الجمعية في محاربتها التزهيد في العلم وإفساد الفطر وفشل العزائم، وقتل الفضائل النفسية، وإزالة الثقة بالنفس من النفس، وتضعيف المدارك وتخدير المشاعر، وهي رذائل لا تجتمع واحدة منها مع ملكة علمية صحيحة، فكيف بها إذا اجتمعت. فكان من الحكمة أن تبتدئ الجمعية بتطهير النفوس من هذه الرذائل، وأن تجعل من صرخاتها عليها نذيرا للناشئة أن تتلطخ نفوسهم بشيء من أوضارها)(24)، وبقول الشيخ الطيب العقبي: (... وإذ دعوتتا الإصلاحية قيل كل شيء ويعده هي دعوة دينية محضة... وهي تتلخص في كلمتين: أن لا نعبد إلا الله وحده، وأن لا تكون عبادتنا له إلا بما شرعه وجاء من عنده)(25).
والقانون الأساسي للجمعية يؤكد هذا الأصل في الإصلاح ويوضح كيفية تقديم النصيحة إلى المجتمع الجزائري قصد تقومه وتخليصه من الوهن ومن البدع والخرافات، فجاء فيه: (والعقيدة الحقة لها ميزان دقيق وهو الكتاب والسنة. فإذا عرضنا أكثر عقائد الناس على ذلك الميزان وجدناها طائشة، فأي سبيل نسلكه لتقويمها؟ إن اقتصرنا على بيان العقيدة الصحيحة واجتهدنا في إقامة الأدلة، فإن التأثير يكون قليلا، لأن النفوس قد اصطبغت بعوائد وتقاليد مستحكمة، والفطر قد فسدت بما لابسها من خرافات وأوهام. فالواجب إذن أن نبدأ بمحاربة تلك البدع والخزافات بطرق حكيمة تقرب من أذواق الناس، فإذا ماتت البدع والخرافات، وصفت الفطر من ذلك الشوب سهل تلقين العقيدة الصحيحة وتلقتها الأمة بالقبول)(26).
وتقديم النصيحة في إصلاح العقيدة، جاء عبر عدة وسائط وأساليب، عن طريق التدريس والإرشاد والتأليف، فكانت الدروس المختلفة تلقى في المساجد والنوادي لا تبتعد عن العقيدة، والمقالات نتشر في الجرائد حول العقيدة، وحتى مناقشات أعضاء الجمعية لم تكن إلا من أجل العقيدة، سواء في الداخل مع الطرفيين، أو في الخارج مع بعض العلماء والمشايخ كعبد الحي الكتاني(27) ومحمد الطاهر بن عاشور(28) وغيرهم.
فقد قامت جمعية العلماء بمجهود كبير في إصلاح عقيدة الشعب الجزائر، والتصدي لرجال الطرق الصوفية المنحرفة التي نشرت الشرك والبدع والشعوذة وجعلت للمشايخ ولفرنسا تقديما في نفوس مريديها، وحاربت عقيدة الإرجاء التي يقول أصحابها من الصوفية المنحرفة "الإيمان في القلب" فضيعوا وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحاربت عقيدة الجبر التي جعلت من فرنسا قدرا محتوما لابد من الرضا به، فكان أصحاب الطرق الصوفية المنحرفة يقولون للناس: "الله هو الذي جاء بقرنسا إلى بلادنا وهو الذي يخرجها" أي منعتهم من تقديم أسباب المقاومة والجهاد ضد المحتل الكافر، كما جعلت الناس في ذلك الزمان يقولون : "تأكل القوت وننتظر الموت". فأحيت الجمعية في قلوب الناس عقيدة الولاء والبراء التي تجعل للمسلم عزة وشخصية مستقلة تقيه من تقليد الكفار واتباعهم ومحبتهم وإعانتهم(29)، استجابة لقوله تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(30).
