مدارس جمعية العلماء الخاصة
بقلم: رياض حاوي-
كان والدي رحمه الله فقيرا كأبناء الجزائر المستعمرة يقيم في مكان مهجور في عمق الصحراء بين قمار وغمرة والجديدة.. ومع ذلك وجد مدرسة خاصة تشرف عليها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وتعلم فيها ما تيسر..
ولازلت احتفظ بصورته عندما ذهب للامتحان في قسنطينة في معهد ابن باديس وهو يرتدي اسمالا بالية هي أحسن ما توفر لدى أسرته الفقيرة..
ونجح في الامتحان وأهله المعهد للالتحاق بجامع الزيتونة ثم ذهب إلى القاهرة والتحق بجامعة بوردو بعد الاستقلال في تكوين خاص.. وشكل مع آلاف الشباب الجزائري الذين كونتهم الجمعية النواة الأولى للإدارة بعد الاستقلال.
هذه ثمرة التعليم الخاص الأهلي الشعبي
خالتي عجوز كبيرة لا تزال إلى اليوم متعصبة لفتاوى الشيخ الطاهر التليلي مدير مدرسة قمار.. فالعلم والدين كلها تبدا وتنتهي عند معلمها الشيخ الطاهر رحمه الله..
جمعية العلماء استطاعت أن تؤسس 150 مدرسة خاصة أهلية يمولها الشعب الجزائري بحر ماله ومعهد عالي في قسنطينة ودار الحديث التحفة الخالدة في تلمسان رغم عراقيل الاستعمار الجاثم على صدر الجزائريين وأرسلت آلاف الطلاب إلى الخارج ودرسوا في كل بلاد الدنيا..
مشكلة التعليم تتعلق بالنظام السياسي الذي تبنى مقاربة اقتصادية اشتراكية شيوعية معسولة الكلمات في ظاهرها تدافع عن الفقراء والمساكين والمحرومين ولكن في تطبيقاتها تدمر النسيج العلمي العام للوطن..
أي تعليم والأستاذ يعاني معاناة يومية في تغطية حاجاه اليومية حتى انتشرت النكتة القبيحة.. "ان معلما طلب يد فتاة.. فقالت لها أمها.. شد يدك بهذا المعلم حتى نجد لك رجلا" والنكتة لها دلالة عميقة وهي نظرة المجتمع للمهنة..
أي تعليم والأبناء يتكدسون في أقسام تزيد عن الأربعين تلميذا والانترنيت مليئ بالصورة التي تبكي الحجارة.. بينما أبناء الزعماء السياسيين يدرسون في الخارج وكثير منهم يستعمل مال دافعي الضرائب لتغطية مصاريف أبنائه في الجامعات العريقة.. وفجاة يظهر في أروقة الأمم المتحدة..
هذه هي الخدعة الكبرى لمجانية التعليم بالشكل المطبق في الجزائر.
يجب مقاربة التعليم مقاربة شاملة
ومشروع التعليم بعد الاستقلال اذا كان قد حقق كثير من أهدافه التي لا ينكرها أحد.. لكن يجب أن لا نضع رؤوسنا في الطين.. يجب أن نعالج هذه المشكلات.. بدون تعليم عالي المستوى.. بدون تلاميذ متفوقين في الرياضيات والعلوم والفيزياء واللغات والأدب وباعداد هائلة لن تكون لنا صناعة ولا زراعة ولا خدمات.. انسى..
أدرسوا فقط تجربة جمعية العلماء قبل الاستقلال في إنشاء المدارس الخاصة الموجهة للشعب..
أدرسوا تجارب المدارس الاباضية في الحفاظ على الخصوصية المذهبية.. في دولة تعادي أي قطاع خاص في التعليم
أدرسوا مدارس سوس في المغرب التي علمت آلاف المواطنين..
وكثيرا ما يقع الخلط بين التعليم.. وتوفير الفرصة لتعليم أبناء الفقراء
أقول وأردد
تعليم الفقراء مشكلة تعالج في حد ذاتها.. ولكن لا يجب أن نحول المعلمين إلى فقراء من أجل أن نعلم الفقراء.. وأن نحول الأطباء إلى فقراء من أجل أن نعالج الفقراء.. هذا المنطق الغبي يجب أن يتوقف..
هل من شاطر يقدم لنا دراسة عن ميزانية مدارس جمعية العلماء وطرق التمويل..
راجعوا كتاب الشيخ الطاهر فضلاء المسيرة الرائدة للتعليم العربي الحر بالجزائر..
هناك فقط عقدة..
اذا فكت هذه العقدة حلت كثير من المشاكلمن تقرير حول مدارس جمعية العلماء وجدته في الانترنيت
"أسست خلال عام 1935م 70 مدرسة بها 30 ألف صبي وفتاة، رغم قوانين ميشال سنة 1933م، ومرسوم ريني 1935م الذين فرضوا مراقبة شديدة على نشاطات رجال الإصلاح، منها النشاط التعليمي. وبعد وفاة الشيخ ابن باديس، واصلت الجمعية نشاطاتها، ورغم ظروف الحرب العالمية الثانية، إلا أنها أسست 73 مدرسة في مدن القطر وقراه سنة 1944م، وعام 1948م كان عدد المدارس 140 مدرسة، وفي سنة 1955م ذُكر أن عدد المدارس 175 مدرسة منها 117 ابتدائية و 58 مدرسة تكميلية، وبلغ عدد المعلمين سنة 1951م وفق ما أوردته البصائر 275 معلما ومعلمة، وفي بعض الفترات وصل عدد المعلمين 2000 معلم، أما عدد التلاميذ ففي عام 1951بلغ 36286 تلميذا (10590 ذكورا و 5696 إناثا) في الوقت الذي كان فيه علماء الحجاز يُفتون بمنع تعليم البنات".