الإمام عبد الحميد بن باديس وريادة النهضة العربية (3)
بقلم: د. علي القاسمي-
7. وسائل الإمام ابن باديس في النهضة الجزائرية:
كان الإمام ابن باديس يدرك أن تحرير الشعب الجزائري من الاستعمار الفرنسي يتطلب أولاً تحرير العقول من الجهل والخرافات، وتعميرها بالعلم والمعرفة؛ وتخليص النفوس من الضعف والخوف واليأس، وملئها بالإيمان والثقة والأمل، ولهذا أستخدم في جهاده جميع الأسلحة الفكرية التي يمكن تلخيصها في الوسائل التالية التي اتبعها الإمام وأعضاء جمعية العلماء المسلمين :
أ) إنشاء الكتاتيب والمدارس وملاجئ الأيتام ومعامل الصنائع، والتعليم فيها،
ب) إصدار الدوريات والكتابة فيها،
ت) بناء المساجد والجوامع ومزاولة الوعظ والإرشاد فيها ،
ث) تأسيس النوادي الثقافية والرياضية وإلقاء المحاضرات فيها وفي والمحافل المختلفة.
ج) القيام بالرحلات والجولات للتوعية في جميع أنحاء الجزائر.
7-1. التعليم أساس بناء الإنسان وتشييد الأوطان:
ولعل التعليم أهم هذه الوسائل فاعلية وأنجعها وأبعدها تأثيراً، وهو الوسيلة التي أهملتها النهضة العربية في المشرق، ولهذا كان أثرها محدوداً، في رأينا. أما الإمام ابن باديس فيعدّ التعليم أساس كل نهضة، خاصة إذا كانت أغراض التعليم ، كما يراها الإمام متعددة الأبعاد: دينية، واجتماعية، وثقافية، ونفعية.
يقول الدكتور محمد دراجي، مؤلف كتاب " الإمام عبد الحميد بن باديس من خلال مقالات الإمام محمد البشير الإبراهيمي":
" وعاد الشيخ محمد البشير الإبراهيمي إلى أرض الوطن، عام 1920م [ أي بعد حوالي سبع سنين من عودة ابن باديس] وحط الرحال أولاً في مدينة قسطينة ليزور صديقه الوفي، عبد الحميد بن باديس حتى قبل أن يزور أهله وأقرباءه ـ في قسنطينة ـ ، رأي بأم عينيه ما سرّ قلبه وأثلج صدره، رأى تلك الجحافل من طلاب العلم، رأى الكتائب الأولى، المعدَّة لمعركة الهُوية الثقافية والحضارية والوطنية الصادقة قد استوت على سوقها، تُعجب أهل الإيمان والإصلاح، وتُغيظ الاستعمار وأعوانه وأذنابه." (30)
إن تلك الجحافل والكتائب من طلاب العلم، التي أشار إليها الدكتور دراجي لم تكن لو لم يبذل الشيخ ابن باديس غاية الجهد، ويعمل بعزيمة فرقة كاملة من القادة. فقد كان يمارس التعليم في قسنطينة في سبع مؤسسات في وقت واحد هي: المسجد الكبير، وسيدي قموش، وسيدي عبد المؤمن، وسيدي بومعزة، والجامع الأخضر وسيدي فتح الله، ومدرسة جمعية التربية والتعليم الإسلامية التي ورد في قانونها الأساسي الذي صدر سنة 1931م: " إن مقصود الجمعية نشر الأخلاق الفاضلة، والمعارف الدينية، والعربية، والصنائع اليدوية، بين أبناء وبنات المسلمين،.." ، ودعا الجزائريين إلى تأسيس أمثال هذه الجمعية أو فروع لها في جميع أنحاء القطر، وعلَّل ذلك بأنه لا بقاء لهم إلا بالإسلام، ولا بقاء للإسلام إلا بالتربية والتعليم. (31)
لقد ذكرت جريدة " الشهاب" أن عدد المدارس التي أُنشئت لغاية سنة 1935م بلغ 70 مدرسة موزّعة على مختلف جهات الجزائر، فيها 3000 تلميذ يتعلَّمون الثقافة العربية الإسلامية. إن هذا النوع من الجهاد الفكري بمثابة إشهار الحرب على الاستعمار الفرنسي. فلا غرابة أن يتعرض الإمام ابن باديس لمحاولة اغتيال كما حصل له في أواخر سنة 1926م إثر خروجه من الجامع الأخضر في قسنطينة بعد درس التفسير عائداً راجلاً إلى منزله، وهي الحادثة التي سجلها شعراً رفيقه في الكفاح الشيخ الطيب العقبي:
عبد الحميد النصـرُ قد وافاكا * رغم المنافسِ والذي عاداكا
واصلتَ سيركَ مرشداً ومعلماً * ولسوف تحمد بعدها مسراكا
وقد واصل الإمام ورفاقه في جمعية العلماء المسلمين مسيرتهم في التعليم والإرشاد، وفي سنة 1950م بلغ عدد المدارس 124 مدرسة تضم 40000 تلميذ بما فيها سلك تربوي يأمّه 144 معلماً ( 32)، لأنهم يؤمنون بالمبدأ الذي صاغه الإمام ابن باديس شعراً:
يا نشءُ أنتَ رجاؤنا * وبك الصبـاحُ قد اقتـربْ
خذ للحياة سلاحها * وخضْ الخطوَبَ ولا تهبْ
وقد خلد شعراء الجزائر ذلك الجهاد التعليمي والكفاح التربوي اللذين قادهما الإمام ابن باديس في أشعارهم. فمن شعر الشيخ محد العيد آل خليفة (1904 ـ 1979م) أمير شعراء الجزائر ومن أخوال الشيخ الطيب العقبي وكلاهما من مؤسسي جمعية العلماء المسلمين، قوله في الإمام:
بمـثلكَ تعتـزُ البـلادُ وتفخـرُ * وتزهـوَ بالعلـمِ المنيرٍ وتزخـرُ
طبعتَ على العلمِ النفوسَ نواشئاً * بِمَخبَرِ صدقٍ لا يدانيه مخبرُ
وقد أحسنت الجزائر المستقلة حينما جعلت من يوم وفاة الإمام في 16 أبريل (يوم العلم) من كل عام.
7-2. الصحافة وسيلة لتشكيل الرأي العام:
الصحافة من أفضل وسائل تشكيل الرأي العام، بشرطين: أن يكون المجتمع متعلِّماً يجيد القراءة، وأن تكون عادة القراءة قد نُميّتْ فيه، وإلا فستكون الصحافة صيحة في واد. وقد انتقدنا النهضة العربية في المشرق لاعتمادها الأساس على الصحافة لتوعية شعوب كان حوالي 80% من أفرادها أُمياً.
بيدَ أن الإمام ابن باديس جعل التعليم وسيلته الأساس لتحقيق النهضة، ودعمَ التعليمَ بالصحافة. فتلامذته يتعلمون القراءة على يديه وفي المدارس التي أنشأتها جمعيته، ويعززون مهارتهم القرائية والفكر الذي اكتسبوه، بمتابعة مقالات الإمام ورفاقه في الصحف.
صدرت عدة صحف عربية في الجزائر قبل أن يبدأ الإمام ابن باديس صحيفته الأولى. ولكن هذه الصحف سرعان ما كانت تُصادَر أو تُغلَق بعد عدد أو بضعة أعداد من طرف السلطات الاستعمارية (كما كان حال الصحف في المشرق) . ولعل أشهر الأمثلة على وقاحة المستعمرين، وصلابة الجزائريين الصحف التي أصدرها المجاهد أبو اليقظان. فقد صادر له المستعمر 8 جرائد خلال 13 سنة، هي: ـ وادي ميزاب (1926)، ميزاب (1930)، المغرب (1930)، النور (1931) ، البستان (1933)، النبراس (1933)، الأمة (1938)، الفرقان (1938)، (33).
وقد صدرت عدة صحف جزائرية بالعربية قبل أن يُصدر الإمام ابن باديس صجيفته الأولى، وهذه الصحف هي:
أ) الجزائر، الصحفي عمر راسم، سنة 1908. وهي أول مجلة عربية يصدرها جزائري (34).
ب) الحق، في وهران، سنة 1911.
ت) الفاروق، عمر بن قدور، سنة 1913، (كانت تنقل مقالاتها من مجلة " المنار").
ث) ذو الفقار، الصحفي عمر راسم، سنة 1914.
ج) الإقدام، الأمير خالد الهاشمي، سنة 1919 (باللغتين العربية والفرنسية).
ح) النجاح، مؤسساها الشيخ عبد الحفيظ الهاشمي والشيخ ابن باديس، سنة 1919.
خ) لسان الدين، أسبوعية سياسية، سنة 1923.