3. التمسك بالكتاب والسنة:
لقد علمت الجمعية أن التمسك بهدي الكتاب وإرشاد السنة النيوبة هو أساس الفلاح والهداية والسعادة، ووصول الحق إلى النفوس، وهو الذي ييسر قبول النصيحة والإرشاد، فاعتمدت عليهما، ودعت الناس إلى التمسك بهما، يقول الشيخ ابن باديس: (علم الناس كلهم أن غاية جمعية العلماء هي تعليم الناس أمر دينهم وتفقيههم فيه وتهذيبهم به وإصلاح ما فسد من شؤونهم العامة والخاصة إصلاحا إسلاميا مستمدا من الكتاب والسنة وهدي صالح سلف الأمة بلسان هذا الدين الكريم)(31)، يقول الشيخ الإبراهيمي: (يجب أن نتخذ الآيات المنبهة عليه فواتح في المدارسة وأن تتجاوب أصداؤها في جوانب نفوسنا حتى لا ندخل حرمه إلا بعد أن نكون عرفنا حقه، إنه لم يمض على المسلمين في تاريخهم الطويل عصرمم فيه أبعد أن تكون عن القرآن منهم في هذا العصر ولم يمض على الدعاة إلى الحق وقت عظمت فيه العهدة واستغلظ الميثاق مثل هذا الوقت، وأنه لا مخرج لهم من هذه العهدة ولا تحلل من هذا الميثاق إلا بالدعوة إلى القرآن، فلا عجب ونحن نشعر بثقل هذه الأمانة من أن ترتفع أصواتنا بالدعوة إليه، وإنما العجب الذي لا عجب بعده أن نسكت أو نقصر، وإن من أحكم الوسائل لجذب الأمة إلى القرآن وصف القرآن وتشويق الناس إلى الإقبال عليه وتدبره وفهمه)(32).
وقد دعت الجمعية المصلحين والناصحين إلى اتخاذ القرآن الكريم منهاجا للدعوة إلى الله تعالى وإسداء النصح للمخطئين، فيقول الشيخ الإبرهيمي: (وليسلك الدعاة سبيلهم إلى نفوس الناس بهده الأوصاف. ذكر جملة من الأوصاف الرائعة من هذه الآيات الجامعة فإن ذلك أدعى للتأثير والتأثر وأبلغ في باب التشوبق من كل تبويب في الكم وتحبير وتزويق)(33)، ويقول أيضا عن القرآن: (والقرآن هو الدستور السماوي الذي لا نقص فيه ولا خلل... فإذا كانت الأمة شاعرة بسوء حالها، جادة في إصلاحه، فما عليها إلا أن تعود إلى كتاب ربها فتحكمه في نفسها، وتحكم به، وتسير في ضوئه وتعمل بمبادئه وأحكامه، والله يؤيدها ويأخذ بناصربا وهو على كل شيء قدير). ودعوة الجمعية إلى القرآن لا تنفصل عن الدعوة إلى التمسك بالسنة النبوية المبينة لما في الكتاب، يقول الشيخ الإبرهيمي: ( الحب الصحيح لمحمد -صلى الله عليه وسلم- فهو الذي يدع عن البدع، ويحمله على الاقتداء الصحيح، كما كان السلف يحبونه، فيحبون سنته؛ ويذودون عن شريعته ودينه، من غير أن يقيموا له الموالد وينفقوا فيها الأموال الطائلة التي تفتقر المصالح العامة إلى القليل منها فلا تجده). والتمسك بالسنة النبوية هو عمل بالقرآن، لأن محمدا -صلى الله عليه وسلم- كان قرآنا يمشي بين الناس، فمن تمسك بالسنة فقد تمسك بالقرآن، وعمل بما جاء فيه.
وقد سلكت الجمعية في الدعوة والإصلاح والتغيير التي هي أهم مضامين النصيحة عندها إلى التمسك بالسنة النبوية مسلكا وسطا وعمقا في النظر، وبعدا عن كل مغالاة وتنطع، يقول الإبراهيمي: (ألستم ترون أن أكثر المؤلفين في السير يصرفون اهتمامهم إلى الجهات التي لا محل فيها للاقتداء الذي يزكي النفس - أكثر مما يصرفونه إلى الجهات التي تزكي النفس وتطبعها على الخلال النبوية، يهتمون بالمواطن السطحية البشرية مثل كيفية لبسه وأكله وشربه ونومه وملابسة أهله(34)، ويغفلون المكامن الروحية الملكية مثل تعلقه بالله ومراقبته له وتأديته الأمانة الشاقة وصبره وشجاعته وتربيته لأصحابه، وتدريبهم على جهاد أنفسهم حتى تكمل، وعلى السمع والطاعة للحق وفي الحق، وعلى التعاون والتناصح والتحابب والتآخي والاتحاد)(35).