أما الصحيفة الأولى التي أصدرها الإمام بن باديس منفرداً فهي صحيفة " المنتقد" سنة 1925م وشعارها " الحق فوق كل أحد والوطن قبل كل شيء". واسمها يدل على النقد، " فننقد الحكام والمديرين والنواب والقضاة والعلماء والمقاديم، وكل من يتولى شأناً عاماً من أكبر كبير إلى أصغر صغير من الفرنسيين والوطنيين."، وطبعاً يشمل النقد بعض الطرقية التي تروج شعار " اعتقد ولا تنتقد". وقد حمل العدد الأول منها بشرى للشعب الجزائري بإنشاء المطبعة الجزائرية الإسلامية في قسنطينة ذلك العام، 1925، التي تطبع هي فيها المنتقد. ولا بد أن إنشاءها تمّ بإيعاز من الإمام. وسرعان ما أُنشئت بعدها أربع مطابع عربية.
بعد صدور 18 عدداً من المنتقد، صادرت السلطات الفرنسية الجريدة ومنعتها من الصدور، فأصدر الإمام جريدة " الشهاب" . وفي سنة 1929 حولّها إلى مجلة شهرية علمية وقد كتب على أركانها الأربعة كلمات: الحرية، العدالة، الأخوة، السلام. وقد صدر آخر عدد من الشهاب سنة 1939.
وأثناء صدور مجلة " الشهاب"، كانت جمعية العلماء المسلمين تصدر جرائد أسبوعية هي:
أ) " السنّة" صدرت سنة 1933، فسرعان ما منعتها السلطة الاستعمارية، فخلفتها
ب) " اشريعة" سنة 1933 ذاتها، ثم صادرتها السلطة الفرنيسية، فخلفتها
ت) " الصراط "، 1933 ـ 1934، ثم منعتها الحكومة الفرنسية، وجاء في قرار المنع " ممنوع على جمعية العلماء إصدار أية صحيفة أخرى باسمها إلى حين إشعار آخر.."
ث) " البصائر" سنة 1935، ـ توقفت أثناء الحرب العالمية الثانية ـ ثم استأنفت صدورها سنة 1947 حتى الثورة التحررية الجزائرية سنة 1954م. (35)
وهكذا نرى أن جمعية العلماء المسلمين تصرُّ على التعليم والتنوير، وتصر السلطة الفرنسية على التجهيل والتحريم. كما نلاحظ التداخل والتكامل بين أنشطة الإمام وعلماء جمعيته في إنشاء المدارس وتكوين القادة وبين أنشطتهم الصحفية الهادفة إلى بث الوعي العربي الإسلامي والوطنية الجزائرية.
7-3. مؤسسات الثقافة تشكّل الهوية الوطنية:
إضافة إلى التعليم والصحافة، أسَّس الإمام ابن باديس أو أوعز بتأسيس الجمعيات والمنظمات والنوادي والفرق الكشفية والرياضية والموسيقية، وغيرها من المؤسسات الثقافية. فكان يضطلع بالوعظ والإرشاد في المساجد، ويلقي المحاضرات في النوادي والمحافل، ويقوم بالرحلات إلى أنحاء البلاد لالتقاء بأهلها وتنظيم أنشطتهم الوطنية.
يروي الشيخ محمد البشير الإبراهيمي أنه بعد عودته إلى مدينة سطيف، زاره الشيخ ابن باديس حوالي سنة 1924م، وطلب منه أن يعدَّ قانوناً لـ (جمعية الإخاء العلمي) " تجمع شمل العلماء والطلبة، وتوحِّد جهودهم، وتقارب بين مناهجهم في التعليم والتفكير، وتكون صلة تعارف بينهم ومزيلة لأسباب التناكر والجفاء..." (36).
وظل التزاور والتشاور بينهما مستمراً حتى تهيأت الظروف وأُعلن عن تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931م، وانتخب الشيخ ابن باديس رئيساً للجمعية والشيخ الإبراهيمي نائباً له.
ومن الأمثلة على المؤتمرات التي عقدها الإمام ابن باديس أو التي شجع على عقدها (المؤتمر الإسلامي) الذي عُقِد في الجزائر العاصمة في جوان 1936م ، تلبية لدعوة مشتركة من لدن الإمام بن باديس والدكتور محمد الصالح بن جلول (1896 ـ 1986م)، وشاركت فيه الطبقة السياسية الجزائرية التي توحدت لأول مرة حيث جلس في المؤتمر العلماء المسلمون، إلى جوار الزعماء الشيوعيين، وزعماء بقية الأحزاب الوطنية الجزائرية، وانتهى المؤتمر إلى صياغة ما يسمى "بميثاق مطالب الشعب الجزائري المسلم" الذي حمله الإمام ابن باديس والدكتور جلول إلى رئيس الحكومة الفرنسية " ليون بلوم" في باريس(37).