فإذا حققت الأمة التمسك بالقرآن الكريم والتأسي بسنته صلى الله عليه وسلم استطاعت أن تصلح من شأنها، وأن تعود إلى دينها، وأن تتغلب على مظاهر قصورها ووهنها، يقول الشيخ الإبراهيمي: (... يشقى المسلمون وعندهم القرآن الذي أسعد سلفهم؟ أم كيف يتفرقون ويضلون وعندهم الكتاب الذي جمع أولهم على التقوى؟ فلو أنهم اتبعوا القرآن لما سخر منهم الزمان وأنزلهم منزلة الضعة والهوان، ولكن الأولين آمنوا فأمنوا، واتبعوا فارتفعوا، ونحن فقد آمنا إيمانا معلولا، واتبعنا إتباعا مدخولا وكل يجني عواقب ما زرع).
4. المحافظة على وحدة الأمة:
تعتبر الجمعية أن الوحدة، هي الأساس في تحقيق الكيان الحضاري للأمة، وقوة بنائها وتمكينها من الوقوف في وجه محاولات السيطرة والاستيلاء، يقول ابن باديس رحمه الله: (الواجب على كل فرد من أفراد المؤمنين أن يكون لكل فرد من أفراد المؤمنين كالبنيان في التضام والالتحام(36)، حتى يكون منهم جسد واحد(37)).
وتعتقد الجمعية أن الوحدة واجب شرعي يجب العمل من أجله، يقول ابن باديس:(علينا أن نعتقد بقلوينا أن الاتحاد واجب أكيد، محتم علينا مع جميع المؤمنين، وأن فيه قوتنا وحياتنا، وفي تركه ضعفنا وموتنا، وأن نعلن ذلك بألسنتنا في كل مناسبة من أحاديثنا، وأن نعمل على تحقيق ذلك بالفعل باتحادنا وتعاوننا مع إخواننا في كل ما يقتضيه وصف الإيمان الجامع العام).
لذلك كانت الجمعية نتصح الشعب الجزائر بالاتحاد والتعاون والبعد عن الفرقة والحفاظ على مقوماته ودينه، وتحثه على الالتفاف حول الجمعية كعامل من عوامل الوحدة، يقول ابن باديس: (أيها الشعب الجزائري الكريم... قد بينت لك جمعيتك حقيقة الموقف وحرجه، وكشفت لك شيئا مما تعانيه أنت وتعانيه هي من الأقرياء والبعداء، وهي تدعوك إلى التبصر والتثبت والاتحاد والتجمع والتنبه والتيقظ، وتحثك على الاعتماد على الله وحده، ثم على نفسك والصادقين من أبنائك، وما الصادقون إلا الذين يحافظون بأقوالهم وأعمالهم ومواقفهم على إسلامك وعروبتك وجميع مقوماتك، ويناضلون بالنفس والنفيس عن جميع حقوقك).
لقد حرصت جمعية العلماء في عملها الإصلاحي وتقديم النصيحة على وحدة الأمة الجزائرية واجتماع كلمتها على الحق، لأن وحدة الأمة هو أساس قوتها، وهو السبيل إلى التحرر من كل ما قد يأسرها من جهل أو استعمار، وهو ما يلاحظ من خلال أقوال علمائها، حيث دعا الشيخ البشير الشعب الجزائري إلى الاتحاد فكتب مقالا تحت عنوان "وحدة الدبن واللسان"، قائلا: (الأمة الجزائرية هي قطعة من المجموعة الإسلامية العظمى من جهة الدين، وهي ثلة من المجموعة العربية من حيث اللغة التي هي لسان ذلك الدين... فالأمم الإسلامية بهذا الدين وهذا اللسان، وحدة متماسكة الأجزاء يأبى لها الله أن تتفرق وإن كثرت فيها دواعي التفرق، ويأبى لها دينها -وهو دين التوحيد- إلا أن تكون موحدة، وتأبى لها الفضائل الإسلامية إلا أن تكون مظهر للفضلة في هذا العالم الإنساني، فإذا كان في تلك الأمم من يضار الفضيلة أو يخونها في اسمها فما ذلك من الإسلام في شيء، وإنما هو صرف مزاج سبيه سوء فهم، أو غلبة وهم، أو دعوى طباع أو هو تقليد وإتباع).
فحاولت فرنسا أن تفرق بين الشعب الجزائري، فأثارت بينهم العصبية والجنس والقبلية والمذهبية، فحذر علماء الجمعية الأمة الجزائرية من خطورة التفرق، يقول ابن باديس رحمه الله: (يا هؤلاء... إن الجمعية ليست عاجزة عن مقاومتكم، وإظهار خطتكم، وكشف باطلكم، ولكنها تعلم ما تحتاج إليه الأمة اليوم، من اجتماع الكلمة، وعدم الفرقة، وتوحيد الصفوف، فلهذا تركتكم راجية لكم أن تدركوا حقيقة الموقف فتعلموا بما يقتضيه)(38)، ويقول الشيخ الإبراهيمي مبينا خطورة التفرق والتعصب: (... وطاف بهم طائف من العصبية التي محاها الإسلام لأول ظهوره، وإن العصبية لأصل البلاء كله، فنشأت فيهم العصبية إلى الجنس وإن لم يعمر من التاريخ صفحة، والعصبية إلى الرأي وإن لم يتعلق به من السداد نفحة، والعصبية للآباء وإن لم يكن لهم في الصالحات أثر، والتعصب للأشياخ حتى فيما زاغ فيه الفكر وعثر. لهذه العصبيات، صارت الأمة الواحدة أمما وصارت السبيل الواحدة سبلا إذ نشأت عن العصبيات آثارها اللازمة لها فساءت الحال وتراخت حبال الأخوة الإسلامية، وضعف أثر الوازع الديني في النفوس فضعفت لضعفه أعظم ركن في الإسلام وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فضعفت المحدثات على السنن)(39).
لقد أدركت الجمعية أن وحدة الدين ووحدة اللسان، هي عوامل الإتحاد بين أفرد الشعب الجزائري، وبين الأمة الإسلامية، وأن تمسك الجزائريين بالإسلام هو سبيل وحدتهم، وهو عماد قوتهم، وطريق تحررهم من الاستعمار الغاشم الظالم، وهو سر عزة سلف هذه الأمة وهو كذلك لخلفها، به سادوا وانتصروا على أعدائهم فإذا ابتغى الخلف العزة في غيره أذلهم الله تعالى، يقول الشيخ البشير: (لو صدقت نسبة المسلمين إلى الإسلام، وأشربوا في قلويهم معانيه السامية ومثله العليا، واتخذوا من كتابه ميزانا ولسانه العريي ترجمانا، واتجهوا إلى هذا الكتاب الخالد بأذهان نقية من أوضار المصطلحات، وعقول صافية لم تعلق بها أكدار الفلسفات، لسعدوا به كما أرد الله، لأسعدوا به البشر كما أمر الله، لأصبح كل مسلم بالخير والصلاح سفير، ولكان المسلمون في أرض الله أعز نفر وأكثر نفيرا، ولكان التقاء المسلم بالمسلم كالتقاء السالب بالموجب في صناعة الكهرباء ينتج النور والحرارة والقوة)(40).
يتبع-
الهوامش:
1 - رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، رقم:82.
2 -التوبة:91.
3 -النحل:125.
4 – الرعد:11.
5- حمدان الونيسي: كان (حيا سنة 1330 داحيا سنة 1912 م)، عالم، من زعماء حركة القومية الإسلامية في الجزائر، وأستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس. من أهل قسنطينة، درس بها؛ ثم هاجر
إلى المدينة المنورة واستقر بها إلى أن مات. انظر عادل نويهض، معجم أعلام الجزائر من صدر الإسلام حتى العصر الحاضر، مؤسسة نويهض الثقافية، ط 2، سنة 1400هـ/ 1980م؛ س:346).
6- كالشيخ ابن باديس والشيخ البشير الإبراهيمي والشيخ العربي التبسي والشيخ مبارك الميلي،
وغيرهم من العلماء الذين أسسوا جمعية العلماء فيما بعد.
7- مجلة الصرط، زفم:15، رضان 352اه
8- من كتاب سجل مؤتمر الجمعية، ص: 76-77
9- بعد مضي ست سنوات هن سر الجمعية, بادر الإمام عبد الحميد بن باديس بوضع إطار حر وشامل للجمعية وهو أشبه بميثاق أو دستور وضعه لتسير على هديه الجمعية في نشاطها الإصلاحي والتعليمي, فحدد هن خلال هذا الإطار ما اسناه "بدعوة جمعية العلماء وأصولها" ونشر في مجلة الشهاب العدد الربع, المجلد الثالث عشر في جوان 1937 ثم طبع ووزع على العموم.