وقد بهرتني حكمة الإمام ابن باديس ودبلوماسيته في حشد الطاقات والإمكانات المختلفة الأهداف لخدمة قضيته الوطنية وأمته الجزائرية العربية الإسلامية. فمعروف أن الدكتور بن جلول هو من دعاة الإدماج من أجل تحسين وضعية الجزائريين، بيد أن الإمام نسف ذلك الإدماج مرتين: مرة بتسمية المؤتمر، " المؤتمر الإسلامي"، ومرة بتسمية مقرراته، " ميثاق مطالب الشعب الجزائري المسلم". فمع الإسلام، لم يعُد ثمة مكان للإدماج الذي كان يحلم به عتاة المستعمرين الفرنسيين، فإدماجهم يقوم أساساً على التنصير والفرنسة.
ومن أمثلة النوادي التي أنشأها أو شجع على إنشائها الإمام ابن باديس، (نادي الترقي) في ساحة الحكومة سابقاً (الشهداء حالياً) في الجزائر العاصمة، الذي تبرع بتكاليفه عدد من التجار الجزائريين المحسنين المتأثرين بأفكار الإمام ودعوته الإصلاحية، بغرض تقديم أنشطة ثقافية متنوعة ومحاضرات يومية أو أسبوعية حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، من أجل جذب الشباب الجزائري من المقاهي والحانات وإشراكه في هموم أمته؛ ودعوا الإمام ابن باديس لافتتاحه بمحاضرة سنة 1927م. وبعد مدة انتقل رفيق الإمام، الشيخ الطيب العقبي إلى العاصمة ليكون المنشط الرئيس للنادي. وفي هذا النادي تم عقد الجلسة الأولى لجمعية العلماء المسلمين، سنة 1931، التي تم فيها انتخاب ابن باديس رئيساً للجمعية في غيابه (38).
وخلاصة القول إن الإمام ابن باديس ذو شخصية متنوعة الأبعاد متعددة الاهتمامات، وقد استخدم مختلف الوسائل في سبيل تحقيق غاياته السامية. يروي الدكتور مازن صلاح حامد مطبقاني في كتابه " عبد الحميد بن باديس، العالم الرباني والزعيم السياسي" أنه قابل أحد تلاميذ الإمام هو الشيخ عبد الرحمن شيبان حين كان وزيراً للشؤون الدينية، ويقول:
" وكنتُ قد أعددتُ له سؤالاً عرفتُ فيما بعد أنه كان محرجاً أو غير مناسب، وهو: ثبت عن الشيخ عبد الحميد رحمه الله أنه كان ينوي إعلان الثورة فيما لو أعلنت إيطاليا الحرب على فرنسا، وتوفاه الله تعالى قبل ذلك. فلماذا لم ينفذ العلماء فيما بعد ويتولوا قيادة المعركة بدل تركها في يد من تُركت في أيديهم؟ فأجاب: (ليس كل الناس ابن باديس، فالعلماء لم يقوموا بالثورة لأن ذلك ليس من طبيعة الأشياء، فهم مربّون ومعلِّمون لإعداد الناس، أما ابن باديس فهو زعيم وقائد وجندي ومربي)" (39).
وإذا كان الإمام ابن باديس قد توفاه الله سنة 1940، فإن علماء الجزائر قد واصلوا السير على خطاه في التعليم والجهاد الفكري على جميع الأصعدة، ما هيأ المجتمع الجزائري للانخراط في ثورة التحرير ودعمها حين اندلاعها حتى تحقيق النصر بالاستقلال.
8. الخاتمة:
سيدي الشيخ الإمام!
اسمحوا لي بالمثول أمام ضريحكم الطاهر، لأترحم على روحكم الزكية، وألوذ بأذيالكم النقية، لأبثكم لواعج همي الذي يُثقل قلبي ويُحزن نفسي ويُدمع عيني، دون أن أستطيع أن أفعل شيئاً؛ إذ إنني لا أملك بعض حكمتكم الباهرة، ولا جزءاً من شجاعتكم النادرة. فأنا كباقي العرب اليوم: لا وجه لي ولا يد لي ولا لسان.
سيدي الشيخ الإمام!
بعد مرور قرابة قرن على نهضتكم العربية المباركة، وبعد جميع ما عانيتم من جهاد وقاسيتم من كفاح، أنتم وأصحابكم الغر الميامين في المشرق والمغرب، ما تزال أمتنا العربية الإسلامية، تغوص في أوحال الجهل والغباء، وأمست دولها " المستقلة" قبائل جاهلية، يحارب بعضها بعضاً، وطوائف همجية تقطع رؤوس المسلمين وتسبي نساءهم وتقتل أطفالهم، باسم القرآن والإسلام، لا القرآن الذي سهرتهم الليالي في تفسيره، ولا الإسلام الذي أضنيتم جسدكم النحيل في الدعوة إليه، بل قرآن وإسلام مصنوعين في مخابر المستعمرين الذين هزمتموهم بجهادكم المبارك.