10- آثار الإمام ابن باديس، ج:4، ص:55.
11 -من موضع بعنوان: “فلسفة جمعية الطماء"، من كتاب سجل مؤتمر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الذي انعقد بنادي الترقي بالعاصمة سنة 1935م، المطبعة الإسلامية، قسنطينة، ص:5 إلى 72- آثار الإمام الإبراهيمي، ج:1، ص:189.
12- وهو ذات المرض الذي أصاب الأمة الإسلامية فوقعت تحت الاحتلال الأوروبي، وهو المرض نفسه الذي يجعل الكثير من المسلمين اليوم يعشون التبعية للغرب الذي يعبث بمقدراتهم وثرواتهم، وبقلدونه في كل شيء، ويشعرون بالنقص تجاهه.
13- يقول ابن القيم رحمه الله في بيان قيمة جهاد النقس: (ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعا على جهاد العبد نفسه في ذات الله... كان جهاد النفس مقدما على جهاد العدو في الخارج، وأصلا له، فإنه ما لم يجاهد نفسه أولا لتفعل ما أمرت به وتترك ما نهيت عنه ويحاربها في الله، لم يُمكنه جهاد عدوه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه، وعدوه الذي ببن جنبيه قاهر له، متسلط عليه، لم يجاهده ولم يحاربه في الله). زاد المعاد في هدي خير العباد، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط:6، سنة 1404 هـ/1984م، ج:3، ص:06.
14- الرعد :11.
15- ولد عبد الرحمن شيبان في 23 فيفري 1918 م في قرية الشرفة دائرة، مشدالة ولاية البويرة، الجزائر. هو أول رئيس لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بعد إعادة إحيائها بعد استقلال البلاد. تتلمذ على يد الشيخ عبد الحميد بن باديس، ثم أكمل دراسته في جامع الزيتونة بتونس سنة 1938، ونال شهادة التحصيل في العلوم سنة 1947 م، وبعد عودته عين مدرسا بمدارس جمعية العلماء. وبعد استقلال الجزائر عام 1962 م تقلد عدة مناصب. توفي الشيخ رحمه الله تعالى يوم الجمعة 12 رمضان 1432 هـ/12 أوت 2011 م.
16- عبد الرحمن شيبان، من نص حوار أجراه معه عبد الحميد عبدوس وكمال أبو سنة نشر على صفحات منتدى الألوكة.
17- الشريعة: العدد:01، م10، الاثنين 24 ربيع الأول 1352 هـ الموافق لـ17 جوبلية 1933 م. آثار الإمام ابن باديس، ج:4، ص: 164.
18- آثار البشير الإبراهيمي، جمع وتقديم أحمد طالب الإبراهيمي، دار الغرب الإسلامي، ط 1، سنة1997 م، ج:4، ص:343 و344.
19- آثار البشير الإبراهيمي، ج 1، ص: 53.
20- محمد: 19.
21- حيث سبق القرآن الكريم العلم على الاعتقاد لأن هذا الأخير بينى على العلم وليس على الجهل.
22- من مقال عن الأمية، سجل مؤتمر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ص:85 - الآثار، ج:1،ص:204.
23- آخر درس ألقاه الشيخ ابن باديس قبل أن يموت ببضعة أيام كان للنساء بعد صلاة العشاء بجامع الأخضر سنة 1940م.
24- آثار الإبرهيهي، ج1، ص: 144.
25- جريدة السنة: 2/7.
26- آثار الإبراهيمي، ج1، ص: 86.
27- الشيخ عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني الإدريسي الحسني. ولد بمدينة فاس ببلاد المغرب الأقصى سنة اثنتين وثلاثمائة وألف للهجرة (1302هـ/ 1884م)، وبها نشأ حيث تلقى العلم بها، وزار المشرق ومختلف دول أوروبا، ثم عاد إلى المغرب، اعتكف على التدريس في الزاوية الكتانية بفاس، وبجامع القرويين، كما عرف بنشاطه الدعوي. وأثناء الحماية الفرنسية حافظ الشيخ عبد الحي الكتاني على علاقات ودية مع سلطات الحماية الفرنسية، ولما نحوا الملك محمد الخامس ونصبوا ابن عمه محمد بن عرفة ملكا على المغرب، كان الشيخ واحدا ممن بايعو ابن عرفة، الشيء الذي أثار حفيظة خصومه ونقموه عليه، ولما عاد محمد الخامس إلى ملك المغرب بعد التوقيع على وثيقة الاستقلال "اضطر الشيخ إلى مغادر البلاد إلى فرنسا، حيث استقر بها إلى أن توفي في مدينة نيس الفرنسية بوم الجمعة 12 رحب الفرد عام 1382 هـ، ودفن بمقبرة المسلمين بها. من مؤلفاته: البيان المعرب عن معاني بعض ما ورد في أهل اليمن والمغرب، وتبليغ الأمانة في مضار الإسراف والتبرج والكهانة.. انطر ترجمته في: النبدة (ص:222)، قدم الرسوخ فيما لي من الشيوخ (ص:145)، ورياض السلوان (ص:43) ، واتحاف المطالع (578/2)، ومنطق الأواني (171).
28 - الشيخ محمد الطاهر بن عاشور من كبار علماء تونس والعالم الإسلامي في العصر الحديث، ولد سنة 1296 هـ= 1879 م) بتونس حيث تقلد عدة مناصب علمية منها: قاضي الفضاة سنة 1921 م، وعمادة مجلس الشورى المالكي، ومشيخة جامع الزيتونة، وقد أدخل عليه عدة إصلاحات جوهرية في مناهجه الدراسية. وله مجموعة من المؤلفات النفيسة، منها: التحدير والنتوير وهو تفسير للقرآن الكريم؛ ومقاصد الشريعة الإسلامية، وأصول النظام الاجتماعي في الإسلام، وقد توفي رحمه الله تعالى في 13 رجب 1393 هـ= 12 أغسطس 1973 م بعد حياة حافلة بالعلم والإصلاح والتجديد على مستوى تونس والعالم الإسلامي.
29- محمد الحاج عيسى، جمعية العلماء والثورة التحريرية الكبرى، خطبة جمعة ألقاهافي نوفمبر 2008 نشرب على موقع منار الجزائر.
30- الممتحنة:09.
31- البصائر، العدد:148ـ 22 ذو القعدة 1357 هـ/ 13 جانفي 1939 م - آثار الإمام ابن باديس، ج:6، ص؛277.
32 -الآثار، ج:1، ص:227.
33- الآثار، ج:1، ص:229.
34- أي أن الشيخ الإبراهيمي يدعو إلى عدم الوقوف عند هذه الأوصاف من السنة وعدم اعتبارها الأصل في التأسي، ولا يفهم من كلامه أنه يوهن من شأنها فقد كان هديه صلى الله عليه وسلم فيها أكمل الهدي.
35- يشير إلى ما جاء في الصحيحين عن أبي موسى عن النيى صلى الله عليه وسلم قال: (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه البعض وشبك أصابعة). أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد، رفم:481؛ وفي كتاب المظالم والغضب، باب نصر المظلوم، رقم:2446، وفي كتاب الأدب، باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا، رفم:6027 - ورواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب ترحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، رقم:4684.
36- يشير إلى ما جاء ض الصحيحين عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى). رواه مسلم بهذا اللفط في كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، رفم: 4685. وواه البخاري في كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، زفم:6011، ولفظه :(تَرَى المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم كَمثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى).
37 - آثار الإمام عبد الحميد بن باديس، ج:6، ص:173.
38- من مقال بعنوان الإسلام والمسلمون شجون من الحديث عنهما وعن الإصلاح الديني، نشر بجريدة "السنة" بتاريخ 6 محرم 1352 هـ/ فاتح ماي 1933م. آثار الإمام الإبراهيمي، ج:1، ص:110.
39- كلمة ألقيت بإذاعة باكستان في أفريل 1952. آثار الإمام الإبراهيمي، ج:4، ص:60.
40- الشهاب: ج11، م10، غرة رجب 1353 هـ/الموافق لـ10 أكتوبر 1934 م - آثار الإمام ابن باديس، ج:4، ص:77.