سيدي الشيخ الإمام،
اسمحوا لي أن أنبيكم، والحزن يدمي أعماق روحي ويقطِّع نياط قلبي، أن أقطارنا " العربية" وقد مضى على " استقلالها" أكثر من نصف قرن، ما تزال متمسكة بلغة المستعمِر القديم، الإنكليزية أو الفرنسية، وتفرضها لغةً للتعليم العالي، ولغة للمؤسسات الاقتصادية والمالية، وهي لغة حكوماتنا وإداراتنا المفضلة، ولغة الحياة عامة عندنا، إذ نجدها مخطوطة على البنايات الرسمية في مدننا، ومكتوبة على لافتات المحلات التجارية في شوارعنا " العربية".
سيدي الشيخ الإمام،
بعد أكثر من نصف قرن على استقلالنا، ما يزال خيرة شبابنا يمتطي (قوارب الموت) ويقطع البحر في اتجاه أوربا بحثاً عن لقمة العيش التي لا يجدها في بلاده، بحثاً عن حقوقه الإنسانية المضيّعة في وطنه، بحثاً عن كرامته الإنسانية المهدورة في أرضه. وبعد أكثر من نصف قرن على استقلالنا، ما يزال مرضانا الأغنياء يُعالجون في مستشفيات المستعمِر القديم، أما مرضانا الفقراء فلا يجدون مكاناً لائقاً للموت فيه. وبعد أكثر من نصف قرن على استقلالنا، ما يزال ثلث الشعب العربي أميّاً لا يقرأ ولا يَكتب، ونصفه يعيش تحت خط الفقر.
سيدي الشيخ الإمام،
أتوسل إليكم مقبلاً يديكم راجياً أن تنهضوا من مرقدكم الطاهر، أن تنفضوا تراب القبر عنكم وتهبوا لنجدتنا، نحن أحفادكم، نريد نصحكم ونستجدي إرشادكم وتوجيهكم، امنحونا نظرة من عينكم ولمسة من يدكم. فأمتكم العربية الإسلامية في أمس الحاجة إلى نهضة فكرية جديدة تعيدها إلها روح الإسلام الأصيلة، وأخلاقه السامية، ونهجه العادل القويم.
الدكتور علي القاسمي – الرباط
أديب وباحث أكاديمي عراقي مقيم في المغرب.
** يسعد المؤلِّف ويشرّفه أن يتوجه بأسمى عبارات الشكر والتقدير إلى فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الذي تكرّم بإمداده بمجموعة فاخرة من المراجع القيمة التي مكنته من كتابة دراسته هذه.
المراجع والهوامش:
28) عبد ـ القادرـ الجزائري www.ar.wikipedia.org/wiki/ وكذلك:
ـ إسماعيل العربي. الأمير عبد القادر الجزائري (الجزائر: وزارة الثقافة والسياحة، 1984)
29) جريدة البصائر، العدد 16، 1936م، نقلاً عن عمار طالبي، مجلد 1 ، ص 82ـ83.
30) الدكتور محمد دراجي. مرجع سابق، ص 9 ـ 10.
31) نشرة جمعية التربية والتربية الإسلامية، 1352ه/ 1936م، ص 1 ـ 4، نقلاً عن الدكتور عمار طالبي، مرجع سابق، ج1 ص 118.
32) www.el-mouradia.dz/arab/algerie/portrait/Archives/
Badis.htm
33) الدكتور محمد ناصر. أبو اليقظان وجهاد الكلمة (الجزائر: وزارة الثقافة والسياحة، 1984) ص 28.
34) الدكتور محمد ناصر. عمر راسم المصلح الثائر (الجزائر: وزارة الثقافة والسياحة، 1984) ص 9.
35) عمار طالبي، مرجع سابق ، ج1، ص ص 58 ـ 64.
36) آثار الإمام الإبراهيمي، ج1، ص 184، نقلاً عن الدكتور محمد دراجي، مرجع سابق، ص10.
37) قيدوم سعيدة ومصمودي نصر الدين. " المؤتمر الإسلامي الجزائري 1963 وأثره في الحركة الوطنية" في :
Dspace.univ-biskra.dz.8080/jspui/gabdle/123456789/3316
38) عمار مطاطلة. ذكريات أحداث (الجزائر: ب ت) ص 53 ـ 57.
39) الدكتور مازن صلاح حامد مطبقاني. عبد الحميد بن باديس. مرجع سابق، ص 74 ـ 75.